الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب الإبار في النخل]
الإبار: الباجي عن ابن حبيب: هو أن ينشق الطلع عن الثمرة فإذا تم اللقاح فيسقط ما يسقط وثبت ما ثبت كان الثمر للبائع، وإن انشق الطلع فتأخر تأبيره وأبر غيره حوله مما حاله مثل حاله فحكمه حكم ما أبر، وإبار التين وما لا نور له أن تبرز جميع الثمر عن موضعها تتميز عن أصلها.
وإبار النخل التي لا تؤبر أن تبلغ مبلغ الإبار في غيرها، وسمع القرينان إبار الشجر غير النخل اللقاح وهو أن يثمر الشجر فيسقط منه ما يسقط ويثبت منه ما يثبت، وليس ذلك بأن يورد الشجر ويكون ذلك في العنب والرمان.
ابن رُشْد: هذا مشهور مذهب مالك ومعلومه، وإليه رجع مالك بعد أن قال: هو أن يورد الشجر. وفي إبار الزرع طرق: الباجي: في كونه إفراكه أو ظهوره من الأرض روايتا ابن القاسم وأشهب.
ابن رُشْد: روى ابن القاسم عن مالك وقال: هو نباته، وقيل: هو أن يستقل ويفرق، وقيل: بل حتى يأخذ الحب وقع ذلك في أصل الأسدية وهو أحد قولي ابن عبد الحَكم.
المتيطي: المشهور إباره نباته، وقيل: هو تحبيبه.
وفي الكافي: روى ابن عبد الحَكم: هو أن يحبب حتى لو يبس حينئذ لم يكن فسادًا.
قُلتُ: وروى أبو عمر أنه بذره، ونقله ابن شاس وغيره، فإن أبر بعضها دون بعض فقال الباجي: إن كانا متساويين، فقال مالك: ما أبر للبائع وما لم يؤبر للمبتاع.
وقال محمد بن دينار: ما أبر تبع لما لم يؤبر وكله للمبتاع.
ولسَحنون عن ابن القاسم في العتبيّضة: يقال للبائع: إما أن تسلم كل الثمرة للمبتاع وإلا فسد البيع ولو رضي المبتاع بالنصف، هذا إن تميز المأبور من غيره بعض الثمار أبر وبعضها لم يؤبر، وإن كانت النخل بعض ثمرتها قد كمل ذلك فيها وبعضها لم يكمل، وكان في سائر الثمار قد ظهر بعض الثمرة وبعضها لم يظهر، فروى ابن حبيب ذلك للبائع وجعل ظهور بعضه كظهور جميعه أصله الإزهاء.
وروى ابن المواز: أن ذلك لا يجوز إلا أن يشترط المبتاع الثمرة، ورأى أنه لما لم يتميز ولا يجوز أن يشترط البائع ما لم يؤبر، فلم يبق إلا أن يشترط المبتاع حظ البائع؛ لأنه جائز له.
ابن زرقون: لم يحسن الباجي تحصيل هذه المسألة، وتحصيلها: أنه إن كان ما أبر مساويًا لما لم يؤبر، وكل متميز في نخلات بأعيانها فلا يختلف أن ما أبر للبائع وما لم يؤبر للمبتاع، وإن كان ما أبر شائعًا في كل نخلة وما لم يؤبر كذلك ففي كونه كله للبائع أو للمبتاع. ثالثها: يخير البائع إما سلم كل الثمرة، وإلا فسخ البيع، ورابعها: البيع مفسوخ لابن حبيب ومحمد بن دينار وابن القاسم في العتبيّضة ورواية يحيي عنه في العشرة كنحو رواية محمد مع فضل عن ابن القاسم وسَحنون.
الباجي: وإن كان أحدهما أكثر ففي تبعية القليل للكثير وكونه كالمساوي روايتان، وسمع عيسى ابن القاسم من اشترى زيتونة على قطعها فتأخر حتى أثمرت فله ثمرتها.
ابن رُشْد: يريد: لم يكن فيها ثمر مأبور، ولو كان فيها ثمر أبر لكان للبائع اتفاقًا، وقوله: الثمرة للمشتري: يدل على أن قطع الثمرة عليه ولو كان على البائع لكان ضمانها منه، وكانت الثمرة له خلاف قوله في رسم سلف، من سماع ابن القاسم في بيع الصوف على ظهور الغنم، ويؤيد كونه خلافًا ما روي عن سَحنون أن ضمان الشجرة من البائع فاللة له، وعلى المشتري في ثمر هذه الشجرة للبائع أجر قيامه عليها إن كان يسقيها هو لا المطر، رواه ابن أبي جعفر عن ابن القاسم وعليه كراء موضعها من الأرض إن كان البائع غائبًا اتفاقًا، وإن كان حاضرًا فعلى اختلاف، قيل: يحلف إن كان حاضرًا، ويأخذ الكراء، وقاله عيسى في سماعه في الشركة وهو أصل اختلف فيه قول ابن القاسم.
وقال ابن عبدوس: إن كان البائع اشترط الأغصان فالثمرة له وإن لم يشترط ذلك ووقع البيع مجملًا فهو للمبتاع، وقاله سعيد بن حسان ويلزم على قياس ما قلناه أن يكون عليه لمشتري الشجرة كراء العمود إن كان غائبًا، وإن كان حاضرًا فعلى الخلاف المذكور، ولابن لبابة على قياس ما قلناه: لو اشترى عمود الزيتونة واشترى آخر الفروع وتأخر قطعها حتى أثمرت فالثمرة لصاحب الفروع، وعليه كراء العمود، وعلى صاحب العمود كراء الأرض إن كان صاحب الأرض وصاحب العمود غائبين، وإن
كان صاحب الأرض غائبًا وصاحب العمود حاضرًا لم يكن له كراء، وكان لصاحب الأرض كراؤها على صاحب العمود المتيطي: إذا ثبت أن الثمرة للبائع فليس للمبتاع إجباره على جدها قبل أوان الجد، وهل يكون سقي الأصول مدة ذلك على البائع أو على المبتاع؟ رواية محمد وقول المغيرة.
قُلتُ: روى الأول أَصْبَغ في نوازله.
ابن رُشْد: القياس أنه عليهما؛ لأنه منفعة لهما لا يستبد بها أحدهما كشريكين ولم يعد اختياره قولًا ثالثًا وفي بعض نسخ ابن الحاجب ولكليهما السقي ما لم يضر بالآخر.
ابن عبد السلام: يعني لكل واحد من صاحبي المأبور والمنعقد إذا بقيا على ملك البائعين السقي ما لم يضر ذلك بالمشتري، ومعناه: إلى الوقت الذي جرت العادة أن تجد الثمرة فيه، وإنما ذلك بمقتضى العرف.
قُلتُ: إنما يتقرر هذا الكلام على أن السقي علىة البائع لا على المشتري وفي قوله: ما لم يضر: نظر، لأن لحقوق الضرر للمبتاع بعيد لأنه إنما يلحقه بتضرر أصوله، وتضرر الأصول بسقي ثمرها بعيد، وإنما يتوقع الضرر بالثمرة فلو قاله على قول المغيرة كان أنسب فتأمله.
وسمع ابن القاسم إن بيعت الجارية وعليها حلي وثياب لم يشترطها بائع ولا مبتاع فهي للبائع، وما لا تتزين به فهو لها.
ابن القاسم: وما تتزين به لا ينبغي اشتراطه المبتاع.
سَحنون: من الحلي والثياب لا بأس بها.
ابن وَهْب: سمعت مالكًا يقول: إن كانت الجارية فارهة لها الثوب نحو بذلتها عند أهلها ليس للبائع نزعه، والثوب الجديد الذي لزينتها هو للبائع.
ابن رُشْد: إن كان الحلي والثياب للبائع لزمه أن يكسوها كسوة مثلها للبذلة، وقيل: لا يجب ذلك عليه إن لم يشترطه المبتاع فإن اشترطه لزمه، ولو شرط البائع أخذها عريانة ففي بطلان شرطه وعليه أن يعطيها ما يواريها ولزوم شرطه، سماع أشهب، وقوله عيسى بن دينار في المدنيَّة مع روايته عن ابن القاسم.
قال ابن رُشْد: هو القياس وبه الفتوى.
قُلتُ: لم يحك ابن فتوح عن المذهب إلا الأول غير معزو لمعين، وقول ابن عتاب عن ابن مغيث هو الذي جرت به الفتيا عند الشُيُوخ خلاف قول ابن رُشْد.
وفي سماع أشهب: لو باع الجارية على أن ينزع ما عليها ولا يكون لها إلا ثوبين خلقين في المنزل فجاء بهما فإذا هما لا يواريانها فليس له ذلك ولو اشترطه والبيع لازم، ويلزمه أن يعطيها ثوبًا يواريها وأما خلقان لا يواريانها فلا وأرى أن يعطيها إزارًا، قيل: فالقميص قال: لا، بل إزارًا أو ثوبًا.
ابن رُشْد: النظر وقياس المذهب فساد هذا البيع؛ لأن إخلاق الثياب يختلف ولو وصفا لم يجز إلا على اختلاف؛ لأنهما حاضران بالبلد.
وفيها مع غيرها: جواز بيع الثمر بدو صلاحه على جده.
اللخمي: في السلم الأول شرط ذلك بلوغ الثمر أن ينتفع به، واحتيج لبيعه، ولم يتمال عليه أكثر أهل موضعه وإلا لم يجز؛ لأنه فساد وعلى بقائه نصوص المذهب فساده.
وقال اللخمي: هذا إن شرطا أن مصيبته من المشتري أو من البائع والبيع بالنقد، لأنه تارة بيع وتارة سلف، وإن كانت المصيبة من البائع والبيع بغير نقد جاز، وصرح المازري بأن بيع الثمر قبل بدو صلاحه على البقاء لا يجوز إجماعًا ولم يستثن منه شيئًا، ثم قال: انفرد بعض أشياخي في بيع التمر قبل الزهو فذكر ما قاله اللخمي قال: وقول الأشياخ: وظاهر المذهب أن هذا لا يجوز، وفي المذهب ما يشير إلى الاختلاف في هذا الأصل فإن فيه قولين مشهورين في جواز كراء الأرض الغرقة على أن العقد إنما يتم بنضوب الماء عنها.
قُلتُ: هي مسألة الكتاب فيها قولا ابن القاسم وغيره وهي عندي كقولها بجواز كراء الأرض البعل عشر سنين إن لم ينقد، والفرق بينهما وبين مسألة التمر قبل الزهو تباع على البقاء، إن غرره يقدر على رفعه بالعقد مع شرط الجد وغرر نزول المطر، وانكشاف الماء غير مقدور على رفعه، وقد فرقوا هذا المعنى في فصل الخلع بالغرر، وعلى السكت في حمله على الجد فيصح أو على البقاء فيفسد نقلا اللخمي عن ابن القاسم فيها والقاضي، وصوب الأول؛ لأن أصل البيع التقابض في عوضيه ولا يعترض هذا بالعادة إنها تجد بعد الصلاح؛ لأن العادة إنما هي إذا لم يقع البيع وإذا وقع
البيع حمل على أصل البياعات، وقاله ابن محرز قبله وعزا المازي المنع لرواية البغداديين.
عياض: ظاهرها الجواز إن لم يشترط بقاؤها وعليه حملها غير واحد، من حذاق شُيُوخنا، واختصرها كثير منهم وإليه مال الأبهري، وحكى البغداديون أنه على الفساد حتى يشترط الجد وحمل بعضهم المسألة على أنه شرط جده وحكي عن أبي محمد وعليه اختصرها، واحتجوا بما له في كتاب العرايا وحمل فضل المسألة على أن عرفهم الجد، وجعل بعضهم كثرة الثمن دليل البقاء وقلته دليل جده.
وقال ابن رُشْد: في أثناء أول مسألة من سماع ابن القاسم من جامع البيوع: لا يجوز بيع البلح قبل زهوه إلا بشرط القطع فإن وقع مسكوتًا عليه فسخ إلا أن يقطعه المشتريس قبل أن يعثر عليه لأن بقطعه يتبين أنه اشتراه على القطع، على هذا يحمل ما في البيوع الفاسدة من المدَوَّنة، وبيع العرايا منها لا على أنه اختلاف قول على ما قاله بعض أهل النظر بخلاف القصيل؛ لأنه يجوز بيعه وإن وقع على السكت قبل أن يتحبب فرق بينهما العرف.
الباجي: لا خلاف في منع بيع التمر قبل بدو صلاحه على البقاء إلا ما يروى عن يزيد بن أبي حبيبب في العرية، وإن أطلق البيع فالمشهور عن مالك منعه، ولابن القاسم في البيوع الفاسدة، عنه جوازه ابن عبد السلام سمع عيسى ابن القاسم أنه يجوز شراء مال العبد وثمر النخل بعد الصفقة لمن لم يشترطها فيها ولم يفرق بين قربٍ وبعدٍ، ومثله في جوائح المدَوَّنة في ثمر النخل بعد الصفقة.
قُلتُ: وفي شفعتها حسبما يأتي.
قال: وروي أشهب: أنه لا يجوز قرب أو بعد، فكنت أقول تفرقة عيسى في سماعه إن كان بالقرب جاز وإن طال فلا خير فيه، ومثله لأَصْبَغ عن ابن القاسم مفسرة لقوله في سماع عيسى: وإن الخلاف إنما هو في القرب، ولا خلاف في البعد لأجل إنه إذا طال لم يكن الذي اشترى هو ما كان يجوز له أن يستثنيه والذي أقول به الآن أن التفرقة قول ثالث، وتفرقة أشهب بإجازته ذلك في الثمر يريد ولو بعد ومنعه ذلك في مال العبد يريد ولو قرب قول رابع.
وحكم شراء الزرع بعد الأرض حكم شراء الثمرة في الأقوال الثلاثة.
قال يحيى: وحد القرب في ذلك عشرون يومًا ونحوه، وعن الباجي للمخزومي وابن دينار مثل رواية أشهب.
ابن زرقون: قال فضل عن ابن حبيب: إنما يجوز له شراء ذلك على مثل الثمن الذي ابتاع به الأصل من نقد أو أجل، وإن كان بعرض فبمثله، ومنعه ابن الماجِشُون في مال العبد بكل حال ولو بالقرب؛ لأنه مجهول محض، قال: وأما شراء السيف المنقوض الحلية إن اشتراها بعده، فإن كان بحدثانه والسيف بحاله ولم تركب فيه حلية حديد ولا غيرها فلا بأس بشرائها بالفضة وإن لم تكن مراطلة إن أمكن تركيبها دون إعادة للصياغة وكانت متوافرة كلها، فإن فات بعضها أو كان السيف حلي بغير تلك الحلية أو تطاول أو كانت حليته لا تركب إلا بعد إعادتها بالصياغة لم يجز، وأجازه مُطَرِّف في مال العبد والثمر والزرع، إن كان بحدثانه وبمثل الثمن الأول ولم يجزه فلي الحلية إلا أن يكون البائع باع السيف واستثنى الحلية، فلم ينقضها حتى أراد بيعها بحدثانه فيجوز.
الباجي: وإن اشترى الأصل والثمرة في صفقة واحدة ثم استحق الأصل فقال ابن حبيب إن كان في زرع فاستحقت الأرض فسخ البيع ما لم يستحصد الزرع فإن استحصد قبل الاستحقاق تم فيه البيع، وكذا الثمرة في استحقاق الأصل، ومثله لمحمد، وظاهر المدَوَّنة في الشفعة فسخ البيع طاب أو لم يطب.
لابن حبيب من اكترى دارًا فيها شجرة تبع للكراء فاشتراطها المكتري ثم استحقت الدار إلا موضع الثمرة أنها ترد طابت أو لم تطب؛ لأنه ضمها إلى ما لم يكن يملكه، ولو انهدمت الدار فالثمرة للمكتري منابها من الثمن وهذا اختلاف من قوله في الاستحقاق إلا أن يفرق بين الاكتراء والشراء.
وقال محمد ويحيى بن عمر في انهدام الدار في بعض المدة والثمرة مزهية: أن الثمرة ترد إلى البائع إلا أن تكون تبعًا لما مضى من المدة، ولأبي زيد عن ابن القاسم: إن أزهت فهي للمكتري بمنابها من الثمن، ففي رد ثمرة الدار للبائع، وكونها للمشتري.
ثالثها: تفرقة ابن حبيب بين الهدم والاستحقاق ولو اشترى الثمرة على الجد ثم اشترى الأصل فله أن يقر الثمرة في الأصل، ولو اشترى الزرع على الحصاد ثم اكترى
الأرض لم يجز أن يقر الزرع حتى يبدو صلاحه؛ لأنه لم يملك الأرض، ولو اشترى الثمرة على التبقية ثم اشترى الأصل لم يكن له أن يبقيها؛ لأن عقد الثمرة فاسد، ولو ورث الأرض بعد ذلك جازت التبقية قاله مالك؛ لأن الثمرة إذا فسخ بيعها رجعت إليه بالإرث.
قُلتُ: في شفعتها يجوز ابتياعه الزرع بعد ابتياعه الأرض فيبقيه فيها ويحل محل البائع، وله بيع الأرض دون الزرع، ولا يبطل البيع في الزرع؛ لأن شراءه الأرض لم ينتقض، وفي الاستحقاق انتقض.
وفي أكرية الدور منها: إن انقضت السنون، وفي الأرض للمكتري زرع لم يبد صلاحه لم يجز لرب الأرض شراؤه، وإنما يجوز بيع زرع أخضر بشرط مع الأرض في صفقة، وكذا الأصول بثمرها، ونقل بعض المغاربة جواز شرائه رب الأرض لا أعرفه نصًا ولا يبعد تخريجًا، ونص أبو إبراهيم أن من صارت إليه الأرض بشراء من مكريها أو هبة أنه كمكريها في منع شراء زرعها.
وبيع التمر بعد بدو صلاحها جائز:
ابن الحاجب: ما لم يستثن نحو البذر من الكتان.
قُلتٌ: استثناؤه كالجنين، وبعضهم يخرج فيه الخلاف من كون المستثنى مبقى، ويلزم مثله في سائر الحبوب، كالقمح والفول.
ابن حارث: اتفقوا في الحائط تزهو فيه نخلات، أنه جائز بيع جميعه، وإن أزهى ما حوله فسمع ابن القاسم: أنه كذلك إن كان الزمن أمنت فيه العاهات.
وقال ابن القاسم: لا أراه حرامًا وأحب إليَّ حتى يزهو، وقاله ابن حبيب وحكاه عن مُطَرِّف.
قُلتُ: ظاهر ما عزاه الباجي لمُطَرِّف المنع لا الكراهة قال: إذا بدا صلاح نخلة بحائط جاز بيع ما حواليه من الحوائط مما هو كحاله في التبكير والتأخير خلافًا لمُطَرِّف من أصحابنا والشافعي قالا: لا يباع بطيبها غير حائطها.
قُلتُ: ففي جوازه واستحباب تركه حتى يبدو صلاحه، ثالثها: المنع وعزوها واضح، وسمع ابن القاسم: بجواز بيع الحائط فيه صنف واحد من الثمر يبدو
صلاحه، وإن لم يعم كل الحائط إن كان طيبه متتابعًا ولا يجوز بيعه بالشيء المبكر، وإن كانت أصنافه من التمر مختلفة لم يبع منها إلا ما طاب، ولا بأس ببيع الدالية، وقد طابت الحبات في العنقود وسائرها لم يطب، والتينة كذلك.
ابن رُشْد: يريد بالصنف الواحد: أنه نخل كله أو تين كله أو رمان كله، ولو اختلفت أجناس ذلك إذا تتابع طيب جميعه قريبًا بعضه من بعض.
وقال ابن كنانة: وإن لم يقرب بعضه من بعض إن كان لا يفرغ آخر الأول حتى يطيب أول الآخر، ويقوم هذا من قول مالك في رسم طلق في مسألة الجنين؛ لأن البطنين في الثمرة الواحدة كالجنسين من صنف واحد، وإن كان أصنافًا مثل عنب وتين، ورمان فلا يباع ما لم يطب من صنف بما طاب من آخر اتفاقًا، ولو قرب وتتابع إلا أن يكون ما لم يطب تبعًا لما طاب على اختلاف نذكره في آخر سماع أشهب إن شاء الله تعالى.
وقوله: إن كانت أصنافه من التمر مختلفة لم يبع منها إلا ما طاب معناه مثل ثمر، وتين وعنب، ورمان، والرواية في الثمر بالثاء المعجمة بثلاثة لا باثنتين، ثم حصل في وقف بيع الحائط على بدو صلاح جميعه أو صلاح بعضه، وهو متتابع قريب بعضه من بعض. ثالثها: يجوز ولو لم يقرب إذا لم ينقطع الأول قبل بدو صلاح الثاني، ورابعها: يجوز ببدو صلاح ما حوله لأول قولي مالك، وثانيهما، وابن كنانة وقول مالك في رسم أخذ يشرب خمرًا من سماع ابن القاسم مع ابن حبيب.
قُلتُ: هذا خلاف نقل ابن حارث عنه، وخامسها: نقل ابن حارث عنه مع ابن القاسم أحب إلىَّ أن لا يباع بما حوله.
قال ابن رُشْد: وما استعجل زهوه بسبب مرض في الثمرة وشبهه لم يبع به الحائط اتفاقًا، سمع ابن القاسم الشجرة تطعم بطنين في السنة بطنًا بعد بطن لا يباع البطن الثاني مع الأول؛ بل كل بطن وحده ابن رُشْد ظاهر قوله: لا يجوز، وإن كان لا ينقطع الأول حتى يبدو طيب الثاني وهو خلاف ما تقدم من قوله.
وروى ابن وَهْب: جواز بيع البطن الثاني مع الأول إن كان لا ينقطع الأول حتى يدركه الثاني.
قُلتُ: يفرق بأن البطن الثاني غير موجود حين بيع الأول ولا مرئي بخلاف الصنفين؛ لأنهما مرئيان حين بيع أولهما طيبًا.
الشَّيخ عن ابن حبيب: وقت جواز بيع الزيتون إذانها ناحية الاسوداد وكذا العنب الأسود، وأما الأبيض فإن بيان ينحو ناحية الطيب وحد الإزهار في كل الثمار إذا نحت ناحية الاحمرار وانبعثت للطيب.
ابن الحاجب: (وصلاحها زهوها وظهور الحلاوة).
قال ابن عبد السلام: ظهور الحلاوة لا أحفظه عن المتقدمين.
قُلتُ: للمتيطي: بدو صلاح العنب دوران الحلاوة فيه مع اسوداد أسوده وحاصله في سائر الثمار إمكان الانتفاع به.
وفي سلمها الأول: لا يباع الحب حتى ييبس وينقطع عنه شرب الماء حتى لا ينفعه الشرب.
اللخمي: في الموازيَّة عن ابن شهاب: كان العلماء يقولون بدو صلاح الزرع إذا أفرك، قال: والأول أحسن لحديث ابن عمر حتى يبيض.
قُلتُ: يقع في بعض النسخ أشهب بدل ابن شهاب، وهو غلط إنما هو ابن شهاب كذا في النسخ العتيقة، وكذا وقع في النوادر عن ابن شهاب، الشَّيخ روى محمد إذا يبس الزرع وفيه ما لا خطب له لم ييبس فلا بأس ببيع جميعه وفي سماع أَصْبَغ قال: سألت أشهب عن صلاح البطيخ الذي يحل بيعه أهو أن يؤكل بطيخًا أو فقوسًا؟ قال: أن يؤكل فقوسًا، قال أَصْبَغ: فقوسًا قد تهيأ للبطيخ فأما الصغار فلا.
ابن رُشْد: قول أَصْبَغ خلاف لقول أشهب؛ لأن مذهبه جواز اشتراء المقاثي إذا عقدت، وإن كان يريد تركها حتى يصير بطيخًا كالثمار إذا بدا صلاحها، وإن أراد تركها حتى تيبس، وقيل: لا يجوز شراؤها بعد طيبها على أن يتركها حتى تيبس والقولان قائمان من المدَوَّنة؛ لأنه لم يجز فيها شراء الفول أخضر على أن يترك حتى ييبس، وذلك معارض لقوله: في النخل والعنب إذا اشترى أخضر ثم أصيب بعد أن يبس إنه لا جائحة فيه؛ لأن الظاهر منه إجازوة شرائه، على أن يتركه حتى ييبس وهو مشهور المذهب وعلى الثاني يأتي قول أَصْبَغ، وفي الموطأ عندنا في البطيخ والقثاء والخربز والجزر أن بيعه إذا بدا صلاحه جائز، وللمشتري ما ينبت حتى ينقطع ثمره، وليس فيه وقت يوقت وهو معروف عند الناس.
الباجي: الخربز: نوع من البطيخ وكذا الباذنجان والقرع؛ لأنه لا يمكن حبس أولها على آخرها، وهذه ثلاثة أضرب:
ضرب تتميز بطونه ولا تتصل كالتين والنخل والورد والياسمين والتفاح والرمان والجوز هذا لا يباع ما لم يظهر من بطونه بظهور ما ظهر منها وبدا صلاحه، وحكم كل بطن منها مختص به.
وضرب تتميز بطونه وتتصل كالقصيل والقرط فإطلاق العقد فيه لما ظهر منه فقط.
قال محمد بن مسلمة: والبقول بمنزلة القضب.
وسمع القرينان: أيشتري الموز قبل أن يطيب حتى ينزع؟ قال: لا بأس به.
ابن رُشْد: من شأنه أن لا يطيب حتى يدفن في التبن أو غيره؛ فلذا جاز بيعه قبل طيبه، وذلك إذا صلح للقلع فصلاحه للقلع هو طيبه الذي يبيح بيعه، وكذا ثمار عندنا تسمى المشتهي.
المتيطي: يجوز بيع المقاثي والمباطخ، إذا بدا صلاح أولها وإن لم يظهر ما بعده، وكله للمشتري إلى تمام إطعامه والورد والياسمين إذا آن قطاف أوله وكله للمشتري إلى
آخر إبانه.
وفيها آخر المساقاة: لا بأس بشراء الموز في شجره إذا حل بيعه، ويستثنى من بطونه خمس بطون أو عشرًا أو ما تطعم هذه السنة أو سنة ونصفًا وذلك معروف والقضب مثله.
وفي البيوع الفاسدة منها: لا يجوز بيع ما تطعم المقثأة شهرًا.
الباجي: قال محمد بن مسلمة: يباع الموز سنتين، وروى ابن نافع: لا أحب بيعه أكثر من سنة بالزمن الطويل ولا يصح إلا أن تكون بطونه متصلة في هذه المدة ولا يتقدر بالتمام؛ لبقاء أصله فإن تميز كل بطن من الآخر، واتصلت صح شراؤه بعدد البطون، وإن اتصلت ولا تتميز قدر بالزمن كالمياه، والجميز.
روى محمد: إن اتصل نباته فهو كالمقاثي وإن كان منفصلاً فلا خير فيه والسدر مثله يريد: وأما بيعه إلى أن يفنى الأصل كالمقاثي فلا يجوز.