المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[كتاب الحجر] الحجر: صفة حكمية تمنع موصوفها نفوذ تصرفه في الزائد - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٦

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[باب الفوات في المبيع]

- ‌[كتاب البيوع الفاسدة]

- ‌[باب بيع الاختيار]

- ‌[باب الإقالة]

- ‌[باب في شرط الإقالة في الطعام قبل القبض]

- ‌[باب التولية]

- ‌[باب الشركة]

- ‌[باب بيع المساومة]

- ‌[باب المرابحة]

- ‌[باب المزايدة]

- ‌[باب الاستيمان]

- ‌[باب المرابحة]

- ‌[باب صيغة قدر الربح والوضيعة]

- ‌[باب في قدر الوضيعة]

- ‌[باب فيما يحسب له الربح من عوض المبيع]

- ‌[باب في الغش]

- ‌[باب الإبار في النخل]

- ‌[كتاب العرية]

- ‌[باب في شروط رخصة العرية]

- ‌[باب في الذي يبطل العرية]

- ‌[كتاب الجوائح]

- ‌[باب فيما يشترط فيه الثلث في وضع الجوائح]

- ‌[كتاب السلم]

- ‌[باب فيما يعتبر في عوض السلم]

- ‌[باب حد الكبر في الخيل]

- ‌[باب في الذمة]

- ‌[باب ما يلزم فيه قضاء المسلم فيه من الجانبين]

- ‌[باب حسن الاقتضاء والقضاء]

- ‌[باب في جواز اقتضاء غير جنس ما أسلم فيه]

- ‌[كتاب القرض]

- ‌[باب في متعلق القرض]

- ‌[باب المقاصة]

- ‌[كتاب الرهن]

- ‌[باب صيغة الرهن]

- ‌[باب المرهون]

- ‌[باب في شرط الرهن]

- ‌[باب المرهون فيه]

- ‌[باب في صفة قبض الرهن فيما ينقل وضبطه فيما لا ينقل]

- ‌[باب في حوز الرهن]

- ‌[كتاب التفليس]

- ‌[باب في دين المحاصة]

- ‌[كتاب الحجر]

- ‌[باب في صيغة الإذن في التجر]

- ‌(باب في المرض المخوف)

- ‌[كتاب الصلح]

- ‌[كتاب الحوالة]

- ‌[باب صيغة الحوالة]

- ‌[باب في شرط الحوالة]

- ‌[كتاب الحمالة]

- ‌[باب المتحمل له]

- ‌[باب في الحميل]

- ‌[باب ما تسقط به الحمالة]

- ‌[باب المضمون]

- ‌[باب صيغة الحمالة]

الفصل: ‌ ‌[كتاب الحجر] الحجر: صفة حكمية تمنع موصوفها نفوذ تصرفه في الزائد

[كتاب الحجر]

الحجر: صفة حكمية تمنع موصوفها نفوذ تصرفه في الزائد على قوته أو تبرعه بماله، وبه دخل حجر المريض والزوجة، واكتفى المازري جواباً عن قوله ما معنى الحجر بقوله معناه لغة المنع، والحجر يقتضي أن معناه عرفاً كمعناه لغة، وليس كذلك، بل العرفي آخر.

قال مع القاضي الحجر: إما لحق موصوفه أو لغيره.

ابن الحاجب وابن شاس: أسبابه سبع الصبا والجنون والتبذير والرق والفلس

ص: 444

والمرض والنكاح في الزوجة.

قُلتُ: الحصر استقرائي وهو في الأمور المذهبية العام بالمذهب القطع؛ لأنه عدة منه لوجوده عنده.

وتعقب ابن عبد السلام: قول ابن الحاجب بأن ترك سبباً سابعاً، وهو الردة، وبأنه قدم حكم الفلس على ذكر سببه، فإنه عد الفلس في الأسباب بعد أن تكلم على أحكام التفليس.

قُلتُ: يرد تعقبه الأول بأنهم إنما ذكروا الحجر على المالك فيما يملك لا فيما لا يملكه، وحجر المرتد ليس من حكم المالك على ما يملكه بأنه لو مات ما ورث عنه، ولعله في تعقبه تبع القرافي في الذخيرة فإنه قال: أسبابه ثمانية، فعد فيها الردة وأما تعقبه بقوله: إنه قدم حكم الفلس قبل ذكره سببه فكلام لا مدخل له في التعقب؛ لأن قوله سبب إن أراد ما هو سبب في الفلس؛ فالحاصل أنه قدم حكم الفلس على ذكر سببه، ولا تعقب في هذا إلا أن يكون كمن ترك الأولى، ولا مدخل لها في الحجر، وإن أراد ما الفلس سببه، وهو الحجر، فحاصله أنه ذكر حكم الفلس قبل ذكر كونه سبباً في الحجر، وهذا لا تعقب فيه فتأمله، وقوله: الأسباب التي ذكر ابن الحاجب ستة وهم؛ بل هي سبعة كما قال ابن شاس.

والابتلاء للمرشد مطلوب: اللخمي: في كون ابتلاء من في ولاية بعد بلوغه أو قبله قولا محمد والأبهري مع البغدادي، وهو أبين؛ لقوله تعالى:{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} الآية [النساء: 6].

المازري: الأشهر أنه بعد البلوغ.

اللخمي: اختلف هل يجبر بدفع شيء من ماله؛ ليختبر به فظاهر قول مالك المنع؛ لأنه قال: إن فعل لم يلحقه فيه دين، ولا فيما بيد وصيه، وأجاز غيره، وقال: يلحقه الدين فيما بيده.

المازري: في إثبات الأشياخ اضطراب في اختباره بشيء من ماله، ثم ذكر كلام اللخمي، وقال: هذا التخريج غير لازم قد يكومن الدفع مباحاً

الخ إلى أن تعقب ولكن الغرماء لم يعاملوه على ما بيده؛ فذلك لم يقض لهم به.

ص: 445

قلت: كذا وجدته في غير نسخة ومقتضى قوله: قد يكون الدفع مباحاً

إلخ؛ أنه تعقب على تخريج منع الدفع من عدم تعلق الدين، وما زعمه دليلاً على ذلك غير صحيح في نفسه وهو قوله للغرماء: ما لم يعاملوه على ما بيده؛ لأن الثابت يقتضيه؛ لأنهم عاملوه على ما في يده، وفي المعونة: لولي السفيه أو الصغير الإذن له في قدر من ماله يختبره به.

اللخمي: يريد بالصغير: الذي قارب البلوغ إن رأى دليل رشده.

ومقتضى كلام المتيطي: وغيره في الموثقين: أنه المذهب.

قال: للوصي أن يدفع ليتيمه بعض ماله يختبره به كالستين ديناراً ولا يكثر جداً إن رأى استقامته، فإن تلق؛ لم يضمنه، وإن لم يصلح اختباره؛ ضمنه، وأعط ضمانه بذكره في عقد الإشهاد معرفة شهيديه أنه مما يصلح اختباره.

وفيها: إن دفه له من ماله ما يختبره به؛ لم يلحقه فيه دين.

الصقلي عن القابسي: يلحقه فيه ما عومل فيه بنقد لا بما عومل فيه بدين إلا أن يكون بيده أكثر مما دفع له وليه، فيكون حق الذي داينه في الزائد إن كان من معاملته إياه.

الصقلي في ثاني وصاياها: إذا أمر الوصي الصبي أن يتجر جاز، وإن خرج من موضع لآخر جاز مستدلاً على جاوز إذن الوصي له في مواجز نفسه.

قلت: ظاهره: فهم على ذلك يتجره بماله؛ ولذا أتى به في هذه المسألة، ومثله لابن عات عن ابن عبد الغفور مثله؛ لأنه في الوصايا إنما أتى بذلك مستدلاً على جواز إذن الوصي له في مواجزة نفسه على حج سياق كلامه يدل على أنه في التجر لغيره بماله لا بمال نفيه فتأمله.

الشيخ: للوصي أن يدفع للصبي مالاً يتخبر به، ولا يضمن الوصي ما نقص منه.

ابن حبيب: والصبي مصدق فيما دفع له إن أنكره إذا علم أن اليتيم كان يتجر.

قلت: ويلزم منه أن مصدق في أنه دفع له ذلك؛ لأنه أهل لاختباره بذلك ما لم تقم بينة بخلاف ذلك.

زاد ابن عات: وقيل: لا يقبل قوله إلا ببينة كدفع المال له، والنفقة إذا لم يكن

ص: 446

في عياله.

المتيطي عن أبي عمران: إنما يجوز ذلك في الصبي إن جعل معه من يرقبه، وإلا ضمن الوصي، وعزا لحوق الدين فيما اختبر به اليتيم لأشهب وابن الماجشون.

قلت: ففي لحوق الدين فيه، ثالثها: إن عومل بنقد لهما ومالك مع ابن القاسم والقابسي.

المازري: في صفة اختياره إذا استقل بنفسه في تقويته وتدبير طعامه دفع له من العين لشراء غذائه ونظر، فإن سلك فيه مسلك الرشداء؛ دفع له من ماله ما ينظر فيه تصرفه.

وقال الشافعي: إن كان من أبناء لوزراء الذين لا يليق بهم التجر دفع له من إنفاقه على أهله وولده ما يختبر به.

والمرأة تختبر بتصرفها في أمور العزل، وما قاله الشافعي تضمنه قولها الغرض حصول ما تدل عليه قرائن الأحوال، فذو الأب إن بلغ وهو معلوم الرشد؛ زال حجره، ولو لم يشهد الأب بإطلاقه، وإن بلغ معلوم السفه دام حجره به، وإن بلغ مجهول الحال؛ ففي كونه كذلك أو على الرشد قولاً نص سماع يحيى ابن القاسم في كتاب الصدقة، مع ظاهر سائر الروايات عنه، وعن مالك؛ وظاهرها في النكاح الأول والصدقة والهبات والجعل، ورواية زياد مع ظاهرها في النكاح الأول، وفي الصدقة والهبات: إذا احتلم الغلام؛ فله أن يذهب حيث شاء، فتأوله الشيخ بنفسه دون ماله.

وقال غيره: بنفسه وماله، واستحسن بعضهم وقف رفع حجره في مرور عام ونحوه بعد احتلامه، وقال ابن العطار على اضطراب منه.

قال: لا يجوز تسفيه الأب ابنه، إلا أن يكون معلوم السفه، ولم يفرق بين قرب ولا بعد.

وحكى غيره من الموثقين: إن تسفيه الأب إياه حداثة بلوغه قبل مضي عامين جائز، وإن جهل سفهه، وعزا اللخمي لابن حبيب مثل رواية زياد بقوله: من وجبت له شفعة عند بلوغه بسنة من بلوغه تسقط شفعته.

المتيطي: في كونه على السفه بعد بلوغه إلى عام فقط، أو إلى عامين قولا ابن العطار

ص: 447

والباجي، وهو بعدهما على الرشد حتى يثبت سفهه، وفي وقف مضي أفعال يتيم الوصي على إطلاقه إياه، وكونه معه ككونه مع الأب، نقلاً ابن رشد عن المشهور المعمول به.

فظاهر قولها في الصدقة والهبة منعهم الله أموالهم مع الأوصياء بعد البلوغ إلا بالرشد، فكيف مع الآباء الذين هم أملك بهم، وإنما الأوصياء بسبب الآباء ونحوه.

قال ابن الماجشون: إن عنست البكر أو نكحت جازت أفعالها كانت ذات أب أو وصي.

وقال عياض: لم يذهب إلى هذا إلا عبد الرحمن بن سلمة الطليطلي، وعلى الأول، قال: لا يزول حجره ببلوغه إلا مع إطلاقه إياه، ولو علم رشده ويصح إطلاقه بمجرد قوله.

وسمع اصبغ ابن القاسم وقفه على معرفة رشده، وفي وقف إطلاق وصي القاضي على إذنه، وكونه كوصي الأب، ثالثها: هذا إن عرف رشده لابن زرب وقولي غيره.

قلت: أخذ الثاني من قولها في إرخاء الستور: إن لم يكن لليتيم وصي، فأقام له القاضي له خليفته كان، كالوصي في جميع أمره.

وإن شرط الأب في إيصائه بابنه إطلاقه ببلوغه عشرين سنة فمات الموصي، وبلغ اليتيم المدة، وتصرف وهو مجهول الحال ففي وقف تصرفه على ثبوت رشده، وإطلاقه بشرطه قولا ابن دحون مع ابن الشقاق والإشبيلي مع القاضي ابن بشير وابن العطار.

قلت: بالأول عمل قضاة ذوي العلم من قضاة بلدنا، ولا يختلف في لغ تعليقه على مجرد بلوغه.

واليتيم دون وصي ولا مقدم إذا بلغ، فإن جهل سفهه؛ جاز فعله ابن رشد اتفاقاً، وإلا ففي نفوذ فعله خلاف يذكر في تصرف السفيه قبل الحجر عليه.

وفي ثبوت الولاية بتقديم على شيء خاص خلاف في أحكام ابن سهل لو قدم القاضي على مهمل من يقاسم عنه، فقسم عليه ففي كون بقائه مهملاً مطلقاً، أو إن كان حين التقديم بالغاً لا صغيراً.

ثالثها: عكسه لابن عتاب مع الإشبيلي ابن دحون، وابن الشقاق والقسم على الصغير ماض، وفي البالغ قولان لابن دحون والإشبيلي.

ص: 448

والبكر ذات الأب إن بلغت، فقال ابن رُشد: فيها ثمانية: الأول: رواية زياد رفع حجرها ببلوغها.

الثاني: رواية الموطأ والمدونة، ومطرف في الواضحة بشهادة على صلاح أمرها بعد البناء بها، فهي على هذا الحجر قبل البناء، ولو علم رشدها وبعده ما لم يرشدها ولو بقرب بنائها.

وفي رواية مطرف: استخفاف تأخير أمرها العام ونحوه من غير إيجاب.

الثالث: بهذا أو بتغييبها فهي على هذه الرواية بعد التعنيس على الرشد ما لم يعلم سفهها وقبله على السفه، ولو علم رشدها، ثم إن بنى بها قبل تعنيسها فهي على السفه حتى يعرف رشدها وبعده على العكس، وفي كون تعنيس هذه أربعين أو من الخمسين إلى الستين قولان.

قلت: عزا ابن سهل الأول لابن حبيب، وابن وهب ابن رشد، وروى: أن تبرعاتها بعد التعنيس جائزة إن أجازها الوالد؛ ومعناه: إن قال في المجهول: حالها هي رشيدة؛ لأن المعلوم سفهها لا يجوز له إجازة تبرعاتها، والمعلم رشدها لا يجوز له ردها فحاصل هذه الرواية أنه لم يحمل المعنسة المجهولة الحال على السفه، ولا على الرشد؛ بل على قول الأب، فتفرع هذا الثالث إلى ثلاثة، فالأقول خمسة.

السادس: ظاهر قول يحيى بن سعيد في المدونة، وقال مطرف: رفعه بمرور عام بعد البناء بها، فعليه هي قبل البناء على السفه، ولو علم رشدها وبعده قبل العالم ما لم يعلم رشدها، وبعده على الرشد ما لم يعلم سفهها، ووافقه ابن الماجشون في تحديد السنة، وخالفه في لغو التعيين، فقال: إن عنست وعلم حسن حالها؛ زال حجر أبيها أو وصيه.

السابع: قول ابن نافع في الصدقات من العتبية بمرور عامين.

الثامن: لابن القاسم وبه العمل عندنا بمرور سبعة أعوام بعد البناء.

وقال ابن أبي زمنين: الذي أدركت عليه الشيوخ أنه بمضي ستة أعوام إلى سبعة ما لم يجدد الأب عليها السفه قبل ذلك، وهو قريب من الثامن فحالها بعد هذا الأمد على الرشد حتى يثبت خلافه.

ص: 449

وقوله: ما لم يجدد الأب عليها السفه كان يفتي ابن زرب، وقاله ابن العطار، وقال أبو عمر الإشبيلي: لا يلزمها إلا أن يضمن شهود تجديد سفهها علمهم بسفهها، وبه أفتى ابن القطان، وهو القياس على قول من حد الجواز فعلها حداً يحملها ببلوغها إياه على الرشد، فلا يصدق الأب في إبطال رشدها بدعواه سفهها، ويتخرج قول أبن أبي زمنين على رواية جواز تبرعاتها بعد التعنيس بإجازة أبيها، وعلى إعمال تسفيهه إياها لو ولى عليها بعد البناء قبل بلوغها مدة رشدها، ومات بعد بلوغها إياها؛ ففي لزومها حكم الولاية، فلا ترتفع إلا بثبوت رشدها ولغوه قولا متأخري شيوخنا.

ولو مات قبل بلوغها إياها؛ لم أعلم اختلافاً في لزومها حكم الولاية، ولا يبعد دخول الخلاف فيه بالمعنى.

ومن أوصى على ابنته البكر، ومات قبل بلوغها مدة خروجها من الولاية لزمها حكم ولايته.

واليتيمة ذات وصي أو مقدم في وقف رفع حجرها على إطلاقها من ثقافة بما يصح إطلاقها به، وكونها مع الوصي ككونها مع الأب في خروجها من ولايته بالتعنيس أو النكاح مع طول المدة، وتبين الرشد قولا المشهور وابن الماجشون.

واليتيمة المهملة على الوصي في رفع حجرها ببلوغها أو تنعيسها قولا سحنون في العتبية مع غير ابن القاسم في المدونة، ورواية زياد وغيرهم.

وفي حد تعنيسها بثلاثين سنة أو أقل منها أو بأربعين أو من الخمسين إلى الستين.

خامسها: رواية المدونة: لا يجوز فعلها حتى تعنس، وتقعد عن المحيض أو حتى يمر بها بعد البناء مدة يحمل أمرها فيها على الرشد، قيل: أقصاها عام، قاله ابن الماجشون، وابن العطار، وقيل ثلاثة أعوام ونحوها.

وقال ابن أبي زمنين: الذي أدركت عليه الشيوخ مثل السنة والسنتين والثلاث. والبلوغ بالاحتلام وفي الإنبات، نقل ابن رشد قوليها.

قال: وهذا فيما يلزمه في الحكم الظاهر من طلاق واحد، وفيما بينه وبين الله لا يلزه طلاق حتى يحتلم، أو يبلغ الاحتلام وهو خمسة عشر عاماً عند ابن وهب، وعن ابن القاسم سبعة عشر، وعنه ثمانية عشر.

ص: 450

وتختص الأنثى بالحيض والحمل.

المازري: المشهور ثمانية عشر.

الطرطوشي: والمراد بالإنبات الخشن دون الزغب.

ابن شاس: فيثبت الاحتلام بقوله: ما لم يعارضه، والإنبات.

قال ابن العربي بالنظر إلى مرآت تسامت محل الإنبات.

قال ابن الحاجب: هو غريب.

قلت: أنكره الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وقال: هو كالنظر لعين العورة، وكذلك ابن القطان المحدث.

الرشد: القاضي هو ضبط المال وإصلاحه.

المازري: في كونه مجرد صونه أو مع كونه يحسن تنميته عبارتان.

قلت: عزاهما اللخمي لها ولمحمد، وفي اعتبار صلاح الدين فيه نقلاه عن محمد وأشهب.

قلت: ما عزاه لمحمد هو نقل ابن القاسم فيها، وفي سماع يحيى من الصدقات.

قال ابن رشد: وقاله أصبغ: ما لم يكن سارقاً.

ابن حارث عن ابن القاسم: الرشد ينافي السفه إصلاح الحال والمال، وإن قصر عن غير ذلك.

وقال ابن الماجشون: لا يتم إلا بجواز الشهادة، وكلهم متفقون على أنه إن ظهرت منه جرحة في دينه وهو ممسك لماله أنه لا يحجر عليه، وقبل المازري نقل ابن حارث وكذا ابن رشد في سماع يحيى في كتاب الصدقات بعد أن قال: ذهب الأخوان إلى أنه لا يخرج من الولاية إذا شرب النبيذ المسكر، وإن كان حسن النظر في ولايته، وهذا قول مالك وجميع علمائنا بالمدينة.

وقاله ابن كنانة، وابن حبيب، وقول ابن القاسم أظهر في القياس.

اللخمي: إن كان غير عدل لكذبه أو غير ذلك مما لا تعلق له بالمال دفع له ماله؛ لأنه لا يحجر عليه بذلك، وإن كان فاسقاً أو بشرب الخمر لم يدفع له؛ لأنه يستعين به في ذلك، ولو كان قادراً على التنمية.

ص: 451

وقال ابن عبد السلام: ليس هناك اتفاق، فإن ابن شعبان حكى في التحجير على الفاسق لأجل فسقه قولين.

قلت: وهذا يفتقر إلى تثبيت، فإن اللخمي والمازري لم ينقلاه مع كثرة نقل اللخمي عنه غرائب أقواله، وكذا أبو إبراهيم الفاسي لم ينقله، ونظرت الزاهي لابن شعبان فلم أجد فيه إلى قوله الحجر على البالغ بوجهين بإنفاق، ماله في غير الطاعة أو قلة حفظه وتضييعه.

قلت: صفة من يحجر عليه من الأحرار أن يكون يبذر ماله سرفاً في لذاته من الشرب، والفسق وغيره ظاهر أقوال أهل المذهب: أنه قسيم الرشد قسمة حقيقية لا واسطة بينهما، فعلى هذا السفه تتقرر حقيقته بتبذير المال اتفاقاً، وفي تقرره بعدم حسن القيام بتنميته أو بالفسق قولان مخرجان من القولين باعتبار حين التنمية وعدم الفسق، وفي كون السفه الموجب استئناف الحجر كالمانع أخذ المال، وشرطه بكونه بينا ظاهر نقلا المازري عن ابن القاسم وأشهب.

وأجاب ابن رشد برد حكم حاكم على غير مولى عليه بتحجير بيعه ربعه، وقال: إن ثبتسفهه حجر عليه مطلقاً وإلا فلا.

قلت: وفيه نظر لاحتمال ثبوت نهوض دليل سفه قبل تمامه، كفعل ما ادعى استحقاقه قبل تمام موجبه، وربما حكم به بعضهم، واختلفت عباراتهم في تقرر عدم الفسق، فالأكثر على العبارة عنه بمجرد لفظه؛ وهي طريقة ابن رشد والمازري والأكثر، وعبارة ابن حارث عن ابن الماجشون بجواز الشهادة، وأنكره المازري على الشافعية فقال: اعتبر محمد في الرشد كونه صالحاً في دينه، وكذلك الشافعي؛ لكنه غلا حتى شرط أن يكون مقبول الشهادة.

وتبع ابن شاس وابن الحاجب ابن حارث المازري في الإنفاق في جميع الجماعات لا كل الكثير من الطيبات في المبيتات، والموانسات أشكال، وأشار ابن القصار لإيجابه الحجر؛ ولكنه قال: إن كان ما فضل عن ذلك لا يتصدق به ولا يطعمه، فقوله: لا يطعمه بعد ذكر الصدقة ظاهره أنه أراد إطعامه لإخوانه، وهذا يشير إلى أنه يوجب الحجر، والحق اعتبار قلة المال من كثرته والتجربة وتنميته.

ص: 452

قلت: في سماع يحيى بن القاسم: من يعرف بالاكتساب وتنمية ماله وتفقد عقاره إن كان ذاهب السرف فيها يتصرف فيه من السخاء على إخوانه وجميع لناس على طعامه، وأعطيات ايحملها ماله فإنه يولي عليه.

ابن رشد: يريد في غير وجوه البر: إرادة الثناء والحمد.

ومن ثبت سفهه ولم يحكم بحجره في نفوذ فعله بمجرد بلوغه، ولو كان معلن السفه متصلاً ببلوغه، أو إن لم يتصل ببلوغه أو يبيع بعشر ثمنه كان معلن السفه أم لا؟.

ثالثها: إن كان معلن السفه رد فعله، وإلا جاز ولو اتصل سفهه.

ورابعها:: إن كان حين بيعه رشيداً جاز فعله، وإن كان سفيهاً لم يجز اتصل سفهه أولاً لابن رشد عن مالك مع كبراء أصحابه والآخرين، وأصبغ وابن القاسم، وعبر المازري عن الأول بقوله: روى مالك قال: وقد روى زياد شبطون القرطبي: أنه سأل مالكاً عن سفيه عندهم يكسر قوارير ألبان على ناصية رأسه، ويشتري الكلب أو البازي بالضيعة الخطيرة، فقال: تمضي أفعاله، قال: ثم سألته بعد زمان فقال: تمضي أفعاله، قال: ثم سألته بعد زمان فقال: تمضي أفعاله ولو كان مثل سفيهكم.

ابن سهل: كان ابن عتاب يفتي بقول ابن كنانة، وغيره من أصحاب مالك بجواز أفعاله، ويحتج بما جرى به العمل قديماً، ولا يرى ما ذكره ابن زرب من الأخذ برد أفعاله لأمر الحكم أمير المؤمنين بذلك، وكذا ذكر ابن العطار: أن العمل كان بقول مالك وأصحابه إلى أن أمر الحكم المستنصر بالله أمير المؤمنين بعد صدر من خلافته محمد بن السليم قاضي الجماعة بقرطبة أن يحمل الناس على قول مطرف وابن القاسم في فسخ فعل السفيه قبل الولاية عليه، فمضت الفتيا بذلك في خلافته.

ابن سهل: فزاد ابن العطار: أن قول مطرف كقول ابن القاسم.

ولما ذكر ابن الحاجب قولي مالك وابن القاسم، ولم يذكر أقوال ابن رشد قال ما نصه: وعليها العكس في تصرفه بعد الحجر إذ رشد.

ابن عبد السلام: ما ذكره صحيح لولا أن ابن رشد حكى عن ابن القاسم ما معناه: إن أفعال السفيه قبل الحجر مبنية على العلة عنده ما وافق منها أفعال الرشيد

ص: 453

مضى، وما وافق منها أفعال السفيه بطل.

وأما أفعاله بعد الحجر فمردودة، وهذا له أصل مختلف فيه في المذهب، وهو ما فعل من فعل ل رفع للحاكم لم يفعل سواه، هل يمضي أولاً، وهذا المحجور قصارى أمره أنه لو تصرف تصرفاً صحيحاً، ثم رفع أمره للحاكم لم يفعل غيره لكنه قد يقال: إن كان هذا عنده صحيحاً، وأن من فعل فعلاً مثل هذا لم يكن فعله كفعل الحاكم، فيلزم إمضاء فعله قبل الحجر ما وافق منا الصواب وما لم يوافقه.

قلت: مقتضى قول ابن الحاجب: أن القولين في إمضاء فعل من عليه ولاية إذا كان رشيداً في نفسه أنهما مخرجان على قولي مالك وابن القاسم لا منصوصان، وليس الأمر كذلك؛ بل هما منصوصان حسبما أذكر، وما ذكره ابن عبد السلام عن ابن رشد: أنه حكى عن ابن القاسم أن أفعال السفيه بعد الحجر عليه مردودة ظاهره، ولو كان رشيداً في نفسه وهو وهم.

قال ابن رشد في رسم باه من سماع عيسى من كتاب المديان: أجاز ابن القاسم في هذا السماع نكاح اليتيم بغير إذن وصيه إن كان في ذلك رشيداً في أحواله مثله لو طلب ماله أعطيه، وهذا مشهور أقواله: أن الولاية ثابتة على اليتيم لا يعتبر ثبوتها إذا علم رشده ولا سقوطها إن علم سفهه خلاف مشهور مذهب مالك، وعامة أصحابه: أن المولي عليه بوصي أب أو قاض لا تجوز أفعاله، وإن علم رشده حتى يطلق من الولاية التي لزمته، ولزونان عن ابن القاسم كقول مالك ولابن وهب عنه مثل قول ابن القاسم.

قلت: فهذا لمن تأمله نص في ثبوت القولين اللذين جعلهما ابن الحاجب تخريجاً، ونص في أن ابن القاسم يلغي ثبوت الولاية مع ثبوت الرشد خلاف ما ذكر ابن عبد السلام عنه، ولا يخفي سقوطه.

قوله: فيلزم إمضاء فعله قبل الحجر ما وافق الصواب وما لم يوافقه، ولابن رشد في رسم البراءة من سماع أصبغ من المديان في اعتبار حال ذي تصرف حين تصرفه من رشد أو سفه، وإلغاء ولاية عليه وعدمها.

ثالثها: اعتبار الولاية ولغو اعتبار عدمها لسماع عيسى ابن القاسم، ومشهور قولي

ص: 454

مالك وسماع أصبغ ابن القاسم، وإدراك هذه الأقوال خفي قل من يعرفه.

والحجر يوجب لغو التصرف في المال ولو بالمعارضة والإقرار به، والتوكيل سوى معاوضة قوته إن أحسنها في غيره.

قال اللخمي: هو موقوف على نظر وليه له إمضاؤه إن كان نظراً.

قلت: في كون إمضائه بأنه سداد حين عقده، أو جين النظر فيه نقلا ابن سهل عن ابن لبابة، وأيوب بن سليمان، ومحمد بن وليد وعن الأخوين في الواضحة، وعليه: إن كان إمضاؤه، يوم النظر سداداً أمضى وغرم مبتاعه تمام قيمته اليوم.

ابن رشد: فإن لم يكن له ولي قدم له القاضي ناظراً في ذلك، فإن لم يفعل حتى ملك أمره خير في إمضاء ذلك أو رده، فإن رد بيعه أو ابتياعه، وقد تلف الثمن أو السلعة التي ابتاعها لم يتبع في ماله بشيء، ولو كانت أمة فأولدها؛ فلا شيء عليه في الولد، وفي فوتها أوردها قولان.

اللخمي: قال في العتبية: ترد ويرد على اليتيم ثمنها، ولا شيء عليه من قيمة الولد، وقال في مثلها: تمضي له أم ولد بغير عوض، والأول أبين، ولو باع أمة فحملت من مشتريها فهي كالأمة المستحقة، إلا أن يكون المشتري معسراً، وعلم حجر بائعها، فتنزع منه بكل حال.

ابن عات: من أسلم في عمارة منزلة، فإن كان مما يخاف خرابه وهدمه تبع به وإلا فلا قال عن المشاور: إن دفع سفيه غير مولي عليه وديعة لرجل، فتلفت لم يضمنها المودع إن كان الإمام غير عدل، ولا مأمون وإن كان مأموناً ضمنها ابن رشد إن أنفق ثمن ما باعه فيما لا بد له منه، ففي إتباعه بذلك في ماله قولان.

قلت: الذي في أحكام ابن سهل للأخوين وغيرهما، ولابن فتوح إتباعه ابن رشد، وإن كان ما اشتري منه أمة فأولدها أو أعتقا أو غنما فتناسلت أو بقعة فبناها، أو شيء له غلة فاعتله فذلك كله كمستحق من مشتريه، ولو علم المشتري أنه مولى عليه متعد في بيعه بغير إذن وليه فهو كالغاصب في الغلة، وفي قيمة البناء منقوضاً، ولو لم يعلم بما فوته السفيه من بيع أو عطية إلا بعد موته ففي رده قولان.

قلت: عزاهما الشيخ للأخوين وابن القاسم.

ص: 455

وإن أقر بدين أوصى به في ثلثه فمات ففي لزومه في ثلثه مطلقاً، أو لم يكثر سماع القرينين، وقول أصبغ لو لم يوص به ففي بطلانه، ولزومه في ثلثه أو في صحته أو مرضه سماع القرنيين، ونقل ابن رشد.

قلت: وعلى أصل أشهب في قوله: أنت حر بعد موتى إن كان في المرض لزم في الثلث وإلا سقط، ولو لم يمت بطل إقراره المتيطي في الواضحة لابن كنانة إقراره بدين في مرض موته في ثلثه مبدأ على الوصايا.

والمذهب لزوم طلاق السفيه المكلف المازري مال بعضهم المحققين للوقف في لزومه من تعليل المغيرة رد عتقه أم ولده بأنه يدخل عليه نقصاً في ماله لاحتياجه لتزويج أو تسر ورده المازري بزيادة عتق أم الولد بتفويت أمر مالي، وهو ما يعرض من أرش جناية عليها فأشبهت الأمر المالي.

قلت: وكذا العصمة معرضة للخلع.

ابن رشد: ويلزمه ظهاره ولوليه أن يعتق عنه لبقاء زوجته، أن لا يعتق عليه، وإن آل لفراقها بحسب نظره ولا يجزيه صوم ولا إطعام إن كان له مال.

وقال محمد: إن لم يعتق عنه وليه فله أن يصوم، فلا يطلق عليه على قوله: إلا بعد أجل الإيلاء إن طلبته المرأة؛ لأن له أن يكفر بالصوم، وعلى الأول يطلق عليه دون ضرب أجل لإيلاءه إذا رفعته امرأته وهو قول أصبغ، ولا حد في ذلك عند ابن القاسم.

وقال ابن كنانة: يعتق عنه وليه أول مرة؛ لأنها تعرض للحكام، فإن أعاد الظهار لم يعتق عليه، وقاله محمد.

وقول ابن شاس: استلحاق النسب، ونفيه لازم هو مقتضى قولها، وما ليس له فيها إلا المتعة فعله فيه جائز، وفي لزومه عتق أم ولده قولان للمشهور مع الأكثر، والمغيرة مع ابن نافع وفي إتباعها مالها ثالثها: إن كان يسيراً لرواية أشهب، وليحيي عن ابن القاسم ولأصبغ.

وإيلاؤه بطلاق هو فيه على حنث أو بعدم تكفير وليه ظاهره، أو بيمين بصوم أو صلاة يلزمه وبيمين على ترك الوطء بما يمنعه من عتق أو صدقة لغو بيمينه بالله في لزومه مطلقاً، أو إن لم يكن له مال قولا محمد وغيره، ويلزمه ما أفسد أو كسر في ماله مما

ص: 456

لم يؤتمن عليه اتفاقاً، وفيها عليه قولان، ولا يحل فيها ادعي عليه في ماله، ويحلف فيما ادعي عليه فيما يجوز فيه إقراره.

قلت: قوله: لا يحلف فيما ادعي عليه في ماله هو معروف المذهب.

وفي أحكام ابن سهل: لأبي محمد الأصيلي: توجه اليمين عليه بذلك متعقباً قول الأندلسيين بسقوطها، واحتج بتوجه اليمين على من أحاط الدين بماله، وعلى ذات الزوج بدعوى ما هو أكثر من ثلثها، ويرد بأن السفيه لا يجوز إقراره، فلو لزمته اليمين، فإن لم يوجب نكوله غرمه لم تكن لها فائدة، وإن أوجبتها لزم إعمال إقراره وإقرار من أحاط الدين بماله لازم، وكذا الزوجة فيما ادعى عليها بأكثر من ثلثها بمعاوضة إن كانت الدعوى المذكورة بها، وإن كانت بعيطة منعنا توجهها عليها فتأمله.

ولو نكل من ادعى عليه مولى عليه حقاً، ففي غرمه عاجلاً دون يمين المولى عليه حينئذ وتؤخر لرشده، فإن نكل حينئذ رد ما أخذ ووقف الغريم على تعجيل الحلف، نقل ابن فتوح عن المذهب مع ابن الهندي قائلاً: إنما حلف مع شهادة إحياء للسنة.

وابن سهل ابن رشد: ويعقل مع العاقلة ما لزمها ويجوز عفوه عن دمه، ولو كان خطئاً، وفي عفوه عن ما دون النفس في بدنه من جراح وشتم قولا ابن القاسم والأخوين، إقراره عما يتعلق ببدنه من حد وقصاص لازم بخلاف المجنون، كالصلاة ونحوها فيهما.

وولى المولى عليه أبوه ثم وصيه ثم الحاكم ولا ولاية لجد في وصاياها الأول: لا تجوز وصية الجد بولد الولد، ولا أخ بأخ وإن لم يكن أب ولا وصي وإن قل المال، ولا يجوز إيصاء الأم، بمال ولدها المال أن تكون وصياً من قبل الأب، وإلا لم يجز إن كثر المال، وإن كان يسير كالستين دينار، وأجاز إسنادها العدل فيمن لا أب له وصي.

وقال غيره. لا يجوز ذلك لهما، وحد اللخمي اليسير بخمسين، وخرج على إجازة أشهب قسم الأخ على أخيه تحت نظره صحة إيصائه به فيما يرث منه، قال: هذا في الميراث.

وما تطوع به ميت من وصية فجائز إيصاؤه بالنظر فيه للموصي له به إلى ما شاء دون أبيه ووصيه، ولو نص على دفعه للمولى عليه يتسع فيه لم يدخل تحت نظر

ص: 457

وفيه نظر.

ابن فتوح لابن حبيب عن ابن الماجشون عن مالك غيره: أنهم أجازوا نظر العم وغيره، كالأم والأخ الرشيد لليتيم دون تقديم سلطان وإيصاء أب، وأجازوا له ما يجوز للوصي إذا أحسن النظر ولم يتهم، وعزو ابن عبد السلام هذا لغير واحد من العلماء يقتضي أنه ليس في المذهب وليس كذلك.

المتيطي: بيع الأب على صغار بنيه، وأبكار بناته محمول على النظر حتى يثبت خلافه.

قال بعض الشيوخ: اتفاقاً إلا في شرائه لنفسه فهو على العكس، قال: ولا اعتراض على الابن بعد رشده فيما باعه عليه أبوه، قاله ابن القاسم في الواضحة والثمانية وغيرهما.

ابن حبيب عن أصبغ: يمضي بيعه، و'ن باع لمنفعة نفسه، ثم رجع لقول ابن القاسم: إن باع لمنفعة نفسه ونحو ذلك فسخ.

قلت: يريد: منفعة غير واجبة له، ولو كانت واجبة له لم يفسخ كبيعه عليه الدار لشركته معه فيها، وهي لا تنقسم.

قال غير ابن كنانة: بيعه على ولده جائز ولا يكلف المبتاع إثبات غنى الأب، وصلاح حاله.

قال عيسى عن ابن القاسم: إلا أن يكون الأب ممن يولي عليه؛ فلا يجوز بيعه، وإن لم يكن في ولاية، وسمعه أصبغ من ابن القاسم.

قال ابن مالك: بعد الإعذار للمبتاع فيما ثبت من سفهه، وقال القاضي ابن بشير: بيعه على ولده ماض، ولو كان الأب سفيهاً معدماً، والولد صغير، وخالفه شيوخ عصره، واحتجوا بسماع أصبغ.

قلت: لم يحك ابن رشد قول القاضي ابن بشير بحال، وقال: بيع الأب عقار ابنه الذي في حجره إن كان على وجه النظر جائز من غير قصره على وجوه معدودة، وهو محمول على النظر حتى يثبت خلافه، ولو كان مفلساً على ما نص عليه في هذا السماع.

وفيها: لا يبيع الوصي عقار اليتامى، ولا العبد الذي يحسن القيام بهم، إلا أن

ص: 458

يكون لبيع العقار وجه من ملك بجواره يرغبه في الثمن، أو ما لا كفاية في غلته، وليس لهم ما ينفق منه عليهم.

الصقلي: ولمالك في المجموعة: لا يباع عليه إلا في الدين على الميت أو حاجة أو خوف خرابه.

قال بعض أصحابنا لأبيه: بيعه عليه بخلاف الوصي، قال: ولا يهب الوصي ربعه للثواب؛ لأن الهبة إذا فاتت بيد الموهوب له إنما عليه قيمتها وهو لا يبيع بالقيمة، وللأب هبة مال ولده الصغير للثواب.

الصقلي: الوصي العدل، كالأب يجوز له ما لا يجوز للأب أن يبيع عقاره إلا لوجه نظر كالوصي.

قلت: تأمل هذا مع نقل المتيطي أولاً أنه على النظر اتفاقاً ابن رشد في سماع أصبغ لا يجوز للوصي بيع عقار اليتيم إلا لوجوه حصرها أهل العلم بالعد.

قلت: حاصر حدها أحد عشر وجهاً دين لا فضله له من غير ثمنه أو نفقة اليتيم، أكثرة الثمن.

قال ابن فتوح عن سحنون: ويكون مال اليتيم طيباً حلالاً، ونقل عنه المتيطي إن كان مثل عمر بن عبد العزيز.

قلت: الأخذ بهذا يوجب تعذره.

قال ابن أبي عمران: فإن علم الوصي أن الملك خبيث المال ضمن، وإن لم يعلم فللابن إلزامه ثمناً حلالاً أو تباع الدار عليه فيه، ولا ضمان على الوصي إن لم يعلم زاد في هذا الوجه، ويرجو أن يعوض له ما هو أفيد أو لخرابه، وليس ثم ما يصلحه به أو لشركة فيه ليعوضه ما لا شركة فيه، أو لدعوى شريكه فيما لا ينقسم بيعه.

قال المتيطي: ولا مال لليتيم يبتاع له به تلك الحصة أو لكونه موظفاً ليستبدل به حراً، أو لأنه لا يعود بنفع ابن زياد وابن أبي زمنين، أو تكون داراً بين اليهود يشتري له بين المسلمين، أو تكون مثقلة بالغرم.

ابن الطلاع: أو يخشى عليها النزول، وقد كنت جمعتها في ستة أبيات هي هذه:

ص: 459

وبيع عقار عن يتيم لقوته

ودم وما يبنى به غير حاصر

وين ولا مقضي منه سواه قل

وشرك به يرجى به ملك كامل

ودعوى شريك لا سبيل لقسمه

وذي ثمن حل كثير وطائل

كل العاري عن نفع وما خيف غصبه

أو الدار في دور اليهود الأراذل

وما قاله توظيف أو ثقل مغرم

فجذها جواباً عن سؤال لسائل

ودعوى شريك البيع قيد بعضهم

بلا ثمن يعطى لداع مفاصل

ويطلب في البيع عليه ذكر كونه أولى ما يباع عليه من نفقة أو دين، وكونه بعد شهرته وطلب الزيادة فيه، فإن باع مساومة، وأصاب وجه البيع، واستقصى الثمن جاز.

ابن فتوح: ويجوز للحاضن والحاضنة ولو كان أجنبياً البيع على محضونه إذا لم يكن له شيء يقوم بنفقته في حضر أو بدو، دون إذن قاض إن كان تافهاً.

قال محمد بن أحمد: لعشرين ديناراً، وقال أحمد بن سعيد: العشرة دنانير ونحوها ابن زرب ثلاثون ديناراً، وأباه أهل عصرنا، وهذا العدد المذكور في الواحد من الأيتام وليس لليتيم رده بعد كبره، والقول: أنه ليس للحاضن بيعه إلا بإذن الإمام ليس عليه العمل، والقول: أنه له البيع دون إذن الإمام في الشيء الكثير إن كان لمصلحة، ووافق السواد ليس عليه العمال، والأم الحاضنة أحرى في بيعها من حاضن غيرها.

وشرطه في الجميع ثبوت الحاضنة وسداد البيع وأنه أولى ما يباع عليه.

وفي دياتها للأب: القصاص في جراح ابنه الصغير، ولا عفو له إلا بعوض، وكذا الوصي والنظر في شفعة السفيه لوليه فيها لو أسلم من ذكرنا من أب أو وصي أو سلطان شفعة الصبي لزمه ذلك، ولا قيام له إن كبر ابن فتوح كلاهما محمول على النظر، إلا أن يثبت أن إسقاطها سوى نظر، وأن الأخذ نظر وغبطة فيبقى على شفعته.

والمتيطى عن غير واحد من الموثقين: إن ثبت أن إسقاطها سوء نظر فاليتيم باق على شفعته، وقال أبو عمران: إن سلم القاضي شفعة صغير، وليس ينظر لم يقطع شفعته؛

ص: 460

لأنه كمن رفع إليه الصغير فلم يحم له، وليس كالأب والوصي يسلمان شفعته، وليس بنظر ذلك يقطع شفعته؛ لأنهما تركا التجربة، والنص لمالك في الأب والوصي كما ذكرنا ولحمديس في ذلك ترجيح.

قلت: وحكم سكوت وليه في الشفعة، وحكم الخلع تقدم.

وكون الرق سبباً في الحجر يوجب أصالته في كل ذي رق إلا ما ارتفع بإذن نصاً؛ كالمأذون له في التجر أو لزوماً كالمكاتب.

اللخمي: المدبر والمعتق لأجل وأم الولد كالقن ووهم بعض شيوخ شهود تونس في أوائل هذا القرن فشهدوا في بيعها لما تقرر من عدم إنصاف أكثر قضاتها من تقديم من لا يحسن لطلب فضلاً عن الفقه لأهواء الله يعلمها، وكان سيدها غائب فبالغ في إنكار ذلك، فنقص فعلها ولو كانوا طلبة لقلت غرهم في ذلك لفظ أبي سعيد في كتاب الشفعة قال فيه ما نصه: ولأم الولد والمكاتب الشفعة، والعبد المأذون، وإن لم يكن مأذوناً؛ فذلك لسيده إن أحب أخذه الشفعة لعبده أو ترك.

قلت: فظاهر هذا أنها كالمكاتب والمأذون له، وعليه فيه تعقب لإيهامه هذا، ولفظ المدونة سام عنه لفظها في أو الكتاب.

قلت: أم الولد والمكاتب ألهماً الشفعة في قول مالك، قال: نعم؛ لأن العبيد لهم الشفعة عنده، وفي أخذه للعبد الشفعة إن كان مأذوناً له، وإن كان غير مأذون له فلسيده الأخذ، والترك وهذا اللفظ بعيد عن الإيهام المذكور من لفظ أبي سعيد، فمعنى قولها: أولاً الإعلام بثبوت الشفعة للأعم من ذي الاستقلال بالأخذ والقاصر عنه.

ومعنى قوله: ثانياً تقسيمه لهما، وقول ابن شاس وابن الحاجب: للسيد الحجر على رقيقه، لفظ يوهم أصالة جواز فعله، وحمله على المأذون له بعيد؛ لأنه ذكره بعد هذا.

ص: 461