الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب المقاصة]
المقاصة: متاركة مطلوب بمماثل صنف ما عليه لما له على طالبه طالبه فيما ذكر عليهما، ولا ينتقض طرده بمتاركة متقاذفين حديهما أو طلبيهما على شرط ثبوت الحد
فالحكم به ولا بمتاركة متجارحين جرحين متساويين؛ لأن المتماثلين عرفًا لا لغة ما
صح قيام أحدهما مقام الآخر وهذا لا يصدق على حدي القذف ولا طلبيهما ولا على الجرحين للإجماع على أن أحدهما لا يصح بدل الآخر بحال وإلا زيد في الرسم ماليًا وقولنا ما عليه خير من لفظ الدين؛ لتدخل المقاصة فيما حل من الكتابة ونفقة الزوجة.
وعبارتها في آخر بيوع الآجال هي جائزة فيجب تفسيره بالجواز الأعم من الوجوب لا بقسيمه وإلا كان خلاف المشهور كالإمكان الأعم من الواجب ومن نحو هذا يقال يقع في المدونة ما هو من القواعد العقلية للمشاركة في علومها أو لفطرة سنية ولابن رشد في رسم العشور من سماع عيسى من النذور: مشهور المذهب وجوب الحكم بالمقاصة، وروى زياد: لا يحكم بها ومثله في كتاب الصرف منها خلاف ما في النكاح الثاني والسلم الثاني والوكالات منها وعلى المشهور لو اشترى على أن لا مقاصة ففي لغو الشرط وإعماله سماع القرينين وقول ابن كنانة مع ابن القاسم في المدنية وتأول ما في الصرف عليه؛ لأن كون الصرف على المناجزة كشرط تركها وتعليله يرد هذا التأويل، وقيل: يفسد البيع بشرط تركها إن كان الدين حالا فيدخله البيع، والسلف روي هذا عن ابن القاسم، وقال أصبغ: هو خفيف إن لم يضرب للدين أجلًا، ولم يشترط ألا يقضيه ذلك اليوم فالدينان إن كانا عينًا متحدي الصنف والصفة والقدر، وقد حل أجلهما جازت المقاصة فيهما اتفاقًا.
ابن بشير: هذا على جواز صرفا ما في الذمة وعلى منعه ينبغي ألا تجوز إلا بحضرة العينين، ورده ابن عبد السلام وابن هارون بأن الصرف مبايعة لاختلاف العوضين؛ وهما في المقاصة متفقان فلا مبايعة حسن أشار إليه المازري في مقاصة العرضين.
اللخمي: إن سلمت المقاصة من الفساد اعتبر دخوله في أصل مداينتهما فإن كان الدينان دنانير متساوية وإحداهما ثمن قمح والأخرى ثمن تمر لم تجز على أصل ابن القاسم في المدونة؛ لأنهما يتهمان على بيع قمح بتمر ليس يدًا بيد، والمقاصة لغو إلا أن يكون البيعتان نقدًا أو الأولى مؤجلة والثانية نقدًا وأخذ عن المبيع أو لا ما يباع به نقدًا فتجوز، وإن كان الثاني ثمنًا؛ لم تجز وكذا إن كانت في عروض من سلم، فإن اتفق رأس المال أو كان الأول أكثر جاز، وإن كان الأول أقل لم تجز لتهمتهما على سلف بزيادة، وإن كان رأس مال أحدهما دنانير والآخر دراهم؛ لم تجز على قول ابن القاسم في "المدونة"
لتهمتهما على صرف مؤخر، وتجوز على ما في المجموعة إلا أن يكون رأس مال الأول أقل مما يكون الصرف يوم السلم الأول وإن اختلف قدر الدينين.
قال ابن شاس: إن كان من بيع منعت اتفاقًا؛ لأنه بدل عين بأكثر منه.
وقال ابن بشير: إن اختلفا في المقدار والصفة؛ لم تجز المقاصة إلا أن يحل الأجلان، وكذا إن اختلفا في المقدار دون الصفة وتبع ابن الحاجب ابن شاس فقال: إن كان الدينان من بيع وتساويا صفة وحلولًا ومقدارًا جاز اتفاقًا، فإن اختلف القدر منع اتفاقًا وقبله ابن هارون وابن عبد السلام، وصرح بما أشار إليه ابن شاس من إجرائه على حكم المبادلة في اغتفار زيادة يسير الوزن.
قلت: والأسعد بالمذهب نقل ابن بشير لقبول الصقلي قول ابن حبيب: إن كان أحد الذهبين ناقصًا والاخر وازنًا؛ لم تجز المقاصة حتى تحل الوازنة، وقال محمد: إن اختلف العدد فمكان أولهما حلولًا أكثرهما؛ جازت المقاصة ومثله في النوادر، ولأن علة منع الزيادة في البدل كونه صريح معاوضة في معينين حسيين تختلف الأغراض في أعيانهما وإلا لما طلبت المبادلة فيهما فاندرجت تحت بيع الذهب بالذهب؛ فالزيادة فيها ربًى والمقاصة عرية عن هذا؛ لأن العوضين فيها كليين غير معينين، فكانت الزيادة فيها محض هبة وإن اتحد قدرهما ولم يحلا ففي جوازها مطلقًا ومنعها إن لم يحل أحدهما، ثالثها: هذا إن اختلف أجلهما وإلا فالوقف للخمي عن ابن القاسم وابن نافع ومالك وعزاه المازري لرواية أشهب ابن بشير: إن لم يحلا أو حل أحدهما فقط فالمشهور الجواز، وشذ المنع وعن مالك: إن حلا جاز وإلا فالوقف.
قلت: فعلى هذا اختلاف أجلهما كاتحاده في الوقف.
قلت: قوله: وشذ المنع خلاف متقدم قولنا إن حل أجل أحدهما جاز اتفاقًا، وصرح هو بالاتفاق وذكر هذا عقبه.
قال: وهو بناء على أن المقاصة تعجيل من الذمة؛ ليأخذ منها عند الأجل وهو أصل المشهور وألغاه هنا لبعد التهمة.
قلت: التهمة إنما تتصور بحيث تلغى في عدم حلول أحدهما لا في حلوله؛ لأنا إن قلنا: المقاصة تقتضي البراءة؛ فالذي عليه ما لم يحل هو مسلفه بتعجيله حكمًا وإلا فهو
مسلف ما وجب له أخذه ليأخذه من ذمته عند حلوله ولا تهمة في السلفين بحيث تلغى بحال وتوهم أخذ هذا الشاذ من رواية اللخمي منعه إذا اختلف الأجل لا يصلح؛ لأنه لا يصدق اختلاف الأجل إلا وكلا الدينين مؤجل وإن حل أحدهما فلا اجل له ولأنه علله بالمكايسة.
قال: ولا مكايسة في اتحاد الأجل.
قلت: وكذا في حلول أحدهما وإن اختلفت صفتهما فقط؛ جازت إن حلا وإلا ففي جوازها مطلقًا ومنعها ثالثها: إن حل الأجود أو كان أولهما حلولًا لتخريج بعض شيوخ المازري على أن المقاصة متاركة تصير ما في الذمتين مؤجلًا كحال مع تصريح اللخمي به، ونقل ابن بشير مع ابن شاس عن ابن محرز عن المذهب واللخمي عنه، وإن اختلف نوعهما كذهب وفضة ففي جوازها ومنعها ثالثها: إن حلا لتخريج المازري مع عزوه ابن بشير لأصل إسماعيل القاضي وابن حارث عن ابن كنانة مع ابن وهب والمشهور ابن بشير والمازري: والقرض فيما ذكر كالبيع وتعتبر في القرض الزيادة في الصفة فتغتفر لا الزيادة في العدد على المشهور.
وفي «الموازية» : إن اختلف العدد في القرض منع مطلقًا.
وقال بعض أشياخي: إن كان القرض أولًا أقل عددًا وما اقترض ثانيًا أكثر عددًا منعت وجعل المقاصة لغوًا والقضاء معتبر حين القرض الثاني وظاهر المذهب الزيادة في العدد حين المقاصة اللخمي إن حلا والأكثر أخرهما قرضًا؛ لم تجز المقاصة عند ابن القاسم وأجازها ابن حبيب وغيره ورأى زيادة العدد كالجودة وإن حل أحدهما وهو الأقل أو كان أولهما حلولًا لم تجز وإن حل الأكثر أو كان أولهما حلولًا أو أولهما قرضًا جازت وإلا فلا، وإن اتحد الأجل جازت ما لم يكن الأكثر أخرهما قرضًا، وإن كان أحدهما من قرض والآخر من بيع جازت ما لم يكن الذي حل أو أولهما حلولا الأقل وما لم يعد إلى المقرض أكثر، وفي جوازها في الطعامين: من قرض مطلقًا أو شرط حلولهما نقل اللخمي عن ابن القاسم وتخريجه على قول ابن نافع في العين وخرج المازري كل أقوال العين في الطعام وعزاه لبعض الأشياخ في منعها فيهما من بيع مطلقًا وجوازها إن استوت رءوس الأموال ولو لم يحلا قولا ابن القاسم وأشهب، وإن كان
أحدهما من بيع ففي جوازها إن اتفق أجلهما مطلقًا أو بشرط حلولهما ثالثها: بحلول أحدهما مطلقًا، ورابعها: بشرط كونه السلم للمازري عن ابن حبيب وابن القاسم وأحد قولي أشهب وثانيهما.
وهي في العرضين:
قال اللخمي: إن اتحدا في الجنس والجودة كالدنانير إن حلا أو حل أحدهما ويختلف إن لم يحلا واتفق الأجل أو اختلف وإن كان أحدهما أجود فإن حلا أو حل الأجود أو كان أولهما حلولا جازت وإن حل الأدنى أو كان أولهما حلولا دخله ضع وتعجل إن كانا من قرض وإن كانا من بيع دخله ضع وتعجل وحط الضمان وأزيدك إن حل الأجود وإن كان أحدهما من بيع فإن كان المتأخر في الذمة لم تجز؛ لأنه إن كان أجود حط عني الضمان وأزيدك وإن كان أدنى ضع وتعجل وإن كان المتأخر القرض جازت إن كان الأجود ولم تجز إن كان الأدنى وإن اختلف جنسهما جازت إن حلا وإلا ففيها لابن القاسم: إن اتفق الأجل جازت وإن لم يحلا وإن اختلف لم يجز إن لم يحلا.
وقال محمد: إن حل أحدهما لم تجز.
عبد الحق عن بعض شيوخه: ينبغي إن كان العرضان من سلم اعتبار رءوس الأموال فغن تساويا أو كان آخرهما أقل جازت وإلا فلا لتهمتهما على دفع قليل في كثير وكذا إن كان أحدهما ذهبا والآخر ورقا ودليله قولها إن ضاع الرهن وأراد المقاصة ولو اتحد وقت سلمهما لم يعتبر رءوس الأموال إذ لا تهمة حينئذ.
اللخمي: إن كان رأس مال أحد العوضين دراهم والآخر دنانير لم تجز المقاصة على قول ابن القاسم في المقاصة من المدونة ويجوز على ما في المجموعة إلا أن يكون رأس مال الأول أقل مما يكون صرفا يوم السلم الأول وإذا سلمت المقاصة من موجب الفساد في فعلهما الآن وفي أصل مداينتهما جازت واختلفت لتهمة صرف مستأخر أو بيع طعام بطعام مؤخر، ففي فسخ المحاصة فقط أو البيع الآخر قولان والأول أحسن إن لم تجز بموضعها عادة فيما اتهما عليه وإلا فسخ البيعان.