الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن الضمان من البائع إلا من وجه أنه لم يختلف أن ضمان التي في المواضعة من البائع، واختلف في الغائبة، ومن مذهبه مراعاة الخلاف، وقد تأول قول مالك في المدُوَّنة على مذهبة، فقال في قوله هنا إن الإقالة لا تجوز؛ لأنها دين بدين على الحديث الذي جاء في السلعة إن أدركتها الصفقة قائمة مجتمعة، وليس بصحيح؛ بل لا تجوز الإقالة فيها عند ابن القاسم وروايته كان الضمان من البائع أو المبتاع يبين ذلك من مذهبهما ما ذكرته بما وقع في التفسير.
اللخمي: من اشترى طعامًا قريب الغيبة وشرط النقد جازت فيه الإقالة وإن بعدت غيبته بحيث لا يجوز فيه شرط النقد فيختلف هل تجوز الإقالة؛ لأن الذمم تبرأ من الآن أو لا تجوز؛ لأنه أخذ غائب عن دين فيكون فسخ دين وبيع طعام قبل قبضه.
وقال محمد: إن قال: أقيلك على أن تقيلني أو تشركني أو توليني لم يجز؛ لخروجهما عن المعروف للمكايسة فهو بيع الطعام قبل قبضه، ثم قال: إن أقاله على أن يقيله ورأس أموالهما سواء والطعامان سواء، جاز لمآل أمرهما إلى بيع أحد الطعامين بالآخر لأنه لم يخرج أحدهما للآخر شيئًا.
قُلتُ: هذا خلاف منعها مقاصتهما ووفاق لقول أشهب لجوازها.
[باب التولية]
التولية: تصيير مشتر ما اشتراه لغير بائعه بثمنه، وهي في الطعام غير جزاف قبل
كيله رخصة للحديث، وشرطها كون الثمن عيناً.
الصقلي عن ابن حبيب: ما ثمنه إجازة أو كراء لا تجوز توليته مضت المدة أن لا عمل أم لا؛ لأن العمال تختلف، وقاله ابن الماجِشُون وأشهب وله عزاه محمد وابن عبدوس، ورواه محمد، وكذا لو كان الثمن عرضًا، وللبرقي عنه لو اشترى ذلك العرض أجنبي جازت توليته به.
عبد الحق: زمنع ذلك الشَّيخ أبو الحسن، وروي البريقي جوازه، وقاله بعض شُيوخنا، ولابن القاسم من قبض بعض طعامه من سلم عند حلوله لم يجز أن يولي ما بقي منه أو ما أخذ منه أو بعضه أو ما قبض منه مع ما بقي.
الشَّيخ: كذا في الموازَّية أو ما اخذ معطوفًا بـ (أو)، وأرى الألف غلطًا إنما هو وما أخذ، وكذا في سماع عيسى ابن القاسم لا بأس أن يولي ما بقي مع ما أخذ وكذا في الواضحة.
ابن رُشْد: لم يجز في الموازيَّة التولية فيما بقي، ووجه ذلك أن ذمته قد تضعف بقبض الخمسين منه فلا تكون قيمة الخمسين الباقية مثلها.
قُلتُ: فهي في العتيبَّة على أن الطعام مائة إردب قبض نصفها وولي نصفها.
قال: ابن رُشْد: لم يجز في الموازيَّة في الخمسين الباقية، ووجهه أن ذمته قد تضعف بقيض الخمسين منه فلا تكون قيمة الخمسين الثانية إلا أقل من نصف ثمن الجميع فإذا ولاها بنصف الثمن كان أخذ فيها مما يجب لها فيكون بيع الطعام قبل قبضه.
وسمع عيسى ابن القاسم: من ابتاع سلعة أو طعامًا فأشرك فيه عند مواجبة البيع أو ولاه فتباعته على البائع الأول وإن باعه إياه فتباعته على المشتري الأول إلا أن يشترطها على البائع الأول بحضرة البيع الأول فذلك جائز، ومن ابتاع سلعته فانقلب بها أو فارق بائعها ثم أشرك فيها أو ولاها فتباعته على الذي أشركه أو ولاه أو باع منه.
ابن رُشْد: فرق هنا بين التولية والشركة وبين البيع في السلع المعينة، وقيل: الكل
سواء العهدة في الجميع على المولى والمشرك إلا أن يشترط على البائع الأول: قاله مالك في الموطأ، وأَصْبَغ في نوازله من جامع البيوع، وظاهر سماع عيسى في العيوب وقول ابن حبيب، في الواضحة أنه لم يرها في التولية والشركة على البائع الأول إلا أن يكون أشركه أو ولاه نسقًا بالبيع قبل أن يثبت بينهما ولا خلاف في هذا الموضع، وتحصيلها أنه إن باع بحضرة البيع فالعهدة على البائع الثاني اتفاقًا واختلف إن شرط البائع أنها على البائع الأول فظاهر قول ابن القاسم في هذه الرواية إن ذلك جائز وللبائع لازم؛ ومعناه عندي إن باعها بمثل الثمن الذي اشتراها به أو أقل وإن كان أكثر لم يلزم البائع الأول إلا برضاه إن رضي كان حميلًا عن البائع الثاني بالزائد إن عرض استحقاق.
وقال ابن حبيب: إن ذلك لا يجوز؛ لأنها ذمة بذمة إلا أن يشترطها برضاه على وجه الحمالة إن رضيها ونزل استحقاق رجع المشتري الثاني بقدر الثمن الأول على من شاء منهما اتفاقًا لأنه غريم غريمه إن رجع على الذي باعه فلمن باعه أن يرجع على الأول وما زاد على الثمن الأول لا يرجع به على الأول إلا في عدم الذي باعه على حكم الحمالة وإن ولاه أو أشركه بحضرة البيع ففي كونها على المشرك أو المولى إلا أن يشترطها على البائع الأول أو عليه، وإن لم يشترط عليه قولان، وإن طال الأمر وافترقا فالمشهور أنها على البائع الثاني للمبتاع والمشرك والمولى، ولا يجوز شرطها على البائع الأول إلا برضاه على وجه الحمالة فيكون للمبتاع الثاني والمشرك والمولي الرجوع على من شاء منهما بما للثاني أن يرجع به على الأول ولا يرجع على الأول بما ليس للثاني أن يرجع به عليه إلا في عدمه على حكم الحمالة.
وروي عن مالك جواز شرط العهدة عليه، وإن كان غائبًا إن كان معروفً؛ يريد ولا يرجع عليه إن طرأ استحقاق إلا بما زاد على الثمن الأول.
قال: وإن لم يكن معروفًا فسخ البيع ثم رجع، فقال: الشرط باطل إن لم يكن حضرة البيع، ففي جواز شرطها في البيع على البائع الأول، فيلزمه ولو افترقا وطال الأمد ومنعها، ولو كان بحضرة البيع إلا برضاه حمالة ثالثها: إن شرطها بحضرة البيع قبل الافتراق والطول، وفي الشركة والتولية قولان على من يكون بالحضرة وقولان في جواز شرطها على البائع الأول بعد الافتراق والطول، وقيل: إن لم يطل فلا يراعى
الافتراق، ويجوز شرطها على البائع الأول، وهو ظاهر قول أصْبَغ في نوازله من جامع البيوع.
وفيها: إن أسلمت في الطعام أو عرض ثم أقلت من ذلك أو وليت ذلك رجلًا أو بعته إن كان مما يجوز بيعه لم يجز أن تؤخر بثمنه من وليته أو أقلته أو بعته يومًا أو ساعة ولو بغير شرط؛ لأنه دين بدين ولا تفارقه حتى تقبض الثمن كالصرف.
عبد الحق: قال بعض أصحابنا القرويين: يسوى بين بيع ذلك من المدين أو من أجنبي، فأما بيعه من المدين فهو فسخ دين في دين، وبيعه من أجنبي أخف؛ لأن ذمته لم تكن مشغولة، وقد أجاز تأخير رأس مال السلم عينًا ثلاثة أيام، ونحوها غير أن هذه أخف لأن إحدى الذمتين في بيع ما في الذمة كانت مشغولة بالدين، وهذه لم تكن فيها ذمة مشغولة بدين وأجاز في الموازيَّة تأخير ثمن الدين اليومين والثلاثة كالسلم.
اللخمي: معروف المذهب أن الإقالة أوسع من الصرف تجوز المفارقة فيها ليأتي بالثمن من البيت وما قارب ذلك، والتولية أوسع من الإقالة لا يجوز فيها شرط تأخير اليومين اتفاقًا واختلف هل شرط تأخير اليومين والثلاثة في التولية، ثم قال: من ولي طعامًا كان دفع رأس ماله بفور عقده لم يجز تأخير قبضه.
قُلتُ: تأخير القبض في الإقالة أشد لاتحاد الذمة، وفيه خلاف تقدم تخريج تأخيره في التولية أحروي، قال: وإن كان السلم بتأخير رأس ماله ثلاثة أيام والتولية بفور العقد لزم تأخيره المولي إليه، وإن ولاه بعد مضيها فقولان: أحدهما: إن إطلاق التولية يقتضي التأخير لمثل ذلك وشرط التعجيل يفسدها، والأخر أنها تقتضي التعجيل، وشرط التأخير يفسدها، وهذا قياس على الشفعة غي الشراء بثمن مؤجل يقوم الشفيع بعد مضي الأجل؛ لأن الشفيع بمثل ذلك وكذا التولية.
المازري: وإن ولاه بفور العقد بشرط تعجيل النقد لم يجز، ولو ولاه على تأخيره الأيام التي شرط تأخيرها لنفسه لمنع على مذهب المدَوَّنة. إن بيع الدين المستقر في الذمة لا يجوز بشرط تأخيره اليوم واليومين، وأجرى بعضهم المسألة على الخلاف فيمن اشترى شقصًا بثمن مؤجل، وقام الشفيع بعد حلوله فذكر ما تقدم للخمي، ثم قال: وهذا قد لا يصلح؛ لأن تغيير الأثمان يصح في الشفعة بالتراضي ولا يصح في التولية،
وقد أشرنا إلى أن التأجيل يقتضي اختلاف الثمن فيمنع التولية دون الشفعة؛ لأن من اشترى شقصًا بعرض أخذ الشفيع بقيمته، وقيمته جنس مخالف له والذمم تختلف.
اللخمي: من اشترى طعامًا بثمن مؤجل ففيها لابن القاسم جواز توليته ومنعه هو وأشهب في الموازيَّة.
أشهب: لأن الدين كالعرض.
ابن حبيب: لأن الذمم تختلف، وعزا المازري الأول لمالك، وخرج القولين على لغو اختلاف الذمم واعتبارها.
قًلتً: فعلى تعليل أشهب تمنع ولو تساوت الذمتان، قال: ولو أسلم عشرة دنانير في طعام، ثم زاد المسلم إليه دينارًا.
فقال محمد: مرة تجوز توليته على أحد عشر دينارًا، ثم قال: لا يجوز بحال، والأول أحسن لأن الدينار ألحقه بالثمن لو كان ذلك في سلعة ثم استحقت رجع بأحد عشر دينارًا، ونقل المازري الجواز مقيدًا بإعلام أن الزيادة تطوع.
اللخمي عن محمد: ومن أسلم في طعام بحميل أو رهن، فولاه رجلًا على إسقاط الحمالة لم تجز وإن أسقط ذلك قبل ثم ولاه جاز، إن بين أنه اسقط ذلك عن بائعه بخلاف الزيادة، إذا أسقطت؛ لأن الثمن هنا على حالة إنما أسقط ما كان من التوثيق وليس ذلك من الثمن.
المازري: عورض محمد بان الثمن لم ينفك عن تعمير، وإسقاط الحميل والرهن قبل التولية كإسقاطه في عقدها.
أجاز في المجموعة لمن أسلم في قمح وشعير وعدس: أن يولي صنفًا لما ينوبه، وتتخرج عليه الإقالة والشركة وعلى قول سَحنون: تمنع الإقالة في أحد ثوبين أسلما في طعام خوف الغلط في القويم لا تجوز التولية في أحد الأصناف.
وفيها: من ابتاع طعامًا فاكتاله ثم ولاه على تصديقه في كليه جاز وله وعليه المتعارف من زيادة الكيل ونقصه.
اللخمي: إن ولاه بعد أن اكتاله ولم يغب عليه لم يكن عليه كليه، وإن غاب عليه فعليه كيله.
ابن حبيب: وضمانه منه، وإن لم يغب عليه حتى يكتاله المولي، وأرى أن لا كيل علي المولي إذا لم يغب عليه؛ لأنه يقول للمولي: قد عاينت كيله، فإن كان على الوفاء فهو حقي، وإن كان فيه بخس فقد رضيته لنفسي، وعليه دخلت أنت كما لو اشتريت سلعة فاطلعت على عيب بها فوليتها إياك وأنت عالم بالعيب.
قلت: الأظهر حيث تكون العهدة عليه فالكيل كذلك، وحيث تكون علي البائع، الأول؛ فلا كيل عليه.
قال عن محمد: إن قال: أوليك على أن توليني أو أشركك علي أن توليني؛ لم يجز لخروجهما عن المعروف إلي المكايسة.
والتولية: فيما صح بيعه بحاله، بيع في ثالث سلمها الأول من ابتاع طعاما كيلا بثمن مؤجل فلم يكتله حتى ولاه بثمنه إلي الأجل جاز، وإن شرط تعجيله لم يجز، ولو ولاه بعد أن اكتاله وشرط تعجيله جاز؛ لأن بيع مؤتنف وإن لم يشترط تعجيله لم يكن له أخذه بالثمن إلا إلى أجله ولو اشتري سلعة ثم ولاها غيره ولم يسمها له ولا ثمنها فإن كان على الإلزام لم يجز وإلا جاز؛ لأنه معروف يلزم المولي دون المولي كما لو بعت منه سلعة في بيتك بمائة ولم تصفها له علي الإلزام والخيار