الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التاجر في الصغير فرأى الكبير والصغير صنفين؛ أخذ من هذا أن الصغير والكبير صنفان وهم لما قاله ابن محرز قال: الصغار والكبار يختلفان من سائر الحيوان إلا في الغنم لأن غالب المراد منها اللحم، وما سوى اللحم من الأغراض تابع له وإلا في الآدمي؛ لأن شراء صغيره إنما هو للخدمة إذا كبر، وما عدا الخدمة إنما يكون بتعليم فإذا باع صغيراً بكبير ليس فيه إلا الخدمة فلم تختلف الإغراض، والإبل والخيل مجبولة على أحوال شتى تختلف لها الأغراض.
منها: القوة على الحمل، ومنها الجري وهذه الأحوال لا تتبين في الصغر.
اللخمي: الصغار والكبار من الرقيق ينبغي كونهما صنفين فيسلم كبير في صغيرين وصغيران في كبير لا كبير في صغير ولا عكسه إلا كبير من الوخش لا يراد إلا للخدمة وللصغير جمال، ومما يراد للتجر إن كبر أو للصنعة.
الباجي: في الواضحة صغير الرقيق وكبيره صنف واحد، والقياس عندي أنهما جنسان لأن المنافع لا يتبين بها الجنس من التجر والصنائع لا تصح من الصغير.
اللخمي: يريد ابن حبيب إن تساوى العدد أو كان عدد الكبار أكثر.
الباجي: وهما في الخيل والبغال والحمير جنسان وكذا الإبل والبقر لا خلاف أن صغارها مخالفة لكبارها لأن العمل فيها مقصودة والحيوان المأكول إن لم يكن فيه عمل مقصود والحيوان المأكول إن لم يكن فيه عمل مقصود ولا منفعة فصغيره وكبيره سوا اتفاقاً كالحجل واليمام، وإن كان فيه منفعة لبن أو نحوه، ففي اختلافه بالصغر والكبر روايتا محمد.
[باب حد الكبر في الخيل]
وجد الكبر في الخيل بلوغها المنفعة المقصودة.
محمد: هو أن يسافر عليه كالجذع، وما دونه صغير والحولي صغير، وقاله مالك في البغال والحمير، والرباعي كبير ويحتمل كون الجذع كبيراً كالخيل.
وروى محمد: لا خير في ابنتي مخاض في حقة ولا في حقة في جذعتين فيحتمل منعه ابنتي مخاض في حقة؛ لأنهما من سن الصغير أو على رواية منع صغيرين في كبير ويحتمل
منعه حقة في جذعتين على رواية منع صغير في كبيرين فإن الجذع في الإبل أول أسنان الكبر أو لأنهما من سن الكبر.
قُلتُ: انظر قوله على رواية منع صغير في كبيرين مع متقدم قوله: وكذا الإبل والبقر لا خلاف أن صغارها مخالفة لكبارها قال: وحد الكبر في ذكور البقر بلوغ الحرث والإناث على قول ابن القاسم كذلك، وعلى قول ابن حبيب أن تبلغ سن الوضع واللبن والغنم إن فرق بين صغارها وكبارها، فكبرها بلوغها سن الوضع واللبن ويجيب على هذا كون ذكورها كصغارها؛ إذ لا منفعة فيها غير اللحم إلا النزو وهو لغو كما هو في الخيل والحمر، وحد الكبر في الرقيق إن فرق بين صغارهم وكبارهم بلوغ سن التكسب بعمله أو تجره، وهو عندي نحو خمسة عشر سنة ونحوها أو الاحتلام.
ابن زرقون: ولابن دينار لا يختلف صغير من كبير في جنس من الأجناس.
قُلتُ: فهو رابع لثلاثة أقوال.
ابن رُشُد: ابن الحاجب: وكذلك كبير في صغير وصغير في كبير على الأصح بشرط أن لا تفضي المدة إلى معنى المزابنة فيهما.
المازري: وطريقة ثانية أشار إليها بعض المتأخرين هي حمل رواية منع الصغير في الكبير على أنه لأجل يكبر فيه فيؤول للمزابنة وهذا تعسف وبعيد من ظاهر الروايات. ووقع لمالك منع كبار الحمر في صغار البغال لأجلٍ يمكن أن تنتج فيه الحمير بغالاً وإن لم تمكن فيه كالخمسة الأيام جاز.
فإن قلت: قبوله هذه الرواية تنفي كون قول المتأخر تعسفاً، والرواية هي سماع عيسى ابن القاسم: لا خير في كبار الحمير بصغار البغال لأجل بحال قاله مالك، ولا بأس بكبار البغال بصغار الحمير اثنان بواحد لأجل.
قُلتُ: لم كرهت كبار الحمير بصغار البغال. قال: ما فيه إلا الاتباع؛ لأن مالكا قاله قلت: من أي وجه أخذه؟ قال: كأنه من أن الحمير تنتج البغال.
قُلتُ: فلو كان لأجل قريب لا تهمة فيه قال: إن كان مثل الخمسة الأيام وشبهها لم أر به بأساً.
ابن رُشْد: ظاهره أن مالكاً لم يجز كبار الحمير في صغار البغال، وإن ابن القاسم
كره ذلك اتباعًا لمالك، وتأول عليه أن ذلك للمزابنة فأجازة للأجل القريب وأجاز كبار البغال في صغار الحمير، لأنها لاتنتجها على هذا حمل الشُيُوخ المسألة، واعترضوها، واعتراضهم على ما حملوها عليه صحيح، لأن كراهة كبار الحمير في صغار البغال ضعيفة، وحجة ابن القاسم باتباعه مالكا عليها غير صحيح إذ لايصح اتباع عالم عالًما فيما لايرى له وجه صحة وتأويله أنه للمزابنة بعيد لبعدها في ذلك، ويلزمه على هذا التاويل إجازة مالك إلى الأجل البعيد الذي لا يكن فيه من الحمار بغل ولا يقصره على خمسة أيام ونحوها، وكيف يصح على ما تأويله علي مالك وقد أجاز فيها كبار الخيل والإبل في صغارهما صغار ماتنتج الخيل والإبل تناج الإبل؟ ولعل معنى قول مالك في هذه العبارة أن الصغار والكبار من كل جنس صنفاً واحداً كما كذلك في بني أدم والضأن والمعز، وهو قول ابن دينارفي المدينة، ولو سئل على هذا القول عن كبار البغال لصغار الحمير لكرهها ولم يفرق بينهما كما فعلل ابن القاسم، والذي أقوله في هذه المسألة إن معنى قوله: لا خير في كبار الحمير بصغار البغال؛ أي لا خير في ذلك واحد بواحد قدم الكبير أو أخر كقوله في المسألة التي قبلها وذلك علي أصله أن البغال والحمير صنف واحد، وقوله بعد ذلك لا بأس بكبار البغال بصغار الحمير اثنان بواحد علي ما وصفت لك أي يجوز اثنان بواحد لأجل مع تباعدهما بالصغر والكبر والأجناس؟ ففال: لا أجد في ذلكم إلا الاتباع لقول مالك أي: لققوله: (أنهما جنس واحد والجنس الواحد لا يجوز الصغير منه بالكبير واحد بواحد)، فقال: من أي وجه أخذه؟ أي: من أي وجه أخذ كونهما جنساً واحداً؟ فقال: لأن الحمير تنتج البغال، فقال له: فلو كان لأجل قريب أي: لأجل لا تهمة فيه على الضمان لقربه فقال: إن كان لخمسة أيام ونحوه فلا بأس فعلى هذا تستقيم المسألة ويرتفع اللإلباس وأطال ابن لبابة كلامه عليها في المنتخبة وخلطه، وقال: إن ابن القاسم لم يفهم ما قاله مالك، قال: والذي قاله مالك إجازة كبار البغال في صغار الحمير عدداًً في عدد، وواحداًَ في واحد كالخيل في الحمير إذ لا يخرج الحمير من البغال كما لا تخرج من الخيل.
وسلم كبار الحمير في صغار البغال جاز في ذلك العدد في العدد ولم يجز فيه الواحد بالواحد ككبار الحمير في صغار الحمير؛ إذ تخرج صغار البغال من الحمير كما تخرج
صغار الحمير من الحمير، هذا عنى قوله وهو تعسف من التأويل بعيد عن اللفظ.
قُلتُ: في أول كلام ابن رُشْد ما يقتضي كون الصغير من الآدمي كغيره كاختيار الباجي، وفي إثباته ما يقتضي الاتفاق على عكس ذلك كقول ابن محرز وغيره
ولابن زرقون: قال ابن دينار: ولا يختلف صغير من كبير في جنس من الأجناس، فهو لأقوال ابن رُشْد رابع وهو خلاف قول الباجي لا خلاف في يأن ما فيه عمل مقصود، كالإبل والبقر أن صغيره مخالف لكبيره، وي اعتبار مانعية المزابنة طريقان لنقل النازري عن بعضهم مع ظاهر سماع عيسي ابن القاسم عند بعضهم والباجي، وظاهر كلام المازري مع نص ابن رُشْد.
وتقدم قول الباجي في الطير وسمع عيسى ابن القاسم: الطير كلله جنس واحد لا يحل دجاجة بدجاجتين ولا شبيء من الطير واحد باثنين لأجل وإن تفاضلت في البيض والفراخ وصغيره ككبيره، وذكر كأنثان).
ابن رُشْد: لا خلاف في المذهب أن ما يقتنى من الطير للفراخ والبيض كالدجاج والأوز والحمام كل جنس منه صنف على حدته صغيره وكبيره ذكره وأثناه وإن تفاضل بالبيض والفراخ فإن اختلف الجنسان جاز منه واحد باثنين لأجل، وما كان منها لايقتنى لبيض ولا فراخ إنما يتخذ لحم فسبيلها سبيل اللحم عند ابن القاسم ولا يراعى حياتها إلا مع اللحم، وأشهب يراعيها في كل حال يجوز على مذهبه سلم بعضها في بعض إن اختلفت أجناسها بمنزلة ما يقتنى لبيض أو فراخ وتقدم للخمي عن ابن القاسم إجازة سلم للدجاجة البيوض أو ما فيها بيض في ديكين.
ونقل الصقلي والمتيطي عنه: الديك والدجاجة صنف.
وقال أَصْبَغ: إلا الدجاجة ذات البيض من صنف تسلم البيوض في ديكين أو ديك في دجاجتين منها.
وما عزاه اللخمي لابن القاسم خلاف ظاهر سماعه عيسى.
المتيطي عن ابن حبيب: الدجاج والأوز صنف واحد، والحمام صنف وما لا يقتنى من الوحش كالحجل واليمام هو كاللحم لا يباع بعضه ببعض حياً إلا تحريا يداً بيد.
قُلتُ: ظاهر كلام ابن رُشْد أن الدجاج والأوز جنسان وظاهر نقل المتيطي أنهما
جنس واحد وهما معاً ن قطر الأندلس.
وفيها: العبيد صنف غلا ذو النفاذ.
الباجي: ليست الذكورة والأنوثة بجنس في الرقيق ولا في الحيوان.
الخمي: قال ابن حبيب: الذكران والإناث صنف واحد، وعلي قول مالك في العتق الأول من قال: كل عبد أشتريه أو أكل جارية أشتريها حرة، لا شيء عليه؛ لأنه عم الجواري والغلمان فلم يلزمه اليمين في تعميمه الذكور دون الإناث ولا في العكس، فلو كان جنسًا واحداً لزمته فيهما وهو قول ابن الماجِشُون وقول مالك أحسن لاختلاف خدمة النوعين خدمة الذكور خارج البيت والأسفار والحرث وشبه ذلك، وخدمة الإناث ما يتعلق بالبيت من خبزٍ وطبخ وشبهه.
وقول ابن الحاجب: الذكورة والأنوثة في غير الآدمي ملغاة اتفاقاً صحيح باعتبار نصوص المذهب، وتقدم للخمي أنها معتبرة في الضان.
وذكر ابن عبد السلام: استقراء اللخمي غير معزو له، قال: في استقرائه جواز سلم أحدهما في لآخر نظر؛ لأن نتيجة الاستقراء أنهما جنسان واختلاف الجنسية أعم من اختلاف المنفعة افاقها والمعتبر اختلاف المنفعة والأعم لا إشعار له بالأخص، ولو سلك في الاستقراء دلالة العرف على تباين منفعة الذكور من منفعة الإناث كما دل عليه العرف المطرد لكان له وجه، وسلكه بعضهم وجعله كالمقوي لما أخذه من المدونة، وهذا الأخير وحده كاف.
قُلتُ: ظاهره أن بعضهم أخذه من مجرد استنتاج كونهما جنسين من مسألة العتق دون اعتبار اختلاف منافعهما ولا أعرف هذا الاستقراء لغير اللخمي إلا من هو بعده، واللخمي لم يستقره من مطلق الجنسين غير معتبر اختلاف منافعهما؛ بل مع اعتباره، وكذا حكاه المازري.
وقوله: اختلاف الجنسية أعم من اختلاف المنافع ييرد بمنع ذلك؛ بل هو مسارٍ له غالبًا والعيان يثبته.
وقوله جعل بعضهم اختلاف منافعهما مقويًا لما أخذه من المدونة وهو وحده كاف، يرد بأن ذكرهمن حيث كونه كافيًا في جواز سلم أحدهما في الآخر ليس كذكره
من حيث كونه مثبتاً كونهما جنسين؛ لأن الأول لا ينتج جواز سلم صغيرهما في كبيرهما مطلقاً وكونه مثبتاً كونهما جنسين يثبته وكلام اللخمي يدل على أنه إنما ذكره ليثبت به كونهما جنسين وهو بحسن فطرته يهتدي في كثير من أبحاثه لنكت لايدركها غالبًا إلا ذو حظ من علم أصول الفقه، ومقدماته منها تقريره هذا الموضع كونهما جنسين باختلاف منافعهما لما تقرر من أن أفراد كل نوع لا بد أن تباين أفراد ما هو نوع غير نوعها، وتختلف أفراد النوع بالتجر فيها لا بأس بسلم عبد تاجر في ثوبين أو غيرهما لا تجر فيهما.
عياض: من تأملها مع كراهة بيعهم، ذكروا أن لهم عهداًَ.
قُلتُ: نصها في التجارة بأرض الحرب والنوبة لا ينبغي شرائهم ممن سباهم؛ لأن لهم عهداً من عرو بن العاص أو عبدالله بن سعد.
قال عياض: وقيلك لعله فيما باعوه من عبيدهم أو يكون لفظًا للتمثيل لا للتحقيق؛ لأنه لم يقصد الكلام على جواز بيعهم.
ققُلتُ: ولعله شرط نقضوه.
اللخمي: يسلم أحدهما في الآخر إن اختلفت تجراهما كبزاز وعطار أو صنعتاهما كنجار وخياط، ويسلم التاجر في الصانع، لا أحدهما فيما يراد لمجرد الخدمة، وبسلم أحدهما في عدد تراد منه الخدمة واختلف في الحساب والكتابة، هل هما كالصنعة وأرى إن اشتغلا بهما فهما كالصنعة وإن اشتغلا بالخدمة فليسا كالصنعة.
ان محرز: من المذاكريين من ألغاهما بأنهما علم فقط لا صناعةوهو منقوض بالتجر فإنه علم وهومعتبر اتفاقا. ز
المتيطي: فيها لابن سعد لا بأس بسلم حاسب كاتب في وصفاء سواه وقاله اببن حبيب.
أبو عمران: قولهما خلاف المدونة.
الباجي: لمحمد عن ابن القاسم إذا نفذ في الكتابة والقراءة نفاذا يمكنه التكسب بها فهيي منفعة مقصوة. ولمحمد عن ابن القاسم: ليست اكلكتابة بجنس في الإماء، ولعيس نه إن كانت فائقة فيها فهي جنس تبين به من غيرها فيحتمل أن يكون قولًا
واحدًا، وأن النفاذ فيه جنس ويحتمل أن يكون قولين.
ابن زرقون: انظر هذا فالذي لابن أبي زَمَنْين عن عيسى عن ابن القاسم ان الكتابة ليست بصنعة في الإماء وهى صنعة في الذكورإن كان فائقا فيها.
قال أبو عمران: لا توجد هذه الرواية لابن أبي زَمَنَيْن إنما لأَصبغ في الموازية،
وقول ابن حبيب في الجواري، ففي كون الكتابة صنعة ثالثهما: في الذكور لابن القاسم مع مالك وابن حبيب مع أَصْبَغ وابن أبي زَمَنَيْن مع عيسى عن ابن القاسم.
اللخمي: روى محمد الطبخ والخبز صنعة.
ابن القاسم والرقم يريد: إن كان مقصوداً، منها،
زاد الباجي: والنسج وكل نوع منها مخالف للآخر إلا الطبخ والخبز فهما جنس واحد.
اللخمي عن ابن القاسم: ليس الغزل وعمل الطيب بصنعة، والنساء أجمع يغزلن يريد ما لم تبن بذلك ويكون المقصود منها، ونقله الصقلي ولم يقيده التونسي لعله يريد بعمل الطيب علمه لا عمله باليد الذي يحتاج إلى علم.
الباجي: والحرث والحصاد لغو في الرجال.
ابن بشير: قال المتأخرون: الانفراد في الطبخ والغزل معتبر.
قُلتُ: هذا ييقتضي أن الطبخ كالغزل خلاف ما تقدم وتبعه ابن الحاجب فيه.
اللخمي: اختلف هل الجمال فيما للفراش من الجواري صنف تبين به الجارية من غيرها فقال ابن القاسم: هما صنف واحد، لا يسلم العلي في الوخش وروى محمد لا بأس بالرائعة بالجاريتين دونها قال: كل ما اختلف في هذا النسيئة فيه تحل، وقاله ابن وَهْب، وقال: أصْبَغ لا بأس بجارية جميلة فصيحة في جاريتين لأجل، وظاهر قول مالك: إجازة رائعة في رائعتين دونها وهو الأصل كسابق في عدد دونه.
الباجي: لعيسى عن ابن القاسم الجمال في الإماء ليس بجنس ولأََصْبَغ هو جنس مقصود.
قال بعض القرويين: ورواه ابن وَهْب.
محمدك وليس السواد والبياض والرومي والنوبي باختلاف في الرقيق.
ابن زرقون: حكى خلف عن ابن عبد الحَكم: إجازة سلم الأسود في الأبيض.
المازري: الأصح أن الجميلة التي تريد للفراش صنف مخالف للوخش المراد منه الخدمة.
ابن بشير في الاختلاف بالجمال قولان والصحيح عند المتأخرين اختلافه بالجمال الفائق، وجعل أصل كلامه في الحيوان الناطق، ومراده في الجمال ما خصه به غير واحد وهو الإماء، وذكر اللخمي وغيره قول أَصْبَع باعتبار الجمال مطلقًا ونقله عنه عبد الحق اعتبار كونه فائقًا، ويسير الصنعة في بعض النوع لغو وكثيرها معتبر في المزابنة وتقدمت وفي السلم.
الصقلي عن محمد: مغزول الكتان كأصله لا خير في سلم أحدهما في الآخر.
ابن أبي زَمَنَيْن هما عند أصحاب مالك صنف واحد، وأرى الغزل صنعة تبيح التفاضل نقدًا وإلى أجل إن عجل الغزل.
قُلتُ: ومقتضي قول محمد ومنعها سلم صوف في صوف منع الغزل بالغزل.
وقال اللخمي: يجوز سلم الغزل في الغزل إن اختلفا، فيسلم قليلًا جيدًا في كثير رديء؛ لأنه يعمل من أحدهما ما لا يعمل من الآخر.
المازري: كون الغزل بالغزل والكتان صنفًا واحدًا هو مشهور المهب، وأشار بعض المتأخرين إلى أن القياس كونهما صنفين.
ابن الحاجب: والمصنوع لا يعود إن قدم وهانت الصنعة كالغزل إن لم يجز على الأشهر بخلاف النقد.
قُلتُ: ظاهره جوازه نقدًا لا بقيد تبين الفضل وهو خلاف المشهور حسبما تقدم للمازري ونحوه لعبد الحق، في فضل المزابنة وإنما هو على خلاف المشهور.
وفيها: لا بأس بثوب كتان في كتان وثوب صوف فيه:
قُلتُ: لامتناع زوال صنعة الغزل، ومنع الشَّيخ سلم ثوب خزِّ فيه معللَّا له بنفسْه.
اللخمي: يسلم ثوب الكتان فيه وفي غزله وإن بعد الأجل، منع أشهب الثوب بالغزل إلى أجل ونقدًا للمزابنة إلا أن يتبين الفضل، وقول مالك: من باع غزلًا فنسجه مبتاعه ثم فلس فلربه أخذه، يقوي قول أشهب.
وفيها: لا يسلم كتان في ثوب كتان لأنه يخرج منه.
وفي نوازل سَحنون من الجعل والإجازة: من تقبل من رجل أحواضًا للملح لها شربٌ معلوم من بئر أشهرًا بملح مضمون عليه لا بأس به.
ابن رُشْد: عاب قول سَحنون هذا الناس قديمًا وحديثًا، وروى زياده أكره أخذ الملاحة ببعض ما يخرج منها، ووجه الكراهة أن الملح يخرج من الماء الذي دفعه أخذ الملح، فأشبه سلم كتان في ثوب كتان، ووجه إجازته سَحنون: أن جل الكراء إنما هو للأحواض لا للماء، إذ لو اكترى الأحواض دون الماء على أن يسوق إليها ماءه لم ينتفع رب الماء به إن لم تكن له أحواض يسيره إليها، بخلاف من أسلم كتانًا في ثوبه؛ لأنه يعطيه من عينه.
اللخمي: يسلم الكتان وغزله في ثوبه إن قرب الأجل بحيث لا يمكن أن يمل منه في ذلك الأجل وإلا لم يجز إلا أن يكون ذلك الغزل لا يصلح عمل ذك الثوب منه فيجوز.
قُلتُ: دليل اعتبار الأجل قول سلمها الثالث: لا خير في شعير نقدًا في قصيلٍ لأجلِ إلا لأجلٍ لا يصير الشعير فيه قصيلًا ويكون مضمونًا بصفة.
اللخمي: ولو بعد الأجل فإن كان الغزل أجود جاز، قل وزنه أو كثر؛ لأنها مبايعة وإن كان أدنى لم يجز إلا أن يكون أكثر وزنًا إن كان مثل وزنه أو أدنى دخله سلف بزيادة هي فضل جودة غزل الثاني وصنعته، ومثله الصوف في ثوبه، وذو الصنعة المفارقة في أصله كأصله بخلاف ما تقدم في اللازمة كالنسيج.
فيها: لا يجوز سيوف في حديد لا يخرج منه لأنه نوع واحد ولو جازت لجاز حديد السيوف في الحديد الذي لا يخرج منه، ولأجزت الكتان الغليظ في الرقيق والصوف في الصوف لأجل وهو يختلف ولا يجوز بعضه ببعض.
قُلتُ: يريد بقوله: لأنه نوع واحد أن الصنعة المفارقة لغو فصار ما قامت به كما لم تقم به، وقوله: (ولو جازت
…
إلخ) دليل صدق الملازمة، مقدمتان حذفتا للعلم بهما واضح صدقهما.
الأولى: الحديد الذي يخرج منه السيوف كالحديد الي لا يخرج منه؛ إذ لا يجوز
سلم أحدهما في الآخر.
والثانية: حكم أحد المتساويين حكم الآخر.
والثانية متفق عليها، وفي الأولى اختلاف.
اللخمي: الموزون من حديد وصوف وكتان غير مصنوع نوع واحد وإن تباينا في الجودة.
قال ابن القاسم: الحديد الذي تعلم منه السيوف والحديد الذي لا تعمل منه والصوف الذي يعمل منه السيجان العراقية والأسوانية، وما لا يعمل منه ذلك والكتان كذلك كل منها نوع واحد، وهذا حماية لئلا يتذرع بما يتباين لما يتقارب والقياس الجواز، وأصل المذهب أن ما يتباين اختلافه من الجنس الواحد، وقصد من أحدهما خلاف ما يقصد من الآخر جواز سلم أحدهما في الآخر كما هو في الحيوان والثياب.
قُلتُ: في تهذيب الطالب أجاز سَحنون الحديد الذي لا يخرج منه السيوف في سيوف إلى أجل وله أنه لا يجوز سلم سيف في سيفين بحال.
قُلتُ: فليزم منه جواز سلم حديد لا يخرج منه سيوف في حديد تخرج منه.
اللخمي: وتعليل المنع بأنه يمكن أن يعمل من الدنيء مثل الجيد إذا بولغ في عمله خلاف نص ابن القاسم بمنع سلم الصوف في الصوف وإن كان يعمل من أحدهما ما لا يعمل من الآخر أبدًا.
ابن حارث: قال فضل عن يحيى بن عمر: يجوز سلم سيوف في حديد كثوب كتان فيه ووافقني عليه البرقي.
فضل: وقول ابن القاسم أشبه بأصولهم؛ لأن السيوف قد تكسر فتصير حديدًا.
قلت؛ كذا نقله ابن حارث في حديد من غير تقييده بكونه لا يخرج منه سيوف ونقله اللخمي مقيدًا به، وزاد: ومنعه سَحنون، وقال: ليس ضرب السيوف صنعة تخرجه عن الحديد؛ لأنه يعاد حديدًا، قال: والأول أحسن، وليس إعادة السيف حديدًا بفعل عاقل، ويعاقب فاعله؛ لأنه فساد وإضاعة مال، وإن كان ذك مبلغ عقله وتمييزه حجر عليه.
ابن بشير: المشهور منع سلم سيوف في حديد لا يخرج منه، وأجازه البرقي ويحيى بن عمر، وأخذه اللخمي من قولها: لا بأس بتور نحاس به نقدًا، قال: فجعل الصنعة تخرجه عن الجنس، وقوله غير صحيح من وجهين:
الأول: أن المذهب منعه على أن غير المصنوع إذا كان يخرج منه المصنوع لم يجز وما ذكره من مسألة المدَوَّنة هذه لم يفرق فيه بين كونه مما يخرج منه أو لا.
الثاني: أن حكم النقد يخالف حكم الأجل اتفاقًا يجوز ثوب بثوبين نقدًا لا لأجل.
ابن الحاجب: والمصنوع يعود معتبر فيهما.
ابن هارون: وهذا أحسن إذا قدم الأصل، وأما عكسه فمذهب المدَوَّنة المنع وأجازه يحيى بن عمر والبرقي.
ابن عبد السلام: ضمير فيهما عائد على صورتين: تقديم الأصل في المصنوع، وعكسه واعتبار الأجل في الأول ظاهر، وهو أن يكون الأجل لا يسع أن يصنع فيه مثل المصنوع خوف سلم الشيء فيما يخرج منه.
قُلتُ: قول ابن هارون هذا إذا قدم الأصل حسن وقبوله ابن عبد السلام أيضًا لا أعرفه معزوًا لنص ولا لتخريج، ولكنه من حيث كونه لأجل لا يمكن فيه خروج المسلم فيه منه كسلم حديد لا يخرج منه سيوف في سيوف وقد تقدم عزو عبد الحق إجازته لسَحنون، وفي أخذه من متقدم سلم كتان في ثوبه لأجل لا يخرج منه فيه نظر؛ لأن صنعة النسيج غير مفارقة وصنعة المتكلم فيه تفارقه.
وفيها: لا خير في سيف في سيفين دونه لتقارب المنفعة إلا أن يبعد ما بينهما في الجودة والقطع كتباعده في الرقيق والثياب فيجوز.
اللخمي والصقلي: ومنعه سَحنون الصواب الأول.
الصقلي عن محمد: الحديد جيده ورديئه صنف، حتى يعمل سيوفًا وسكاكين فيجوز سلم مرتفعها في غير المرتفع، وكذا ما صنع منه سيوفًا وسكاكين ومرايا وغير ذلك إذا صار أصنافًا مختلفة المنافع وكا النحاس، وتقرر فيما تقدم أجناس الحيوان وسلم بعضها في بعض وما في الضأن والمعز، وقول ابن لبابة في الزكاة: أنهما جنسان والطريقان في الأوز والدجاج، وفي كون البغال والحمير جنسًا أو جنسين قولان لها،
ولابن حبيب.
اللخمي: الأول أحسن لتقارب منافعهما ولا يفترقان إلا من باب الجودة أو الدناءة البغال في معنى الجيد والحمير في معنى الدنيء.
المتيطي: قال أَصْبَغ والبرقي كقول ابن حبيب.
قال فضل: تكلم ابن حبيب على حمر الأندلس وابن القاسم على حمر مصر وأجاب عبد الحق عن معارضة قولها في السلم بقولها في القسم لا يجمع البغال مع الحمير في القسم بالاحتياط في الحكمين، ونقضه غير واحد من المتأخرين بقولها في القسم يجمع ثياب الكتان والصوف والحرير في القسم ويسلم بعضها في بعض والحق أن هذه مشكلة والصواب عدم الجمع.
وفيها: ثياب القطن لا يسلم بعضها في بعض إلا غلاظها في رقيقها، وكذا ثياب الكتان، وفي ثالث سلمها من لك عليه ثياب فرقبية جاز بيعها منه قبل الأجل بما يجوز أن تسلف فيها من الثياب المروية والهروية إذا انتقدت ذلك ولم تؤخره.
عياض: خرج منه أثمتنا جواز سلم رقيق الكتان في رقيق القطن، خلاف قول بعضهم وهو قول مالك في المنتخبة: قال: لأنه رقيق كله وليس في المدَوَّنة ما يستدل به إلا هذا وعزا اللخمي المنع لأشهب، قال: وهو أحسن.
قال: وثياب الكتان والصوف والحرير يسلم بعضها في بعض لاختلاف منافعها ويسلم ما استوت جودته بعضه في بعض لاختلاف منافعها كالعمائم والأردية.
قُلتُ: أخذ بعضهم قول أشهب من قولها في البغال والحمير، ومنهم من فرق باتحاد المنفعة أو تقاربها فيهما واختلافهما في الثياب.
ابن بشير: إن تباين الجنس دون المنفعة فالمذهب المنع، وقد يظن أن فيه قولين من قولي ابن القاسم وأشهب في سلم جيد الكتان في جيد القطن أجازه ابن القاسم وأخذ له من إجازته في السلم الثالث فيمن له ثياب فرقبية وهي رقيق ثياب الكتان إلى أجل يجوز له بيعها من غير من هي عليه بثياب ثطن هروية أو مروية وهي من رقيق ثيابه؛ لأنه يشترط في هذا البيع شرط السلم، ومنعه أشهب وليس كا ظن؛ لأن الخلاف في هذا الفرع خلاف في شهادة هل المنافع متساوية أم لا؟ قلت: بهذا وجه المازري
قوليهما.
وفيها: إن أسلم فسطاطية في فسطاطية معجلة ومروية مؤجلة جاز، ولو عجلت المروية و**** الفسطاطية لم يصلح لأنه قرض بزيادة مروية.
اللخمي: إن أسلم فسطاطيًا في فسطاطيين مثله أحدهما معجل والآخر مؤجل فأجازه ابن القاسم ومنعه سَحنون.
محمد: اضطر المخزومي طرد القياس فيه لأشهب حتى أجاز دينارًا بدينارين أحدهما مؤجل يريد إن قصد بذلك المعروف كدينار بأوزن منه، ويجوز على قوله: أن يكون هو الأوزن هو المعجل وجوازه في الثياب أحسن وإنما يمنع من ذلك ما يقصد فيه إلى فساد فإن اختلفوا في الجودة، والمنفرد مثل المعجل من الثوبين أو أدنى جاز، وإن كان أجود من المعجل ومثل المؤجل أو أدنى لم يجز وهو سلف بزيادة هي المعجل مع فضل المؤجل إن كان أجود وإن كان المنفرد أجود منهما جاز وهي مبايعة.
المازري: في جمل بجملتين مثله أحدهما نقدًا والآخر مؤجل روايتان بالجواز والكراهة بالأولى أخذ ابن القاسم، وبالثانية أخذ ابن عبد الحَكم، وقال - أي سَحنون: هذا الربا، وعزا ابن محرز الروايتين لان بعد الحَكم، قال ابن عبد الحَكم وكراهته أحب إليَّ.
ابن محرز: وقول ابن القاسم في الجملين إذا تساويا الجواز، وأرى أن المنفرد إذا لم يكن فيه فضل عن المعجل فقد استغرقه، ولم يبق فيه تعلق بالمؤجل ولو خالف المعجل من الجملين المنفرد حتى اختلفت الأغراض فيهما تعلق المنفرد بهما معًا كان المعجل منهما زيادة في السلف، والتزم أشهب للمغيرة على ما أجازه من الجمل بالجملين جواز دينا بدينار مثله نقدًا ودينار لأجل لانحصار عوضية المنفرد بالمعجل، بخلاف كونهما معجلين لعموم عوضيته فيهما، ومن المذاكرين من يلزم أشهب ذلك، وإن كان الديناران نقدا وها لم يقله ولا أحد من فقهاء الأمصار وربما استدل من مذهبه على مصيره لذلك، بقوله في صلح المرأة ورثة زوجها عن دنانير بدنانير من أموالهم قدر ميراثها وترك الميت عروضًا أن الصلح جائز وهو بيع ذهب بذهب وعروض وليس كما توهم على أشهب. ومعنى المسألة أن الدنانير المتروكة كانت بيد الورثة، وإذا كانت
بأيديهم فإن كانت مضمونة عليهم فإنما قضوا بدفعهم ما كان في متهم، وإن كانت في أمانتهم فقد ذكر محمد عن أشهب أنه لا بأس لمن كانت عنده دنانير وديعة في بيته أن يدفع بدلها من ماله فعلى هذا إجازة أشهب. مسألة الورثة، فإن قيل: إنما أجاز أشهب مسألة الوديعة لأنها في يده فصارت كالمقبوة وهنا أمر زائد على القبض والمناجزة وهو التفاضل بين الذهبين، قيل: إ ن ثبت أن هذا هو علة أشهب في الوديعة حملنا مسألة الورثة على أنهم ضمنوه بتعديهم.
ابن بشير: جرت في مسألة الجملين مناظرة بين المغيرة وأشهب والتزم أشهب الجواز فألزمه المغيرة ذلك في دينار بدينارين فالتزمه وقد لا يلزمه؛ لأن باب الربا أضيق من غيره، فقد تقدر المقابلة في سلم العروض لأجل والإجماع على منع ذلك في الربويات واختلف الأشياخ هل يلزم أشهب ذلك في الدنانير نقدًا فألزمه ذلك بعضهم وأباه بعضهم، وذكر ابن الحاجب هنا أن أشهب هو الذي ألزم المغيرة بيع دينار بدينارين وأن المغيرة هو الملتزم وكذا في تنبيه ابن بشير في كتاب الصرف وللمازري في كتاب الصلح وفي بعض نسخ ابن الحاجب بالعكس وكذا في تنبيه ابن بشير في كتاب الصرف في السلم الأول، وكذا ذكره المازري وابن محرز، وظاهر لفظ اللخمي الأول فتأمله.
ابن رُشْد: السلم في الصناعات على قول ابن القاسم: إن لم يشترك تعيين العامل ولا ما يعمل منه المصنوع فحكمه كالسلم لا يجوز إلا بوصف العمل وضرب الأجل، وتقديم رأس المال وعكسه شرط تعيينهما ليس بسلم إنما هو بيع وإجازة في المبيع إن كان يعرف وجه خروج ذلك الشيء من العمل أو يمكن إعادته للعمل أو عمل غيره من الشيء المعين فيه العمل جاز على الشروع في العمل أو على تأخير الشروع لثلاثة أيام ونحو ذلك، فإن كان على الشروع جاز بشرط تعجيل النقد وتأخيره، وإن كان على تأخيره لثلاثة أيام لم يجز تعجيل النقد بشرط حتى يشرع، وإن لم يشترط عمله بعينه ويعين ما يعمل منه فهو أيضًا من البيع والإجازة في المبيع إلا أنه يجوز على تعجيل العمل وتأخيره إلى نحو ثلاثة أيام فتعحيل النقد وتأخيره، وإن اشترط عمله ولم يعين ما يعمل منه، لم يجز بحال لأنه يجتذبه أصلان متناقضان: لزوم النقد؛ لأن ما يعمل منه
مضمون وامتناعه لاشتراط عمل العامل بعينه.
قُلتُ: وقرر اللخمي القسم الثاني بقوله: إن كان لا تختلف صفة خروجه كشراء القمح على أن يطحنه البائع والزيتون على أن يعصره يأخه منه كيلًا معلومًا، أو الثوب على أن يخيطه أو تختلف، ويمكن عوده لحالته الأولى فيصنع على الصفة المشترطة جاز فيهما، وذلك كالحديد والرصاص إلا أن يشتري جملة الحديد والرصاص فلا يجوز؛ لأنه كلما أعيد نقص فلا يقدر أن يعمل في الثاني إلا دون الأول وإن كان يختلف خروجه، ولا يعاد لهيئته الأولى لم يجز كالثوب يشترط صبغه والغزل يشترط نسجه، والعود يعمل تابوتًا أو بابًا، ولو كثر الغزل واشترط إن أتى ناقصًا على الصفة عمل من بقيته حتى يأتي على الصفة جاز، واختلف في جواز استئجار الأجير على أن يأتيه بالغلة فعلى جوازه يجوز شراء الثوب على أن يصبغه، وقيل: لا يجوز شراء سلعة على أن البائع يبيعها لمبتاعها، وكل ذلك جائز على جواز الاستئجار للغلة.
قُلتُ: قوله: ولو كثر الغزل إلى قوله: جاز يرد بالغرر الناشيء عن جهل الأجير بماذا يستحق عوض عمله هل بصنعه المصنوع مرة أو مرتين؛ ولذا لم يذكره ابن رُشْد مع تأخره عنه، والله أعلم، وذكره ابن بشير غير معزو له ولم يتعقبه.
**** على المنع في المختلف خروجه، مع اتفاقهم على جواز الإجازة عليه نظر، لأن احتمال اختلاف الخروج إن أوجب غررًا أفسد عقده مطلقًا وإلا فلا، فإن قيل: هذا الغرر في مجرد عقد الإجارة مضطر إليه فألغى تأثيره الفساد فيد.
وفي عقد بيه مادة المستأجر عليه غير مضطر إليه فاعتبر تأثيره فيه، ولذا منعه سَحنون مطلقًا، قيل يلزم على هذا منع العقد على البيع والإجازة في غير المبيع.
قال اللخمي: وعلى الجواز إن هلك القمح قبل طحنه أو الثوب قبل خياطته أو الحديد قبل صنعه، فإن هلك ببينة أو دونها، والبائع غير منتصب لتلك الصنعة حلف على ضياعه ولم يضمنه، وحط عن المشتري قدر الصنعة وإن كان منتصبًا لتلك الصنعة ضمنه بالقيمة لا الثمن؛ لأن التمكين في المبيع تقدم، وإنما بقي لموضع الصنعة، وعلى المشتري ما ينوبه من الثمن، ويحط عنه مناب الصنعة كما تقدم، وأما الزيتون فضمانه من بائعه، ولو قامت بتلفه بينة لأجل حق التوفية بالكيل، ولو لم يسلم في الغزل على أن
ينسج واشتراه على أنه إن خرج على ما وصف أخذه، ونقد وإن خرج على غير ذلك كان لبائعه جاز.
ابن بشير: إن كان الصانع معينًا والمصنوع منه غير معين والصانع لا يفتر عن العمل غاليًا كالقصاب والخباز جاز الشراء منه وحكموا له بحكم النقد لما كان الغالب وجوده فهو في حكم المعين ومتى تعذر شيء من هذا وجب الفسخ فيه وظنه اللخمي سلما على الحلول فأخذ منه ذلك، ومقتضى الروايات خلاف ما قال: إنما هو بيع نقد ولا يفتقر إلى أجل السلم، وإن كان العامل لا يستديم عمله فقد أجازوه للضرورة على حكم السلم يشترط فيه أن يكون أجل المسلم فيه يبقى إلى أجل السلم فأكثر، ويقدم رأس المال وإن تعذر فيه شيء منه تعلق بالذمة، وكان كالصانع يبيع مصنوعًا كثيرًا على أن يبتدئ في الأخذ منه يوم العقد أو بعده بالزمن اليسير وأن كان المصنوع منه معينًا والصانع غير معين فمقتضى الفقه أنه هذا الذي فرغنا منه في الصانع يبيع ما ارتفع من صنعته، وما لم يرتفع؛ لأن هذا إنما يجوز إذا كان الصانع غير معين.
قُلتُ: ما ذكره من السلم للقصاب والخباز في قسم تعيين الصانع وعدم تعيين المصنوع منه خلاف ما ذكره فيه الأشياخ من أنه مجرد سلم لذى صنعة في مصنوعه لا بقيد تعيين المصنوع منه.
وما تقدم لابن رُشْد من قوله إن اشترط عمله ولم يعين ما يعمل منه لم يجز بحال فيه نظر لقولها في كتاب الجعل والإجارة، قال مالك: من استأجر من يبني له داره على أن الآجر والجص من عند الأجير جاز.
قُلتُ: لم جوزه ولم يشتر شيئًا من الجص والآجر بعينه؟ قال: لأنه معروف عند الناس.
قُلتُ: أرأيت السلم هل يجوز فيه إلا أن يضرب له أجلًا وهذا لم يضرب للآجر والجص أجلًا؟ قال: لما قال له: ابن لي هذه الدار فكأنه وقت له، وقت بنيانها عند الناس معروف فكأنه أسلم إليه في جص وآجر معروف إلى وقت معروف، وإجارته في عمل هذه الدار فلذلك جاز، وقال غيره: إن كان على وجه القبالة ولم يشترط عمل يده فلا بأس إذا قدم نقده.
قُلتُ: ظاهر المسألة خلاف نقل ابن رُشْد عن المذهب، إن العقد على تعيين العامل وعدم تعيين المعمول منه أنه غير جائز ووفاق لنقل ابن بشير.
الصقلي: قول الغير خلاف لان القاسم؛ لأن ابن القاسم يجيز ذلك في عمل رجل بعينه؛ لأنه يشرع في العمل كإجازاته على خدمته سنة؛ ولذا قال في الحمالة: إن دفعت لخياطٍ ثوبًا على أن يخيطه بنفسه جاز.
وقال بعض القرويين: إنما يصح قول ابن القاسم على أن يكون الأجير صاحب صنعة عمل الآجر والجص فيصير تأخير النقد جائزًا كالشراء من الجزار والخباز كل يوم خبزًا ولحمًا، والثمن مؤخر فعلى هذا يجوز قدم النقد أو أخره، ويشرع في العمل أو يكون المأخوذ منه من الجص والآخر شيئًا شيئًا يطول أخذ جملته حتى يكون المعجل منه يسيرًا في جنب ما يأخذ منه لا قدر المعجل منه لكثرته فيجوز لأنه قد تأخر كله لمثل أجل السلم. وإنما قلنا ذلك؛ لأنه في عمل رجل بعينه والآجر والجص في ذمته مضمونًا، والمضمون يجب تأخيره لأجل السلم، ويكون جميع ما ينوب ذلك وما ينوب إجارته نقدًا لأنه لو تأخر من ذلك شيء كان قد تأخر منه قدر مما ينوب الآجر والجص ولا يقدر أن يخص ما ينقده بهما وإن نقد الجميع لأجل منابهما مع وجوب تأخر اقتضائهما لأجل السلم لزم تأخير عمل الأجير لذلك مع انتقاد إجارته وذلك لا يجوز.
قُلتُ: بعض القرويين هو التونسي، وهذا المعنى هو الذي أشار إليه ابن رُشْد بتعليل المنع بالتناقض والتعقب عليه بإطلاقه المنع فيه دون تفصيل الحال في المسلم إليه. ولما ذكر المتيطي قول الغير في المدَوَّنة قال: ونحوه لعبد الملك في الثمانية.
قال ابن أبي زَمَنَيْن: هذه المسألة لا تحتمل النظر وجوازها استحسان، كذلك قال سَحنون، وإن وقع العقد بتسمية الثمن دون شرط نقده ولا تأخيره نقد منه ما قابل الآلة، وكلما عمل شيئًا دفع له بقدره.
قُلتُ: هذا خلاف قول التونسي لا يقدر أن يخص ما ينقده بالآلة ففي جواز السلم في سلم معين صانعه دون مادته ومنعه ثالثها: إن كان المسلم إليه من أهل حرفة صنعته أو قل ما يعجل منه لضرورة الشروع في العمل قبل مضي أقل مدة أجل السلم بالنسبة للباقي من المادة، ورابعها: إن نقد منابها لظاهرها مع حملها عليه.