الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النجم الثاني ففعل ثم عجز العبد عنه رجع على صاحبه لأنه سلف منه له ونحو النفقة على اليتيم النفقة على الزرع الرهن والضالة ونحو ذلك.
ابن عبد السلام: حقيقته معلومة للعوام فضلا عن الخاصة.
قُلتُ: يرد بأنه إنما هو كذلك من حيث وجوده لا من حيث معقوله كما تقرر في حقيقة العلم ونحوه وأشياء كثيرة معلومة من حيث وجودها ضرورة عسيرٌ علمها من حيث كونها معقولة كالأمر والنهي معلومان للعوام من حيث وجودهما ضرورة لا من حيث معقوليتهما.
وحكمه من حيث ذاته الندب وقد يعرض ما يوجبه أو كراهته أو حرمته وإباحته تعسر.
[باب في متعلق القرض]
ومتعلقه ما صح ضبطه بصفة كليا، فيخرج كما قال اللخمي وغير واحد تراب
المعادن والصواغين والدور والأرضون والبساتين. ومنها عندي قرض قواديس قفصة ونحوها لأنها قدر ماء عين يقدر من أصلها كقولها في شرب يوم أو يومين من كل شهر من عين وهذا راجع لكونه جزءا من أرض معينة ولذا تعلقت به الشفعة في بعض أحواله.
والأرض لا تقرض وفتوى ابن رُشْد بقرض ماء ليلة إنما هو في الماء مجرى عن أصله ولذا لم يقيده من البئر وفتوى بعضهم بجوازه في القواديس لا أعرفه نصًّا ولا تخريجًا إلا على قول بعضهم في جواز السلم في طعام قرية صغيرة لمن لا ملك له فيها وقد يفرق بأن الطعام الأصل جواز السلم فيه والأرض الأصل منع القرض فيها.
وفيها مع غيرها: منع قرض الجواري المازري والصقلي أجازه ابن عبد الحَكم على رد المثل ونحوه للخمي.
ولابن بشير: أجازه ابن عبد الحَكم وأوجب رد المثل ولفظ اللخمي: لا يجوز قرض الجواري إلا أن تكون في سن من لا توطأ أو يكون المقرض له لا يمكن التذاذه بها لسنه أو امرأة أو محرمًا عليه وطؤها أو مدينًا تقضى عنه.
وقال الباجي: قاتل ابن عبد الحَكم: يجوز قرض الأمة لذي محرم منها وعلى هذا يجوز للنساء.
قُلتُ: فالأنقال عن ابن عبد الحَكم ثلاثة للصقلي ولابن بشير والباجي.
وفي كون جوازه لتعذر التمتع بها خلقة أو شرعًا تقييدًا للمذهب أو خلافا فيه طريقان للخمي مع الصقلي عن بعض علمائنا والباجي.
الصقلي: قال بعض أصحابنا: انظر إن نزل قرض الجواري على الوجه الممنوع هل هو كبيع فاسد يفوت بحوالة الأسواق وتجب فيه القيمة، وكذا لو غاب عليها وإن لم يحل سوقها خوف أن يكون وطئها، وقد قال القرويون: للقرض الفاسد حكم البيع
الفاسد فكذا قرض الجواري وأظن الأبهري قال: يرد فيه المثل.
اللخمي: قال القاضي في المعونة: من اقترض أمة ردها ما لم يطأها ونقله المتيطي غير معزو وكأنه المذهب قال: فإن وطئها فات ردها ولا حد عليه وفي رد مثلها أو قيمتها يوم وطئها قولان، وقال الأبهري: القيمة أعدل.
قُلتُ: هذا خلاف ما تقدم للصقلي عنه.
قُلتُ: وفي فوتها بمجرد الغيبة عليها ثالثها: إن كانت غيبة تشبه الوطء فيها للصقلي عن بعض الأصحاب وظاهر نقل اللخمي عن المدَوَّنة والمازري بزيادة وظن بالقابض الوطء. المازري قرض العين لصيرفي على عدم استهلاكها؛ بل ليتجمل بها جائز وتعقبه شيخي عبد الحميد بأنه تغرير بالناس أن هذا الصيرفي ملي.
قُلتُ: الحق أن هذا عارية لا قرض وفي نقله جواز ذلك نظر لقولها: من استعار عينًا أو فلوسًا فهو سلف مضمون لا عارية.
ابن شاس: أكثر المتأخرين في فاسد القرض على رده لحكم البيع الفاسد، واختار ابن محرز أن لا يؤخذ المقترض إلا بما دخل عليه فيغرم المثل ثم يباع فيعطي للمقرض إن كان قدر القيمة أو ناقصا عنها ليس له سواه وإن زاد عليها وقف الزائد فإن طال وقفه تصدق به على من هو له.
قال بعضهم: وقوله يجري في مسألة الجارية.
قُلتُ: إن قيل: ما فائدة وقف الزائد أجيب بأن ابن محرز إنما ذكره فيما فسد لقصد المقرض بالقرض منفعة نفسه ففائدة الوقف حينئذ رجاء انتقال المستقرض عن تمسكه بما دخل عليه من حكم القرض الصحيح لحكم ما قصده المقرض.
وفيها: إن علم أن المقرض أراد بالقرض نفع نفسه كان فاسدًا.
قال ابن محرز: قالوا ويرد مثله إن وجد وإلا فقيمته إن لم يوجد مثله.
وفيها لابن عبد الرحمن: كيف يرد القيمة وهو إنما دخل على رد المثل قال هذا كقولهم فيمن أدخل عليه بدل امرأته أمة جعلها مالك كالمحللة وألزم الزوج القيمة وإن كان لم يدخل عليها ابن محرز وليس يعرف في المسألة وجود أخذ مثلها.
قُلتُ: انظر قوله: أولا قالوا ويرد مثله مع نقله قول ابن عبد الرحمن وليس يعرف
إلخ ونقل المازري كابن شاس في جعل الأشياخ القرض الفاسد كالبيع الفاسد وذكر كلام ابن محرز وقال: هو سديد؛ لاشتماله على الحكم لكل منهما بمقتضى حاله لولا ما ينظر فيه من يتولى هذا البيع وعلى من تكون عهدته.
قُلتُ: لا خفاء في أن العهدة على المستقرض؛ لأنه هو دافع هذا المبيع لإبراء ذمته وأما مؤنة بيعه فعلى المقرض؛ لأن قصده الفاسد هو الموجب لهذا البيع.
ابن الحاجب: إن وطئ وجبت القيمة حكى المنصوص، وقيل: المثل بناء على أن المستثنى الفاسد يرد إلى صحيح أصله أو صحيحه.
ابن عبد السلام: أي هل يصحح برده إلى الأصل المستثنى منه أو يرده إلى صحيح نفسه.
ابن هارون: أى يرد إلى صحيح وهو البيع الفاسد أو إلى صحيحه وهو القرض الصحيح.
قُلتُ: وحكى بعض من لقيناه أن الأشياخ بتونس كانوا يعبرون عن هذا في إقرائهم ومذاكرتهم بقولهم هل يرد إلى فاسد أصله أو صحيح نفسه.
قال: وكان بعض فقهاء طرابلس ينتقد عبارتهم هذه، ويقول: كيف يرد الفاسد لفاسد أصله فيصحح الفاسد بالفاسد وكنت أجبته بأن قولهم ذلك هو على حذف مضاف دل السياق عليه تقديره إلى تصحيح فاسد أصله والتصريح به أو حمل الكلام عليه عندي أصوب من عبارة ابن الحاجب لتعذر صدق ظاهرها؛ لأن ظاهرها رده إلى نفس صحيح أصله وصحيح أصله إنما حكم إمضائه بالثمن المسمى فيه بالثمن وهذا في القرض الفاسد متعذر تصورا وتصديقا فتأمله.
وجر منفعة تخص المقرض تفسده اتفاقاً:
وفيها: ما علم قصد جره فسخ لا ما ادعاه المقرض فيه، وسمع ابن القاسم: من أسلف شاة مسلوخة لجازر على أن يقضيه كل يوم قدرا معروفًا لا أحبه؛ لأني أراه أخذ في سلفه وهي تضمينه له عريضا مقطعا ولو وقع على غير صنعة جاز.
ابن رُشْد: أي لو فعل ذلك رفقا بالجازر فقط بحيث لو باع الجزرة أخذ في ثمنها ما يشتري به من اللحم المقطع أكثر من زنتها جاز، ولأشهب إن كان الجازر جاء يستسلفه
جاز ظاهره ولو كانت له فيه منفعة ومعناه: إذا أسلفه لحاجة الجازر وأنه كان يفعل ذلك ولا منفعة له فيه وهذا لا ينبغي أن يختلف فيه؛ إذ لا يقدر أن يسلفه إياها ويسقط المنفعة عن نفسه مثل رواية زياد فيمن له طعام يخشى فساده فيسأله المحتاج سلفه جائز أن يسلفه له من غير شرط.
وفي جواز سلف الفدان لمن يحصده ويدرسه ويرد كيله إن كان هو السائل ذلك ليتقوت به مطلقا أو شرط كونه من زرع كثير لا يحط عن ربه مؤنة ثالثها: يكره مطلقا لابن حبيب عن مالك وغيره ولمالك في بيوع الآجال ورواية زياد.
وفي جواز قرض العين على قضائها ببلد آخر لخوف الطريق ومنعه ثالثها: إن غلب خوف الطريق، ورابعها: إن طلبه المستقرض لا المقرض لعياض عن ابن الحَكم مع الباجي عن رواية أبي الفرج ولها مع الباجي عن المشهور واختيار اللخمي محتجا بإجازة مالك تأخير نقد كراء المضمون لاقتطاع الأكرياء أموال الناس والصقلي عن الموازيَّة والصورة هي المسماة بالسفاتج.
عياض: السفتجات بفتح السين وسكون الفاء وفتح التاء بعدها جيم جمع سفتجة وهي البطايق تكتب فيها الإحالات بالديون وذلك أن يسلف الرجل في بلدنا مالا لبعض أهله ويكتب القابض لنائبه ببلد المسلف ليدفع له عوضه هنالك مما له بيده خوف الطريق الصقلي عن الواضحة يجوز في سنة الشدة سلف السايس والعفن والمبلول في السليم من ذلك إن اختصت منفعة السلف بالقابض ونحوه نقل المازري ولما ذكر ابن بشير القولين في السفاتج وأن المشهور المنع.
قال: وكذلك القولان في المسوس أو القديم في زمن الشدة يشترط أخذه جديدا وهذا يقتضي أن المشهور في السايس زمن الشدة المنع ولم يحك غيره إلا الجواز.
وفيها: قرض طعام أو عرض أو حيوان أو غيره ببلد على أن يوفيه ببلد أخر لا يجوز اللخمي: إلا أن يقوم دليل على كون المنفعة للمستقرض وحده.
وفيها: لا يجوز للحاج قرض كعك أو سويق على أن يوفيه ببلد آخر ويسلفه ولا يشترط اللخمي أجازه سَحنون في الحمديسية للحاج ونحوه للضرورة وهو أحسن.
وفيها: إن استقرض رطلا من خبز الفرن برطل من خبز التنور أو الملة؛ لم يجز ابن
محرز ظاهره جواز رطل من خبز التنور في رطل من خبز الفرن ولا يصح؛ لأن التحري في الخبزين في القرض والمبادلة إنما هو في الدقيق لا في قدر الخبز ونبه على هذا المعنى بقوله في الكتاب ولو لم يشترط فلا بأس أن يأخذ خبز التنور من خبز الفرن إذا تحريا الصواب في ذلك وتحري الصواب إنما هو بتحري الدقيق، ووجدت على المسألة بخط ابن اللياد: قال سَحنون: كل ما أصله الوزن فلا بأس بالتحري فيه فيحتمل أن يكون إنكارا لما في الكتاب من إباحة التحري في هذا الموضع؛ لأن هذا أصله الكيل ويحتمل أن يكون سوغ التحري فيه لأن الخبز مما يوزن.
عياض: أكثرهم على أن التحري في دقيق الخبزين لا في وزنهما، وقال اللخمي: إنما المعتبر وزنهما.
وفي جواز شرط المسلف إسقاط يمين دعوى قضائه في العقد أو الطوع به بعده ومنعه ثالثها: منعه في العقد للمتيطي عن محمد بن عمر وابن لبابة وابن العطار بناء على إيجاب استصحاب حال عدم الدعوى ليعد كونه نفعا أو هدية.
وإيجابهما احتمالهما أو الأول فقط؛ لأنه أشد وعلى الأول في استحسان ذكر أن المقرض أعلم بما فيه من خلاف فالتزم لزوم سقوطه وعدمه إذ الحكم للحاكم لا له طريقا ابن الهندي مع ابن بشير والباجي وغيرهم وابن العطار والمذهب لا يجوز لذي دين قبول هدية مدينه.
فيها مع غيرها: إلا من تعودت ذلك منه وعلمت أن هديته ليست لدينك.
وسمع ابن القاسم: من اشترى زيتًا بثمن لأجل ففضل له منه رطلان فتركهما لبائعه لا بأس به وأخاف أن يكثر فإن كثر فلا يعجبني ولا بأس باليسير سَحنون: لا بأس به ولو كثر ابن رُشْد: اتقى مالك ما كثر خوف أن يكون من هدية المديان واستخفه سَحنون وجعله من المسامحة في البيع فلا يقام من هذا أنه يجيز هدية المديان إن كانت مبتدأة على غير هذا الوجه؛ بل لا يحل عنده ولا عند غيره هدية المديان لرجاء التأخير ولا قبولها ممن علم قصده ذلك ولا حرج في ذلك إن صحت النيَّة وقد كان ابن شهاب يكون عليه الدين فإن جاءه غرماؤه أجازهم ولم يقضهم لصحة نيته ويكره لمن يقتدى به قبول ذلك وقول ابن دحون إنما أجاز سَحنون ترك ما نقص من الوزن وإن
كثر لأنه يجيز هدية المديان من بيع ولا يجيزها من مدين قرض إلا أن يجري به عادة غير صحيح لما بيناه.
وفي سلمها الثاني: إذا استزدت ممن أسلمت إليه في مائة إردب حنطة بعد تمام السلم أرادب معجلة أو مؤجلة إلة الأجل أو بعده جاز وكأنه في العقد.
الصقللي قال سَحنون: في غير المدَوَّنة كان يترجح فيها مرة يجيزها ومرة يبطلها وإبطالها خير.
ابن أبي زَمَنَيْن: ينبغي إن مات قبل قبضها منه أن تبطل؛ لأنها هبة لم تقبض.
قال بعض أصحابنا: فيها نظر؛ لأنها هبة مديان وقد يقال: لا تهمة فيها لكثرة الزيادة فخرجت عن هدية المديان، وقال بعضهم: هدية المديان ما ابتدأه من غير سؤال وهذا سأله لاسترخاصه وهذا يقتضي كونها يسيرة أو كثيرة سواء إن كانت بسؤال، وقد قال عبد الملك: اتلزيادة بعد العقد لاحقة به لها حكمه.
قُلتُ: ظاهره: أنها لا تفتقر لحوز خلاف قول ابن أبي زَمَنَيْن.
عياض: غمزها سَحنون إن كانت قبل الأجل.
قال فضل: أظنه رآه قبل الأجل كأنه عجل له حقه وزاده عياض تفسيره كأن الذي عجل له هو الحق الذي كان عليه إن زاده قدر ذلك يوفيه مع بقية السلم فأسقط عنه الضمان مما قبض وهذا ليس ببين إذ لم يجتر منفعة ولا يسقط عنه بالحقيقة ضمان شيء إذ بقدر ما سقط ترتب عليه في الزيادة.
قُلتُ: ففي منع هدية مدين لذي دينه ما ليس معتادًا له قبل دينه مطلقا أو في دين القرض فقط أو إن لم يطلب منه.
رابعها: إن كانت مقبوضة قبل أجل الدين لمعروف المذهب وابن دحون عن فهمه قول سَحنون والصقلي عن بعضهم وعياض عن فضل عن سَحنون.
ابن شاس عن بعض المتأخرين: إن حدث بينهما من الاتصال ما يعلم أن الهدية له جازت وقيد اللخمي جوازها ممن اعتادها منه رب الدين قبل دينه بكونها قدر ما كان يجري بينهما.
اللخمي: إن كانت قائمة ردت وإن فاتت أو حال سوقها غرم المثل
أو القيمة.
ابن بشير: إن أتلفها المعطي نظر فإن قصد بها التأخير رد مثلها أو قيمتها وإن لم يظهر قصد ذلك لم ترد وفي مبايعته قبل الأجل الجواز والكراهة لنقل اللخمي مع المازري وغيرهما وقول ابن الحاجب وفي مبايعته بالمسامحة الجواز والكر اهة غلطٌ ومقتضى ما تقدم من سلمها الثاني في طلب الزيادة جواز المسامحة وتقدم تعقبها.
اللخمي: إن وقعت مبايعته دون مسامحة أو كانت وقضاه الدين مضت وإن طال ردت ولما ذكر المازري قولي الجواز والكراهة قال: وينظر إلى قرائن الأحوال إن ظهر دليل قصد التأخير فسخ البيع وإن ظهر دليل السلامة منه أجيز وكذا إن وقع البيع بعد حلول الأجل وهذا أكثر في التهمة اللخمي: يكره أن يبيع الطالب من الغريم خوف أن يزيده ليؤخره أو يعملا على فسخ الدين ولم يزده في الثمن مضى فإن زاده في الثمن واعتقبه تأخير حمل على قصد التأخير بالزيادة وإن كان ثمن الثاني قريبًا من الدين الأول حمل على فسخ الدين في الدين إلا أن يعلم أنه اشترى الثانية لقضاء غريم آخر وشبه ذلك فيجوز.
قُلتُ: إن خرج من يد رب الدين في المعاملة الثانية ما هو من نوع الدين دخلته تهمة فسخ الدين في الدين وإلا لم يدخله إلا تهمة الزيادة للتأخير.
وفيها: العطاء هدية عامل القراض كمدين اللخمي: للتهمة على أنها لقصد إبقاء المال للعمل فيه واختلف في جواز نقله عن النصف إلى الثلثين المازري: إن كانت والمال عين فعلة المنع متصورة وإن كان سلعا ففي كراهتها قولا المتأخرين وكذا إن كان ناضا على القول بلزوم عقد القراض قبل العمل وظاهر قول المازري أن خلاف المتأخرين عام في كونها من العامل لرب المال وعكسه.
وقال ابن بشير: وأما هدية العامل لرب المال فإن لم يشغل المال منعت اتفاقا وإن شغل ففي المنع والجواز قولا المتأخرين فخص النقل لكونها من العامل.
ابن شاس: حكم القرض التمليك وإن لم يتصرف ولو أراد الرجوع فيه منع إلا بعد مضي مدة الانتفاع بالشرط أو العادة وإن لم يكن أحدهما جرى على العارية، كذلك قال اللخمي: اختلف إن لم يضرب لها أجلًا ولا يعلم مدة انقضائها فقيل: المعير بالخيار
في تسليم ذلك وإمساكه وإن سلمه فله استرداده وإن قرب وقيل يلزمه القدر الذي يرى أنه أعار إلى مثله.
ابن هارون: اختلف عندنا في مطلقه؛ قيل: يحمل على الحلول، وقيل: يؤجل بقدر ما يرى أنه ينتفع به وعزا ابن عبد السلام القولين للمتأخرين قال: ظاهر كتاب الصرف ضرب الأجل وظاهر كتاب العرية عدمه والأول أقرب.
قلت: ما أشار إليه في الصرف هو قولها: من استقرضت منه عينًا فلا تصرفها منه مكانك فيؤول إلى الصرف ونظرة وغن اشتريت بها من حنطة أو كتابًا والسلف لأجل جاز على النقد وإن كان حالا جاز يدًا بيد.
عياض: وفي الأصل: أو إلى أجل ووقف هذا الحرف ابن عتاب، وقال أبو محمد: يريد لأجل كأجل السلم وقال سحنون: هو حرف سوء وأمر بطرحه.
ابن وضاح: هو لأشهب.
قال بعض شيوخنا: ومن قول أشهب أدخلها سحنون وليس لمالك.
قال فضل: فرآه لنا يحيى وما طرحه سحنون إلا أنه يرد عليه سلفه وأسلم له عينًا في ذمة في طعام لأجل وهذا الدين بالدين وبه علل مالك المسألة ومنعها في المبسوطة وقال: الخلاف في إثبات هذه اللفظة على الخلاف في العارية الحالة هل يجب قدر الانتفاع بها أم لا؟ وكذا السلف الحال ودليل قوله هنا أن السلف الحال إذا وقع مطلقًا تضمن الأجل بقدر ما يرى أنه أراد المتسلف منفعته به وعليه يدل منعه مصارفته.
وللمقرض رد عين القرض ما لم يتغير وبه اتضح تعليل منعه في الإماء بأنه عارية للفرج فإن تغير بنقص فواضح عدم القضاء بقبوله ولو تغير بزيادة فالأظهر وجوب القضاء بقبوله وقول ابن عبد السلام الأقرب عدمه؛ لأنه معروف من المقترض يرد بوجوب القضاء بقبوله قبل أجله وهو عرض لانتفاء المنة على المقرض فيهما لتقدم معروفه عليه بالقرض.
ووجوب قضائه بمحل قبضه، وهو غير عين ويجوز بغيره تراضيا.
الجلاب: إن حل أجله وإلا فلا.
ابن عات عن المشاور: من أقرض طعامًا ببلد فخرب وانجلى أهله وأيس من
عمارته إلا بعد طول فله أخذ قيمته في موضع السلف وإن رجى قرب عمارته تربص إليها ولو كان من سلم خير في الإياس بين تربصه أو أخذ رأس ماله.
قلت: الأظهر إن لم يرج عمارة من قرب القضاء بالدفع في أقرب موضع عمارة لمحل القرض.
وتعجيله قبل أجله طوعًا يجب على ربه قبوله ولو كان على غير عين مطلقًا؛ لأن أجله من حق من هو عليه.
الباجي عن أشهب: لا يجب قبول تعجيل القرض غير عين وعليهما قولاهما بجواز تراضيهما على قضاء أفضل قبل الأجل ومنعه قاله في ترجمة السلف في العروض وقال في ترجمة العينة مشهور قول أشهب إن المسلف لا يجبر على قبض القرض قبل الأجل أصبغ في سماعه في السلم والآجال: من تسلف من بعض شركائه في ما يقتسمونه بالقلد أقلادًا في الشتاء فغفلوا عن قضائه حتى الصيف وقد حل فله طلبه فيه وإن كان حينئذ أغلى ثمنًا.
ابن رشد: هذا خلاف قول ابن القاسم ومقتضى قوله أنه لا يجب قضاؤه إلا في فصل قبضه لقوله في سماع أبي زيد: من تعدى على من له مع شريكه سقي بالنهار على سقي شريكه بالليل ولا سقي بالليل غرم له قيمة سقيه بالليل؛ لأن سقي النهار لا يشبه سقي الليل.
ووجه قول أصبغ: أن الواجب في القرض رد المثل دون اعتبار قيمته يوم الأخذ ويوم الرد ومعناه إن اتحد قدر الماء في وقت أخذه ورده؛ لأن العادة قلة الماء في الصيف وكثرته في الشتاء فليس للمسلف في الصيف الأخذ في الشتاء؛ لأنه أكثر من حقه ولا يجبر عليه؛ لأن الزائد معروف لا يجب قبوله ولا للمسلف في الشتاء الأخذ في الصيف؛ لأنه أقل من حقه فباقيه تركه معروف لا يجبر من هو عليه على قبوله ولا يجبر عليه؛ لأنه أقل من حقه فعند عدم التراضي يلزم التربص للفصل الذي أسلفه فيه كمن أسلف فيما له إبان فانقضى قبل أخذ سلفه ولا يدخل فيه الخلاف الذي في ذلك؛ لأن هذا قرض وذلك بيع.