الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب المرهون فيه]
المرهون فيه: مال كلي لا يوجب الرهن فيه غرم راهنه مجانًا بحال.
فقولنا: مال دون دين في الذمة؛ ليشمل الكتابة، ويخرج بالكلى المال المعين، لامتناع الرهن به، لملزومتيه انقلاب حقيقته أو حقيقة الرهن؛ لأنه إن استوفى من الرهن بطل كونه معينًا، وإن لم يستوف منه بطل كون الرهن توثقا به، فيبطل حقيقة الرهن، وقولنا: لا يوجب
…
إلخ، يدخل الكتابة بالنسبة إلى المكاتب لا بالنسبة إلى غيره، وهذا؛ لأن الرهن بها يصح من المكاتب لا من أجنبي؛ لأنه من المكاتب لا يوجب عليه غرمًا
مجانًا بحال؛ لأنه إن ودى الكتابة دون الرهن أو به لم يوجب عليه غرمًا مجانًا بحال، وإن عجز فكذلك؛ لأن بعجزه صار ملكه ملكًا لسيده ضرورة نفوذ انتزاع السيد ماله، وهذا لا يصدق عليه الغرم مجانًا بحال، وأخذ الرهن في الكتابة من أجنبي يوجب على الراهن غرما مجانا في حالة عحزه بعد أخذ الرهن فيما فيه رهن، أو بعضه، ضرورة أنه لا رجوع للراهن على المكاتب؛ لأنه لم يعلمه، ولا على السيد؛ لأنه إنما أخذه منه في الكتابة، وهي لا ترد عليه ما أخذ منها لعجز المكاتب، وعموم قول ابن الحاجب: لا رهن في نجوم الكتابة تابعًا لابن شاس خلاف نصها.
لا يصح الرهن بالكتابة من غير المكاتب، ويصح منه، ومثله في الموازية في كتاب المكاتب منها: من أخذ من مكاتبه في عقد كتابته رهنًا فغاب عليه ضاع بيده، ضمنه إن ساوت قيمته الكتابة عتق مكانه، وإن فلس السيد، فإن كان في عقد الكتابة بشرط فهو انتزاع لا محاصة للمكاتب به من غير سيده، ولا حق له في عينه إن وجده بعينه ومحاصة غرماء سيده بقيمته إن لم يجده.
وقال غيره: ليس ذلك انتزاعًا، ورهنه في العقد كرهنه بعده.
وقول ابن عبد السلام: ما قالاه لا يبعد أن يكون قولًا في المذهب على قول أن للمكاتب تعجيز نفسه، وله مال ظاهر، فلا يكون ما عليه لازمًا له، فلا يتقرر بع رهن منه، يرد بأنه يلزمه عليه القول بامتناع الرهن بكراء مشاهرة، والتزامه خروج عن المذهب، وقولها: يجوز الرهن بالعارية المضمونة لا ينافي وجوب كون المرهون فيه كليا؛ لأنه رهن في قيمتها لا في عينها؛ ولذا قال قبلها: الرهن في العارية غير المضمونة لا يجوز.
المازري: ويتقرر الرهن والتزامه قبل انعقاد الحق الذي يؤخذ به الرهن، خلافًا للشافعي.
وفيها: إن دفعت لرجل رهنًا بكل ما أقرض لفلان جاز.
الصقلي: قال بعض أصحابنا: والرهن بما داينه به رهن ما لم يجاوز قيمته لا يراعى ما يشبه أن يداين به، بخلاف مسألة الحمالة فيمن قال: دائنه ما داينته به، أنا جميل؛ لأن الذي أعطاه به رهنًا بين بالرهن مقدار ما يقرضه، فإن جاوزه لم يلزمه.
قلتُ: قولهم: لا يلزمه ما جاوز قيمته إن أراد في الرهن فهو تحصيل الحاصل،
لامتناع تعلق الدين بالرهن في أكثر من قيمته في كل رهن، وإن أراد في ذمة الراهن فكذلك لأنه لم يلزم له في ذمته شيئًا؛ بل الواجب أن ينظر هل يقضي ما يتعلق بالرهن من معاملته على قدر ما يعامل به مثله إذا كانت قيمة الرهن أكثر من ذلك، كمسألة الحمالة، أو يعم تعلقه بكل قيمة الرهن لقرينة دفعه، رهنا والأظهر جريه على قاعدة تعارض دليلين أحدهما يدل على عمارة الذمة، والآخر يدل على براءتها في هذا الأصل خلاف.
قيل: يقدم الأول؛ لأنه مثبت شيئًا والآخر نافيه، وقيل: يقدم الثاني لموافقته أصل براءة الذمة؛ لأن الدليلين يتساقطان ويرجع إلى الأصل وهو براءة الذمة ورهن السلعة في ثمنها، تقدم، وقول ابن الحاجب، ويخير البائع وشبهه في الفسخ في غير المعين، هو مدلول قولها: وإن بعت منه سلعة إلى أجل على أن تأخذ به رهنًا ثقة من حقك فلم تجد عنده رهنًا، فلك نقض البيع أو تركه، بلا رهن، وقوله: وشبهه، يريد: كالمسلف على ذلك، وقوله: يصح للرهن قبل القبض، ولا يتم إلا به، ويجبر الراهن عليه إن كان معينًا.
المازري: عقد الرهن لازم بالقول، ويتخرج على عقد الهبة.
روي ابن خويز منداد: عدم لزوم عقد الهبة وأخذه بعض أشياخي من قولها: لمن أعار أرضًا للبناء والغرس دون أجل إخراج المعار بإعطائه ما أنفق، ورده غيره من أشياخي.
قلت: التخريج على الهبة في الرهن غير المشترط في عقد البيع أو القرض، وقول ابن الحاجب: يجبر عليه إن كان معينًا خلاف نصوص المذهب بعموم جبره في المعين وغيره، والمعهود تبعيته لابن شاس، ولفظ ابن شاس مطلق غير مقيد بالمعين في البيوع الفاسدة منها مع غيرها، وإن بعته على حميل لم تسمياه أو رهن لم تصفاه جاز وعليه الثقة من رهن أو حميل، وإن هلك ما اشترطت من رهن معين قبل قبضه المرتهن، فهو مخير في فسخ بيعه، وليس للمبتاع جبره على رهن آخر إلا أن يشاء، ولو هلك الرهن بعد قبضه المرتهن فلا حجة له، ولو كان غير معين فهلك بعد قبضه ففي كونه كذلك، ولزوم بدله كالراحلة المضمونة، نقلا الصقلي عن بعض الفقهاء وابن مناس قائلًا: إن عجز المبتاع عن حميل أو رهن عنه سجن في الحميل، لا في الرهن؛ لأنه يقدر على اختبار ذمته بالسؤال عنه والكشف، ولا يقدر على علم من يتحمل عنه بذلك، وعزاه ابن محرز لابن شبلون معه،
قال: والمذاكرون على خلافه، وقالوا: سجنه في الرهن أولى على أنه قال في الكتاب: وهو مثل الرهن فسوى بينهما، والصواب: أن ينظر، فإن كان يقدر عليهما سجن فيهما، وإن رؤي أنه لا يقدر عليهما لم يسجن.
قال بعض شيوخنا: ويحلف أنه لا يقدر على شيء منهما.
قالوا: ولو هلكت السلعة المبيعة قبل أن تثبت الحمالة كانت من البائع كبيع الخيار، وإن استحق الرهن المعين قبل قبضه مرتهنه ففي تخييره في فسخ البيع إن كان المبيع قائمًا، وأخذ قيمته إن فات، وإمضائه دون رهن، ولو طاع الراهن بمثله أو ما لم يطع به، ثالثها: لا مقال لمرتهنه، للخمي عن ابن القاسم وابن الماجشون: والتخريج الأحرورى على قول مالك: لا مقال للمرتهن في بيع الراهن الرهن، وبعد قبضه لا مقال لمرتهنه إن لم يغره راهنه، وإن غره ففي تخييره كما مر وجبر الراهن على حلفه، ثالثها: لا يجبر، فإن أخلفه لزم قبوله وإلا فالتخيير، ورابعها: يجبر على تعجيل الحق لابن القاسم وعبد الملك ومحمد وسحنون.
اللخمي: أرى استحقاقه قبل قبضه وبعده، سواء إن لم يغره إن أحلفه أجبر على قبوله، وإن لم يحلفه فالتخيير، وإن غره خير المرتهن في جبره على الحلف أو تركه وأخذ سلعته أو قيمتها، وفي فوت السلعة بحوالة الأسواق أو بالعيوب المفسدة، مشهور المذهب وقول محمد، ويلزم في عوض المستحق قصر فوته على العيوب.
وقبضه شرط خاصته، وهي اختصاص المرتهن به.
ابن حارث: اتفقوا على أنه لا يتم إلا بقبضه فإن تراخى بقبضه لقيام الغرماء بطل ولو كان جادًا في طلبه، وقال القاضي: عجزه مع جده في طلبه؛ لقيامهم لا يبطله كالهبة، وحكاه اللخمي غير معزو قال: وهو أحسن ابن حارث اختلف ابن القاسم وسحنون في المشترط في البيع بعينه يدع المرتهن قبضه حتى يقوم الغرماء أو حتى يبيعه ربه، فأبطله ابن القاسم، وقال سحنون: ينقض بيعه ويكون أحق به من الغرماء.
محمد: فجعل سحنون للرهن حصة من الثمن إذا وقع البيع عليه.