الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب بيع الاختيار]
وبيع الاختيار: قسيما من البيع الخيار وهو: بيع بت في بعض عدد من نوع واحد على خيار المبتاع في تعيينه وبيع الاختيار قسما من بيع بعض عدد من نوع واحد على خيار المبتاع في تعيينه وبته وتقدم حكمه في فصل بيعتين في بيعة.
اللخمي: من أخذ ثوبين ليختار أحدهما أو يردهما فادعى تلفهما ففي ضمانه أحدهما بالثمن أو كليهما بالقيمة والأقل منها ومن الثمن.
ثالثها: إن تطوع البائع بدفعهما، وإن سأله المشتري أخذهما ليختار، ضمنهما لابن
القاسم وأشهب، ومحمد عن ابن القاسم.
ورابعها: لابن حبيب في قبض أربعة لذلك يضمن كل واحد منها بالمسمى، وهذا قول أصحاب مالك؛ لأنه بالخيار في كل منها وقول أشهب أحسن.
قُلتُ: الأول قولها: قال كالذي يسأل رجلاً دينارًا فيعطيه ثلاثة ليختار أحدهما فيزعم أنه تلف منها دينار فإنه يكون شريكًا، ولو ادعى ضياع أحد الثوبين ففيها يضمن نصفًا من التالف، وله أخذ الثاني أورده.
وقال محمد: ليس له إلا أخذ نصفه؛ لأنه لم يبعه ثوبًا، ونصفًا.
اللخمي: قول أشهب أحسن له رد الباقي، ويغرم في التالف الأقل أو حبسه بالثمن وفي التالف القيمة ما بلغت واستشكل قولها يضمن نصف التالف على أصلها أنه ضمان تهمة لا ستحالة تهمته في نصفه فقط، فإن اعتبرت تهمته ضمن جميعه وإلا لم يضمن، ويرد بأن شرط إيجاب تهمته ضمانه كونها في مشتراه له، ومشتراه أحدهما مبهمًا ففض عليهما فكان مشتراه نصف كل منهما فصار كثوبين أحدهما مشترى بخيار، والآخر وديعة، ادعى تلفهما وإن أخذهما على لزوم أحدهما والخيار في تعيينه، فقال اللخمي: هو على أقوال الأربعة - إن لم تقم بالهلاك بينة ولو قامت به بينة فعلى قول ابن القاسم فكما لم تقم، وعلى أصل أشهب يضمنهما كالرهن والعارية، ويتخرج نفي ضمانهما، وأرى ضمانهما مع عدم البينة، ونفيه معها؛ لأنه قبضهما على أنهما على ملك البائع حتى يعين ما اشتراه منهما.
الشَّيخ عن ابن حبيب: تفرقة ابن القاسم بقوله: يضمن الثوبين معًا في قول المشتري أحدهما بالخيار دون إيجاب، وقوله يضمن أحدهما فقط في قوله: أحدهما على واحد بخياره غلط، وسواء أخذهما على لزوم واحد يختاره منهما أو على أنه فيه بالخيار إلا في ضياع واحد منهما يلزمه أخذ واحد من الباقي يختاره ولا يكون شريكًا به فيما يقى، وفي الثانية هو فيه بالخيار ويضمن التالف فيهما، ولا تشبهها مسألة الدنانير لأن الدنانير فيها أمانة بينة، وفي البيع كلها على الضمان لأنه مخير في كل منهما، ورده الصقلي بقوله: والدنانير أيضًا هو فيها مخير فلو قول ابن القاسم، ما فرق وإن تجاهله وتغليطه لابن القاسم لقبيح.
قُلتُ: الأظهر قول ابن حبيب، لأن معنى تفرقته: أن التخيير في البيع مقارن لعقده وهو مبني على المكايسة فضعف فيه تأمينه بخلاف مجرد الاقتصار، ولهذا المعنى فرق محمد بين طوع البائع ابتداء يدفعهما وبين سؤال المبتاع ذلك.
قال اللخمي: ولو ضاع أحدهما في بيعهما على لزوم أحدهما، فقال محمد: هما بينهما وعليه نصف ثمنهما.
وفي العتبيَّة: يلزمه نصف ثمن التالف، وله رد الباقي لضرر الشركة.
ولمحمد: إن كانا عبدين فالهالك من البائع ويرد الباقي على المشتري.
وفي كتاب ابن سَحنون: له رد الباقي، وقاله أشهب وابن عبد الحَكم، وجه القول بأنه لا يضمن التالف أن لزوم البيع في أحدهما موقوف على تعيينه المبتاع وليس القصد لزوم نصف كل منهما، ولو قال: أحد عبديه حر فمات أحدهما أو قتل ففي لزوم حرية الباقي بنفس فوت التالف ووقفهما على اختيار ربه عتقه قولا، سَحنون، فعلى الثاني له رد الباقي في البيع، وهو أحسن.
قُلتُ: ظاهر هذا التوجيه عموم نفي الضمان فيما يغاب عليه خلاف مفهوم قول محمد، وما عزاه للعتبية هو سماع ابن القاسم لفظه إن قال: لم أكن اخترت شيئًا اتهم، ولم يصدق، وغرم نصف التالف؛ لأنه لو هلكا معًا.
وقال: لم اختر، لم يصدق وضمن نصف كل منهما؛ لأنه كان أمينًا في نصف كل منهما.
ابن رُشْد: هذا وهم منه؛ لأنه إنما يضمن الواحد إذا تلفا معًا ونصف التالف إذا تلف أحدهما على قوله؛ لأنه أخذ أحدهما على الشراء والضمان والآخر على الأمانة، فلا معنى للتهمة وذهب وهله لمسألة من اشترى أحدهما ليختار وهو فيه بالخيار، وسَحنون يقول: فيما تلف في أحدهما ليختار أحدهما، وقد لزمه إن قامت عليه بينة على التلف فالمصيبة من البائع كالمشتري بخيار، لأنه جعل ذلك كمن اشترى شيئًا على الكيل وتلف قبله يقوم ذلك من قوله في المدَوَّنة، ومعناه: أن التلف لم يعلم إلا بقوله في مسألة الذي أخذ ثلاثة دنانير ليقتضي واحدًا منها، ويرد الباقيين فتلف أحدهما، أنهما شريكان، وسواء على قول ابن القاسم وروايته قامت على تلف الدنانير بينة أو لم تقم.
قُلتُ: قال عبد الحق: قال غير واحد من شُيُوخنا: ما وقع في مسألة الدنانير ومعناه: إن تلفها لا يعلم إلا بقوله هذا ليس بصحيح على ما قيدنا في مسألة الثياب إذا كان بأحدهما على الإيجاب وسواء علم تلف الدنانير أو لم يعلم، إلا بقوله، زاد الصقلي: وقاله أبو موسى بن مناس وغيره من القرويين وأسقط الشَّيخ وغيره قوله، ومعناه: أن تلف الدنانير لا يعلم إلا بقوله وهو الصواب.
قُلتُ: الأظهر ما قاله سَحنون في الدنانير؛ لأنه لا يلزم من لزوم الضمان في مسألة الثياب مع قيام البينة لزومه في الدنانير مع قيام البينة فإن أحد الثوبين وجب للمشتري بالعقد والمترقب باختياره تعيينه لا لزومه من حيث كونه أحدهما والدنانير لم يجب له أحدهما من حيث هو أحدهما بمجرد قبضها لتوقف ما يجب له منهما على كونه وازنًا وهذا يرد ما خرجه ابن رُشْد في الثياب لسَحنون من قوله ذلك في الدنانير، وقوله: إنه جعله كالكيل بمجرد دعوى يكفي في ردها منعها.
الشَّيخ والمازري عن ابن حبيب: إنما يصح قول مالك، إن كثرت الدنانير بحيث يعلم أن فيها وازنًا وإلا حلف القابض ما علم أن فيها وازنًا ولا ضمان عليه، وقاله من كاشفت من أصحاب مالك، ولابن القاسم في الموازيَّة من اقتضى عشرة دنانير من دينه فأعطاه دنانير ليزنها ويستوفي حقه منها ويرد ما زاد، وإن نقصت عن حقه عاد إليه ليوفيه إنها مضمونة؛ لأنها لا تنفك أن تكون قضاء أو كرهن بحقه.
قُلتُ: في حاصل هذا الضمان إجمال لاختلاف ضماني الاقتضاء والرهن ويجب كونه كالرهن لتحققه.
المازري: أشار أَصْبَغ إلى أنها قضاء ما كانت لا ترجع ليد صاحبها قال: وقال ابن القاسم: من حلف ليقضين فلانًا حقه إلى أجل معين فدفع إليه عند حلوله، دنانير على مثل الصفة أنه حانث إن لم يدفعها له على وجه القضاء.
قُلتُ: زاد في النوادر: لأن هذا رهن وقول المازري: أشار أَصْبغ إلى آخره لم أجده في النوادر؛ بل فيها قال أَصْبغ: إن كان عليه ثلاثة دنانير قائمة فدفع إليه ثلاثة، وقال له: زنها، ما وجدت من قائم خذه إن ضاعت قبل أن يعرف فيها قائم فهي من الدافع.
التونسي: إن قال: كنت اخترت هذا الباقي ثم ضاع الآخر، ففي الموازيَّة: يحلف
ويصدق وفي ذلك نظر اللخمي: اختلف هل يقبل قوله.
قُلتُ: سمع عيسى ابن القاسم إن قال: كنت اخترت هذا الباقي حلف على ما قال وسقط ضمان التالف؛ لأنه كان أمينًا.
ابن رُشْد: هذا كقوله وروايته فيمن ملك امرأته فتقول قضيت ما ملكني وناكرها، إن القول قولها خلاف قول أشهب ومن هذا المعنى تصديق المأمور فيما أمره به من إخلاء ذمته أو تعمير ذمة الآمر.
قول أشهب: إنه لا يصدق على أصله في المملكة، واختلف قول ابن القاسم في ذلك فقوله في المملكة، وفي هذه المسألة على أحد قوليه في هذا الأصل منها قوله في مسألة كله في غرائرك أو ناحية بيتك، فقال: فعلت، وضاع إنه لا يصدق، وقال فيمن قال لمدينه: ابتع لي لمالي عليك سلعًا، فقال: فعلت، وتلفت، أنه يصدق مثل قوله في مسألة اللؤلؤ في كتاب الوكالات، ومثل قوله في مسألة البنيان آخر كتاب الرواحل خلاف قول أشهب فيهما.
اللخمي: إن أخذ الثوبين على أنه بالخيار في أن يمسك أو يرد واحدًا والآخر لازم فضاعا ضمنهما اتفاقًا إلا أن تقوم بينة بالتلف قال: ويختلف إن قامت بينة بتلفهما، فقول ابن القاسم: يسقط ضمان أحدهما عنه، وعلى قول أشهب يضمنهما، وعلى القول الآخر لا شيء عليه فيهما يسقط ضمان أحدهما؛ لأن له رده والآخر؛ لأنه على ملك ربه إذا حلف ما كان اختار منهما شيئًا حتى ضاعا، وإن ضاع أحدهما ضمنه إلا أن تقوم بتلفه بينة فيسقط ضمان نصفه عند ابن القاسم، ويلزمه نصف الباقي، ويكون بالخيار في نصف الباقي، له أخذه فيعطي كل الثمن ويرده، ويغرم نصف الثمن، وعلى القول الآخر له رد جميعه نصفه لأنه كان فيه بالخيار، ونصفه بعيب الشركة، وعلى أحد قولي سَحنون لا شيء عليه في التالف؛ لأنه ضاع، وهو على ملك بائعه، وفوت مدة تعيين المشتري اختيارًا، ويرفع حق مشتريه في تعيينه إياه وتجب شركته به في جملة ما هو منه.
الصقلي: عن بعض الفقهاء في شراء أحدهما اختيارًا أو خيارًا، إن بعد مضي أمد خياره، فلا خيار له، ولزمه نصف كل منهما في الاختيار لا الخيار.
التونسي: وكذا يلزمه نصفهما لحدوث عيب في أحدهما ولو في مدة الخيار.
وفيها: إن ادعى على مبتاع ثوبين بالخيار ضياع أحدهما لزمه بالثمن.
الصقلي عن بعض القرويين: إن كان الهالك وجه الصفقة؛ لزماه كضياع الجميع، ويحمل على أنه غيبه، ولم يقيده اللخمي بذلك، وزاد: وعلى قول أشهب: له رد الباقي ويغرم قيمة التالف أو يمسك ويغرم ثمنهما وهو أبين وقبل المازري تقييد بعض القرويين.
قُلتُ: هو الجاري على قولها في مشتري عبد بثوبين يطلع على عيب به.
الصقلي عن ابن حبيب: وضمانه تلف أحدهما بحصته من الثمن ولو كان سمى لكل منهما ثمنًا على أن يأخذهما فضاع أحدهما ضمنه بما سمى له، وله أخذ الباقي أورده، والجناية على المبيع بخيار تقدمت في الخيار.
…
ملك قبل قبضه جائز إلا الطعام غير جزاف بعوض غير قرض، والمشهور بيع الجزاف قبل قبضه مطلقًا جائز وهو نصها.
الباجي: في المبسوط روى ابن القاسم لا بأس ببيعه قبل قبضه بثمن نقدًا أو مؤجلاً كبيع ما شترى من تمر في رؤوس النخل قبل جده.
وروى الوقار: لا يجوز بيعه قبل قبضه.
روى ابن نافع: يكره بيعه بنظرة قبل نقله لقول ابن عمر: بعث لنا النبي صلى الله عليه وسلم لا تبعه في مكانه حتى تنقله لمكان سواه.
قال مالك: تفسيره أن تبيعه بالدين ابن القاسم: كان يستحب ذلك، ولا يراه حرامًا وإن وقع؛ جاز.
القاضي: استحبه مالك؛ ليخرج من الخلاف.
قُلتُ: ففي جواز بيعه قبل قبضه ومنعه، ثالثها: يستحب كونه بعد نقله إن بيع بدين ورابعها: مطلقًا للمشهور معها وروايات الوقار وابن نافع والقاضي، وروى مسلم بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يكتاله.
وعن ابن عمر: أنهم كانوا يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتروا طعامًا جزافًا أن يبيعوه في مكانه حتى يحولوه؛ فالمنع أظهر لوجوب تقديم النص على المفهوم وتبع ابن عبد السلام عبد الحق في ذكره حديث أبي داود عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "نهى أن يبيع أحد طعامًا اشتراه بكيل حتى يستوفيه".
وقال فيه ابن القطان، في باب برنامجه ما نصه: سكت عنه وهو لا يصح وقال قبل ذلك إنما هو من رواية عمرو بن الحارث، عن المنذر بن عتيك عن القاسم بن محمد عن ابن عمر؛ والمنذر هذا مدني لا تعرف حاله.
قال أبو حاتم: روى عنه ابن لهيعة وعمرو بن الحارث وأبو معشر: ولم يعرف من حاله شيء فهي عنده مجهولة.
قُلتُ: عبر عنه المزي أنه مدني، وذكر من روى عنه مثل نقل ابن القطان وقال فيه: وثق، فظاهره أنه غير مجهول.
التونسي: اختلف فيما بيع من الطعام جزافًا مما لا يضمنه المبتاع بالعقد كلبن الغنم إذا اشترى شهرًا او ثمر غائب بصفة فمنع ابن القاسم بيعه قبل قبضه، وأجازه أشهب.
اللخمي: في الموازيَّة من ابتاع ثمر حائط غائب لم يره لم يجز أن يبيعه حتى يراه؛ لأنه في ضمان البائع يريد إن كانت يابسة؛ لأنه لا يسقط الضمان، وإن رضيه إلا فيما كان يابسًا، والمنع أحسن لعموم الحديث، وقد قال مالك في حديث النهي عن ربح ما لم يضمن: إن ذلك في الطعام، فبأي وجه كان في ضمان بائعه منع من بيعه ويختلف على هذا في الصبرة تحبس في الثمن على أن المصيبة من البائع.
قُلتُ: في قوله لا يسقط الضمان وإن رضيه إلا فيما كان يابسًا نظر؛ بل ظاهر المذهب أنها في ضمانه بمجرد رؤيته ورضاه قبل يبسها كاشترائها حاضرة، وضمان الجوائح في هذا الباب غير معتبر؛ ولذا لم يقيده التونسي وهو ظاهر قول الباجي؛ لأنه لما ذكر قول ابن القاسم وأشهب في مسألة اللبن قال: وجه قول أشهب أنه لم يبق على البائع حق توفية فيه كالثمرة في رؤوس النخل، والفرق على قول ابن القاسم بينهما وبين الثمرة أنها ليست في ضمان البائع على الإطلاق؛ وإنما هي في ضمانه على وجه مخصوص مختلف فيه.
قُلتُ: فظاهره جواز بيع الثمرة لا بقيد اليبس وهو دليل سماع ابن القاسم لا بأس بثمن اشترى نصف ثمرة بعد بدو صلاحها أن يبيعها قبل أن يجدها.
ابن القاسم: وكان يقول قديمًا ليس له بيعها حتى يستوفيها.
ابن رُشْد: وجه قوله بالمنع إنه كان لا يقدر أن يبين بحظه إلا بالقسمة بالكيل فيما يكال أو الوزن فيما يوزن أو العد فيما يعد أشبه المشتري من الطعام على ذلك والقول الآخر هو مقتضى القياس؛ لأن حظه داخل في ضمانه بالعقد كدخول جميعها بعقد الشراء وإن لم يستوفها إلا ما فيه من حكم الجائحة.
قُلتُ: فهذا نص من ابن رُشْد على لغو اعتبار اليبس وهو ظاهر السماع.
وقال ابن حارث: اتفقوا فيمن اشترى ثمر حائط بعد زهوه إنه يجوز له بيعه قبل جده، ومن باع تمرًا، واستثنى منه كيلاً يجوز له، ففي جواز بيعه قبل قبضه سماع ابن القاسم.
ونقل ابن رُشْد رواية ابن وَهْب قال: بناء على أن المستثنى مبقى أو مشترى، وسمع ابن القاسم: من اشترى بدينار قمحًا فاكتال نصفه، ثم سأله أن يعطيه بالنصف الثاني زيتًا أو عدسًا لا خير فيه.
ابن القاسم: لأنه بيع الطعام قبل قبضه.
قال مالك وإن أخذ مثل كيله شعيرًا جاز، وفي سلمها الثالث: كلما أكريت به أو صالحت به من دم عمد أو خالعت به من طعام بعينه أو مضمون على كيل أو وزن فلا تبعه حتى تقبضه.
الصقلي عن الواضحة: ما ارتزقه القضاة والكتاب والمؤذنون وصاحب السوق من طعام لا يباع قبل قبضه.
زاد ابن رُشْد: والجند؛ لأنها أجرة لهم على عملهم بخلاف ما كان وقفًا وصلة على غير عمل او على انه مخير إن شاء عمل أو ترك، ويجوز بيع الأرزاق والعطاء السنة والسنتين إن كانت داره مأمونة، فإن حبست انفسخ البيع وللمبتاع رأس ماله، ولا يجوز بيع أصل العطاء؛ لأنه بموته قاله أشهب وابن وَهْب، وجماعة من فقهاء التابعين، ولم يذكر مشاهير المؤلفين في منع رزق القضاة ومن ذكر معهم خلافًا.
وقال ابن بشير: ما يأخذه المستحقون من بيوت الأموال من طعام في جواز بيعه قبل قبضه قولان: جوازه؛ لأنه عن فعل غير معين فأشبه العطية والمعروف في طعام الخلع ما تقدم وأظن فيه قولاً كالعطية ولا اتحققه الآن وطعام النكاح كالبيع اتفاقًا. وفيها لمن كاتب عبده بطعام موصوف بيعه منه قبل محله بعرض أو عين إلى اجل لا من أجنبي في قول مالك؛ لأنه لا يحاصص به غرماء مكاتبه.
سَحنون: إنما يجوز إذا تعجل المكاتب عتق نفسه هذا لفظ المدَوَّنة عندي، وللصقلي مع التهذيب عنها: وإما أن يبيع من المكاتب نجمًا مما عليه من الطعام؛ فلا
يجوز؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه، إنما يجوز أن يبيعه جميع ما عليه فيعتق.
قال سَحنون: غنما يجوز إذا تعجل المكاتب عتق نفسه.
اللخمي: لا فرق بين المكاتب والأجنبي إن كانت دينًا فلا يجوز في المكاتب وإلا جاز من الأجنبي وقد منع سَحنون فسخ الكتابة في غيرها إن لم يتعجل العتق فكذا بيع الطعام، وأرى جوازه من المكاتب والأجنبي إن كانت قدر خراجه؛ لأنها غلة، وإن كانت أكثر بأمر بين أو كان إنما ينالها بما يستعين من الناس؛ لم يجز؛ لأنه ثمن للرقبة.
الصقلي: عن ابن حبيب: لا يجوز من أجنبي إلا أن يكون يسيرًا تافهًا.
وقيل: يجوز من المكاتب مطلقًا، وإن لم يجعل عتقه؛ لأنها ليست بدين ثابت، في الصلاة الثاني منها: احتجاج ابن القاسم بالذمي الذي ابتاع طعامًا على كيل فباعه من مسلم قبل كيله قال: بيعه غير جائز هذا لفظ المدَوَّنة والتهذيب ونقلها اللخمي قال مالك: لا أحب لمسلم شراءه قبل قبضه فلم يره محرمًا؛ لأنهم غير مخاطبين وبلفظ لا أحب وقعت في السلم الثالث في المدَوَّنة والتهذيب ونقلها المازري من كتاب الصلاة بلفظ منع شرائه قبل قبضه، وقال: رأى النصراني مخاطبًا بالنهي كالمسلم بناء على أنهم مخاطبون بالفروع.
قُلتُ: فحمل اللخمي المدَوَذنة على الكراهة، وحملها المازري على المنع، قال: وعورض هذا ببيع أم ولده عليه إذا أسلمت مع كونه مخاطيًا بأن لا يبيع أم ولده على هذه الطريقة ويعتذر بأن بقاءها في ملكه محرم أيضًا. وفي كون المنع معللاً بالعينة أو تعبدًا، نقل القاضي مع أبي الفرج والبغداديين.
ونقل اللخمي قائلاً: وهو أحسن، إن علل بالعينة جاز بيعه من بائعه بأقل ومن غيره وبأكثر وكان العرض كالطعام.
الباجي: قال عبد العزيز بن أبي سلمة ويحيي بن سعيد وربيعة: كل مكيل أو موزون أو معدود وإن كان غير مطعون لا يجوز بيعه قبل قبضه واختاره ابن حبيب، المازري عن أبي الفرج: لو سلم بيع الطعام من العينة، وبيع بنقد جاز بيعه قبل قبضه وهذا يشير إلى قريب من قول عثمان البتي بجوار بيع كل شيء قبل قبضه.
قُلتُ: ففي منع بيع المكيل وأخويه قبل قبضه وجوازه في غير الطعام يباع بثمن
مؤجل، ثالثها: في الطعام مطلقًا، لابن حبيب وأبي الفرج والمشهور.
الصقلي: في الموازيَّة من قبض ثمن طعام باعه قبل قبضه وفات به مشتريه أخذ منه واشتري به للغائب طعام إن قصر عنه فالباقي دين عليه وإن كان أكثر وقف له.
اللخمي: ورأى أن البائع الأول برئ بذلك الكيل، والتعدي في البيع إنما هو من البائع الثاني، واستحسن في السليمانية إذا اشترى الطعام أن يعاد إلى يد الأول حتى يوصله إلى من اشتراه منه.
وفيها: من ابتاع طعامًا فلا يواعد أحدًا على بيعه قبل قبضه.
اللخمي: المواعدة فيه كالصرف، وقد اختلف فيها. فيه ابن رُشْد فتكون فيه ثلاثة أقوال، وليس كما قال: والفرق أنها في الصرف إنما يتخيل فيها وجود عقد فيه تأخير وهي في الطعام قبل قبضه كالمواعدة على النكاح في العدة، وإنما منعت فيهما؛ لأن إبرام العقد محرم فيها: فجعلت المواعدة حريمًا له وليس إبرام العقد في الصرف بمحرم، فتجعل المواعدة حريمًا له، وقد ذكر هذا الفرق لمن يسمى بالفقه فلم يفهمه وهو ظاهر والله أعلم. والتعريض على بيع الطعام قبل قبضه كالتعريض في نكاح المعتدة.
وفيها: لا تبع طعامًا تنوي أن يقضيه من هذا الطعام الذي اشترى كان بعينه أو بغير عينه.
الصقلي عن سَحنون: هذه مسألة ابن المسيب والعجب منهم كيف كرهوها وفي الفقه لا تضر.
اللخمي: إذا عقد بيعًا على طعام في ذمة ونيته أن يقضيه من ذلك الطعام فلا أثر لهذه النية، وقد أجيز التعريض في النكاح فكيف بما يضمر؟ وقيل: المعنى لا يبيع طعامًا ينوي انه يقضيه من طعام عليه، وهذا أبعد؛ لأنه يستحيل صرف النيَّة فيه إذا طلب بطعام عليه وليس عنده وقرر عبد الحق لفظها ببقوله: يريد كان الطعام معينًا قد اشتراه ولم يقبضه أو كان سلمًا له عند رجل ولم يقبضه كأنه باع طعامًا على صفة الطعام الذي ذكرنا ونيته أن يقضيه منه فجعله كأنه باع ذلك الطعام قبل قبضه بهذه النية.
وفي المجموعة عن أشهب في قول سعيد: إن كان لك قبل رجل طعام من بيع، ثم بعت أنت طعامًا صار في ذمتك ونويت أن تقضيه من الطعام الذي لك من بيع نهيت
عن ذلك لا تضره النية، ولا بأس أن يقضيه منه ما لم يشترط ذلك كما لو نوى أن يشتري طعامًا يوفيه منه أو مما لم يبد صلاحه من الحب، قال مالك: لم يكن بالحجاز أعلم بالبيوع في التابعين من سعيد ومنه أخذ ربيعة علم البيوع، ولم يكن بالمشرق أعلم بها من ابن سيرين.
قُلتُ: قوله: أو مما لم يبد صلاحه يريد نوى قضاءه منه، وهو في ملكه، لا أنه ابتاعه إذ لا يجوز ابتياعه.
ابن بشير: تروى ولا تبع يعني: من له طعام في ذمة لا يبع طعامًا، وينوي أن يقضي المشتري من ذلك الطعام الذي له وتروى ولا تبتع، ومعناه: أن يكون عليه طعام فيشتري طعامًا ينوي أنه يدفعه للمشتري فيما عليه، وهذا لا يمكن التحرز منه.
قُلتُ: تقدم هذا.
اللخمي: لا بقيد كون الرواية تبتع، وفي التفسير الأول لابن بشير نظر لقصوره على الطعامين من سلم، ولفظ المدَوَنة عام في الطعام المعين وغيره.
وفيها: إن اشترى من أسلمت غليه في كر حنطة كر حنطة حين حل عليه فقال لي: أقبضه، لم يجز؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه.
وإن قلت له: اشتر هذا الطعام وآخذه منك فلا خير فيه، ويدخله مع بيعه قبل قبضه بيع ما ليس عندك.
ابن حبيب: كأنه اشتراه له فقضاه ثمنًا، ولا ينبغي للطالب أن يدله على طعام يبتاعه فيبتاعه لقضائه أو يعينه عليه، نهى عنه سعيد ويحيي وربيعة وابن شهاب.
اللخمي: منع ابن القاسم مرة من ابتاع طعامًا كيلاً قضاءه قبل كيله في سلم عليه، وأجازه مرة، قال: من أعطى من له عليه طعام سلم مثل رأس ماله ليشتريه لنفسه لا بأس به، فإذا جاز أن يشتريه على ذمه المطلوب ثم يقضيه لنفسه؛ جاز أن يشتريه الغريم، ثم يجعل للطالب قبضه، والقول: إن هذه إقالة خطأ لاتفقاهما على أخذه على وجه الوكالة، ولو ضاع الثمن كان من الآمر، ****** ليعتبر قبض مبتاعه أو وكيله أجنبيًا عن بائعه لا بوساطة.
فيها: من لك عليه طعام سلم فلا تقل له بعه وجئني بالثمن وهو من ناحية بيعه
قبل قبضه مع ما يدخله من ذهب بأكثر منها إن كان رأس المال ذهبا وإن كان ورقا فصرف لأجل وخرج اللخمي: جوازه إن باعه بمثل رأس المال فأقل من قول أشهب، بجوازه وكالة الطالب على الشراء بأقل من رأس المال.
وفيها: توكيل عبده أو مديره أو أم ولده أو زوجته أو صغير ولده على قبضه منه كتوكيله على ذلك وكبير ولده كأجنبي، ونوقض قوله في الزوجة بقول ثاني سلمها من وكل على سلم جاز أن يسلمه لزوجته بخلاف من في ولايته، ويجاب بأن الحق في هذه لآدمي، وفي الأولى لله تعالى وهو آكد.
اللخمي: من وكل على شراء طعام سلم يقضيه عن الموكل فقضاه من عنده وأمسك الذهب فرضي بذلك الموكل جاز.
وفيها: من دفع لمن له عليه طعام سلم ما يشتري به مثل ما له عليه فتقتضيه بغير معنى الإقالة؛ لم يجز.
الصقلي عن محمد: إن أعطاه أكثر من رأس ماله أو أقل، وزعم أنه ابتاع به ذلك وقبضه، فإن أقام بينة أنه ابتاعه باسم الأمر ثم قبضه وفات بعد ذلك، وإن لم يكن إلا قوله: لم يجز، ورد ما أخذ وطلب حقه.
قُلتُ: انظر لو أقام البينة بشرائه لا بقيد كونه باسم الأمر هل لا يقبل قوله وهو مفهوم قوله أولاً: أو يقبل وهو مفهوم قوله: لو أقام البينة بشرائه وهو مفهوم قوله: آخرًا، وهذا أظهر لا لانتفاء التهمة.
قال: وقال أشهب: إن دفع له مثل رأس ماله فأقل؛ ليشتري ذلك لنفسه فزعم أنه فعل وقبض حقه؛ جاز ذلك، وإن زعم أنه بقي له شيء يكون أكثر من رأس ماله لم يصدق، ونقض ذلك بينهما.
زاد التونسي عن أشهب: إن قال: اشتريت بأكثر لم يلزم الآمر ورد عليه دراهمه، وأخذ منه طعامه.
التونسي: في هذا نظر؛ لأنه يقول: أن وكلتني على شراء هذا الطعام وكالة فاسدة فهو واجب لك، فانظر في هذا، وكان أشهب اتقى أنه إن وجب للآمر قضاه فيما عليه من السلم فيتم ما صنعاه.
قُلتُ: يرد ما ذكره من النظر بأن الآمر؛ إنما أمره بشراء قدر من الطعام بثمن معلوم فاشتراه إياه بأكثر من ذلك السعر تعد يلزم المأمور دون الآمر.
وفيها: من أقرض طعامًا له من سلم قبل قبضه فقبضه المقرض لم يعجبني بيعه منه قبل قبضه؛ لأنه بيع له قبل قبضه.
الصقلي: يريد: ولا من غيره.
محمد عن مالك: أما اليسير من الكثير؛ فلا بأس به كأنه وكيل على قبضه، قال: ولا يجوز لمن أسلفته إياه فيه إلا ما يجوز لك، والمحال بطعام سلم على طعام قرض هو فيه، كطعام سلمه مع من أحيل عليه.
التونسي: وللمحال عليه أن يأخذ له فيه من المحيل دراهم كالكفيل بطعام سلم بعد قضائه مع المتكفل عنه، وعزا اللخمي لأشهب مثل رواية محمد في اليسير، ومن أحيل بطعام قرض له على طعام سلم، ففي جواز بيعه إياه قبل قبضه قولان: للخمي عن ابن القاسم، وتخريجه على رواية ابن حبيب؛ لأن المحال مقرض لا مبتاع والمبتاع خرجت يده، قال: ومن وهب له طعام سلم أو تصدق به عليه ففي خفة بيعه إياه قبل قبضه رواية ابن حبيب، وغيره بناء على اعتبار حاله أو حال واهبه.
قُلتُ: عزا الباجي الثاني لابن دينار عن المغيرة، وعيسى عن ابن القاسم.
اللخمي: لو طاع أجنبي بأداء طعام سلم عن المسلم إليه فحكم المسلم معه كحكمه مع المسلم إليه، قال: وعقد هذا أنه متى بقيت يد المسلم على سلمه فبيعه قبل قبضه لا يجوز كان المقبوض منه المسلم إليه أو من وهبه أو تصديق عليه أو أقرضه وإن زالت يده والقابض موهوب له أو متصدق عليه جاز؛ لأنه لا ينطلق عليه من ابتاع طعامًا.
قُلتُ: ظاهره: أن المقرض بخلافهما وفيه نظر؛ لأنه لا يصدق عليه أنه مبتاع ويوهم أن ورائه عن مبتاعه ليس كمبتاعه؛ لأنه لا يصدق عليه أنه ابتاعه والمنصوص أنه فيه مثله.
قال ابن الحاجب: ومن اقترضه؛ جاز له بيعه قبل قبضه.
ابن عبد السلام: معناه أن لمن أقترض طعامًا بيعه قبل قبضه ممن أقرضه.
قُلتُ: ظاهره جواز بيعه ممن أقرضه مطلقًا لا بقيد، وليس كذلك؛ لأنه إذا دفع فيه المقرض لمن أقرضه ثمنًا؛ فإنما هو ثمن عما يقبضه منه بعد ذلك، وما خرج من السيد وعاد إليها كأنه لم يخرج فعلى هذا لو استقرضه قفيز قمح؛ لم يجز له بيعه بزيت ونحوه؛ لأنه طعام بطعام إلى أجل ولا بدراهم إلا أن يكون القرض إلى مثل أجل السلم إلا أن يقال: إنما انتصب إلى بيان مطلق بيعه قبل قبضه.
وقوله: ممن أقرضه يوهم أن غيره ليس كذلك والحكم فيهما واحد.
وفي كون الطعام غير الربوي كالربوي روايتا المشهور وابن وَهْب وضعفت لعموم النص، ولما ذكر اللخمي رواية ابن وَهْب قال: وفي الموازيَّة من اشترى تينًا وزنًا ثم قال: زن لي بنصفه عنبًا أو بطيخًا ونصفه تينًا لا بأس به.
محمد لا خير فيه ومحمل قول مالك في التين أنه لا يدخل كالشتوي أو صنف يدخر عجل جناه في وقت لا يدخر.
قُلتُ: سمع القرينان من أعطيته درهما قلت له: أعطني رطبًا فبدا لي فقلت له أعطني بنصفه بطيخًا وبنصفه تينًا؛ فلا بأس به.
ابن رُشْد: إنما أجازه؛ لأن عقد البيع لم يتم بينهما إنما كانا مترا وضين إذا لم يقطعا السعر بعد، لو أراد أخذ درهمه كان له ذلك ولو انعقد البيع بينهما لم يجز له ذلك حسبما تقدم في رسم شك من سماع ابن القاسم في التين يباع كيلاً أو وزنًا أخضر، فيريد بدله من صاحبه قبل قبضه بغيره إنه لا خير فيه، وكذلك البطيخ، وفي كون طعام الغصب والتعدي كالقرض أو البيع نقلا الباجي عن الموازيَّة وحكاية القاضي.
ابن الحاجب: ولا يقبض من نفسه لنفسه. إلا من يتولى طرفي العقد كالأب في ولديه والوصي في يتيمه.
ابن عبد السلام: يعني من كان عنده طعام وديعة وشبهها فاشتراه من مالكه لم يجز له بيعه وشبهها فاشتراه من مالكه لم يجز له بيعه بالقبض الثاني عن الشراء؛ لأن ذلك القبض السابق لم يكن قبضًا تامًا؛ لأن رب الطعام لو أراد إزالته من يده كان له ذلك إلا أن يكون ذلك القبض السابق قويًا كالوالد والوصي فإنه إذا باع الوالد، طعام أحدهما.
من الآخر كان له بعد ذلك أن يبيع ذلك الطعام على ما اشتراه له قبل أن يقبضه قبضًا ثانيًا حسيًا وكذلك الوصي في يتيميه، والأب فيما بينه وبين ابنه الصغير، وفي النفس شئ من جواز هذه المسألة لا سيما والصحيح في المذهب أن النهي عن بيع الطعام قبل قبضه متعبد به، وأصول المذهب تدل على جريان الخلاف فيها والأقرب منعها.
قُلتُ: ما ذكره ابن الحاجب سبقه به ابن شاس وما ذكراه هو ظاهر سلمها الثالث فيه، لمالك إن اشتريت طعامًا فاكتلته لنفسك ورجل واقف على غير موعد؛ فلا بأس أن تبيعه منه على كيلك أو على تصديقك في كيله إن لم يكن حاضرًا أو لم يكن بينكما في ذلك موعد.
فقوله: لا بأس أن تبيعه منه على كيلك يريد به: أن كيلك السابق لشرائك إياه يكفي في بيعك إياه مشتريه منك عن كيله ثانيًا، فيجوز له بيعه بذلك دون كيله إياه بحضوره وعلمه لا بيان كفايته في شرائه لوضوح بيان ذلك، وامتناع السؤال عنه، والاتفاق عليه وهو دليل على أن علم مبتاع طعام كيله بحضوره إياه ودوام علمه ذلك بعد شرائه إياه يتنزل منزلة كيله إياه بعد شرائه، فيلزم مثله في مسألتي الأب والوضي، ضرورة علمهما ذلك بحضورهما فقوله في النفس من ذلك شيء ليس كذلك لوضوح جريه على نصها، ولكنه مع ذلك مختلف فيه ولا يوجب ذلك فيه إشكالاً كأغلب مسائل المدَوَنة.
قال الصقلي: إثر لفظها المدَوَّنة.
ثم قال محمد: وروي أيضًا: أنه لا يأخذه بحضوره كيله ولا تصديقه فيه، وكرهه، وأجازه ابن القاسم في غير الموعد وقوله: أصول المذهب تدل على جريان الخلاف فيه حسن إلا أنه لم يبينها، وهذا فيما بين الولدين الصغيرين، واليتيمين.
وأما قوله: والأب فيما بينه وبين ولده الصغير ففيه نظر لقولها في الرهن: ليس للوضي أخذ عروض اليتيم بما أسلفه رهنًا إلا أن يكون تسلف له مالاً من غيره ولا يكون أحق بالرهن من الغرماء؛ لأنه حائز لنفسه من نفسه.
في أحكام عبد الحق: أبو داود عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أقال