الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب في صيغة الإذن في التجر]
فصيغة الأذن ما دل عليه، ولو ظاهراً والفعل الدال كالقول:
عياض: في بعض رواياتها: من قال لعبده: أد إلى الغلة لم يكن بذلك مأذوناً له، وفي المأذون منها من خلى بين عبده وبين التجارة تجر بما شاء، ولزم ذمته ما دائن الناس من كل تجارته؛ لأنه أقعده للناس، ولا يدرون لأي أنواع التجارة أقعده.
قال بعض شيوخ عبد الحق: لو أشهد أنه إنما أذن له في نوع خاص أو أعلمهم لم يلحقه دين في غيره، وهو دليل قولها: ولا يدري الناس لأي أنواع التجر أقعده.
سمع أصبع ابن القاسم: من أمر عبده في التجارة بماله أنه لا يبيع ولا يشتري إلا بالنقد فداين الناي فهم أحق بما في يديه.
أصبغ: لأنه مأذون حين أطلعه على البعض كمن أذن له ألا يتجر إلا في البز فتجر في غيره.
ابن القاسم: إن قصر ما بيده عن دينهم استحسنت كونه في ذمته وفيه ضعف، سحنون: هو كما شرطه سيده كما لو أعطاه قراضاً كان به مأذوناً، وحكم القراض أن لا يبيع بالدين، فكذا إن شرط ألا يبيع بالدين.
عبد الحق: يحتمل كون هذا الخلاف إن لم يشهر ذلك ولم يعلنه.
قال ابن رشد في المقدمات: قال بعض شيوخ صقلية: إن بين تحجيره عليه التجر في نوع لزمه حجره فيه وهو صحيح في المعنى، قائم من المدونة والعتبية.
وقال في البيان: دليل قول أصبع: كالمدونة؛ أنه لو أعلن بقصر إذنه على شيء لم يلزمه في غيره، ويدخل فيه الخلاف بالمعنى؛ لأنه من باب التحجير، فعلى قولنا: لا يحجر على العبد إلا عند السلطان لم ينفعه الإعلان بالقصر، وعلى قول سحنون: أن له أن يحجر على عبده دون السلطان ينفعه ذلك.
قلت: يرد تخريجه الأول بأنه لا يلزم من لغو الحجر على من ثبت الإذن فيه وعمل به لغوه فيما قارن إذنه قبل العمل به.
قال: وظاهر قول يحنون: أنه إن حجر عليه الدين أن الغرماء لا حق لهم فيما بيده من مال أذن ل بالتجر فيه، وإن لم يعملوا بذلك، ومسألة القراض التي احتج بها لا يلزم ابن القاسم حجة بها؛ لأنه يخالفه فيها، ويقول: بلحوق الدين فيما بيده، إلا أن يعملوا أن بيده قراض، وكذا في قراض الحر إن علموا ذلك وإن لم يعلموا ذلك افترق الحر من العبد؛ لأن الحر يضمن المال، فربه يحاص الغرماء فيه، والعبد لا يضمن لسيده فتنفرد الغرماء إن لم يعلموا بجميعه؛ لأنه فرط حين لم يعلمهم.
وقال ابن دحون: وقول سحنون: ضعيف ليس المأذون له كالمقارض؛ لأن المأذون له لو حجر عليه التجر فيما عدى البز لزمه بخلاف المقارض، وليس قول ابن دحون بصحيح؛ لأن قول سحنون إنما ضعف من أجل أنه جعل تحجير السيد على عبده الدين لازماً للغرماء، وإن لم يعلموا بتحجيره المداينة عليه لا من أجل الفرق بين تحجير الدين على العبد وبين دفع المال إليه قراضاً؛ إذ قد بينا عدم الفرق بينهما.
قلت: ففي لزوم تخصيص السيد تجر عبده بنوع ولغوه فيعم ثالثها: إن أعلن بذلك لسحنون في سماع أصبغ ابن القاسم، وتخريج ابن رشد على لغ تحجير السيد على عبده دون السلطان والسماع المذكور.
ورابعها: للخمي إن كان العبد يرى أنه لا يخالف ما حد له وإلا فالثاني وعليه قال: إن نقص المبيع من غير سبب العبد لم يلزمه، وإن كان من سببه ولم يصون به ماله كان في ماله الأقل من الثمن أو القيمة، وإن باع ما اشتراه تعدياً، والثمن قائم؛ فعليه الأقل من الثمن الأول أو الثاني، أو القيمة وإن تلف الثمن؛ لم يلزمه غرم من المال الذي بيده، وإن باع بالنسيئة وتغير سوق المبيع فلسيده رده وإجازته وإن تلف أو تغير من غير سبب المشتري، فكذلك وإن كان من سببه؛ فله إجازة ذلك، أو القيمة نقداً، وإن كان حل الأجل؛ فله أخذ الثمن، وإن اشترى بالنسيئة فإن كان قائماً؛ فله إمضاء ذلك أورده، وإن هلك من غير سبب العبد فهو من بائعه.
وإن حدث به عيب من غير سبب العبد رده السيد وأخذ ثمنه، وإن كان من سببه؛
فليس له رده، ويختلف هل يغرم العبد ذلك النقص أو يكون جناية في رقبته، وللسيد قبوله بالأقل من القيمة أو الثمن، إلا أن يرضى بائعه بأخذه معيباً، وتبع العبد بالعيب كما تقدم، وإن صون به ماله بأكل أو لبس؛ فعليه الأقل من الثمن أو القيمة، إلا أن يكون مكيلاً أو لا يرضى البائع بالقيمة؛ فله الرجوع بالمثل على العبد أو السيد.
ابن الحاجب: حكم المأذون له في التجارة حكم الوكيل المفوض إليه.
قلت: هو نص قولها إذا وضع العبد المفوض إليه من ثمن ما باع استيلافاً للتجر جاز، وكذا الوكيل لا الوكيل على بيع بعير أو جارية، وباحتمال قصده إتباع المدونة يرد تعقبه ابن عبد السلام بقله: لم يتقدم له حكم الوكيل المفوض له، ولا غيره حتى تصبح الإحالة عليه، إلا أنه عكس التشبيه في تشبيهه العبد بالوكيل المفوض إليه تابعاً للفظ التهذيب بالمعنى.
وفيها: ليس له أن يصنع طعاماً للناس إلا استيلافاً للتجر.
أبو سعيد: عنها وكذا تأخيره ديناً له.
قلت: ولفظها قلت: أيجوز له أن يؤخر الثمن قال: قال مالك: فذكر ما تقدم له في الوضعية.
عياض: زاهره جواز التأخير استيلافاً، وفي إلغاء منفعة السلف؛ إذ ليست من المؤخر ومنعه سحنون وهو أظهر، ورده ابن عبد السلام بأنها منفعة غير محققة الحصول، وبأن التجر يجوز له التأخير طلباً لمحمدة الثناء؛ ويرد بأنه إذ أراد بنفي تحقق المنفعة نفي ظنها منع، وإن أراد نفي علمها لم يضر؛ لأن الظن كاف.
وقوله: بجوازه في الحر طلباً للثناء ممنوع.
وفيها: ولا يعير شيئاً من ماله بغير إذن سيده.
الصقلي عن محمد قال غيره: لا بأس أن يعير دابته للمكان القريب ويعطي السائل الكسرة والقبضة.
قلت: ذا قيل في الوصي من المال: غير القليل.
ابن الحاجب: وله أن يتصرف في الوصية له والهبة ونحوهما، ويقبلهما بغير إذنه وكذا غير المأذون.
قلت: قوله في الوصية والهبة: غير محتاج إليه لوضوح كونهما من جملة مال العبد فيجب عليه حجر التصرف فيه، وأما استقلاله، وإن كان غير مأذون له بقبول الهبة فمقتضى قول وصاياها: من أوصى لعبد ابنه ولا وارث له غيره جاز، ولا ينزع ذلك الابن منه، وقد يؤخذ من أخذ الأشياخ من قول نكاحها الثاني: روى ابن نافع: من زوج أمته من عبده ثم وهبها له يغتري فسخ نكاحه وأن يحلها لنفسه أو لغيره لم يجز، ولا تحرم بذلك على الزوج جبر السيد عبده عل قبوله الهبة وعدم استقلاله بقبول الهبة؛ لأنه لو استقل بالقبول استقل بالرد، وكلما استقل به لم يصح جبره بيان الصغرى أن الاستقلال بالقبول موجب للاستقلال بالرد أصله المفلس لما استقل بقبول الهبة استقل بردها، ولو كره غرماؤه عكسه الصبي لما لم يستقل بقبول الهبة عن وليه لم يستقل بردها، وصدق الكبرى واضح ينتج لو استقل بالقبول لم يصح جبره، واللازم باطل، فأخذ الأشياخ نقيضه من قولها المذكور فيثبت نقيض الملزوم، وهو عدم استقلاله وهو المدعي.
ومثل رواية نافع سماع سحنون: إن تصدق على عبد فأبى أن يقبل فلسيده أخذ ذلك، وإن أبى المتصدق من ذلك ابن رشد اتفاقاً، والأول هو ظاهر قولها، وما وهب للمأذون، وقد استغرقه دين؛ فغر ماؤه أحق بدينه من سيده، وسيده أحق بكسبه، وعمل يده، وأرش خراجه، وقيمته إن قتل وما فضل بيده من خارجه؛ وإنما لهم ذلك فيها وهب للعبد، أو تصدق به عليه أو أوصى له به فقبله العبد.
قلت: فظاهر قوله: فقبله العبد استقلاله بالقبول؛ ولذا جعله بعضهم خلاف ما تقدم في نكاحها الثاني.
وفي تعلق الدين بما أعطيه مطلقاً أو بشرط كون لإعطاء لقضاء الدين نقلاً الصقلي عن الشيخ والقابسي.
اللخمي: إن علم قصد معطيه كونه ليتسع بالنفع به لم يتعلق به دينه، وفي استلزام الإذن في التجر أخذ القراض وإعطائه نقلا الصقلي عن ابن القاسم وأشهب بناء على أنه تجر أو إجارة، وإيداع للغير.
اللخمي: إن كثر المال وعلم أنه مثله يبضع يقارض؛ جاز في بعضه حسب
المعتاد، ويمنع أخذه ما يعمل فيه للناس، ويدع ما أذن له فيه ولا له أخذ زيادة على ما بيده كما ليس له أن يتجر في مائتين إن أعطاه سيده مائة، إلا أن يكون أذن السيد في غير مال دفعه إليه، ويعلم إن تجر به أن يكون من قراض أو بضاعة أو شبه ذلك، وقد تقدم في الرهن حكم تسرره، وقول نكاحها الأول وللمكاتب والعبد التجر في ماله بغير إذن السيد.
قال اللخمي في كتاب المأذون له: ومحمله على أن العادة عندهم، ولأن يختلف أنه لا يستبيح ذلك بمجرد الأذن في التجارة، لأنه ليس مما يتضمنه الاسم، ولا يدخل في معناه.
قُلتُ: يريد: لايدل عليه مطابقة ولا تضمناً، وهذا لإدراكه بمجرد فطنته دلالة المطابقة والتضمن؛ لعدم مشاركته في أصول الفقه حسبما قال المازري في كتاب الجنائز، ولا يتم قول اللخمي إلا بنفي الدلالة الثالثة، وهي دلالة الالتزام والتحقيق ثبوتها هنا؛ لأنه لا خلاف أعلمه في جواز وطئ المأذون له مافي ملكه حسبما تقدم في كتاب الرهن، فالإذن له بالتجر يصحح شراء الأمة وملكه إياها يوجب جواز وطئه إياها، فالإذن في التجر يستلزم الإذن في التسري، وهذا هو وجه المذهب خلاف مازعمه اللخمي.
ومتعلق دينه ذمته كالحر لا رقبته ولاذمة سيده.
فيها: لايلزم السيد عهدة مااشترى المأذون، إلا أن يضمنه ويباع العبد عليه في ذلك وتعلق الدين بالذمة أعم وأخص فالأعم تعلقه باعتبار صلاحية اقتضائه منها.
والأخص تعلقه بها باعتبار اقتضائه فقول ابن الحاجب: ويتعلق دينه بما في يديه،، ثم بذمته هو بالمعنى الأخص، وقولها: كلما صار بيد المأذون بالطوع من معطيه من دين أو وديعة فاستهلكه فذلك في ذمته لا في رقبته هو بالمعنى الأعم.
وسمع عيسى رواية ابن القاسم: من ضمن دينّا على عبده ثم باعه، وانتزع ماله ليس لرب دينه طلب سيده بحمالته به حتى يحل الأجل.
ابن رُشد: قول ابن دحون: القياس منع سيده انتزاع ماله خوف؛ فليس السيد بل يباع بماله، فإذا حل الأجل اعتصره من العبد، فإن عسر به اتبع بائعه لحمالته صحيح،
ولو لم يتحمل به لم يصح انتزاعه؛ لأن دين المأذون له فيما بيده قبل الإذن، وفي كسبه من التجر، وفيما فضل عما خارجه به سيده من عمله، وليس لسيده انتزاع شيء من ذلك، وغير المأذون له ما استدانه بغير إذن سيده له إسقاطه فأحرى أنهله انتزاع ماله.
وقولها: ومالزم ذمة العبد لا يكون في فاضل خراجهن بل فيما أعطيه هبة أو وصية معناه ف غير المأذون له، وفيما لزم ذمته وليس لسيده إسقاطه؛ لأن ماله إسقاطه لايؤخذ مما وهب له.
قُلتُ: مالزم ذمته، وليس لسيده إسقاطه.
قال في سماع يحيى: هو أن يستدين بإذن سيده دون إذن له في المتجر.
وفيها: قيل لمالك: أبيع المأذون له أم ولده؟ ..
قال: إن أذن له سيده؛ فذلك له ابن القاسم، وتباع فيما عليه من دين للغرماء؛ لأنها مال له، ولم يدخلها من الحرية ما دخل أم ولد الحر.
وفي آخر عتقاء: الأول: وإذا ملك المأذون له من أقاربه من يعتق على الحر لم يبعهم إلا بإذن سيده، ولم يبع أم ولده إلا بإذنه.
وسمع أصبع ابن القاسم في الاستبراء: لا تباع أم ولده لغرمائه، وهي حامل حتى تضع؛ لأن مافي بطنها لسيده ولا يجوز استثناؤه، وإن لم يكن عليه دين جاز بيعها بإذنه وإن كانت حاملاً.
أَصْبَغ: إن إذن له جاز بيعه علم حملها أو لم يعلم.
ابن رُشْد: لو بيعت في دينه ثم زهر حملها ففي تمكن السيد من فسخ بيعها قولا الصقليين لاعتبار حق السيد أو لتغليب كون البيع وقع بأمر جائز، والأول الصحيح، وعليه لابد فيها من المواضعة، ولو كان وضيعة لفسخ بيعها بالحمل، وعلى الثاني إن كانت رفيعه كاملة لم يطأها.
وفي كون وقف بيعها في غير الدين على إذن سيده لرعي القول بأنها تكون له أم ولد إن عتق، أو لخوف كونها حاملاً، والأول صحيح، لأنه لا يبيعها حتى يستبريها، وإن باعها قبله، فلابد من مواضعتها لحق السيد في ولدها، وإن أذن سيده في بيعها فظهر بها حمل لزمه، ولو لم يكن علم بها؛ لأنها محمولة على أنها حامل؛ لأن جل النساء على الحمل
كما قال مالك: ولو ردها مشتريها بعيب حملها، فعلى أن الرد بالعيب نقض بيع الولد لسيده، وعلى أنه ابتداء بيع للعبد ولأَصبَغ عن ابن القاسم إن باعها لغير دين بغير إذن سيده مضى البيع؛ لأن رعي الخلاف إنما يكون في الابتداء لا الإنتهاء، ولو باع ولده منها بغير إذنه رد بيعه، إذ لا اختلاف في عتقه عليه إذا أعتق.
قُلتُ: بل لأنه محض ملك السيد.
اللخمي: إن صار ولده بيده بشراء أو عطية بيع لغرمائه، إلا أن يعلم قصد معطيه بقاءه بيده، فقلا يباع لهم ولو اشترى زوجته حاملا بيعت لغرمائه قبل وضعها، ولو وضعت لاختلاف فيها قياساً على الأمة تلد في أيام الخيار في كون ولدها للبائع أو للمشتري، وهذا أحسن.
واتفق على أن من أعتق مافي بطن أمته ثم باعها ولم يبين، فوضعت أن البيع يرد في الولد بما ينوبه من الثمن.
وفيها: لا يحجر ولي على وليه ولاسيد على مأذون له إلا عند الأمين، فيوقفه السلطان للناس، ويسمع به في مجالسه، ويشهد على ذلك فبيعه وابتياعه بعد ذلك مردود.
اللخمي: إن لم يطل أمد الإذن له كفى تجير السيد وإعلامه أهل سوقه، ومن يرى أنه يخالطه أو يعامله، وإن طالت إقامته، واشتهرت تجارته كان حجره عند السلطان، ولو حجر عليه سيده وبالغ ففعل السلطان أجزأ وإلا فلا.
وقول ابن الحاجب: والانتزاع إن لم يكن غرماء من المأذون كغيره هو قولها أولاً، ولسيده انتزاع ماله ومال أم ولده ومدبره لا مكاتبه، وقولها: آخراً، وليس لسيده في ماله شيء إلا مايفضل عن دينه إن داينه به.
وسمع عيسى ابن القاسم في كتاب النكاح: تزويجه أمة أم ولده ليس بانتزاع.
ابن رُشد: لأن الانتزاع أما بتصريح به أو بفعل ما لا يصح إلا بعده، كوطئه الأمة أو عتقها أو هبتها، وفي الرهن اختلاف تقدم في الرهن.
وفيها: لا يجوز للمسلم أن يستتجر عبده النصراني، ولا يأمره ببيع شيء لقوله تعالى:(وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ) النساء:161.