الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب الشركة]
الشركة هنا: جعل مشتر قدراً لغيره باختياره مما اشتراه لنفسه بمنابه من ثمنه،
هي في الطعام المكيل أو الموزون قبل الكيل والوزن رخصة.
التونسي: اتفاقًا.
وفيها: أجمع أهل العلم على جوازها فيه، وروى أبو الفرج منعها، وعلى الجواز لو كان الثمن مؤجلًا، ففي جوازها قولان لها، ولابن حبيب مع محمد عن ابن القاسم وابن محرز عنه مع أشهب وهي بزيادة قدر أو تعجيل أو عكسه مردودة.
محمد: وكذا شرطها بأمر شركة أو تولية أو إقالة.
اللخمي: من قبض بعض سلمه في طعام لم تجز شركته غيره فيما قبض وما لم يقبض، ويختلف فيما لم يقبض فقط.
اللخمي: ومن أشرك في طعام بعد كيله قبل غيبته عليه غيره فلا كيل له عليه.
وفيها: إن ابتعت سلعة بعينها فلم تقبضها حتى أشركت فيها رجلًا فهلكت قبل قبضه إياها، أو ابتعت طعامًا فاكتلته ثم أشركت فيه رجلًا فلم تقاسمه حتى هلك الطعام فضمانه منكما، وترجع عليه بنصف الثمن.
عياض: أنكرها سَحنون وحكى فضل في التولية أنها من المولى حتى تكتاله وكذلك ينبغي أن يكون من المشرك، وعليه حمل إنكار سَحنون المسألة.
أبو عمرات: لا يعرف هذا إلا من فضل وقول ابن القاسم إنه من المولي بنفس العقد، دخل في ضمانه كمشتري صبرة جزافًا وقد سوى في الكتاب بعد هذا بين التولية والشركة في وجود النقص، قال: على المولى نقصانه، وله زيادته إذا كان من نقص الكيل، وزيادته ليس ذلك للذي ولي، وإن كان كثيرًا وضع عنه بحسابه، ولم يكن عليه ضمان ما نقص، والشركة مثله.
فضل: انظر سوى بينهما في النقص الكثير. وقد قال في الشركة: لو تلف الطعام قبل قبض المشرك كان منهما، وصوب اللخمي قولها وعزاه لابن حبيب.
ابن محرز: هذه تدل على أن ليس على المشرك أجر الكيل، وكذا ينبغي في الإقالة،
والتولية إذ هما معروف كالشركة، وكذا ينبغي في القرض والهبة، وإن وجدوا زيادة أو نقصا فلهم وعليهم بخلاف البيع ذلك للبائع وعليه إلا أن يشتريه على التصديق فيكون للمشتري وعليه.
قٌلتٌ: إنما يكون للمشتري وعليه المتعارف من ذلك وما زاد علي ذلك فللبائع وعليه، هذا نصها في السلم الثاني لا أعلم فيه خلافًا.
قال: واختلف فيمن وهب أقساطا من دهن جلجلانه على من عصره فيجر على الخلاف فيما ذكرناه، ولم يجعل الطعام في الشركة إن لم يكن قبض ثمنه كالمحتبسة في الضمان، لما كان أصل الشركة، معروفًا وتأول بعض المذاكرين مسألة الكتاب على أن الهلاك ببينة ولو كان بدعواه لجري على الخلاف في المحتبسة، والصواب ما ذكرناه؛ لأنه كما لم يقف الضمان على الكيل؛ لأن أصل الشركة معروف، أحله محل نفسه في عقده، فكذا لا يقف على قبض الثمن.
المازري: فرق ابن حبيب فقال: في الشركة كقولها، وأوجب في التولية والإقالة الكيل على المقيل والمولي إن غابا على الطعام فإن لم يغيبا لم يجب على المقيل، ويجب على المولي ولا وجه لهذه التفرقة.
قُلتُ: في لزوم الكيل بعقد الشركة كالبيع القولان:
أما كيل القسم فبينهما اتفاقًا.
قال ابن محرز: لو شرع في القسم معه فكان له بعض ما أشركه ثم هلك باقي الطعام لرجع الذي لم يكتل بنصف ما اكتال صاحبه قاله محمد عن أشهب، ولو هلك الجميع أو غصب لكان لمن لم يكتل الرجوع على من اكتال بنصفه؛ لأنه ضمنه بكيله غاب عليه أم لا؟.
قلت: قوله: رجع الذي لم يكتل بنصف ما اكتال صاحبه علله المازري بقوله: لأن من صار في يده ما اكتيل إنما يعلم استحقاقه لجميعه بعد كيل ما بقي فإن ضاع ما بقي قبل أن يستحق هو ما في يده بقيا على حكم الشركة في الجميع.
قُلتُ: مقتضاه إنه لو كان معنى مقاسمتهما إن حظ المبتاع هو الباقي بعد كيله لمن أشركه دون افتقار إلى كيله لم يرجع المبتاع على من كال له فيما كاله له بشيء لتعينه له
بكيله، وهو صواب، وقول ابن محرز: لو هلك الجميع لرجع من لم يكتل على من اكتال له بنصفه مشكل؛ لأنه إن أراد أنه يرجع عليه بنصف الثمن، فهذا قد تقدم له عن قرب وخلاف سحنون فيه، وإن أراد أنه يرجع عليه بنصف الطعام المكيل مع تلفه، وهو ظاهر قوله: غاب عليه أم لا فهو وهم، وإن كان المازري قد قبله؛ لأنه إن كان وجب له فلا حق للآخر فيه وإلا فهو بينهما فيجب كونه منهما فلا ضمان عليه فيه للآخر بحال، وتعليل المازري ضمان من اكتيل له حظ صاحبه بقوله، لأنه قبضه لنفسه ليستبد به، وبقي عليه حق التوفية لصاحبه مثل ما صار إليه هو، فلهذا رجع عليه صاحبه إذا ضاع ما لم يكتل، ويضمن هو ما اكتيل لأجل أنه وفى لصاحبه ما عليه من كيل مصادرة؛ لأن إحدى مقدمات ما أتى به دليلاً.
قوله: ويضمن هو ما اكتال إلخ مع إجمال في لفظه؛ لأن ضمير هو وأنه لا يعودان لشخص واحد فتأمله.
ولفظ الشركة نصًا في القدر واضح كأشركتك بثلثه لك ومطلقة كأشركتك، ولك شرك، ولا قرينة في وجوب حمله على المساواة وكونه مجملاً يجب تفسيره.
ثالثها: إن قال: معي.
للمازري عن الأشياخ وله مع اللخمي، عن نقلي ابن سَحنون فيمن قال فيما بيده لفلان فيه شرك أو شرك معي قال: والثاني أصل ابن القاسم قال: من أخذ قراضًا علي أن له شركًا من الربح؛ فهو فاسد فجعله مجملا، وقال غيره: هو جائز على النصف.
قلت: وتمامها في القراض.
وفيها: من قال لرجلين: اشتريا عبدًا أشركاني فأشركاه كان بينهم أثلاثا؛ لأنهما أراد أنه فيه كأحدهما.
ابن محرز: قالوا هذا علي أنه لقيهما معا، ولو لقيهما منفردين لكان له نصفه.
الصقلي: في كونه كذلك وكون نصفه للثالث.
ثالثها: إن لقيهما معا ولو لقيهما منفردين لكان له نصفه لها ولغيرها، وبعض أصحابنا قائلا: لو تفاوت حظ الأولين لكان للثالث نصفه. اللخمي: علي قولها لو كان المشرك واحدا فللمشرك نصفه.
قال: وقال ابن سحنون أجمعوا علي أنه إن وصل بقولة له شرك الثلث أنه مصدق، وإن قال: هو لي وله أو بيني وبينه وسكت، ثم قال له: الثلث والآخر قال له: النصف، فذكر الخلاف المتقدم.
اللخمي قولة: هو بيني وبينه، وله فيه حق، وله فيه شرك معي، أو دونه سواء، القول قول المقر إذا أراد، فإن خالفه الآخر أخذ ما أقر له به، وتحالفنا في الجزء الذي اختلفنا فيه عل أصل بن القاسم فيكون ذلك الجزء بينهما نصفين إن أقر بالربع وقال الآخر: النصف أخذ الربع بإقراره وتحالفنا في الربع فكان بينهما؛ لأن الإقرار بالربع إقرار منه بأن يد الآخر معه علي العبد، وإن كان في بيت المقر، ولو كان الإقرار بطعام أو دراهم، وقال: كانت الشركة في نصفه هو الذي قبضت وأضفت إليه نصفاً، فالقول قوله، وإن قال: كانت أيدينا علي جمعيه إلا أن الذي لك الربع لم يقبل قوله، وسلم له الربع، واقتسما الربع بعد أيمانهما.
وفيها: ما اشتريت من عرض أو طعام؛ لم يجز أن تشرك فيه قبل قبضه أو بعده أحداً علي أن ينقد عنك؛ لأنه بيع وسلف.
اللخمي: إن نزل فسخ إلا يسقط السلف فإن كان من المشتري قال: اشتر وأشركني وأنقذ عني أو اشتر وأشركني، ثم بعد العقد قال: انقد عني جاز في كل شيء حتى الصرف، والشراء إلي أجل؛ لأن الشراء انعقد عليهما معاً.
المازري: لأن متولي العقد كالوكيل للآخر علي شراء نصف، والوكيل يجوز أن يوكل علي العقد قال: أشركني وانقد عني أو أشركني فلما أشركه قال: انقد عني لم يجز في الصرف، وجاز في العروض وإن لم يكن سلماً في ذمة أشركه بشرط النقد أو تطوع به بعد أن أشركه، وإن كان سلماً فأشركه علي أن ينقد عنه لم يجز، وإن أشركه بغير شرط ثم رضي أن ينقد عنه جاز، والجواب في الصرف صحيح؛ لأن الشركة في هذه الوجوه كابتداء بيع والتطوع بالصبر في الصرف لا يجوز، ومحمل قوله في العروض سلماً في ذمته يمنع الشركة بشرط النقد علي القوا في التولية أنها لا تجوز إلا أن ينقد ويجوز علي القول الآخر بتأخير النقد اليومين والثلاثة كرأس
مال المسلم.
المازري: إنما لم تجز الشركة في العروض سلماً في ذمة بشرط أن ينقد عنه؛ لأن الجزء الذي أنعم له بالشركة به بيع له منه، ولبيع الدين لا يجوز تأخير ثمنه، وقاله في المدونة.
وتقدم عن الموازية جواز شرط تأخيره اليوم واليومين كرأس مال السلم، وكذا الحكم هنا، وأما إن سأله في الشركة فأنهم له قم سأله النقد عنه فهذا ينبغي منعه لما أشرنا إليه من كون ثمن الدين لا يجوز تأخيره ولو بغير شرط في العقد.
اللخمي: أما الطعام فقال: إن كان حاضراً لم يجز أن يشركه علي أن ينقد عنه، وإن أشركه بغير شرط ثم قال: انقد عني ولم يكن الأول نقد جاز، وإن كان نقد لم يجز.
ولاين القاسم أيضاً: لا بأس إذا سأله بعد أن بنقد عنه ولم يراع نقد الأول أولاً، وعلل المازري منع أن يشركه علي أن ينقد عنه بكون الثمن المؤخر أقل قيمة من الثمن النقد، فصارت الشركة علي خلاف رأس المال ووجه منع قوله: انقد عني بعد أن أشركه، وقد نقد بقوله: كأنها اتهما علي أنهما أبطلا عقد الشركة علي شرط النقد وأظهرا خلاف ذلك.
قلت: الأصوب توجيهه بأنها شركة في طعام علي تأخير ثمنه فهي شركة علي خلاف رأس المال، وقوله: انقد عني مع كونه قد نقد مجاز عن قوله: أخبرني.
اللخمي: وإن كان طعاماً سلماً لم تجز الشركة إلا أن ينقد بالحضرة.
قال ابن القاسم: كالصرف جرفاً بحرف.
المازري: في الموازية: إن أشركه ثم سأله أن ينقد عنه لم يجز إن كان نقد حميه الثمن وإن لم ينقد فمنعه في وضع وأجازة في آخر، ورأي أنه لما أشركه قبل نقد ثمنه، فكأنه عقد المسلم شرط بينهما حتى صار كوكيل له، وهذا تقرير لا يتضح؛ لأن ثمن الطعام إنما وجب علي مشتريه لا علي المشرك.
اللخمي: وإن كان الطعام غائباً لم يجز فيه شرك ولا تولية وإن كان معيناً؛ لأنه دين بدين.
قال محمد: إلا أن ينقد حصته.
قلت: في كتاب المرابحة: سمع يحيى بن القاسم: لا يجوز لمن اشترى طعاماً بعينه
غائبًا غيبة قريبة أن يولي منه أحدًا ولو لمن رآه كما رآه المشتري أو وصف له كما وصف للمشتري.
ابن رُشْد: إنما لم يجز لاختلاف الذمم؛ لأن المشتري لم ينقد؛ إذ لا يجوز نقده لغيبة الطعام ومعنى قوله: غيبة قريبة مما لا يجوز النقد فيه، وكذا ذكره ابن حبيب إنما لم تجز إن كانت غيبة بعيدة أو يكون قوله هذا على منع النقد في الغائب، وإن قربت غيبته، وهذا أشبه بظاهر الكتاب، والخلاف الذي في مسألة من اشترى طعامًا بثمن مؤجل فلاه رجلًا قبل استيفائه داخل في هذه المسألة. وفي التفسير الأول سألت ابن القاسم لم كره مالك التولية في الطعام الغائب المعين؟ قال: لأنه دين بدين؛ لأنه وجب للمشتري وهو أحق به من البائع إن سلم فهو كدين له، فإذا ولاه لم يجز النقد فيه فصار دينًا بدين، وكذا لو استقال منه دخله الدين بالدين، والتولية أحرى أن يدخلها الدين بالدين، وكذا البيع لا يجوز بين البائع والمشتري في ذلك إقالة، ولا بيع في عرض ولا طعام لما يدخله من بيع الطعام قبل أن يستوفي الطعام، ولا بأس في العروض أن يبيعها المشتري أو يوليها أو يشرك فيها.
ابن رُشْد: وهذا الذي وقع في التفسير متناقض غير صحيح قال: أولًا تولية الطعام الغائب يدخله الدين بالدين، ولو كان دينًا بدين لكان بيع السلعة الغائبة دينًا بدين فلم يجز بيع الغائب الذي لا يجوز النقد فيه بحال ولو كان دينًا بدين لم يجز في العروض وهو قد أجازه فيها في أحد قوليه وأجاز فيها الشركة والبيع أيضًا.
وقوله: إنما لا يجوز ذلك في الطعام؛ لأنه بيع الطعام قبل استيفائه، وهذا تناقض بين؛ لأنه قال: أولا يدخله الدين بالدين، وقال آخرًا: إنما يدخله بيع الطعام قبل استيفائه، ولا يتصور دخول بيع الطعام قبل استيفائه إلا على ما ذكرناه من خلاف الذمم.
وقوله: أحرى أن لا تجوز التولية، وهم؛ لأن الإقالة يدخلها فسخ الدين في الدين لوجوب الثمن للبائع على المبتاع ولأخذ سلعة غائبة عنه، والتولية لا يدخلها شيء من ذلك؛ لأنها بيع من غير الذي اشتراه منه قبل أن يقبضه فكذلك يجوز له أن يولي الطعام الغائب قبل أن يقبضه إذا انتقد من الذي ولاه مثل ما نقد فلا وجه لكراهة مالك تولية