المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في تزويق الألواح] - المدخل لابن الحاج - جـ ٢

[ابن الحاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ بَعْض مَا يَفْعَلهُ النِّسَاء فِي المولد النبوي]

- ‌[فَصْلٌ مفاسد الْبُنْيَانُ فِي الْقُبُورِ]

- ‌[فَصْلٌ عَمَلُ الْمَوْلِدَ لِأَجْلِ جَمْعِ الدَّرَاهِمِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي خصوصية مولد الرَّسُول بشهر ربيع الْأَوَّل]

- ‌[فَصَلِّ المرتبة الثَّالِثَةُ فِي ذِكْر بَعْض مَوَاسِم أَهْل الْكتاب]

- ‌[مِنْ المواسم يَوْم النيروز]

- ‌[فَصْل مِنْ الْمَوَاسِمِ خميس العدس]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ المواسم الْيَوْمِ الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سَبْتُ النُّورِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ المواسم مَا يفعلوه فِي مَوْلِدِ عِيسَى عليه السلام]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوْسِمِ الْغِطَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ المواسم عِيدِ الزَّيْتُونَةِ]

- ‌[فَصْلٌ بَعْضِ عَوَائِدَ اتَّخَذَهَا بَعْضُ النِّسَاءِ الْمُسْلِمَاتِ أخلت بِبَعْضِ الْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَوْمِ أَيَّامِ الْحَيْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَطْءِ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَاطَاهُ بَعْضُ النِّسْوَةِ مِنْ أَسْبَابِ السِّمَنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خُرُوجِ الْعَالِمِ إلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ فِي السُّوقِ وَاسْتِنَابَتِهِ لِغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الْعَالِمِ مِنْ السُّوقِ إلَى بَيْتِهِ وَكَيْفِيَّةِ نِيَّتِهِ]

- ‌[أَخْذُ الدَّرْسِ فِي الْبَيْتِ وَالْمَدْرَسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ للعالم أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ لِأَحَدٍ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى أَنَّهُ مِنْ أبناء الدنيا]

- ‌[فَصْلٌ تُرُكَ الْعَالم الدَّرْسَ لِعَوَارِضَ تَعْرِضُ لَهُ مِنْ جِنَازَةٍ أَوْ غَيْرهَا]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي للعالم أَنْ يَنْظُرَ أَوَّلًا فِي المدرسة إذَا عَرَضَتْ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي للعالم أَنْ يَكُونَ آكد الأمور وَأَهَمُّهَا عِنْدَهُ الْقَنَاعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوَاضِعِ الْجُلُوسِ فِي الدُّرُوسِ وَغَيْرِهَا مِنْ مَوَاضِعِ الِاجْتِمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ آدَابِ الْمُتَعَلِّمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَوْرَادِ طَالِبِ الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زِيَارَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَحَفُّظِ طَالِبِ الْعِلْمِ مِنْ الْعَمَلِ عَلَى الْمَنَاصِبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَدَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ فِي بَيْتِهِ مَعَ أَهْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دُخُولِ الْمَرْأَةِ الْحَمَّامَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيمِ الزَّوْجَةِ أَحْكَامَ الْغُسْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دُخُولِ الرَّجُلِ الْحَمَّامَ]

- ‌[آدَاب النوم]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْجِمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا رَأَى مِنْ زَوْجَته أَمَارَاتِ طَلَبِ الْجِمَاع]

- ‌[فَصْلٌ إتْيَانُ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ الرَّجُلَ إذَا رَأَى امْرَأَةً أَعْجَبَتْهُ وَأَتَى أَهْلَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَنْع مِنْ إفشاء سُرّ الِاجْتِمَاع بزوجته]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَاب الْقِيَام مِنْ النوم]

- ‌[فَصْلٌ فِي طَالِب الْعِلْم يتحفظ مِنْ أُمُور]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ وَآدَابِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْبِدَعِ الَّتِي أُحْدِثَتْ فِي الْمَسْجِدِ وَالْأَمْرِ بِتَغْيِيرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْكُرْسِيُّ الْكَبِيرُ الَّذِي يَعْمَلُونَهُ فِي الْجَامِعِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّبْلِيغِ فِي الصَّلَاةِ وَالْجَمَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ اتِّخَاذُ الْمِنْبَرِ الْعَالِي]

- ‌[فَصْلٌ الْبِئْر الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَوْضِعُ الْفَسْقِيَّةِ وَالْحَظِيرِ الَّذِي عَلَيْهَا وَمَا عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ مَوْضِعُ الدِّيوَانِ مِنْ الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ الزَّخْرَفَةِ فِي الْمِحْرَابِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبِنَاء فَوْق سَطْح الْمَسْجِد]

- ‌[فَصْلٌ الْوُضُوءَ فِي سَطْحِ الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَرَاوِح وَاِتِّخَاذَهَا فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَبَعْدَ صَلَاة الْعَصْر]

- ‌[فَصَلِّ كَرَاهَة الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت فِي الْمَسْجِد]

- ‌[فَصْلٌ رَفْعَ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[النَّهْي عَنْ قص الشعر فِي الْمَسْجِد]

- ‌[فَصْلٌ يَنْهَى الزَّبَّالِينَ أَنْ يَعْمَلُوا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[النَّهْي عَنْ وُقُوفِ الدَّوَابِّ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ]

- ‌[النَّهْي عَنْ الْإِتْيَانِ لِلْجُمُعَةِ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ وَلَا تَغْيِيرِ هَيْئَةٍ]

- ‌[فَضِيلَةِ الْمُؤَذِّنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوْضِعِ الْأَذَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَذَانِ جَمَاعَةً]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَنْ الْأَذَانِ بِالْأَلْحَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَنْ الْأَذَانِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّوَافِ بِالْمُؤَذِّنِ فِي أَرْكَانِ الْمَسْجِدِ إذَا مَاتَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَذَانِ الشَّابِّ عَلَى الْمَنَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَمَّا أَحْدَثُهُ الْمُؤَذِّنُونَ بِاللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ السُّنَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّسْحِيرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْعَوَائِدِ فِي التَّسْحِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ نهي الْمُؤَذِّنِينَ عَنْ التَّذْكَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ تَرْتِيب الْمُؤَذِّنِينَ فِي آذان الظُّهْر]

- ‌[فَصْلٌ فِي حِكْمَةِ تَرْتِيبِ الْأَذَانِ]

- ‌[فَصْلٌ وُقُوف الْمُؤَذِّنِينَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَقَوْلِهِمْ الصَّلَاةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَنْ النِّدَاءِ عَلَى الْغَائِبِ بِمَا لَا يَنْبَغِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّهْي عَنْ مَشْيِ الْمُؤَذِّنِينَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَهَيُّئِ الْإِمَامِ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَجَنَّبَهَا فِي نَفْسِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خُرُوجِ الْإِمَامِ عَلَى النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاة الْمُؤَذِّن عَلَى النَّبِيّ عِنْد خُرُوج الْإِمَام]

- ‌[فَصْلٌ فِي هيئة الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ صُعُودِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَرْشِ السَّجَّادَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إسْلَامِ الْكَافِرِ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ وَدَعَا فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّة دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَهْر بِالنِّيَّةَ]

- ‌[التَّنَفُّلُ فِي الْمَسَاجِدِ بِتَوَابِعِ الْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خُرُوجِ الْإِمَامِ إلَى صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحَفُّظِ مِنْ النَّجَاسَةِ فِي الْمُصَلَّى]

- ‌[فَصْلٌ فِي سَلَامِ الْعِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْصِرَافِ النَّاسِ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ إثْرَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي أَيَّامِ الْعِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي صفة الْإِمَام فِي قِيَام رَمَضَان]

- ‌[فَصْلٌ فِي الذِّكْرِ بَعْدَ التَّسْلِيمَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُفْعَلُ فِي لَيْلَةِ الْخَتْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ قِيَامِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْخُطْبَةِ عَقِبَ الْخَتْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِيَامِ عِنْدَ الْخَتْمِ بِسَجَدَاتِ الْقُرْآنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قِيَامِ السَّنَةِ كُلِّهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ بَعْدَ الْخَتْمِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي وُقُودِ الْقَنَادِيلِ لَيْلَةَ الْخَتْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ آدَابِ الْمُؤَدِّبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَسْبَابِ أَوْلِيَاءِ الصِّبْيَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ تَوْفِيَتِهِ بِمَا نَوَاهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ الْمُؤَدِّبُ الصَّبِيَّ مِنْ الْآدَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْصِرَافِ الصِّبْيَانِ مِنْ الْمَكْتَبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَزْوِيقِ الْأَلْوَاحِ]

الفصل: ‌[فصل في تزويق الألواح]

اعْتِقَادِ أَدْيَانِهِمْ الْبَاطِلَةِ حَتَّى لَوْ خَرَجَ الصَّبِيُّ مِنْ مَكْتَبِهِمْ لَبَقِيَ عَلَى عَادَتِهِمْ. فِي التَّعْظِيمِ لَهُمْ وَعَدَمِ الِاسْتِيحَاشِ مِنْهُمْ وَمِنْ أَدْيَانِهِمْ الْبَاطِلَةِ وَأَنَّهُ إذَا رَأَى مُعَلِّمَهُ الَّذِي عَلَّمَهُ الْحِسَابَ أَوْ الطِّبَّ قَامَ إلَيْهِ وَعَظَّمَهُ كَتَعْظِيمِ مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ مَعَ بَعْضٍ أَوْ أَكْثَرَ غَالِبًا وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ مَعَ كُلِّ مَنْ صَحِبَهُ فِي مَكْتَبِ مُعَلِّمِهِ النَّصْرَانِيِّ مِنْ جَمَاعَةِ أَهْلِ دِينِهِ فَيَأْلَفُ هَذِهِ الْعَادَةَ الذَّمِيمَةَ الْمَسْخُوطَةَ شَرْعًا وَلَا يَرْضَى بِهَذِهِ الْأَحْوَالِ مَنْ لَهُ عَقْلٌ أَوْ غَيْرَةٌ إسْلَامِيَّةٌ أَوْ الْتِفَاتٌ إلَى الشَّرْعِ الشَّرِيفِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْله تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51] وقَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 57] وقَوْله تَعَالَى {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: 22] . وقَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة: 1] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَفِيمَا ذُكِرَ تَنْبِيهٌ عَلَى مَا عَدَاهُ

[فَصْلٌ فِي تَزْوِيقِ الْأَلْوَاحِ]

ِ وَأَمَّا تَزْوِيقُ الْأَلْوَاحِ فِي الْإِصْرَافَاتِ وَالْأَعْيَادِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُبَاحِ الْجَائِزِ وَفِيهِ إدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْأَوْلَادِ وَإِدْخَالُ السُّرُورِ فِيهِ مِنْ الْأَجْرِ مَا قَدْ عُلِمَ وَفِيهِ التَّنْشِيطُ لِلصِّبْيَانِ عَلَى الِاعْتِنَاءِ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ. لَكِنْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَجَنَّبَ مَا أَحْدَثُوهُ مِنْ الْمَفَاسِدِ فِي الْإِصْرَافَاتِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ مُتَعَدِّدَةٌ فَمِنْهَا تَزْيِينُ الْمَكْتَبِ فِي الْأَعْيَادِ وَالْإِصْرَافَاتِ بِالْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ أَرْضًا وَحِيطَانًا وَسُقُفًا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ شَنَاعَةُ ذَلِكَ وَقُبْحُهُ فِي زِينَةِ الْأَسْوَاقِ لِلْمَحْمَلِ أَوْ غَيْرِهِ سِيَّمَا إذَا انْضَافَ إلَى ذَلِكَ

ص: 331

أَنْ يَكُونَ فِيهِ صُوَرٌ مِمَّا لَهَا رُوحٌ فَيَكُونُ فِي ارْتِكَابِ ذَلِكَ نَقِيضُ مَا جَلَسَ الْمُؤَدِّبُ إلَيْهِ فَإِذَا كَانَ السُّوقُ يُمْنَعُ فِيهِ ذَلِكَ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى مَوْضِعٌ يُتْلَى فِيهِ كَلَامُ اللَّهِ عز وجل فَمَنْعُهُ فِيهِ أَوْجَبُ. ثُمَّ بَقِيَتْ أَفْعَالٌ يَفْعَلُهَا بَعْضُهُمْ فِي الْإِصْرَافَاتِ وَهِيَ قَبِيحَةٌ مُسْتَهْجَنَةٌ. فَمِنْهَا أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لَوْحَ الْإِصَْرافَةِ مُكَفَّتًا بِالْفِضَّةِ فِي خِرْقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ وَاسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِلنِّسَاءِ حَيْثُ أُجِيزَ لَهُنَّ ذَلِكَ. وَأَمَّا تَكْفِيتُ اللَّوْحِ بِالْفِضَّةِ فَلَا يَجُوزُ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لِمَا فِيهِ مِنْ السَّرَفِ.

وَالثَّانِي لِمَا فِيهِ مِنْ الْخُيَلَاءِ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ» وَبَعْضُ هَؤُلَاءِ يَأْخُذُونَ الصَّبِيَّ الَّذِي لَهُ الْإِصْرَافَةُ فَيُزَيِّنُونَهُ كَمَا يُزَيِّنُونَ النِّسَاءَ فَيُحَفِّفُونَهُ وَيُخَطِّطُونَهُ وَيُلْبِسُونَهُ الْحَرِيرَ وَيُحَلُّونَهُ بِالْقَلَائِدِ مِنْ الذَّهَبِ وَغَيْرِهِ مَعَ قَلَائِدِ الْعَنْبَرِ كَأَنَّهُ عَرُوسٌ تُجْلَى وَيُرْكِبُونَهُ عَلَى فَرَسٍ أَوْ بَغْلَةٍ مُزَيَّنَةٍ بِاللِّبَاسِ مِنْ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَغَيْرِهِمَا فَيَجْعَلُونَ عَلَيْهَا كُنْبُوشًا مِنْ الْحَرِيرِ الْمُزَرْكَشِ بِالذَّهَبِ وَيُلْبِسُونَ وَجْهَهَا وَجْهًا مِنْ ذَهَبٍ. ثُمَّ يُضِيفُونَ إلَى ذَلِكَ أَشْيَاءَ رَذِيلَةً مِنْهَا أَنَّهُمْ يَحْمِلُونَ أَمَامَهُ أَطْبَاقًا فِيهَا ثِيَابٌ مِنْ حَرِيرٍ وَعَمَائِمَ مُعَمَّمَةٍ عَلَى صِفَةٍ ثُمَّ هُمْ يَخْتَلِفُونَ فِيمَا يَفْعَلُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ. فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ صِبْيَانُ الْمَكْتَبِ وَيُنْشِدُونَ فِي طَرِيقِهِ إلَى أَنْ يُوصِلُوهُ إلَى بَيْتِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُضِيفُ إلَى ذَلِكَ الْقُرَّاءَ يَقْرَءُونَ كِتَابَ اللَّهِ عز وجل بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَزِيدُونَ فِيهِ وَيُنْقِصُونَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ ثُمَّ يُضِيفُونَ إلَيْهِ الْمُكَبِّرِينَ وَالْمُؤَذِّنِينَ عَلَى عَادَتِهِمْ الذَّمِيمَةِ فِي جَنَائِزِهِمْ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَمُرُّونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَيَلْقَاهُمْ مَنْ يُنْسَبُ إلَى الْعِلْمِ أَوْ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ أَوْ الْمَجْمُوعِ وَقَلَّ أَنْ تَجِدَ مَنْ يُغَيِّرُ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَوِّضُ عَمَّا ذُكِرَ بِمَا هُوَ أَشْنَعُ وَأَقْبَحُ وَهُوَ أَنْ يُضْرَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالطَّبْلِ وَالْبُوقِ. وَبَعْضُهُمْ يُمْشُونَ الْفِيلَ وَالزَّرَافَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَعَ رَمْيِ النُّقَطِ، وَبَعْضُهُمْ يُمَشِّي بَيْنَ يَدَيْهِ الْمُغَنِّيَةَ وَطَائِفَتَهَا مَكْشُوفَةً عَلَى مَا يُعْهَدُ مِنْ حَالِهَا مَعَ

ص: 332

ضَرْبِ الطَّارِّ وَالشَّبَّابَةِ وَالْغِنَاءِ، وَتَرْفَعُ عَقِيرَتَهَا عَلَى مَا يُعْهَدُ مِنْ فِتْنَتِهَا فَكَانَ الْأَمْرُ أَوَّلًا لِلْفَرَحِ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَكَانُوا فِي قُرْبَةٍ فَعَكَسُوهُ بِمَا هُوَ ضِدُّهُ، أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى السَّلَامَةَ بِمَنِّهِ. وَلَوْ كُلِّفَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِبَعْضِ مَا صَرَفَهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ مِمَّا صَنَعَهُ فِي الْإِصْرَافَةِ لَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي الْغَالِبِ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ طَاعَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى سِرًّا لَيْسَ فِيهِ لَهْوٌ وَلَا لَعِبٌ وَلَا رِيَاءٌ وَلَا سُمْعَةٌ، وَذَلِكَ شَاقٌّ عَلَى النُّفُوسِ إلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّك ثُمَّ يُضِيفُونَ إلَى ذَلِكَ فِعْلًا قَبِيحًا وَهُوَ أَنَّ بَعْضَ الْمُؤَدِّبِينَ يَدْخُلُونَ مَعَ صَاحِبِ الْإِصْرَافَةِ الْبَيْتَ وَيَجْلِسُونَ مَعَ النِّسَاءِ وَهُنَّ مُتَبَرِّجَاتٌ عَلَى مَا يُعْلَمُ مِنْ عَادَتِهِنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ وَيُعْطِي اللَّوْحَ لِأُمِّ صَاحِبِ الْإِصْرَافَةِ أَوْ لِأُخْتِهِ أَوْ لِخَالَتِهِ أَوْ لِعَمَّتِهِ أَوْ لِجَارَتِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَقَارِبِ الْوَلَدِ وَمَعَارِفِهِ حَتَّى تُنَقِّطَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مِنْ الْفِضَّةِ بِمَا أَمْكَنَهَا وَذَلِكَ مُحَرَّمٌ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُنَّ فَلَا يَجُوزُ لَهُنَّ أَنْ يَظْهَرْنَ عَلَيْهِ وَلَا أَنْ يَسْمَعَ كَلَامَهُنَّ إلَّا لِضَرُورَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَالضَّرُورَةُ هُنَا مَعْدُومَةٌ. وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.

وَيَنْبَغِي لِوَالِدِ الصَّبِيِّ بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَجَنَّبَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَهُوَ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا ذَهَبَ أَكْثَرُ التَّعَبِ بِهِ وَقَرُبَ مِنْ أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ نَقَلَهُ وَالِدُهُ إلَى كُتَّابٍ آخَرَ حَتَّى يُفَوِّتَ الْأَوَّلَ مَا اسْتَحَقَّهُ مِنْ الْإِصْرَافَةِ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الصَّبِيِّ إذَا دَخَلَ سُورَةَ الْأَعْرَافِ عِنْدَ مُؤَدِّبٍ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِ فَإِصْرَافَةُ الْبَقَرَةِ قَدْ اسْتَحَقَّهَا الْمُؤَدِّبُ الْأَوَّلُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيمَا إذَا دَخَلَ سُورَةَ يُونُسَ عليه الصلاة والسلام هَلْ يَسْتَحِقُّهَا الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ قَوْلَانِ، وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِإِصْرَافَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَيْسَ إلَّا، بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ إصْرَافَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ قَرُبَ إلَيْهَا الصَّبِيُّ، فَإِنَّ الْمُؤَدِّبَ الْأَوَّلَ يَسْتَحِقُّهَا.

وَمِنْ كِتَابِ الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ سُئِلَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ تَعْلِيمِ أَوْلَادِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الْكِتَابَةَ بِغَيْرِ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ فَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ مَا أُحِبُّ ذَلِكَ يَصِيرُونَ إلَى أَنْ يَقْرَءُوا الْقُرْآنَ. قَالَ: وَسَأَلْته عَنْ تَعْلِيمِ الْمُسْلِمِ عِنْدَ النَّصْرَانِيِّ كِتَابَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ كِتَابَ الْأَعْجَمِيَّةِ فَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ

ص: 333

لَا أُحِبُّ ذَلِكَ وَكَرِهَهُ. قَالَ: وَلَا يَتَعَلَّمُ الْمُسْلِمُ عِنْدَ النَّصْرَانِيِّ وَلَا النَّصْرَانِيُّ عِنْدَ الْمُسْلِمِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51] قَالَ ابْنُ رُشْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَمَّا تَعْلِيمُ الْمُسْلِمِ أَبْنَاءَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَوْ تَعْلِيمُهُمْ عِنْدَهُمْ فَالْكَرَاهَةُ فِي ذَلِكَ بَيِّنَةٌ. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ حَبِيبٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ ذَلِكَ سَخْطَةٌ مِمَّنْ فَعَلَهُ مُسْقِطَةٌ لِإِمَامَتِهِ وَشَهَادَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْحَذَاقَةِ يَعْنِي الْإِصْرَافَةَ أَنَّهُ يُقْضَى بِهَا وَذُكِرَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِحْضَارِ فَقَالَ: إنَّهُ لَا يُقْضَى بِالْإِحْضَارِ فِي الْأَعْيَادِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا فِعْلُهُ فِي أَعْيَادِ الْمُسْلِمِينَ وَمَكْرُوهًا فِي أَعْيَادِ النَّصَارَى مِثْلِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ فَعَلَهُ وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ قَبِلَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَعْظِيمِ الشِّرْكِ.

ص: 334