الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كتاب الجوائح]
الجائحة: ما أتلف من معجوزٍ عن دفعة عادةٍ قدرًا من ثمرٍ أو نباتٍ بعد بيعه.
روى مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح، وعنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لو بعت من أخيك ثمرًا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا ثم تأخذ مال أخيك بغير حق؟).
قال عبد الحق: وروى أبو محمد من حديث عبد الملك بن حبيب عن مُطَرَّف عن أبي طوالة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أصيب ثلث الثمرة فقد وجب على البائع الوضيعة).
قال عبد الملك: وحدثني أَصْبَغ بن الفرج عن السبيعي عن عبد الجبار بن عمر عن ربيعة الرأي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح إذا بلغت ثلث الثمرة فصاعدًا وسكت عنه عبد الحق ولم يتعقبه ابن القطان.
وفيها: ما بيع من ثمر نخل وعنب وغيره بعد أن يبس وصار تمرًا أو زبيبًا فلا جائحة فيه، ولو اشترى ذلك حين الزهو ثم أجيح بعد إمكان جذاذه ويبسه فلا جائحة فيه وكأنك ابتعته بعد إمكان الجذاذ.
الصقلي عن سحنون: إن تناهى العنب وآن قطافه حتى لا يترك إلا لسوق ترجى أو لشغل فلا جائحة فيه.
اللخمي: ما أصيب قبل كمال انتقاله لتمام حلاوته، وما أشبه ذلك من مقصود فيه لم يوجد بعد ففيه الجائحة ولو كان تم سقيه أو كان بعلًا، وما أجيح قبل استكمال جفافه، وكان إبقاءه لئلا يفسد إن جذ حينئذ كالبقل يؤخر ليقبض شيئًا بعد شيء يختلف في وضع الجائحة فيه وما تم جفافه وما بقي إلا جفافه ومكن المشتري منه؛ لأنه دفع ثمنه أو كان مؤجلًا، وكان الجد على المشتري فهو منه وإن حبس بالثمن فعلى ضمان ما حبس به من ثوب أو عبد وإن لم يكن محبوسًا وجذاذه من بائعه، ففي ضمانه بائعه أو مبتاعه خلاف، وكذا العنب بعد استكماله عسيلته وبقاؤه ليأخذه على قدر حاجته لئلا يفسد إن أخذ مرة واحدة ثم استعمله على قدر حاجته فهو على الخلاف إن كانت العادة بقاؤه لمثل ذلك وإن كانت العادة جادة، مرة فأخره ليأخذه على قدر حاجته فهو منه وكذا الزيتون قبل كمال زيته من بائعه.
ابن رشد: فيما أجيح قبل كمال طيبه، الجائحة اتفاقًا لحق المبتاع في بقائها حتى تيبس، وما أجيح بعد إمكان جذاذه بعد طيبه وقبل مضي ما يؤخر إليه جذه عادة يجري على اختلاف قول مالك في البقول، وما أجيح بعده من مبتاعه اتفاقًا، ففي كون الثمرة من مبتاعها بتناهي طيبها، فإن لم يمض ما يمكنه فيه جدها أو بمضيه، ثالثها: يمضي ذلك وما يجري العرف بالتأخير إليه، وهذا تحصيل لم أره لغيره.
قلت: للباجي روى ابن القاسم في المدنيَّة إن اشترى التمر في رؤوس النخل وقد طابت طيبًا بينا فلا جائحة فيه؛ لأنه مثل ما في الجرين، ولعبد الرحمن بن دينار عن ابن كنانة: من اشترى فاكهة أو رطبا فطاب وأخرها رجاء النفاق فأصابتها جائحة، ولو عجل بها لم يصبها جائحة، وضع عنه الثلث ولعيسى عنه عن مالك ذلك على البائع ما لم تيبس الثمر؛ يريد: لأن بقاءها لحفظ رطوبتها ونضارتها وجه مقصود وعليه ابتاع وفي جذها جملة فساد.
قال ابن الحاجب: فلو انتهت كالعنب يطيب والبقول والقصيل فلا جائحة كالتمر على النخل.
وقال سحنون: فيه الجائحة.
قال ابن عبد السلام: ما حكاه المؤلف عن سحنون حكاه غيره وحكى ابن يونس
عنه إن تناهى العنب وآن قطافه حتى لا يتركه تارك فذكر ما قدمناه، وقال: وهذا مخالف لما حكاه المؤلف عنه والأقرب أن لا جائحة في مثل هذا.
قلت: مثل ما ذكره الصقلي عن سحنون ذكر الباجي عنه نصًّا سواء.
المتيطي: ما بيع من ثمر ييبس بعد انتهائه بحيث لا يتزايد طيبه بتبقيته أو بيع قبل هذا ثم انتهى إليه فمشهور المذهب لا جائحة فيه، ولعبد الرحمن بن دينار عن ابن كنانة فيه الجائحة، وذكر ابن عبد السلام هنا سماع سحنون ابن القاسم فيمن ابتاع زرعًا بعد طيبه ويبسه بثمن فاسد وتلقى كلام ابن رشد فيه بالقبول، وقد تقدم الكلام عليه في حكم ضمان المبيع فتذكره وما بيع من ثمر مع أصله في لغو جائحته ولو عظم، وثبوتها إن عظم خطره قولها مع الموازيَّة ورواية الواضحة وابن حبيب عن أصبغ.
وفيها: من اشترط في اكترائه دارًا نخلات بها أقل من الثلث ولو قبل إبارها؛ جاز ولا جائحة فيها، وكذا مكتري أرض بها سواد قدر الثلث فأقل اشترطه.
الصقلي: جعل في الدار التبع ما دون الثلث وهو لمالك وفي الأرض الثلث وهو لابن القاسم وهما سواء.
روى ابن القاسم: ما دون الثلث وفيما بلغه الثلث وبه أخذ، وفي لغوها في النكاح لبنائه على المعروف، وثبوتها لأنها عوض للعتبي عن ابن القاسم وغير واحد عن ابن الماجِشُون وصوبه الصقلي واللخمي.
وفيها: كل ما هو من قبل الله جائحة كالجراد والنار والريح، والغرق والبرد والمطر والطير الغالب والدود، وعفن الثمرة في الشجرة والسموم.
ابن حارث: اتفاقًا، قال: وفي السارق قولاها لابن القاسم وابن نافع.
ابن حارث: في السارق والجيش، والسلطان الغالب قولان لابن القاسم مع ابن عبد الحكم وأصبغ وابن حبيب والأخوين مع سحنون.
ابن رشد: فرق ابن نافع بين السارق والجيش.
المتيطي: في كون الجيش جائحة روايتا ابن القاسم ولأخوين، لأصبغ في السارق كابن نافع ولمحمد عن ابن القاسم مثله الباجي: في كونها ما أصاب الثمرة بأي وجه كان أو بغالب لا يستطاع دفعه مطلقًا، ثالثهما: ما كان سماويًا لا من صنع ادمي لسحنون
عن ابن القاسم ومحمد عن ابن القاسم وابن نافع فيها، ومالك.
ابن رشد: في ثبوتها بالجيش والسارق ثالثها: بالجيش لابن القاسم والأخوين وابن نافع.
عبد الحق عن الشَّيخ والقابسي: إنما يكون السارق جائحة عند ابن القاسم، إن لم يعرف وإن عرف اتبعه المبتاع بقيمة ما سرق له، وإن كان معدمًا ولا يكون جائحة.
قلت: يلزم مثله في الجيش إن عرف منه واحد؛ لأنه يضمن جميعه، والأظهر في عدمه غير مرجو يسره عن قرب إنه جائحة، وهو ظاهر الرواية.
وفي الزاهي: إن سقطت الثمرة بريح وأمكن لقطها فهي جائحة.
ابن الماجِشُون: ليس ذلك بجائحة ولو أصيبت بتناثر أسقط ثلث ثمنها والمكيلة قائمة، ففي كونها جائحة قولان، الذي أراه أنه غير جائحة.
اللخمي: إن عابها السموم ولم يسقط منها شيئًا فله الرد بالعيب فقط، وإن كان مع إسقاطه ثلثها رجع بمناب الساقط، وله في الباقي حكم العيب، وكذا الغبار، واختلف إن أسقطها الريح فذكر قولي ابن شعبان وابن الماجِشُون، قال: وأرى إن عابها فله حكم العيب وإن أسقط الثلث لم يرجع بشيء على قول عبد الملك وعلى الآخر يخير في قبوله معيبًا بكل ثمنه، ورده فيسقط عنه ثلث ثمنه.
قلت: قوله: لم يرجع بشيء على قول عبد الملك: إن أراد مع تخييره لأجل العيب فواضح وإلا فضرر بالمبتاع، فإن قيل: هو عيب حدث بعد العقد.
قلت: قد قال به فيما عابه السموم.
وقوله: على القول الآخر
…
إلخ؛ يرد بأن ظاهر قول ابن شعبان أن مناب نقصه بسقوطه من الثمن يوضع من الثمن كذهاب قدر الثمرة بالجائحة من الثمن وإن أسقط الدود الثلث فأكثر فله رد الساقط أو حبسه ولا يحط عنه شيء وإن أسقطها الدود وأذهب منها الثلث فله حبسه، ويحط عنه بقدر ما أكل الدود أو رد الباقي بالعيب ويسقط عنه كل الثمن.
وفيها: قال مالك: ما ذهب من التمر من قبل ماء العيون وضع عن المشتري ولو قل؛ لأن البائع حين باع الثمر إنما باعها على الماء، فما أصيب من قبل الماء فسببه من
قبل البائع.
قلت: وماء السماء بمنزلته، قال: لم أسمع منه فيه شيئًا وأراه مثله إذا كان إنما كان حياتها سقيها، وتعقب ابن عبد السلام قوله: (لأن البائع حين باع الثمرة
…
إلخ) فإنه يقتضي في شجر السقي أن لا يقضي بالنقد حتى ينظر عاقبته وأن لا يجوز البيع على النقد ولاسيما في شجر البعل.
قلت: إنما شجر ما هو سقي فلا تعقب فيه ليسر حصوله، وأمنه فيجب النقد لتمكنه من قبضه في الحال، وأما البعل فالحق تعقب قياسه على ما هو سقي، وفي جوابه أن ابن القاسم إنما سئل عن حكم جائحته، وحكم الجائحة متأخر عن وقوع البيع، وبيعه ماض لا يفسخ إنما كرهه مالك فقط، فاستقام جوابه فيها فتأمله ويخرج من كلام التونسي فيما يشتري على الجد، الجواب فإن السقي قد يكون لبقاء حسن الثمر إلا الزيادة تحدث. ومثل هذا يكفي فيه اليسير، والغالب وجوده فصار كماء العين، وفي شفعتها: من اشترى شرب يوم أو شهرين لسقي زلاع له فغار الماء وضع عنه مشتريه ما قل منه أو كثر.
ابن القاسم: وقال مالك: ما أصيب من الثمر من قبل الماء وضع، وإن كان أقل من الثلث فكذلك الماء عندي إذ قطع بعض ما اشترى له إلا أن يكون ما فسد لذلك يسيرًا لا خطب له.
اللخمي: في الرجوع بنقض الماء المشتري لسقي مطلقًا أو إن بلغ الثلث قولان، والأول أحسن.
تنبيه: قلت: أرأيت البقول الكراث والسلق وشبهه والجزر والبصل والفجل، إن أصابته جائحة أقل من الثلث؟ قال: قال مالك: يوضع ذلك ولو قل.
وروى على أن البقل إن بلغت جائحته الثلث، وضعت وإلا فلا، ورواه ابن أشرس.
الجلاب: في وضع جائحة البقل، ثالث الروايات إن بلغت الثلث.
الباجي: وروى ابن القاسم في المدنيَّة إلا أن يكون الشيء التافه فلا يوضع، قول ابن حارث: اتفقوا على وضع جائحة البقل، واختلفوا في قدر ما يوضع خلاف ثاني
روايات الجلاب ونقل غيره.
اللخمي عن محمد: ما لا بال له لا يوضع وما له بال يوضع، ولابن القاسم في العتبيَّة: ما جازت مساقاته على غير الاضطرار فلا جائحة فيه حتى تبلغ الثلث إلا الموز لا تجوز مساقاته ولا جائحة فيه حتى يبلغ الثلث فرأى أن جائحة البصل والجوز واللفت وما لا يخلف إن جذ كالثمار، وما يجذ ويخلف يوضع قليله ككثيره، ولا وجه لهذه التفرقة.
وفي المقدمات: رواية سحنون عن ابن القاسم ما جازت مساقاته من البقول كاللفت فجائحته كالثمار، وما لا تجوز مساقاته وضعت جائحته ولو قلت؛ قلت: ومثله في الموازيَّة وهو خلاف المدَوَّنة.
ابن عبد السلام: على المشهور توضع جائحة البقول واختلف في الأصول المغيبة: كاللفت والبصل والإسفنارية هل هي كالبقول أم لا؟
قلت: تقدم نص المدَوًّنة أن الجزر والفجل من البقول وكذا نقل اللخمي وغيره.
وفي سماع سحنون ابن القاسم: وأما الزعفران والبقل، والريحان والقرط والقصب والسكر والكسبر فيوضع في الجائحة قليلة وكثيرة.
وفي وضعها في قصب السكر، ثالثها: إن بلغت الثلث لابن حارث عن نص أشهب مع ظاهر أحد قولي ابن القاسم وثانيهما نصًّا وقوله في العتبيَّة.
الصقلي عن ابن حبيب: وجائحة القصب غير الحلو كالحلو لا يوضع حتى يبلغ الثلث، ولا تباع حتى يبدو صلاحها بطنًا واحدًا.
وفي وضعها في ورق التوت ولو قل أو إن بلغت الثلث سماع أبي زيد ابن القاسم وقول ابن حبيب.
التونسي: أنظر لو مات دود الحرير الذي لا يراد ورق التوت إلا لأكله هل مشتريه كمكتري حمامًا أو فندقًا خلا بلده فلم يجد من يعمره فيكون له متكلم أو لا يشبهه؛ لأن ضمان الريع في ضمان مكريه، وورق التوت سلعة تضمن بالعقد كمن اشترى علفًا لقافلة تأتيه فعدلت عن محله أو ليس مثله لإمكان نقل الطعام حيث يباع، وورق التوت لا ينقل؟.