الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب ما يلزم فيه قضاء المسلم فيه من الجانبين]
قصاؤه لحلوله بصفته، وقدره لازم من الجانبين مع يسر المدين، وبأقل قدرا فقط من صنفه، والقبض من المدين جائز.
[باب حسن الاقتضاء والقضاء]
حسن قضاء وعكسه حسن اقتضاء، وكذا في صفتي الرداءة والجودة مع اتحاد القدر ومنع أقل قدرا وأجود صفة واضح وعكسه اختلف فيه في سلمها الثالث من أخذ من مائة سمراء حل أجلها خمسين منها ثم حطه بعد ذلك بغير شرط جاز وكذا في خمسين سمراء من مائة محمولة.
وتعقب ابن عبد السلام أخذ الأدنى في الطعام بأنه غير ما في الذمة والإلزام قبوله وكونه غيره يوجب كونه بيع طعام قبل قبضه يرد بمنع إيجاب مطلق كونه غير ما في
الذمة كونه بيعًا؛ لأن كونه أدنى ككونه أقل في القدر إعطاء للجزء المعقول حكم الجزء المحسوس فيما لا خصوصية فيه لأحد العوضين عن الآخر، بل المغاير بالدناءة أقرب بكونه نفس ما في الذمة لجواز مبادلة أدنى بأجود ومنعه في أقل بأكثر.
اللخمي: أخذ خمسين محمولة عن مائة سمراء، أجازه ابن القاسم مرة لأنها أدنى صفة ومنعه مرة لإمكان أن يرغب فيها في بعض الأوقات والأول قول أشهب.
قُلتُ: لم يحك الباجي إلا المنع، وعزاه لرواية قلت: لابن القاسم في كتاب الصرف يجوز أخذ تبر أدنى أقل قدرًا من تبر لك أجود، ولا يجوز ذلك في محمولة عن سمراء، وأجازه أشهب وفرق ابن القاسم بقوله التبر عند الناس نوع واحد والسمراء والمحمولة متباعد ما بينهما، وعزا ابن حارث لسَحنون قول أشهب.
وفيها لو أخذ الخمسين محمولة عن خمسين سمراء ثم حطه الباقي جاز.
الباجي: أجاز ابن القاسم ما هو أشد قال من له مائة محمولة على رجل فأخذ منه بعد الأجل خمسين سمراء، ثم رهنه الباقي دون شرط جاز وهذه أشد تهمة.
ابن الحاجب: قضاؤه بجنسه بعد أجله بأجود يجب.
ابن هارون: نحوه حكى أبو الطاهر وابن شاس، وفيه نظر لأنه لا يلزمه قبول منته.
ابن عبد السلام: كنقل المؤلف قال غير واحد من المتأخرين: إنه يجب قبول الأجود وهو بعيد عن أصول المذهب لأنه معروف لا يلزم قبوله.
قُلتُ: ما نقله ابن هارون عن أبي الطاهر لم أجده فيه لا في ذكره الاقتضاء في كتاب الصرف ولا في كتاب السلم، وفيما ذكراه عن ظاهر المذهب نظر بل ظاهر قولها من اشترى جارية على جنس فوجد أجود منه لزمه كنقل ابن شاس لأن مسألة المدَوَّنة عامة في البيع والسلم، والأظهر إن دفعه المسلم إليه على وجه التفضل لم يلزم قبوله، وإن دفعه لدفعه عن نفسه مشقة تعويضه بمثل ما شرط لزم قبوله. وفي سلمها الثاني، منع أخذ محمولة من سمراء بعد الأجل من الكفيل بخلاف الغريم لأنه منه بدل، ومن الكفيل بيع إذ لا يرجع بما أدى، وفيها مع اغيرها قضاؤه بصفته وقدره قبل الأجل جائز، ولا يجب قبوله وأجود مساويًا أو أقل أو أكثر وأدنى كذلك لا يجوز لأنه ترك
ضمان بعوض، وتقدم نقل اللخمي جواز ضع وتعجل.
وقال ابن زرقون في ترجمة (ما جاء في الربا في الدين)، تأمل ما حكاه اللخمي إن ابن القاسم يجيز التعجيل بالوضيعة فأراه وهمًا. وفي سلمها الثاني إن أسلمت إلى رجل في ثوب موصوف فزدته بعد الأجل دراهم على أن يعطيك ثوبًا أطول منه في صفته من صنفه أو من غيره جاز معجلًا، ولا يجوز أخذ أدنى مع بعض الثمن إن كان لا يعرف بعينه، وغاب عليه، ولو كان يعرف بعينه جاز، وتعقبه بعضهم بأن رد العين لا ينافي السلف فيدخله ما يدخل فيما لا يعرف بعينه من علة دخول البيع فيما اقتضى والسلف فيما رد من رأس المال، ويجاب بأن العلة تهمة البيع والسلف لا حقيقته، والتهمة فيما لا يعرف بعينه واضحة لإمكان التصرف فيما قبض ورد مثله وامتناعه فيما يعرف بعينه تضعفها.
وفيها إن أسلمت لرجل في ثياب فزدته قبل الأجل دراهم نقدًا على أن زادك في طولها جاز لأنهما صفقتان، ولو كانت صفقة واحدة ما جاز كما لو دفعت له غزلًا ينسجه ستة في ثلاثة ثم زدته دراهم، وغزلًا على أن يزيدك في طول أو عرض جاز، وهما صفقتان.
الصقلي عن سَحنون: لا يجوز في السلم وأخاف كونه دينًا بدين.
اللخمي: الأول أصوب إن كانت تلك الزيادة لا يرتفع لها ثمن الأول، وإن كان ذلك مما يرتفع له ثمن الأول لم يجز.
قُلتُ: ما خافه سَحنون مردود بقول ابن القاسم لأنهما صفقتان، أن الصفقة الأولى باقية لثبوتها السالم عن تحقق منافيها، والمعاملة الثانية صفقة ثانية لتعلقها بغير متعلق الأولى، والقولان بناء على أن الشيء من حيث كونه وحده ليس بمخالف له من حيث كونه مع غيره أو هو مخالف له.
فإن قلت: قولها: في كتاب الأيمان بالطلاق من قال لامرأة: إن تزوجتك فأنت طالق، ثم قال لها مع نساء معها: إن تزوجتكن فأنتن طوالق، فإن نكحها لزمته طلقتان، يقتضي أن الشيء من حيث كونه وحده مخالف له من حيث كونه مع غيره، وإلا كان المعلق عليه فيهما واحدًا ولو كان واحدا لم يلزمه إلا طلقة واحدة، وهذه المخالفة ألغاها
في مسألة السلم في قول ابن القاسم، وقد يجاب بأن مخالفة الشيء من حيث انفراده لنفسه من حيث كونه مع غيره إنما هو باعتبار ذاته في نفسه لا باعتبار المقصود منه وتعلق الأغراض به، والمعتبر في تعدد الطلاق الأول لأنه يتغير بمطلق مغايرة ما علق عليه ولو بأمر عقلي، والحيثيتان توجبان التغاير العقلي، وهو قول ابن التلمساني في شرح المعالم وغيره الشيء في نفسه ليس كهو مع غيره.
والمعتبر في البيع التغاير الثاني لأن البياعات مبنية على الأغراض، والقصود، ولذا تختلف أثمان المبيع في وقتين مع اتحاد ذاته فيهما، وتتفق أثمان المختلفات في ذاتها، ولذا اعتبر اللخمي تغير ثمن الأول بالزيادة، وعدم تغيره، ومما يدل على لغو الاعتبار الأول في البيع أنه يجوز في المرابحة لمن اشترى مكيلًا أو موزونا بقيت له منه بقية أن يبيعها دون بيان قاله الصقلي وهو ظاهر المدَوَّنة، ولم يذكروا فيه خلافًا عن سَحنون ولا عن غيره فتأمله، ولابن عبد السلام فيها كلام حاصله: التمسك بما قررنا به قول سَحنون من وجوب التغاير بالحيثيتين.
الباجي: إن زاد على أن يزيده في الصفاقة والطول ففي الموازيَّة لا يجوز لأنه نقله لصفة أخرى.
ابن زرقون: ولا يجوز على أن يزيده في العرض.
قُلتُ: إن أراد مع الزيادة في الصفاقة فصواب وإن أراد دونها، ففيه نظر، وظاهر ما تقدم من لفظ المدَوَّنة في طول أو عرض جاز جوازه، والحق إن كان الثوب للتفصيل فزيادة العرض كالطول وإلا لم يجز لأنه يصير العرض صفة فيه.
وفيها: إن أسلمت في ثوب فزدته بعد الأجل دراهم على أن يعطيك ثوبًا أطول منه في صفته أو من غير صفته جاز إن تعجلت ذلك.
ابن محرز في غير صنفه إن كان مما يجوز أن يسلم فيه رأس المال.
اللخمي: معناه أن الثوب المأخوذ معين وإلا دخله السلم الحال.
قُلتُ: وفسخ في الدين ولذا قال عبد الحق: إنما شرط تعجيل الثوب لئلا يدخله بيع وسلف، إن كان من صنف المسلم فيه، وفسخ الدين في الدين إن كان من غير صنفه.