الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب ما تسقط به الحمالة]
والمعروف سقوط الحمالة بإسقاط المتحمل به.
محمد: روى أشهب عن مشتر حميلا بالثمن: أيهما شاء أخذ بحقه فمات، فاقتضى ثلثي حقه من تركته فسأله ورثته أنه يحلله ففعل، فله طلب الحميل إن حلف وضع للميت.
محمد: فيها شيء.
وقال في موضع آخر: فيها نظر.
وقال مالك فيمن له علي رجل حق بحمالة وحق بغير حمالة، فلم تف تركته بما عليه، فسأله الورثة أن يحلل الميت من بقية حقه، ففعل، ثم طلب الحميل فسأله الورثة أن يخلل الميت من بقية حقه، ففعل، ثم طلب الحميل، فقال، ما وصل إليه من مال الميت بين الحقين، ويحلف ما وضعت إلا للميت، ويغرم الحميل حصته من الدين.
الصقلي: إنما يغرم الحميل ما هو باق على الغريم، فإذا سقط عن الحميل ولو غرم الحميل لم تكن فائدة غي تحلل الغريم؛ لأن الحميل إذا غرم رجع على الغريم.
قلت: ومسألة في سماع أشهب.
ابن رشد: هذه المسالة حاصلة لا يصح سقوط الدين على الغريم، ويبقى على الحميل؛ لأنه إنما يؤدي عنه ما وجب عليه، ويتبعه به.
وقال ابن دحون: إنما لزمه الحميل من الدين الذي كان له بغير حميل، فيحلف ما حلله إلا دينه الذي كان بغير حمالة.
قال: ولو كان الدين كله بغير حمالة فاخذ بعضه، وحلل الميت من الباقي، لم بكن له طلب على الحميل، وهو تأويل تصح به المسالة، ينبغي إن يحمل عليه، وان بعد من ظاهر اللفظ.
قلت: هذا التأويل إنما يتوجه لو لم يرد عن مالك سقىوط الحق عن الغريم بسقوط
وفاء الحق على الحميل؛ إلا في هذه الصورة، وهذا جائز كما تقدم في «الموازية» من رواية أشهب فيمن أخذ بثمن سلعته حملاً حسبما تقدم فتأمله، وقول ابن دحون: وقبوله ابن رشد يدل على عدم ذكرهما رواية «الموازية» مع غيرها، ونقلها الصقلي والشيخ، وأقرب ما تأول الرواية على وجه يعم رواية «الموازية» و «العتبية» أنه إنما حلل الميت يعنى باعتبار طلب الأجرة؛ إذ لم يحصل لحقه من الحميل؛ لاحتمال عجزه عن القضاء؛ لأن عز الدين ابن عبد السلام قال: من مات مديناً أخذ لرب الدين من حسناته حتى تنفد، فان كان قد مات قادراً على القضاء أخذ من سيئات رب الدين، وطرحت عليه بقدر حقه، وان مات عاجزاً عن القضاء لم يطرح عليه من سيئاته، ثم رأيت هذا التأويل للمازري.
وفي «الموازية» : إن قضى الحميل لغيبة الغريم، ثم قدم وأثبت قضاءه، فان سبق الحميل بعد حلول الدين تبع الغريم، واتبع الغريم الطالب، وان ثبت العكس لم يرجع الحميل إلا على الطالب، وان جهل الأول منهما فهو بالخيار، ولا الحميل إلا الطالب إلا أن يكون دفعه نقصاً من الحاكم بعد حلف الغريم أنه دفع قبل، فان نكل حلف الأول، وأغرم الغريم، فإن نكل؛ فلا شيء عليه، وموت الغريم ملياً يوجب تعجيل القضاء من تركته وموته عديماً لا يوجب على الحميل تعجيله، وفى كون موت الحميل توجب تعجيل الحق من تركته وارثه عند حلوله ووقفه لحلوله، فان حل والغريم ملي رد لوارثه، وإلا أخذه الطالب، روايتان لها، ولابن وهب وعبد المالك.
الصقلي عن يحيى: هذه رواية سوء، القاضي: الأولى: على رواية تخيير الطالب في الغريم والحميل، الثانية: على عدم تخييره.
الصقلي: بل الأولى على عدم تخييره؛ إذا لا فائدة في دفعه؛ لأنه إن حل والغريم عديم أخذه الطالب؛ وإلا يأخذه الوارث من الغريم كرده له حينئذ بعد وقفه مع احتمال تلفه في مدة الوقف، وتأخير الطالب الغريم.
قال بن رشد في آخر سماع أشهب: إن أخره معدماً؛ فلا حجه لحميله، وان أخره ملياً فأنكر حميله ففي سقوط حمالته بقائها، ثالثها: إن أسقط الحمالة صح تأخيره، وإلا حلف ما أخره على بقائها وسقط تأخره، وان نكل لزمه، وسقطت الكفالة للغير فيها
وغيره، وابن القاسم فيما حلف ما أخره إسقاط للحمالة، ولزمت، فان نكل سقطت، هذا كله غي التأخير لا كثير واليسير لا حجة فيه للحميل، وتأخير الحميل فيها تأخير للغريم، إلا أن يحلف ما أردت تأخيره جار، فإن نكل لزمه التأخير؛ إذ لو وضع الحمالة كان له طلب الغريم، إن قال: وضعت الحمالة دون الحق، فإن نكل لزم تأخيره.
عياض: أخذ من عدم انقلاب يمين التهمة، وأداء الحميل يثبت بالبينة، وإقرار الطالب، وإقرار الغريم لغو إن كان الدفع بغير خصومة، وسمع عيسى ابن القاسم: من دفع لحامل عنه بعشرة عشرة؛ ليدفعها للطالب فدفعها بحضرة الغريم، ولم يشهد عليه فجحدها الطالب غرمها الغريم ثانية، ولو دفعها في غيبة الغريم ضمنها حين لم يشهد على دفعها، ولو دفع من ماله بحضرة الحميل فجحدها الطالب غرمها الغريم ثانيا، فإن غرمها الحميل لعسر الغريم وغيبته لم يتبعه بها الحميل؛ لأنها مظلمة.
ابن رشد: تفرقته في دفع الحميل بين حضور الغريم وغيبته صحيح على قولها في القراض في العامل يتبع ثمن ما ابتاعه بحضرة رب المال أو بغيبته، وقوله: إن غرمه الحميل لعسر الغريم او غيبته هو على سماع عيسى ابن القاسم في كتاب الاستحقاق فيمن استحق من يده عبد، فعلم انه من بلاد البائع، فيدخله من الخلاف ما في ذلك، وما دفعه من ماله بحضرة المطلوب في كون ضمانه منه أو من المطلوب قولا ابن القاسم في هذا السماع، لبراءته لحضرته، وقال بعضهم: سماع أبي زيد كقول ابن وهب وأشهب في مسألة الدابة تستحق، وسماع عيسى كسماعه فيمن استحقه عبد يعلم انه من بلاد البائع وليس بصحيح، اختلاف قول ابن القاسم حتى على من يتعين الإشهاد عليه هل هو على الدافع أو علي المدفوع منه، وقول ابن وهب وأشهب هو في مسألة أخرى.
قلت: هي قولها في سماع عبد الملك: من اخذ دابة من مبتاعها ليثبت استحقاقها على من ضمنه في قيمتها إن هلكت قبل الاسحقاق بإذنه من يعلم انها ملكه فهلكت فغرم الضامن قيمتها له اتباعه بها، وإن كان يعلم انها ملكه.
ابن رشد: حمل من ادركناه من الشيوخ هذا عل اختلاف قول ابن القاسم فيمن استحق من يده عبد يعلم انه من بلاد البائع أنه لا يتبعه بشيء، وقول سحنون نحوه،
وليس بصحيح؛ لأنه غرم منه ما ضمنه عنه بإذنه.
وصلح الكفيل عن الغريم.
اللخمي: يراعي فيه صحة أخذ ما يدفعه عن الدين وعن رأس ماله إن كان سلماً، فلو كان عن عين بما يقوم فجائز، ويغرم الأقل من الدين أو القيمة.
المازري: اتفاقاً.
وفي تخريج التونسي منعه من منع:
محمد: دفع عرض عن ثوب من وهب عرض هبة ثواب مع أنه إنما يقضي للدافع بالأقل من قيمة العرض الذي دفع، وقيمة الموهوب؛ نظر لأنه هبه الثواب رخصة، وفي القياس على الرخص خلاف، ولأن الغائب في الثواب كونه أكثر من القيمة، وهو مجهول، والأقل عن مجهول.
ابن رشد: غرراً من الأقل معلوم، ومجهول، والدين المحتمل به معلوم.
قلت: وقول ابن زرقون: خرج التونسي فيما يرجع للقيمة قولا بالمنع، وعارضها، الصقلي وغيره بقولها: من أمر من يشتري له سلعه، فاشتراها بغير العين، فلو تركها، فان أخذها دفع له مثل الذي دفع لا الأقل، كقوله في الكفيل، فيحتمل أنه اختلاف قول، ويحتمل أنه يفرق بأن المأمور أمره المأمور أن يسلفه دنانير أن يشتري له بها فأسلفه المأمور عرضاً، والكفيل لم يأمر الغريم أن يسلفه حتى تطوع، واشترى له دينه بسلعه بعد بائعها له لا مسلفاً، ولو كان سأله أن يعطي عنه الدين فدفع فيه عرضاً جبر الغريم في دفع مثل العرض أو ما عليه من الدين، ويدخله الخلاف فيما إذا دفع عنه ما يقضى مثله، وقيل: معنى مسألة القرار رضي أن يدفع مثل ما وذي، يعني: إن كان مكيلاً أو موزوناً، وان كان قرضاً دفع قيمته كالحميل يصالح عن الغريم بعرض، وكمن ابتاع شقصاً بعرض للشفيع الأخذ بقيمه العرض لا بمثله، وان كان من عين نصفها ادني أو أجود، فقال الصقلي عن بعض الفقهاء: جائز لمتفق أن أحدا لا يختار إلا دفع الأخف عليه.
وفيها: لو دفع ذهباً عن ورق رد، والحمالة بحالها بخلاف المأمور يدفع خلاف ما أمر به من العين.
وقد قال ابن القاسم في دفع المأمور والكفيل ذهباً عن ورق أو طعاماً أو عرضاً: الآمر والغريم مخيران في دفع ما عليه أو ما دفع عنه لتعديه، وهذا أصل متنازع فيه كثيراً.
ابن رشد في رسم العرية من سماع عيسى: من قضى عن رجل دراهم عن دنانير أو بالعكس أو تمراً عن قمح من أمر المدين رجع عل من قضاه بما قضاه، وبقى الدين بحاله اتفاقا، فالفساد القضاء وإن قضاه بأمره، فإن قال: اصارفك لنفسي فيما لك من الذهب، وابتاع منك القمح الذي لك بهذا الثمن رجع بالدنانير والقمح، إن قال فيهما: صالحني بما ذكر غريمك رجع بما دفع إلا أن يشاء الآمر دفع ما عليه اتفاقاً فيهما، وإن وقع ذلك مبهماً دون بيان لأحد الآمرين، ففي حمله على انه مبتاع لنفسه أو مصالح قولا ابن القاسم، وقول بعضهم: تخير الأمر، قول ثالث غير صحيح، وحاصل الخلاف أن في منع القضاء وجوازه قىولان، بناء على إيجاب خيار الأمر العباد، ولغوه؛ لأنه حكمي.
وفي رجوع المأمور والكفيل بدفع دنانير عن دراهم، وقمحاً عن تمر بما دفع إلا أن يشاء المطلوب دفع ما عليه أو بالدين، ثالثها ليرجع للكفيل بما أدى، والمأمور بالدين، وتفرقته في المدونة في احد اقواله بين الحميل والمأمور؛ لأن الحميل إنما تحمل على أدائه للطالب ما له على المطلوب، ويتبعه بها أذى على شرائه ما على المطلوب فوجب حمل أمره عند الإفهام على ما علم من قصده أولاً.
الصقلي: عن محمد: الحميل بدنانير إن دفع عنها دراهم قبل الأجل لم يحل، وبعده الأجل جائز، ويخرج الغريم ما عليه بشتري به دراهم إن نقضت لم يكن للحميل غيرها، ولا شيء له في الفضل، فرجع ابن القاسم عن تخير الغريم قي دفعه دراهم أو دنانير، وقال: هذا حرام، وقاله أشهب.
ابن رشد: في سماع يحيى: إن أدى عن دنانير دراهم أو قحماً عن ثمن، ففي جوازه قولان، وعلى الجواز ففي رجوعه بها بما تحمل الغريم فيه.
وفيها: غرم عنه، قولان، وهذا معنى قولها: لا بربح في السلف، والقولان في كتاب الكفالة منها.
وفي منعه عن عين بمثلي وجوازها قولاً سلمها، وكفالتها بناء على تأثير الغرر فيها يرجع به الحميل؛ بتخيير الغريم لدفع ما عليه، وما أدى عنه، ولغوه؛ لأنه معروف.
ابن زرقون: في جواز ظن العين مما هو من ذوات القيم، ولو كان جزافاً مثلياً لا بمثلى غير جزاف، ومنعه مطلقاً، ثالثها: الجواز مطلقاً لمشهور، وتخريج التونسي، وقولها في الكفالة.
قلت لابن رشد في آخر رسم الأقضية من سماع يحيى: إن أدى من تحمل بدنانير عنها عرضاً، والبلد بتبايع فيه بدنانير جاز اتفاقاً للعلم؛ لأنه لا يختار إلا غرم الأقل، وفى منعه عن عرض بعين أو عرض مخالف له، سماع يحيى ابن القاسم، ولو أدى من تحمل عنه بعرض مثله من عدنه في رجوعه بمثله أو قيمته، ثالثها: تخيير المطلوب فيهما له على المشهور معها، وقوله في الواضحة وسماع أبى زيد: ولو قضى عن الحميل عن العرض فاشتراه، فسمع يحيى ابن القاسم يرجع عليه بالثمن ما بلغ ابن رشد اتفاقاً، ومعناه: لم يشتره بأكثر مما يتغابن فيه البيوع.
قلت: ما عزاه في الواضحة عزاه.
الصقلي: لأصبغ عن ابن القاسم: ولو أدى من تحمل بمثلي مثله إن أداه من عنده، وبمثله إن اشتره.
وقال بعض القرويين: إنما يرجع بما يحلف شراءه؛ لأنه الغريم علم انه يشتريه، ولو تحمل عنه بغير إذن لما وجب له إلا الأقل من الثمن أو نفس ما عليه.
وفى الموازية: لغارم ثمن طعام تحمل به أن يأخذ به من الغريم أي شيء شاء، برضاه بخلاف البائع، ومن أحاله البائع.
وفيها من غيرها: إن تحمل اثنان فأكثر بقدر على غيرهم لا بقيد، فكل حميل بالجزء المسمى لعددهم، والقدر، ولو قال: أيهم شئت أخذه بحقي فقط؛ فله أخذ أجرهم بجميعه، ولا رجوع للغارم على من تحمل له بها غرم، ولو قال: ولبعضهم كفيل ببعض مع قوله: أيهم شئت أخذت بحقي أو دونه فان أغرم أحدهم دون الحق، ففي رجوعه.
عليه بنصف ما غرم كاملاً أو مسقطاً منه منابه في خاصته كدين عليهم تحملوا به قولان لابن رشد عن التونسي والموازية مع سماع أبي زيد، وهو الآتي على لغير ابن القاسم في مسألة الستة، وعزا عياض الأول لابن لبابة مع التونسي، والثاني: لمن ذكر مع كثير من الشيوخ الأندلس.
ابن الحارث: لا تجوز حمالة المكاتب اتفاقا، ولو تحمل مع حق محق على ضرر بعيبه بما غرم عنه من ثمن ما ابتاعه، وبما يوجبه مساواته إياه فيما غرمه بالحمالة عن غيره، ثم في رجوعه عليه بذلك على مقتضى حال، إما بالغارم من لقيه فقط، أ، على مقتضى حال ما يجب على كل واحد منهم مع كل من غرم، لو لقيهم رب الحق مجتمعين قولا الأكثر، ونقل عياض حيث قال: لو لقى ثاني الستة ثالثهم.
ففيها: يأخذه بخمسين قضاء عنه في خاصته، وبخمسة وسبعين نصف مائة وخمسين اداها بالحمالة فذلك مائة وعشرين، وعلى هذا حسب كل الفقهاء المسألة في التراجع بينهم، وقال أبو القاسم الطنيزي الفارض هذا غلط في الحساب، والواجب إذا التقي الثالث مع أحد الأولين أن يقول الثالث: نحن الثلاثة كانا اجتمعنا معاً، فاجتماع بعضها بعضاً، ولو اجتمعا معاً، كان المال علينا أثلاثاً علي منها مائتان قد غرمتها أنت وصاحبك عني خذ مائتك التي تقع لك، وادفع لصاحبك مائة إذا لقيته، وكذلك في بقية سائر المسألة.
قلت: وقبله عياض وغيره، وهو غلط في التحفة؛ لأن ماله عدم غرم الثالث شيئاً بالحمالة؛ لأن جملة غرم على قوله في لقائه الثالث: مائه، وهي واجبة عليه فيما عليه بالشراء واستواؤهما في التزام الحمالة يوجب استواؤهما في الغرام بها، واستواؤهما فيه يوجب رجوع الثاني علي الثالث بما قاله الفقهاء.