الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب في شرط الحوالة]
والمذهب: توقفها على رضى المحيل والمحال، وصرح ابن الحاجب وابن شاس بأنهما من شروطها، ولم يعدهما اللخمي وابن رُشْد منها، وهو الأحسن والأظهر أنهما جزءان لها؛ لأنهما كلما وجدا وجدت.
والمعروف لغو رضى المحال عليه:
ابن زرقون: في الزاهي لابن شعبان: يعتبر رضاه فلا تلزم الحوالة دونه، والمشهور شرطها بكونها على أصل دين، فإن وقعت على غيره فطرق.
ابن رُشْد: في تخييره في طلب المحيل والمحال عليه، وشرطه بعدم المحيل وعكسه، رابعها: كحوالة على أصل دين لابن رُشْد عن سماع عيسى بن القاسم وأحد قوليه فيها واحد القولين الظاهرين منها، ومن قول مالك وابن القاسم في سماعه أيضًا، ولابن الماجِشُون: المازري إن كانت على إبراء المحال المحيل مطلقا دون قيد فلا رجوع له عليه بحال، وإن كانت على أنه ما دام متمكنًا من أخذ حقه؛ فله الرجوع عليه اتفاقًا فيهما، ومحل الخلاف ما سواهما.
اللخمي: إن علم المحال أنه أحيل على غير أصل دين، فإن كان هبة بدئ بالمحال عليه إن كان موسرًا اتفاقًا، فإذا فلس ففي كون الحوالة عليها جوزا فيثبت أو لغوها فتسقط قولان، فعلى الأول يحاصص بها المحال، ولا يرجع بما بقي له على المحيل، وإن لم يعلم؛ فله الرجوع على المحيل عاجلاً؛ لأن كونها على غير أصل دين عيب، إلا أن يكون المحال عليه لا يخشى فلسه أو يحكم الحاكم بوجوب الهبة عند الفلس فيسقط العيب، وإن أحاله على فلس، ولم يجد عنده شيئًا رجع المحيل اتفاقًا إن كان معسرًا، فللمحال محاصة غرماء المحال عليه، على القول بصحة الهبة بالحوالة؛ لأن منفعة السلف هبة لأفاد المحيل شيئًا تحاص فيه المحال، والمحال عليه بما لكل منهما عليه، فإن
كان دين المحال بالمائة، وصار له بالحصاص من المحال عليه خمسون، وطرأ للحميل ضربًا بينهما بالسواء؛ لأن الذي قضى خمسون والباقي له خمسون، فأخذ الغريم الأول منها خمسة وعشرين، ويأخذ الغرماء المقرض خمسة وعشرين، ثم ينظر لما كان يضرب به المحال يصبر له خمسة وسبعون ينوبه من الضرب الأول ثلاثة وأربعون إلا سبعًا، والفاضل عنده سبعة وسبع يضاف إلى الخمسة والعشرين التي صارت لغرماء المقرض، جميع ذلك اثنان وثلاثون وسبع يقتسمانها أسباعًا.
قُلتُ: للمحال ثلاثة أسباعها وللغرماء ما بقي.
ابن زرقون: فتحصل في شرط براءة المحيل خمسة أقوال.
ابن القاسم فيها: لا رجوع له على المحيل.
ورواية ابن وَهْب فيها: لا رجوع له إلا في الفلس والموت، ورواية مُطَرِّف كعيسى عن ابن القاسم أنه بالخيار، وقول ابن الماجِشُون وأشهب أن الشرط باطل، وهي حمالة لا يطلب إلا في غيبة المحيل أو عدمه، وقول مالك وابن القاسم لا ينفعه الشرط إلا في ذي سلطان أو إلى القضاء.
قُلتُ: قوله: فتحصل إلخ، نقله عن ابن الماجِشُون مع ما تقدم لابن رُشْد عن ابن الماجِشُون، ومثله نقل ابن زرقون كلام الباجي الحوالة على غير أصل دين حمالة عند جميع أصحابنا إلا ما قاله ابن الماجِشُون إلا ما وقعت بلفظ الحوالة؛ فلها حكم الحوالة يوجب كون محل الأقوال الخمسة هو إذا لم يصرح بلفظ الحوالة، وكذا نص عليه في المقدمات في كتاب الحمالة خلاف ظاهر لفظ ابن زرقون في المحيل، فمحمل أقوال ابن رُشْد الأربعة خلاف محمل أقوال ابن زرقون الخمسة فتأمله، وظاهر نقل ابن عبد السلام أو نصه أن محمل الخلاف في ذلك كله واحد وهو غير صحيح لما بيناه من مناقضة نقل الباجي مع ابن رُشْد عن ابن الماجِشُون لما نقل ابن زرقون عقب نقل الباجي قول ابن الماجِشُون، ثم يختلف على قول الجماعة بمن يبدأ.
قال التونسي في المدَوَّنة: لفظًا مرة جعل ذلك حمالة يبدأ ممن عليه الدين، ومرة بالحميل، وفي سماع ابن القاسم بأيهما شاء.
ويشترط كونها بما حل على ما حل:
الباجي: إنما لم يحل كمن أخذ في دينه قبل حلوله من جنسه ما هو أقل أو أكثر وأجود أو أردى؛ لتعذر تماثل الذمم فيدخله ضع وتعجل، أو حط عني الضمان وأزيدك، ومثل هذا عند حلول الأجل جائز.
وفي ثاني سلمها: لو استقرض مسلم له طعامًا، وأحال عليه من له عليه مثله؛ جاز ولو قبل حلوله فأورد بعض أهل درس شيخنا ابن عبد السلام حين أقرأنها خلاف المذهب في شرط حلول المحال به، فلم يحضره ولا غيره جواب، ثم بلى لي يسره، فإن شرط الحلول إنما هو في الحوالة الحقيقية التي هي أصل دين، وهذه مجاز؛ لأنها على غير أصل دين، وهي حمالة ويؤيده قولها في الحوالة إن أحالك مكاتبك على من لا دين له قبله لم يجز؛ لأنها حمالة، ولا تجوز حمالة بكتابة، وتجوز الحوالة بها على أصل دين.
وفي شرطها بحلولها كالدين قولا ابن القاسم وغيره فيها، وصوبه سَحنون، واللخمي والصقلي، واحتج الغير بأنها ليست بدين ثابت، فهي كتعجيل عتق مكاتب بدنانير قبل حلها على دراهم معجلة أو مؤجلة، كأن لم يكن قبله إلا ما أدى، فابن القاسم بكراهة ملك بيع الكتابة من أجنبي بشيء مؤجل، فجعلها مع الأجنبي كالدين، ورده التونسي وعبد الحق والصقلي واللخمي، بأن هذه معاملة بين السيد والأجنبي، وفي مسألة النزاع معاملة بين السيد ومكاتبه.
المازري: عذر ابن القاسم عن هذا أن حوالته على أجنبي لا شبهة للسيد في ماله، فأشبه ذلك شراء الأجنبي الكتابة بعض شُيُوخ عبد الحق إن لم تحل الكتابة على وجه لا تجوز بين أجنبيين، وأحال سيده بشرط تعجيل العتق أو بشرط عدمه لم يختلف فيهما، وإن لم يشترطا، فقال ابن القاسم: يفسخ؛ يريد ما لم يفت بالأداء، وعند غيره يحكم بتعجيل العتق لما ذكره المازري قال: تقدم الخلاف في تحويل الكتابة على وجه لا تجوز بين الأجنبيين مع عدم شرط تعجيل العتق، فإن كان الغير ممن يمنع عدم شرطه تعجيل العتق، فقوله: لا يختلفان أو بشرط عدمه لم يختلف فيها، وإن لم يشترط، فقال ابن القاسم: يفسخ؛ يريد: ما لم يفت إذا شرطا تأخير العتق صحيح.
قُلتُ: الأظهر أنهما لا يختلفان مع شرط تأخير العتق مطلقًا؛ لأن القول بجوازه مع
تأخيره؛ إنما هو إذا كان ذلك بين السيد وبين مكاتبه لا بينه وبين الأجنبي.
وفيها: إن أحالك مكاتبك بكتابته على مكاتب له بقدرها؛ لم يجز إلا ببت العتق في الأعلى، فإن عجز الأسفل؛ كان له رقًا.
الصقلي: يريد: وإن لم يحمل الكتابة إلا على شرط تعجيل العتق مما لا تجوز الحمالة بالكتابة إلا بشرط تعجيل العتق.
المازري قالوا: لا معنى لشرط تعجيل العتق مما لا تجوز الحمالة؛ لأن الحكم يوجبه؛ لأن السيد أخذ عوض ماله على مكاتبه، فإذا باع منه نجومه، وأخذ عوضها صار حرًا.
الصقلي عن بعض الفقهاء: القياس أن لفظ الحوالة موجب؛ لتعجيل العتق وهو غير قول ابن القاسم، وأجاز المازري اعتذارًا عن شرط تعجيل العتق بما تقريره أن الحوالة؛ إنما أوجبت براءة المحيل حيث كونها على تحقق ثبوته، وهو الدين الثابت في الذمة والمحال عليه هنا ليس كذلك لاحتمال عجز الأسفل بما بحصل نفس المحال عليه؛ لضعف إيجاب هذه الحوالة البراءة التي هي موجبة للعتق، فافتقر إلى شرطها بالعتق، ويشترط تماثل صنف الدينين.
وفي شرط تفاوتهما في الصفة والقدر مطلقًا، وجواز كون المحال عليه أقل أو أدنى قول المقدمات شرطها تماثلها في القدر والصفة لا أقل ولا أكثر، ولا أدنى ولا أفضل، ونص القاضي مع المازري والمتيطي، وقال: شرطها ستة كونها على دين، واتحاد جنس الدينين، واتحاد قدريهما وصفتهما، وكون المحال عليه أقل أو أدنى، وحلول المحال به، ولا بغير المحيل المحال بفلس المحال عليه، وكونهما بمحض للمحال عليه، ولو جهل يسره عسره، وزاد ابن فتوح، وإقراره بالدين، وقول ابن الحاجب منها: أن يكونا هما متجانسين لا يفتقر إلى الرضا لو أعطيه فيجوز بالأعلى على الأدنى يتعقب بأنه إنما أراد بمدلول لا يفتقر إلى الرضا لو أعطيه المماثل كان تكرارًا عن قرب. وإن أراد ما هو أجود هو، وقول محمد: إن اختلفا في الصنف أو الجودة، وقال: وهما عرضان لم يجز، ولو حلا إلا أن يقبض قبل الافتراق نحو قول المقدمات: وفي هباتها لا يجوز بدنانير على دراهم، ولو حلا.
الصقلي عن محمد: إلا أن يقبضه قبل افتراق الثلاثة وطول المجلس.
وفيها: طعامًا القرض كالعرضين، ومنعها في طعامي السلم مطلقًا.
ابن القاسم: فيها.
الصقلي: عن أشهب ولو حلا إلا أن تتيقن رؤوس أموالهما؛ فيجوز تشبه التولية، وعن ابن حبيب: إن كان أحد الطعامين قرضًا؛ جازت الحوالة بما حل على ما لم يحل، قاله مالك وأصحابه إلا أن ابن القاسم بشرط حلولهما.
الصقلي: وقولهم أصوب.
ابن رُشْد: وينزل المحال في الدين الذي أحيل به، فنزله من أحاله؛ فنزلته في الدين الذي أحيل به فيها؛ يريد: أن يأخذ به من المحال عليه أو يبيعه به من غيره.
قُلتُ: هو قول سلمها الثالث، وتقدم ما فيه في الاقتضاء من ثمن الطعام طعامًا.
المازري: شرط بيع الدين علم حال ذمة المدين، وإلا كان غررًا بخلاف الحوالة؛ لأنها معروف، فاغتفر فيها الغرر.
قُلتُ: ونحوه قول اللخمي: أجاز مالك الحوالة مع جهل ذمة المحال عليه.
وقال الصقلي ما نصه: الحوالة بيع دين بدين أجيزت رخصة، وشراء الدين لا يجوز حتى يعرف ملؤ الغريم من عدمه.
قُلتُ: ولازم هذا الكلام أن الحوالة لا تجوز يعني من يعرف ملأ الغريم من عدمه، وهو خلاف نقل المازري واللخمي، فتأمله.
وحدوث فلس المحال عليه بعد الحوالة لغو لا يوجب فيها نقضًا.
وسمع سَحنون المغيرة إن شرط المحال عليه على المحيل إن فلس رجع على المحيل فله شرطه، ونقله الباجي كأنه المذهب.
وقال ابن رُشْد: هذا صحيح، لا أعلم فيه خلافًا.
قُلتُ: وفيه نظر؛ لأنه شرط مناقض لأصل عقد الحوالة، وأصل المذهب في الشرط المناقض للعقد أنه مفسد، وفي بعضها يسقط الشرط، ويصح العقد كالبيع على أن لا جائحة. فتأمله.
وظهور تقدم فلسه فيه تفصيل.
وفيها: لو غرك من عدم يعلمه بغريمه أو فلس؛ فلك طلب المحيل، ولو لم يغرك كانت حوالة لازمة، ونقلها اللخمي بلفظ إن كان ظاهرًا ليسر، وعلم المحيل فقره؛ فللطالب الرجوع عليه.
قال مالك: لأنه غره وأرى أن له الرجوع؛ لأنه لو علم بفقره ما قبل الحوالة. المازري. انظر لو شك المحال في كون المحال عليه والمحيل عالم يفقره، هل دلسه، أو قبوله الإحالة مع شكه دخول على فقره، وعلم المحيل بفقره، وهو ظاهر الملأ تدليس، والأظهر على أصل المذهب أن له مقالاً، ولو كان شاكًا.
قُلتُ: ففي رجوعه بظهور فقره مطلقًا، أو إن أعلمه المحيل مطلقًا، ثالثها: هذا والمحال عليه ظاهر الملأ، المازري مع اللخمي وظاهرها، ونقله عن المذهب.
الباجي: إن جعل كون المحيل غارًا.
قال مالك: إن اتهم أحلف؛ ومعناه: إن ظن أنه يرضى بذلك، وتعقب التونسي وغيره قولها بقولها في المساقاة: من باع سلعة بثمن لأجل ممن ظن ملاؤه، وهو عديم لا مقال.
قال الصقلي: الفرق أن الحوالة دين بدين أجيزت للرخصة وشراء الدين لا يجوز حتى يعرف ملأ الغريم من عدمه؛ لأنه شراء لما في ذمته بوجود ذمته معيبة كوجود السلعة معيبة، والذي باع السلعة لم يقصد شراء ما في ذمته.
قُلتُ: ويفرق بأن للبائع نفع المعاوضة بربح، أو بحصول غرضه في معاوضته شيئًا، بغيره، والمحال لا نفع له، وبأن المبيع لما كان على المكايسة كان مظنة لعلم البائع بفقر المشتري، وبأن إعلام المشتري بفقر نفسه يوجب عدم معاملته فيتضرر وإعلام المحيل بفقر المحال لا يضره لقدرته على بيعه.
بعض شُيُوخ عبد الحق فرقوا بين أن يغر ولم يجعلوه كعيوب السلع؛ لأن البيع مكايسة يغلظ على البائع فيه، والحوالة معروف يسهل على المحيل فيه حتى يغر.
الباجي: الفرق من ثلاثة أوجه: عيب السلعة عيب في نفس العوض، وفلس المحال عليه عيب في محل العوض، الثاني: الحوالة كعيب البراءةح فلا يرجع إلا بما علم، وعليه يجب حلفه المحيل ما علم بفلسه على ظاهر قول مالك، وعلى ما ليحيى عن ابن القاسم
في بيع البراءة لا يمين عليه إلا أن يدعي ذلك المحال أن عيب الذمة خفي كالعيوب الباطنة، فإن علمه المحيل صار كغير الباطنة.
قُلتُ: وبه فرق المازري.
التونسي: انظر لو أنكر المحال عليه الدين هل عدم البينة به عيب؟ لولا التفريط للمحال في ترك الإشهاد عليه بعد حضوره، وإقراره ولو كان غائبًا، فلما حضر إنكاره كان للمحال حجة.
المازري: الصواب إن كان غالب الديون ببينة أن له الحجة؛ لأنه يقول: إنما تركت ثقة بالبينة، وقوله في الغائب صحيح، وإن لم يصدق المحال، وقوله في المحيل في صحة دينه، فإن صدقه جرى على الخلاف فيمن دفع وديعة لمن زعم أن ربها أمره بقبضها منه، وصدقه المودع وأنكر ربها فغرمها له هل يرجع على قابضها بها لغرمه إياها، أو لا لتصديقه إياه؟ ومن أحيل على ثمن عبد، فاستحق، ففي لزوم الحوالة فيرجع المبتاع بما غرم على بائعها، ونقضها فيرجع به على المحال إن قبضه قول ابن القاسم فيها، وأشهب مع محمد ونقله عن أصحاب مالك.
اللخمي: بناء على أنها معروف أو بيع قائلاً: ولو لم يحل بالثمن وباعه وهو عين أو ثوب، ثم استحق العين قبل قبض ثمن الثوب من مشتري العبد؛ لكان مشتري الدين والثوب أحق على القولين، ولو أحال على الثوب من له عليه مثله؛ لكان المحال أحق بالثوب على قول ابن القاسم، ويرجع مشتري العبد على بائعه بقيمة الثوب، ولا يكون أحق به على قول أشهب، وكذا الجواب إن وجد مشتري العبد به عيبًا فرده.
قُلتُ: سمع أَصْبَغ ابن القاسم في العيب كقوله في الاستحقاق.
ابن رُشْد: على أن الرد بالعيب نقض بيع يدخل فيه قول أشهب على قوله: لا يدفع الثمن للمحال، وإن كان دفعه له استرده منه، وإن فات عنده على قوله: مضى له ورجع المشتري بالثمن على البائع، وقيل: لا يلزمه دفعه له، وإن دفعه له؛ لم يكن له أخذه منه، ورجع به علىى البائع، وإن فات من يده، وإن شاء رجع على البائع؛ لأن العيب كشف أنه أحاله بما لا يملكه، وعلى أنه ابتداء بيع يلزمه أن يدفع إلى المحال الثمن قولاً واحدًا، وكذا إن أعطا ثمن العبد، ثم استحق أو رد بعيب على هذه الأربعة الأقوال:
أحدها: أن العطية فوت، ويلزم المبتاع أن يدفعه للمعطي، ويرجع به على البائع المعطي قاله ابن القاسم في المدنيَّة إن جمع بينه وبينه، وأقر له به، وهو قول بعض الرواة في النكاح الثاني منها في هبة المرأة: صداقها على الزوج قبل البناء، فيطلقها يلزمها دفع جميعه، ورجع بنصفه على المرأة.
والثاني: لا يفوت إلا بالقبض.
والثالث: لا يفوت إلا بالاستهلاك بعد قبضه، فإن لم يفوته كان له أخذه.
والرابع: أن العطية لا تصح بحال؛ لأن العيب كشف أن أعطى ما لم يملك، وإن كان دفعه واستهلكه رجع المبتاع على البائع، ورجع البائع على المعطي حكاه محمد عن ابن القاسم في صدقة المرأة بصداقها بعد قبضها إياه، فيطلقها قبل البناء أنه يرجع عليها بنصف الصداق، وترجع هي على المعطي، وفي المسألة خامس: إن كان الواهب عديمًا؛ فللمشتري حبسه إن لم يدفعه، وإن كان مليَا؛ لزمه دفعه للموهوب له، ويتبع به الواهب، قاله ابن القاسم في المدَوَّنة: في المرأة تهب صداقها، ومقتضى النظر أن يكون هذا الخلاف في الرد بالعيب على أنه بيع مبتدأ، أو في الطلاق قبل البناء على وجوب كل المهر للزوجة بالعقد وأن لا تجوز العطية في الاستحقاق، ولا في الرد بالعيب على أن نقض بيع، ولا في الطلاق على أنه لا يجب للزوجة بالعقد إلا نصف الصداق، فيأتي جواب ابن القاسم في هبة الزوجة صداقها قبل البناء على أنه لا يجب لها بالعقد إلا نصف المهر، وجواب بعض الرواة على وجوب جميعه.
الباجي: لو أشهد بائع العبد بصدقة ثمنه، ثم استحق أو رد؛ فلأَصْبَغ وأبي زيد عن ابن القاسم في العتبيَّة: أنه إن قبض المتصدق عليه الثمن، فات عنده لم يرجع عليه بشيء، ويرجع المشتري على البائع، كما لو قبضه المتصدق، وتصدق به، ولو لم يفت بيد المعطي أخذه منه المشتري، ولا شيء للمعطي.
ابن زرقون: كذا نقلها الشَّيخ في النوادر، وهو وهم إنما في سماعها فوته بمجرد القبض، ولو ادعى المحيل أن الحوالة توكيل للمحال على القبض وأكذبه المحال، ففي كونها حوالة حتى يقوم الدليل على كونها وكالة ككون المحال ممن يتصرف للمحيل أو كون عادة المحيل التوكيل على التقاضي، وهذا ممن يتوكل في مثل ذلك، أو يكون المحال
ممن لا يشبه مثل ذلك أو بالعكس.
نقل اللخمي عن ابن الماجِشُون، وأخذه عن ابن القاسم في العتبيَّة: إن قال المحيل: أقرضتك ما قبضت، وقال: المحال ما قبضته كان لي دينًا عليك، أحلتني به المقتضي غارم، وهي سلف اللخمي هذه أحري أن يقبل قول القابض؛ لأنه أحرى أن يكون أحاله ليقبضها لنفسه، وفي الأولى ما أقر أنه جعل قبضها لنفسه، وأرى أن ينظر هل بينهما ما يشبه أسلفه أو لا، وهل بينهما معاملة؟.
المازري: في تخريج شيخنا نظر؛ لأن قول المحيل يشبه الحوالة على دين؛ لأنه لما التزم أن يسلفه صار كدين عليه، فصارت الحوالة هنا على دين باتفاقهما، والمسلمة من أصل آخر، وهو من قال: قبضت من فلان مائة دينار كانت لي عليه، وقال الدافع: بل هي سلف مني لك في كون القول قول الدافع أو القابض، قولان.
قُلتُ: قول ابن القاسم هو سماعه يحيى، وفي لفظ: أما إحالته إيلال فليس بإقرار؛ بل هو بذلك سلف، وللقابض أجر تقاضيه إن كان له أجر.
ابن رُشْد: إن أشبه قول أحدهما دون الآخر؛ فالقول قوله اتفاقًا، وإن أتيا معًا بما يشبه أو بما لا يشبه، فقول ابن القاسم وأشهب، القول قول المحيل، وقول ابن الماجِشُون: القول قول المحال، وقول ابن القاسم كقولها في كتاب المديان فيمن أمر رجلاً بدفع مال لفلان فيقول الآمر: كانت لي عليك، ويقول المأمور: لم يكن لكل علي شيء أن القول قول المأمور.
وقال ابن الماجِشُون: على معروف قول أشهب: لا يؤخذ أحد بأكثر مما أقربه؛ لأنه يقول: لم أقبض إلا حقي، خلاف قوله، وقول ابن القاسم في هذه المسألة، وقوله: للقابض أجر مثله نظر؛ إذ لم يدع الأجرة، إنما زعم أنه قبض لنفسه حقه، وكذا إذا قال المحيل: إنما أحلتك لتكفيني مؤنة التقاضي قبل قوله على ما حكاه ابن حبيب، وكان له أجره إن كان شيء له أجر، وهو ممن يعمل في مثل هذا بأجر.
اللخمي: إن قال المحال: بعد موت المحال عليه، أحلتني على غير مال، وقال المحيل: بل على مال، فهو حول ثابت حتى يثبت أنه على غير مال.