المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في الغش] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٦

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[باب الفوات في المبيع]

- ‌[كتاب البيوع الفاسدة]

- ‌[باب بيع الاختيار]

- ‌[باب الإقالة]

- ‌[باب في شرط الإقالة في الطعام قبل القبض]

- ‌[باب التولية]

- ‌[باب الشركة]

- ‌[باب بيع المساومة]

- ‌[باب المرابحة]

- ‌[باب المزايدة]

- ‌[باب الاستيمان]

- ‌[باب المرابحة]

- ‌[باب صيغة قدر الربح والوضيعة]

- ‌[باب في قدر الوضيعة]

- ‌[باب فيما يحسب له الربح من عوض المبيع]

- ‌[باب في الغش]

- ‌[باب الإبار في النخل]

- ‌[كتاب العرية]

- ‌[باب في شروط رخصة العرية]

- ‌[باب في الذي يبطل العرية]

- ‌[كتاب الجوائح]

- ‌[باب فيما يشترط فيه الثلث في وضع الجوائح]

- ‌[كتاب السلم]

- ‌[باب فيما يعتبر في عوض السلم]

- ‌[باب حد الكبر في الخيل]

- ‌[باب في الذمة]

- ‌[باب ما يلزم فيه قضاء المسلم فيه من الجانبين]

- ‌[باب حسن الاقتضاء والقضاء]

- ‌[باب في جواز اقتضاء غير جنس ما أسلم فيه]

- ‌[كتاب القرض]

- ‌[باب في متعلق القرض]

- ‌[باب المقاصة]

- ‌[كتاب الرهن]

- ‌[باب صيغة الرهن]

- ‌[باب المرهون]

- ‌[باب في شرط الرهن]

- ‌[باب المرهون فيه]

- ‌[باب في صفة قبض الرهن فيما ينقل وضبطه فيما لا ينقل]

- ‌[باب في حوز الرهن]

- ‌[كتاب التفليس]

- ‌[باب في دين المحاصة]

- ‌[كتاب الحجر]

- ‌[باب في صيغة الإذن في التجر]

- ‌(باب في المرض المخوف)

- ‌[كتاب الصلح]

- ‌[كتاب الحوالة]

- ‌[باب صيغة الحوالة]

- ‌[باب في شرط الحوالة]

- ‌[كتاب الحمالة]

- ‌[باب المتحمل له]

- ‌[باب في الحميل]

- ‌[باب ما تسقط به الحمالة]

- ‌[باب المضمون]

- ‌[باب صيغة الحمالة]

الفصل: ‌[باب في الغش]

صحيح، تعلق به حق لآدمي ونقله المازري عنه، وقال: هذا الذي قاله، ظاهر الروايات لا يقتضيه؛ لأنه لم يذكر فيها هل حبس البائع السلعة المكذوب فيها بالثمن أو مكن المشتري منها فتكون القيمة يوم التمكن على أحد القولين.

قلت: هذا بناء منه على أنه فهم إجراء اللخمي على الخلاف في المحبوسة على أنه على الخلاف في المحبوسة في بيع المرابحة التي بيعت بكذب لا على المحبوسة من حيث الجملة، وهذا منه وهم، وإنما مراد اللخمي إجراؤها على المحبوسة من حيث كونها محبوسة، وتقريره أن المحبوسة من حيث ذاتها تمام البيع فيها الموجب لاستقلال المبتاع فيها بالتصرف موقوف على أمر يترقب حصوله في عقد صحيح وهو دفع الثمن وبيع الكذب في المرابحة تمام البيع فيه أيضًا الموجب لاستقلال المبتاع بالتصرف في المبيع موقوف على أمر يترتب حصوله في عقد صحيح وهو إسقاط البائع الكذب وربحه فاستوت الصورتان في هذا التوقف، فإن أوجب في المحبوسة كون الضمان يوم القبض فكذا يجب في المرابحة وإن لم يوجبه في المحبوسة وجب كون القيمة فيها يوم العقد عملًا بكون العقد فيها صحيحًا، وكذا يجب أيضًا في المرابحة بالقياس عليها، وما ذكره اللخمي من الإجراءات على المحبوسة سبقه به أبو بكر بن عبد الرحمن فتخصيص المازري عزوه له قصور.

الصقلي على الموازية: ويؤدب معتاد الكذب في بيعه وفي موضع آخر، ويقام من السوق فهو أشد عليه من الضرب، فإن كذب فيما ملكه دون شراء بثمن الصدق فيه قيمته.

[باب في الغش]

والغش: أن يوهم وجود مفقود مقصود في المبيع، أو يكتم فقد موجود مقصود فقده منه، لا تنقص قيمته لهما للمبتاع فسخه في القيمة وعليه الأقل من قيمته أو المسمى في الفوت أفاته.

ص: 146

ابن عبدوس: بحوالة الأسواق وخرج اللخمي من رواية علي لا يفيته إلا العيوب وله الرد وما نقصه العيب من الأقل من القيمة أو الثمن وأرى أن غشه بأن رقم على المبيع بعشرة اثني عشر وباع على عشرة أنه إن حط عنه الدينارين لزمه البيع، قال: وبيعه على الشراء ما ورثه غش.

ص: 147

والعيب في المرابحة كغيرها:

اللخمي: هذا قول مالك، والقياس أن للمغبون منهما فسخه فإن كان المشتري اشترى بعشرة ما قيمته ثمانية، وقدر العيب الخمس فأسقط البائع خمس الثمن فقال المشتري أغرم قيمتها معيبة؛ لأنك لو أسقطت عني هذا الخمس مع القيام لم يلزمه فكذا في الفوت، وإن كان البائع فقال: لا أجبر على إمضاء البيع كما لم كن ذلك علي مع القيام كان له ذلك، وقد قال مالك في الكذب: لا يجبر البائع على الحط في الفوت، وقال: ليس ظلمه موجب عليه أن يؤخذ بغير ما لم يبع به، فإن قيل: العيب بخلاف الكذب؛ لأنه بذهاب جزءٍ فكان فكان كمن اشترى سلعتين فوجد واحدة قيل هذا غير صحيح، لأنه لو كان كذلك لجبر على رد ما قابل العيب في القيام ولأنا نعلم أنه ليس كالجزء ضرورة لو كان كذلك لم يرجع في فوت السلعة بشيء؛ لأن الثوب يكون ثلاثين ذراعا وعيبه درهم فلو نظر قدره من الثوب لم يكن له شيء محسوس ابن رشد على حكم الكذب أو الغش أو العيب يجري حكم المرابحة وشذت من هذا الأصل عند ابن القاسم مسألتان لم يحكم فيهما بحكم أحد الثلاثة إحداهما مسألة من حسب ما لا يحسب أو ضرب الربح على ما لا ربح له الثانية مسألة من باع على ما عقد له ولم يبين ما نقد ووافق سحنون ابن القاسم في حكم العيب وفي حكم الكذب وخالفه في حكم الغش؛ لأنه عنده على قسمين أحدهما غش لا أثر له في زيادة الثمن كبيعه مرابحة ما ورث أو ما وهب له أو ما طالت إقامته عنده ولم تحل أسواقه هذا وافق فيه ابن القاسم وغش له أثر في زيادة الثمن كبيعة مرابحة سلعة بثمن اشتراها إلى أجل لأن الشراء إلى أجل يزيد في الثمن وكمن باع أحد ثوبين اشتراهما معا بما ينوبه من ثمنهما؛ إذ قد يضع عليه أكثر من منابه منه هذا خالف فيه ابن القاسم وحكم فيه بحكم الكذب في القيام والفوت فإن اجتمع على مذهب الغشان معا كبيعه ما طال زمانه وحال سوقه بنقص وافق ابن القاسم في القيام إن أراد البائع إلزام المبتاع البيع بحط الكذب ومنابه من الربح احتج عليه بطول الإقامة ويخالفه في الفوت فيحكم فيه بحكم الكذب ووجه الحكم فيه أن تقوم السلعة يوم بيعها بتلك القيمة ثمنها الصدق وتقوم يوم قبضها إن تأخر فتكون له القيمة ما لم يفضل الثمن أو تنقص من القيمة الأولى ومنابها من الربح

ص: 148

هذا نص سحنون وهو معترض، والصواب: أن تقوم يوم ابتاعها ثم تقوم يوم باعها فينظر ما بين القيمتين لحوالة الأسواق ويحط ذلك الجزء من الثمن وربحه، وما بقي الثمن الصدق للذي لا ينقص منه إن كانت القيمة أقل.

قلت: وتقدم نحوه، قال: فإن اجتمع عيب وكذب فحالاته خمس:

الأولى: كون السلعة قائمة لم تفت بوجه مثل أن يشتري سلعة فيحدث بها عنده عيب أو تكون جارية فيزوجها ثم يبيعها مرابحة ولم يبين ما حدث عنده ولا أن لها الزوج؛ لأنه زاد في ثمنها ما نقص العيب من قيمتها فإن لم تفت بوجه فلا طلب للمشتري إلا بحكم العيب وليس للبائع أن يلزمه إياها بحطه الكذب وهو قيمة العيب وربحه.

الثانية: أن تفوت بحوالة سوق أو نقص يسير فللمشتري القيام بحكم العيب حسبما تقدم أو بحكم الكذب، ويرضى بالعيب وثمنها الصدق المسمى مسقطًا منه أرش عيب التزويج ما بين قيمتيها يوم شرائها بعيب التزويج وسليمة ثم يقوم يوم ابتاعها أو يوم قبضها على الخلاف في ذلك فيكون على المبتاع تلك القيمة ما لم تنقص عن ثمن الصدق أو تفضل ما اشتراها به.

الثالثة: أن تفوم ببيع فلا طلب للمشتري إلا بحكم الكذب إذ لا رجوع للمشتري في العيب بشيء بعد البيع على مذهب ابن القاسم.

الرابعة: فوتها بالعيب المفسد له الطلب بأي الوجهين شاء وله الخيار في ثلاثة:

ردها ورد، ما نقصها العيب الحادث عنده.

أو الرجوع بقيمة العيب ومنابه من الربح.

أو الرضى بالعيب وطلب حكم الكذب حسبما تقدم.

الخامسة: فوتها بذهاب عينها أو ما يقوم مقامه من عقد حرية أو عطية لغير ثواب وشبه ذلك فله الطلب بحكم العيب أو الكذب حسبما فسرنا، ووقع في المدونة في هذا الوجه كلام طويل، واختلاف في الرواية يرجع الكلام على الرواية الواحدة إذا حملته على ظاهره أن المبتاع يرجع على البائع بقيمة العيب ومنابه من الربح على حكم العيب بانفراده، وعلى هذه الرواية اختصر المسألة ابن أبي زمنين، وهي جل الروايات، وعلى

ص: 149

الرواية الثانية جعل الحكم في المسألة حكم الكذب بانفراده، وهو الأظهر من قصد ابن القاسم في الكتاب؛ لأنه لو قصد إلى حكم العيب بانفراده لقال يرجع بقيمة العيب وبما ينوبه من الربح فاستغنى عن التطويل في ذكر القيمة واعتبارها بما إذا حصل لم يرجع لمعنى فيه فائدة وفي كل هذا نظر، والصحيح ما نذكره بعد من التأويل؛ لأن الرجوع بقيمة العيب وما ينوبه من الربح أفضل للمشتري في هذه المسألة ممن حقه طلبه على مذهب ابن القاسم؛ لأن عقد الحرية ولو بتدبير على قوله فوت توجب للمبتاع الرجوع بقيمته، فهذه الرواية تضاهي رواية علي: أن من اشترى عبدًا فوهبه فهو فوت ولا رجوع له بقيمة العيب إلا أن يتأول أنه رضي بالعيب وطلب حكم الكذب، والرواية الأولى على تأويل ابن أبي زمنين يحتمل أن يكون إنما رجع المبتاع فيها بقيمة العيب ومنابه من الربح على حكم العيب لأنه أفضل للمشتري وهو بعيد في الظاهر، ولو اشترى معيبًا عالمًا بعيبه، وباعه بأكثر من ثمنه وكتم عيبه كان أبين في اجتماع الكذب والعيب وللمشتري في فوت المبيع بذهاب عينه أو ما يقوم مقامه المطالبة بالأمرين معًا:

يرجع على البائع بأرش العيب ومنابه يؤمر البائع بحط الكذب ومنابه من الربح فإن أبى فعلى المبتاع القيمة ما لم تقضل الثمن مسقطًا منه أرش العيب ومنابه من الربح.

- أو ينقص على الثمن الصحيح مسقطًا منه قيمة العيب وما ينوبه من الربح.

وعلى هذه الوجوه يحمل قول ابن القاسم في المدونة فيحمل قوله على أنه رجع في آخر المسألة إلى التكلم على هذا الوجه وإن كان لم يبتدئ في كلامه عليه ولا يجعل كلامه لغوا وتكريرًا لغير فائدة كما فعل ابن أبي زمنين.

قلت: صورها اللخمي بمن ابتاع بعشرة وباع باثني عشر واطلع المبتاع على عيب فله الرد به في القيام، ولو أسقط الكذب، فإن فات بنماء أو نقصان كان فوتًا في بيع العيب والكذب، فعلى القول بحط الكذب يثبت يبدأ بإسقاطه وربحه ثم يحط العيب من الثمن الصحيح وهو الشعرة وربحها، على أن الكذب لا يسقط إلا برضى البائع فبدأ بإسقاط العيب من كل الثمن صحيحه وسقيمه إن قيل قيمته صحيحًا عشرة ولأن الثمن لا غبن فيه، ومعيبًا ثمانية كان له ثمانية وأربعة أخماس دينار؛ لأنها الثمن الصحيح بعد طرح الكذب والعيب، وإن كانت القيمة أكثر فله ما لم يجاوز أربعة أخماس الثمن

ص: 150

بكذبه وربحه، وإن فات بحوالة سوق فهو كالقائم على رواية علي، وعلى رواية ابن القاسم فائت في الكذب لا في العيب فله الرد به وله حبسه ثم يخير البائع في حط الكب وربحه أو يعطي قيمة سلعته ما لم تكن أقل من العشرة وربحها؛ لأنه الثمن الصحيح أو أكثر مما يباع به ويختلف في الصفة التي تقوم عليها فقال محمد: تقوم سالمة؛ لأن المشتري رضي بالعيب لما لم يرد به دون غرم.

وقال ابن سَحتون وابن عبدوس: تقوم معيبة وهو أحسن؛ لأن القيمة بدل العينين التي قبض والعيب التي كان برد معيبه.

وفيها: من ابتاع أمة فزوجها لم يبع مرابحة ولا مساومة حتى يبين؛ لأنه عيب، فإن باع ولم يبين فللمبتاع قبولها بجميع الثمن أو وردها وليس للبائع أن يلزمه إياها بحط قيمة العيب ولا يفيتهما حوالة سوق أو نقص خفيف ولا زيادة لأنه من معنى الرد بالعيب بخلاف من اطلع على زيادة في الثمن فإن فاتت بعتق أو تدبير فعلى البائع حصة العيب من الثمن وربحه.

الصفلي عن ابن عبدوس: ها معنى ما كرر فيه الكلام في الكتاب فجعله الشيَّخ تفسيرًا لها. والذي فيها مع كتاب ابن سَحنون في فوتها بعتق ونحوه إن حط البائع حصة العيب وربحه فلا حجة للمبتاع فإن أبى فلبائع القيمة ما لم تنقص من الثمن بعد إلغاء قيمة العيب وربحه أو يزيد على الثمن ولا يزاد ولا ينقص.

الصقلي: ها إن أسقط حكم العيب وطلب حكم الكذب ولو طلب حكم العيب كان ما قاله ابن عبدوس.

وقال بعض أصحابنا عن بعض شُيُوخه القرويين: هي مسألة عيب وكذب؛ لأنه لو بين أنها متزوجة وكتم أنه اشتراها دون زوج ثم زوجها كانت مسألة كذب فإذا لم يذكر تزويجها صارت مسألة عيب وكذب، فإن فاتت بعتق ونحوه وجبت قيمة العيب فإن حطه مع ذلك الكذب، وربحه فلا حجة له، وإن أبى قيل: ما قيمتها سليمة يوم ابتاعها الأول قيل: ثلاثون وكم قيمتها يومئذ متزوجة؟ قيل: عشرون فنقصها التزويج ثلثها، فإن كان اشتراها الأول بمائة وربح عشرين أسقط ثلث جميع لك أربعون يبقى ثمانون وهو ثمنها بلا كذب، ثم يقال: ما قيمتها يوم اشتراها الثاني؟ فيقال: أربعون،

ص: 151

وقيمتها يومئذ معيبة ثلاثون فنقصها العيب في هذا البيع الربع، فأسقط ربع كل ثمن ثلاثين تبقى تسعون ثم أسقط ربع الثمانين التي هي الثمن بلا كذب، وذلك عشرون تبقى ستون هو ثمنها بعد إسقاط قيمة العيب والكذب وربحهما فتكون له القيمة ما لم تنقص عن ستين أو تزيد على التسعين.

الصقلي: هذا خلاف قول ابن عبدوس؛ لأنه جعلها مسألة عيب؛ لأن الكذب هو العيب فإذا أخذه بالكذب والعيب أغرمه قيمة العيب مرتين، وإنما يصح ذلك أن لو كان الكذب غير العيب والكذب هنا هو العيب فأرى أن يخيره بين أن يأخذه بالكذب أو بالعيب أي ذلك كان أنفع له أخذ به، وقد تقرر أن ثمنها بعد طرح الكذب وربحه ثمانون فإن أعطاء إياها فلا حجة له؛ لأنها أنفع له وإن أبى كان عليه القيمة ما لم تنقص عن ثمانين أو تزيد على الثمن بعد إسقاط قيمة العيب وربحه وذلك تسعون وإن نقصها العيب في التقويم الأول الربع وفي الثاني الثلث، فالأنفع له أخذه بحكم العيب فيأخذها بثمانين فتسقط قيمة العيب وربحه، وذلك أربعون وإنما هذا إن اختلفت القيمة في القيمتين ولو تساوت أخذه بالتدليس لأن إسقاط قيمة العيب وربحه كإسقاط الكذب.

ابن رُشْد: وإن اجتمع العيب والغش مثل أن يبتاع معيبًا عالًما بعيبه وطالت إقامته عنده ثم باع ولم يبين فحالاته خمس:

إن بقي المبيع بحاله خير المبتاع في رده.

وإن فاته ببيع فإنما له طلب حكم الغش فتكون عليه قيمته إن فضلها الثمن؟

وإن فات بحوالة سوق أو نقص يسير خير في الرد بالعيب أو الرضى به ويقوم بحكم الغش فيغرم الأقل من القيمة أو المسمى.

وإن فات بعيوب مفسدة خير في ثلاثة أوجه:

- أحدهما: ردها وما نقصها.

- الثاني: حبسها والرجوع بقيمة العيب ومنابه من الربح.

- والثالث: الرضى بالعيب وطلب حكم الغش فيكون عليه الأقل من قيمتها أو المسمى.

ص: 152

وإن فات بفوت عينه أو ما يقوم مقامه خير في وجهين: حكم العيب فيحط عنه قيمة العيب ومنابه من الربح. أو الرضى بالعيب وطلب حكم الغش فيكون عليه الأقل من القيمة أو المسمى.

اللخمي: إن فاتت بنماء أو نقص فللمشتري أن يمسك ثم يبتدئ بالعيب بحط قدره من الثمن إن قومت سليمة بعشرة ومعيبة بثمانية كان على المشتري ثمانية فقط؛ لأن العيب نقصها الخمس، وأربعة أخماس الثمن ثمانية دنانير وهي التي تلزم من جهة الغش فقط لأنه لا يضرب، لها بربح وإن قومت سليمة بثمانية ومعيبة بسبعة كان عليه سبعة فقط لأن الثاني بعد العيب سبعة أثمان الثمن تسعة إلا ربع، وربحها دينار إلا ثمن كل لك تسعة ونصف وثمن هذا الثابت من ناحية العيب ثم يرجع إلى حكم الغش فليس له إلا قيمته معيبًا، وهي سبعة دنانير التي تستحق بعد طرح العيب فيصير المشتري كمن لم يشترها إلا معيبة بتسعة ونصف وثمن ثم علم بما خدعه فيعطي القيمة ما لم تجاوز الباقي، وإن قومت سليمة باثني عشر ومعيبة بعشرة سقط حكم الغش، لأن العيب نقصها السدس وهو ديناران إلا سدس من المسمى والباقي تسعة دنانير وسدس فقيامه بالعيب خير له، وإن تغير سوقها كان فوتًا من جهة الغش فقط على قول ابن عبدوس فله الرد بالعيب، وحبسها ويطفع القيمة من ناحية الغش ويختلف في الصفة التي تقوم عليها، قال محمد: تقوم غير معيبة؛ لأنها لم تفت من ناحية العيب، وعلى القول الآخر تقوم معيبة وتقدم وجهه.

ابن رُشْد: وإن اجتمع الكذب والغش مثل أن يبتاعه معيبًا بعشرة دنانير فتطول إقامته ويبيعه باثني عشر ولم يبين، فإن لم تفت فله الرد والتماسك وليس لبائعه إلزامه إياه بطرح الكب وربحه لاحتجاجه بالغش، وإن فات بحوالة سوق أو نماء أو نقصان فمطالبته بالغش أفضل له فيكون عليه الأقل من القيمة أو المسمى.

زاد اللخمي: إن كانت قيمته يوم قبض ثمانية أو تسعة أو فوق ذلك دون عشرة وربحها غرم القيمة فقط وإن كانت قيمته فوق ذلك اتفق جواب الكذب والغش يغرم قيمته دون ربح ما لم تجاوز الكذب وربحه على القول بحط الكذب حكمًا كالعيب يبتدئ بحطه ثم يغرم القيمة ما لم تجاوز الباقي.

ص: 153

ابن رُشْد: وإن اجتمع العيب والكذب والغش مثل شرائه جارية ولا ولد لها فيزوجها وتلد عنده أولادًا ثم يبيعها بكل الثمن دون ولدها، ولم يبين أن لها ولدًا فولدها عيب، وطول إقامتها إلى أن ولدت غش، وما نقص التزويج والولد من قيمتها كذب، فإن لم تفت فليس للمشتري إلا الرد ولا شيء عليه أو حبسها ولا شيء له، وليس للبائع أن يلزمه إياها بحط شيء من الثمن لأجل العيب والغش، وإن فاتت ببيع فلا طلب له بالعيب وطلبه بحكم الغش أنفع له من طلب حكم الكب وإن فاتت بحوالة سوق أو نقص يسير فله الرد بالعيب أو الرضا به بحكم الغش فيغرم الأقل من قيمتها أو المسمى؛ لأنه أحسن له من حكم الكذب وإن فاتت بعيب مفسد خير في ثلاثة أوجه:

أن يردها وما نقصها العيب عنده

أو يمسك ويرجع بقيمة العيب ومنابه من الربح.

أو يرضى بالعيب ويقوم بحكم الغش فيغرم الأقل من قيمتها أو المسمى؛ لأنه أحسن له من حكم الكذب وإن لم يرد والولد صغير لم يبلغ حد التفرقة جبرا على الجمع بينهما في ملك واحد أو يرد البيع، وإن فاتت بفوت عينها أو ما يقوم مقامه خير في الرجوع بقيمة العيب ومنابه من الربح أو الرضى بالعيب وطلب حكم الغش، وصورها اللخمي بمن اشترى سلعة بعشرة، وقال: ثمنها اثني عشر وربح دينار أو أرقم عليها خمسة عشر ووجد بها عيبًا بعد فوتها بنماء أو نقصٍ فعلى القول بإسقاط الكب حكمًا يسقط هو وربحه وهو ديناران وسدس، والباقي أحد عشر إلا سدسًا ثم يرجع للعيب فتقوم السلعة سليمة إن كانت قيمتها سليمة عشرة وقيمتها معيبة ثمانية فقيمة العيب الخمس وهو ديناران وسدس، فالباقي بعد طرح العيب وربحه ثمانية دنانير وثلثا دينار هذا ما تستحقه بعد طرح الكذب وربحه، فيقول المشتري بقي مقالي فيما غشني به من رقم أو كتمان طول إقامة مكثها فأعطيه القيمة بغير ربح ما لم تجاوز الباقي والقيمة ثمانية دنانير فلا شيء له غيرها، وإن كانت قيمتها سليمة ثمانية، ومعيبة سبعة أو ستة لتغابن كان في البيع لم يكن للبائع إلا تلك القيمة فمتى كانت هي والثمن

ص: 154

متساويين أو القيمة أقل لم يكن على المشتري غيرها، وإن كانت أكثر من الثمن ومنابه من الربح بعد طرح العيب سقط حكم الغش وبقى حكم الكذب

وفيها: من باع سلعة مرابحة، وقال: قامت علي بمائة فأربح عشرة ثم ثبت أنها قامت عليه بمائة، وعشرين فإن لم تفت خير المشتري بين ردها أو يضرب له الربح على عشرين ومائة فإن فاتت بنماء أو نقصٍ خير المشتري إن شاء أخدها بقيمتها يوم التبايع إلا أن تكون القيمة أقل من عشرة ومائة فلا ينقص منه، أو يكون أكثر من عشرين ومائة وربحها لا يزاد عليه.

قُلتُ: قوله: إن فاتت بنماء أو نقص خير المشتري إلخ فيه نظر لأن ما فسر به التخيير ليس بتخيير بحال؛ ولا عبر اللخمي بقوله: غرم المشتري قيمتها ما لم تنقص عما تبايعا به أو تزد على المائة وعشرين وربحها، ثم قال: وأرى إن فاتت بزيادة وقيمتها يوم قبضها أكثر مما اشتراها ولا تجاوز المائة وعشرين، وربحها أن يخير في غرم قيمتها أو ردها لأنها أفضل مما كانت فلا مضرة على البائع، وإن نقصت بغير سبب المشتري أن يردها ناقصة إلا أن يمضيها له البائع بما باعها به ويختلف إن نقصها من سببه خطأ هل يضمنها أو يردها ناقصة، ولا شيء عليه، وكذا إن كان المبيع ثوبًا فنقص عنده، ثم طلب البائع فضل الثمن فإن نقص بلبسه لزمته قيمته ما لم تكن أقل مما باعه أو أكثر من المائة وعشرين وربحها وإن نقص بلبسه لم يضمن قيمته وله رده بنقصه، إلا أن يمضيه البائع بما باع ويختلف إن كان نقصه؛ لأنه قطعه ولم يلبسه؛ لأن الغلط من البائع بتسليطه، كمن باع ثوبًا فأعطى المشتري غيره فقطعه المشتري في غرم المشتري نقص القطع خلال.

قُلتُ: لم يحك الصقلي إلا القول بعدم غرمه وقال: بخلاف من اشترى قوبًا مرابحة فقطعه ثم اطلع على كب البائع القطع في هذا فوت، ففرق ابن الكاتب بأن ثوب الكذب لو هلك ببينة بعد قبضه المبتاع كان منه ولو هلك ثوب الغلط كذلك كان من بائعه.

الصقلي: ولأن ثوب المرابحة مبيع وثوب الغلط غير مبيع، ولابن رُشْد في آخر مسألة من أول رسم من سماع ابن القاسم في جامع البيوع: إن باع مرابحة ثم ادعى أن

ص: 155

ثمنه أكثر مما باعه به وإنه غلط فيه واختلط له بغيره فإن كانت له شبهة من رقم أو شهادة على ما وقع به عليه من مقاسمة أو في شراء صدق، ولما كان أحد أسباب الغش طول المكث المعروض لكونه عن احتكار لزم بيانه.

فيها: الحكرة في كل شيء من طعام أو غيره جائز وما أضر احتكاره بالناس منع احتكاره.

ابن رُشْد: ما يضر ممنوع اتفاقاً، وما لا يضر في جوازه في الطعام والإدام ومنعه ثالثها: فيما عدا القمح والشعير، ورابعها: في الإدام والفواكه فقط لها وللأخوين مع المدنيين وسماع أشهب، ودليل قول ابن حبيب وقول الشَّيخ: قول الأخوين معناه في المدينة؛ إذ لا يكون الاحتكار فيها إلا مضرًا لقلة الطعام بها يدل على أنهم متفقون على أن علة المنع منه تغلية الأسعار، وإنما اختلفوا في جوازه لاختلافهم في وجود العلة، وعدمها وهو في غير الأطعمة من عصفرٍ وكتان وغير ذلك جائز إن لم يضر.

اللخمي: الأول أحسن وفي ادخار الأقوات في الرخاء مرتفق وقت الشدة ولولاه لم يجد الناس عيشًا في الشدة ولو قيل إنه مستحسن لم أعبه.

قُلتُ: هو مقتضى تعليله بالارتفاق لأنه مصلحة راجحة، سالمة عن مضرة الناس إن كان فاعله لا يتمنى غلاء، قال: ومن قدم بطعام لم يمنع من ادخاره إلا أن يكون جهد فيؤخذ ببيعه.

قُلتُ: هو قول عمر في الموطأ.

الباجي: روى محمد ما علمت في التربص بالطعام لرجاء غلائه بأسًا، قيل له، من يبتاع الطعام ويجب غلاءه؟ قال: ما من أحد يبتاع طعامًا أو غيره إلا ويحب غلاءه.

قُلتُ: والأصل في ذلك حديث مسلم عن سعيد بن المسيب عن معمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من احتكر فهو خاطئ قيل لسعيد: إنك تحتكر، قال: كان معمر يحتكر.

ص: 156

اللخمي قال مالك: من احتكر في وقت يضر بالناس أشرك فيه أهل السوق بما اشتراه به وإن لم يعلم ثمنه فبسعر يومه ولابن العربي في عارضته: إن كثر الجالب وكان إن لم يشتر منه رد الطعام كانت الحكرة مستحبة، وسمع ابن القاسم إذا غلا الطعام واحتيج إليه وبالبلد طعام فلا بأس أن يأمر الإمام أهل الطعام بإخراجه للناس.

ابن رُشْد: مثله في الموازيَّة.

ابن العربي كان خليفة بغداد إذا زاد السعر أمر بفتح المخازن ويبيع بأقل مما يبيع الناس فإذا رجع الناس إلى ذلك السعر أمر أن يباع له بأقل حتى يرد السعر إلى أوله وذلك من حسن نظره.

الباجي: من معه طعام زراعة أو جلبه لم يمنع من احتكاره كان ذلك في ضرورة أو غيرها.

وروى محمد: يبيع هذا متى شاء ويمسك إذا شاء ولو بالمدينة وأما من صار إليه الطعام بابتياع في وقت سعة ثم لحق الناس، شدة، فروى محمد: إن كان الغلاء الشديد، وعند الناس طعام مخزون أيباع عليهم؟ قال ما سمعته، وقال في موضع آخر: لا بأس أن يأمر بإخراجه إلى السوق.

قُلتُ: ظاهر العتبيَّة وقول ابن رُشْد: إذا وقعت الشدة أمر أهل الطعام بإخراجه مطلقًا كان من زراعة أو جلب خلاف ما نقله الباجي، قال: ومن اشتراه بالفسطاط للريف وهو بالفسطاط كثير وبالريف ما يغني أهله فروى محمد منع ذلك؛ لأن المصر مجتمع الناس ورعيه أولى إن فسد فسدت الأرياف، وإن كانت الحاجة بالريف والكثرة بالمصر جاز إخراج أهل الريف منه إليهم، وإن كان بالمصر قليلاً يخاف من إخراجه للريف مضرة منع من إخراجه لتساوي الحالين ومراعاة المصر أولى.

وسمع ابن القاسم: إن كان عند أهل الريف والسواحل ما يغنيهم منعوا اشتراء الطعام من الفسطاط، وإن لم يكن عندهم ما يغنيهم من الطعام فلهم أن يشتروا.

ابن رُشْد: على قول المدَوَّنة يحتكر أهل الريف والسواحل من الفسطاط إن لم يضر ذلك بهم، وعلى هذا السماع لا يحتكرون وإن لم يضر ذلك بهم ووجهه أن الحواضر فيها يؤخذ الطعام في الشدائد.

ص: 157

وقوله: إن لم يكن عندهم ما يكفيهم فلهم أن يشتروا؛ يريد: ولو أضر ذلك بأهل الفسطاط والقري التي فيها الأسواق حكمها حكم الفسطاط قاله في المدَوَّنة، فلا يحتكر هؤلاء من هؤلاء ولا هؤلاء من هؤلاء إذا أضر بهم ومن لم يكن عنده ما يغنيه فله الشراء؛ لقوته هؤلاء من هؤلاء وهؤلاء من هؤلاء وإن أضر بهم؛ لأن المواساة بين المسلمين واجبة.

مسمى لفظ المبيع: إن كان متعينًا بذاته كالعرصة، دون نقضها وعكسه فواضح وإلا حمل على الراجح إن كان وإلا فمقتضى الأصول فساد بيعه للجهل به في رهونها من ارتهن أرضًا ذات نخل ولم يسمها أو ارتهن النخل ولم يذكر الأرض فذلك موجب لكون الأرض والرهن والنخل رهنًا، وكذا في الوصية والبيع، وفي ترجيح ذكر المبيع في وثيقة بيعه غير منسوب لبائعه بلفظ له وعدمه، نقلا ابن فتوح عن الموثقين فيقول: على الأول اشترى فلان من فلان جميع الدار التي له بموضع كذا، ورجح كذا، ورجح الثاني محتجًا بقول أهل العلم في وثائقهم اشترى فلان من فلان جميع ما حوته أملاكه، ولا فرق بين أملاكه وبين الدار التي له.

قلت مقتضاه عدم الخلاف في نسبته له بالإضافة فقط، وقول المتيطي قولنا: ابتاع منه جميع الدار أولى من قولنا: جميع داره، وكذا كل ما يباع من مبيع لما وقع في ذلك من الخلاف.

قال بعض الموثقين: إن أضافه للبائع ثم استحق من المبتاع لم يرجع على البائع بشيء لأن إضافته إليه إقرار من المبتاع بتحققه ملك البائع ما باعه منه.

وقال ابن الهندي وغيره: لا يمنع ذلك رجوع المبتاع عند الاستحقاق؛ لأن الإضافة والنسبة إلى ملكه تصدق في ملكه بزعمه، ولو صرح المبتاع بتمليك البائع المبيع ثم استحق ذلك منه ففي رجوعه على البائع روايتان، بالأولى قال أشهب وعبد الملك وابن وَهْب، وسَحنون واختاره شُيُوخ الأندلسيين وهو دليل قولها في الاستحقاق من له على رجل ألف درهم فحطه نصفها على إن أخذه عبده ميمونًا بنصفها فاستحق رجع عليه بالألف، فقوله:(عبده) كقول الموثق: (ابتاع منه داره).

قُلتُ: يرد بأنه يصدق لفظ عبده مع العبارة عنه بغير الإضافة ولو سلم فتقدم كون

ص: 158

الإضافة غير صريحة في الدلالة على اعتراف المبتاع بملكه، إنما هي في صريح الاعتراف.

المتيطي: وجد المبيع دارًا أو أرضًا منه.

وقال ابن الهندي وابن العطار وغيرهما: ما لم يصرح بضده وكقول كثير من الموثقين حدها في القبلة دار فلان.

ابن عتاب: سأل إسماعيل القاضي عن قوله حدها في الشرق الشجرة هل تدخل في المبيع فوقف ثم قال لسائله: قرأت في باب كذا في سيبويه فدلني على أنها تدخل في المبيع.

قال ابن سهل وفي هذا نظر.

قُلتُ: قولهم: حد الشيء منه ينفي القاضي ونظر ابن سهل.

سئل ابن عتاب عمن له داران متصلتان في صف واحد باباهما في ناحية واحدة ساق إحداهما في مهر زوجته بلفظ: ساق إليها جميع الدار التي بموضع كذا، حدها في القبلة كذا وفي الجوف كذا وفي الشرق كذا وفي الغرب الطريق إليها يشرع بابها ثم ماتت زوجته بعد أن أزيد من عام فطلب وارثها إرثه في الدار المسوقة، وطلبه في الدارين؛ لأن الحدود مشتملة عليهما ولو كانت المسوقة إحداهما كان حدها في الجوف، الدار الأخرى لا الأرض التي لفلان، وقال الزوج: لم أسق إلا أحدهما التي بقبله الأخرى فأجاب بلزوم السياقة في الدارين إلا أن يأتي الزوج بما يبين أنها في الواحدة فقط؛ لأن الحدود أقوى من تسميتها دارًا واحدة.

ابن سهل: هذا هو الفقه إن حقق وارث المرأة أنها في الدارين وإن قال: لا علم لي إلا لفظ الصداق بالتحديد فالقول قول الزوج من يمينه.

المتيطي: قولنا بحقوق المبيع، وحرمه ومنافعه ومرافقه يغني عن تسميته ذلك، ولو زيد في الفرن، وموضع جمع الحطب له وفي الحمام: وموضع إعداد الزبل، وبئر سانيته.

وفي الرحى وأفنيتها ومناصبها وجسرها وغير ذلك مما يمكن انفصاله كان حسنًا. وقولنا: في الدار وشبهها وكل جدرها المحيطة بها هو الصواب لو سكت عنه ووجد

ص: 159

المشتري حائطًا منها لغيره لم يكن له حق على بائعها ولم يدخل في جملة حقوقها ولو ذكرت ثم خرج جدار منها لجاره رجع بحصته من ثمنها ولو لم يذكر الجدر وادعى المبتاع أن البائع شرط ذلك له حلف البائع على تكذيبه وكل ما بالدار المبيعة حين العقد مما ينقل من دلو وبكرةٍ وباب وصخرة وتراب، كان معدًا لإصلاح الدار أو مما انهدم منها فهو لبائعها لا لمبتاعها إلا بشرط، وكذا قال ابن فتوح وغيره.

قُلتُ: ونحوه قولها: ما كان ملقى في الأرض من حجر أو باب أو خشبة سارية فالقول فيه قول المكتري.

المتيطي: اختلف في السلم الذي يرتقى به إلى الغرف فقال ابن العطار وابن زَرْب: هو للمبتاع ولو لم يشترطه ولو كان ينقل باليد من مكان لآخر، واحتج ابن زَرْب بما في الوثائق من قولهم بمنافعها ومرافقها والسلم منها.

ابن سهل: يؤيده سماع عيسى ابن القاسم من اكترى منزلًا فيه علو لا درج له ولا سلم فقال لرب المنزل: اجعل لي له سلمًا فتوانى ولم ينتفع به المكتري حتى مضت السنة طرح عنه مناب العلو من الكراء وقاله ابن عتاب في السلم المبني قال: والمنقول للبائع إلا أن يشترطه المبتاع قال بعض الموثقين إلا أن يكون مسندًا لعلية يرقى منه إليها فهو للمبتاع وحكى بعض الأندلسيين عن ابن حبيب: إن السلم للمبتاع وإن لم يشترطه.

قُلتُ: قال ابن رُشْد في سماع عيسى: هذا بخلاف الشراء لو باع دارًا فيها علو وفيها سلم فهو للبائع، وقول ابن العطار إنه للمبتاع قياسًا على هذا السماع غير صحيح، ولو صح قياس الشراء على الكراء لوجب على البائع أن يأتيه به وإن لم يكن في الدار، وهذا لم يقله ابن أحد فما أصاب في قوله ولا قياسه، وقال: من باع دارًا بها مبينة فهي للمبتاع السرير، والحجر الأسفل وللبائع الحجر الأعلى قياسًا على قول بعض الشُيُوخ، معنى قوله في المدَوَّنة لا شفعة في الأرحى، الحجر الأعلى لا الأسفل لأنه من البناء كقدر الحمام، وهي تفرقة لا وجه لها، إذ لا ينتفع بأحد الحجرين، دون الآخر والصواب في المطاحن المبنية بالدار أنها للبائع إذ ليست من بناء الدار ولا من أنقاضه.

المتيطي عن بعض الأندلسيين: لا يختلف في خرزة المعصرة إن لم تذكر في عقد الابتياع؛ لأنها مقصودة في الابتياع؛ إذ لا منفعة للمعصرة إلا بها وما بالدار من جبح

ص: 160

منصوب للبائع إلا أن يشترطه المبتاع، والنحل في جدار بيت الدار في كوى فيه.

قال بعض الموثقين: ونحوه لابن العطار وغيره هي للمبتاع؛ إذ لا يستطاع إزالتها إلا بهدم الكوى، قال: والحمام في برج فيها بخلافه هي للبائع؛ لأنها تؤخذ دون إضرار بالمبتاع في برجه ونحوه للشيخ أبي الوليد، قال: وقال ابن العطار: هما سواء النحل والحمام للمبتاع.

وفي وثائق الباجي: هما معًا للبائع إلا أن يشترطه المبتاع بعد المعرفة به، ونحوه لأبي عمران وأبي بكر بن عبد الرحمن.

ابن عات: قال ابن عتاب: أفتى ابن الفخار فيمن باع ملكًا بقرية وفي الملك شجر زيتون طاب ثمرها لم يشترطه المبتاع إلا أن في الوثيقة اشترى فلان من فلان جميع ما حوته أملاكه في الأرض والشجر ولم يذكر الثمرة، فطلب المبتاع أخذها أنها له واحتج بأن الشجر نفسه لو لم يذكر في الابتياع دخل فيه وتبع الأرض فإذا دخلت الأصول في الشراء فالثمرة أحرى.

قال ابن عات: ولم يذكر هل ذلك رواية ولم يسأل عنه؛ إذ كان لا يتجرأ على سؤاله، وكان حافظًا ذاكرًا للروايات ولم أزل أطلب ذلك فلما امتحنته بالفتيا ونزلت هذه المسألة في دار بيعت فيها نخلة مزهية فأفتيت بما كنت أسمع منه وخولفت في ذلك، ولم أزل أطلبها إلى أن ظفرت بها في كتاب الشروط لابن عبد الحَكم قال: من الناس من يقول من اشترى دارًا بما فيها، وفيها نخل فالثمرة للمشتري ولو طابت، وأما نحن فنجعل ذلك للبائع إلا أن يشترطه المبتاع اتباعًا للسنة.

قال ابن عتاب: والذي أقوله ما شاهدت الفتيا به وبه نفذ الحكم.

قُلتُ: ظاهر قوله ظفرت بها إنه ظفر بما يوافقه، وحاصل ما ذكر أنه ظفر بما يخالفه فتأمله، وتمامها في الإبار.

ابن عات: في بعض الكتب قال سئل عن رجل باع داره وفيها زبل لصق بقاعتها ولم يذكر وقت التبايع ثم ادعاه كل واحد منهما قال: هو للمبتاع إلا أن يشترطه البائع.

وسمع سَحنون ابن القاسم: من ابتاع دارًا فيها نقض لرجل هو فيها بكراء وأبواب في بيوت الدار وحضر المكتري شراءه ثم طلب النقض والخشب فقال له

ص: 161

المشتري: حضرت شرائي فلم تدع شيئًا وقد وجب لي كل ما بالدار فذلك كله للمكتري من قبل أنه يقول: لم أظن أن ذلك يكون لك.

ابن رُشْد: قوله: ألأبواب والنقض للمكتري معناه: إن كانت له بينة أنه أتى بذلك من عنده وأقر صاحب الدار له بذلك قبل البيع؛ إذ لا يقبل إقراره له بذلك بعد البيع وإنما عذر المكتري في سكوته حين البيع لأن من حجته أن يقول: إنما سكت لأني ظننت أن من اشترى دارًا لا شيء له من نقضها الملقي فيها إلا أن يشترطه، ولو قال: أبيعك الدار بأنقاضها وأبوابها والمكتري يسمع فلم ينكر، كان سكوته إجازة للبيع، وكان له من الثمن مناب النقض والأبواب إن كان رب الدار مقرًا له بالنقض، والأبواب، وإن لم يكن مقرًا له بذلك، ولا مكذبًا لبينته التي شهدت له بذلك وإنما ادعى أنه اشترى ذلك بماله وبما كان له عليه من كراء كان سكوته على البيع تصديقًا للبائع فيما ادعى ولم يكن للمكتري شيء من النقض والأبواب ولا من ثمنها هذا الآتي على أصولهم وقيل: لا يبطل حقه في الأنقضاض إن كانت له بينة أنه أتى بها ويأخذ ما يجب لها من الثمن بعد حلفه على تكذيب بائع الدار إلا أن يطول سكوته بعد البيع ولو ادعى النقض المبينة في الدار والأبواب المركبة فيها ولا بينة له بهما لم يكن له شيء منها، ولو كان النقض مطروحا في الدار والأبواب غير مركبة فيها ولا مقلوعة منها ما دخلت في البيع وكانت للمكتري مع يمينه بيعت الدار، أو لم تبع إن ادعاها صاحب الدار.

وقال ابن دحون: إنما لم يضر سكوته عند البيع، وله بينة بالأنقضاض من أجل أنه في الدار، ولو كان خارجًا عنها لم يكن له منها شيء، وهذا لا وجه له، لا فرق بين كونه في الدار أو خارجًا عنها.

قُلتُ: ظاهر قوله في السماع: وقد وجب لي كل ما في الدار: مع قوله: لم أظن أن ذلك يكون لك أنه لو لم يدعه المكتري لكان له داخلاً في المبيع ومثله قول ابن رُشْد لا يقبل إقرار البائع بذلك للمكتري بعد عقد البيع، وقد تقدم من نقل المتيطي وغيره: أن ما بالدار حين البيع مما ينقل ويحول من خشب وصخر وتراب كان معدًا لإصلاح الدار أو مما انهدم منها فهو للبائع.

المتيطي: لو كان بالدار المبيعة صخر أو رخام أو عمد وشبه ذلك لم يعلم به

ص: 162

المتبايعان ثم علماه فمعلوم مذهب ابن القاسم أنه للبائع إن ادعاه وأشبه أنه له بميراث أو غيره وإلا فهو لقطة.

وقال سَحنون وابن حبيب وابن دينار: هو للمبتاع وهو ظاهر قول ابن القاسم في العتبيَّة.

قُلتُ: في نوازل سَحنون: من وجد في عرصة ابتاعها بئرًا عادية لها بال، فقال البائع: بعتك ما لا عرفته فأنا أفسخ بيعه هي للمشتري.

ابن رُشْد: وكذا لو وجد المشتري صخرًا أو عمدا أو رخامًا، وقاله ابن حبيب وابن دينار وهو قياس أحد قولي ابن القاسم في سماع عيسى من كتاب الأقضية فيمن وجد في أرضه جبًّا بابه بأرض غيره إن له منه ما كان في أرضه ويسد فيما بينه وبين صاحبه ولا يستحقه جاره بالباب، ويأتي على قياس قول ابن القاسم أن الجب لصاحب الباب وحده أنه إن وجد المشتري بئرًا أو جبا أو بيتًا لم يعلم به، أن للبائع نقض البيع، وكذا إن وجد صخرًا أو رخامًا أنه للبائع وكذا لابن القاسم في سماع عيسى من كتاب اللقطة (أنه لا حق فيه للمبتاع وهذا إنما هو في المجهول مالكه وما ثبت منه أنه للبائع أو لمن يرثه عنه فهو له اتفاقًا، وكذا إن ثبت أن البئر أو الجب أو البيت الموجود تحت الأرض من عمل البائع كان نسيه أو من عمل مورثه فله نقض البيع اتفاقًا، ولا يندرج في الشجر مأبور شجرها هذا المذهب.

وقال المتيطي: هذا مشهوره المعمول به.

وقال ابن الفخار: هو للمبتاع واحتج بأن الشجر لو لم يذكر في الشراء لدخلت فيه وكان تبعًا للأرض، وذكر ما تقدم عنه وعن ابن عتاب.

قُلتُ: وهذا وهم منه في أمرين: الأول: أن تصور مثل هذا القول فاسد؛ لأنه قياس في معرض النص، والإجماع على بطلانه، روى مسلم بسنده عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ابتاع نخلاً بعد أن تؤير فثمرها للذي باعها إلا أن يشترطها المبتاع، وهو في الموطأ والترمذي وغيرهما.

ص: 163

الثاني: فهمه قول الشَّيخين على ذلك وهذا؛ لأنهما إنما قالا ذلك في مسئلتي الأرض

لخاصية فيهما وهي اشتمالهما على لفظ دالٍ على اشتراط المبتاع الثمرة؛ لأن مسألة ابن الفخار هي من باع جميع ما حوته أملاكه من الأرض والشجر، ولفظ جميع ما كالنص على دخول الثمرة فهو عنده مما اشترطه المبتاع فيكون له بنص الحديث. وكذا صورة مسألة الدار التي أتى بها ابن عتاب لقوله: ونزلت هذه المسألة وهذا نص بأنها نزلت بلفظ مسألة ابن الفخار ولو كانتا عريتين عن هذا اللفظ الدال على اشتراط الثمرة بعمومه لم يلق بمنصبيهما الفتوى بدخول الثمرة لنص الحديث بخلاف ذلك. وذكر المسألة في مختصر ابن الجلاب بنقيض فتواهما في الجلاب ما نصه: من اشترى أرضًا فيها شجر مثمر فما كان من ثمرها عقد فهو للبائع وما كان وردًا فهو للمبتاع.

وذكر ابن سهل وغيره عن ابن عتاب في القضية أنه قال: لما ذكر فتوى ابن الفخار، ولم يذكر هل جوابه عن رواية ولم يسأل عن ذلك وكان لا يجترأ عليه بالسؤال، وفيه عندي نظر؛ لأن المفتي يسأل عن مستند فتواه أو يرد سؤاله عن ذلك إذا كان مستنده تخريجًا يفتقر فيه لتأمل باعتبار حفظ أصله أو استنباط علته، أما إذا كان استناده إلى ظاهر الرواية المعلومة المشهورة فلا يسأله عنه لبيب.

ومستند فتوى ابن الفخار المذكورة إنما هو الأخذ بصريح المذهب في وجوب الثمرة المأبورة للمشتري باشتراطه، ودليل اشتراطه في النازلتين واضح لمن نظر وأنصف، وذكر استدلال الشُيُوخ بظواهر الروايات الجارية على الأصول، فتأمله.

ابن سهل: أجاب ابن القطان، فيمن باع جميع أملاكه بقرية كذا، وقال: في كتاب الابتياع في الدور والدمن والأفنية والزيتون، والكروم ولم يزد على هذا، وللبائع في القرية أرحى لم تذكر في الوثيقة فقال المبتاع: هي لي، وقال البائع: إنما بعت ملكي فيما نصصت في الوثيقة فإن الأرحى للمبتاع وكل ما بالقرية من العقار.

ابن سهل: هذا موافق لسماع أَصْبَغ في الصدقة.

قال المتيطي: وقال غيره هي للبائع.

ص: 164