الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعَالَى يُبْدِلُ لَهُ عِوَضَهَا حُورِيَّةً» أَوْ كَمَا قَالَ عليه الصلاة والسلام
[فَصْلٌ إتْيَانُ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا]
(فَصْلٌ) وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَفْعَلَ مَعَ زَوْجَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ هَذَا الْفِعْلَ الْقَبِيحَ الشَّنِيعَ الَّذِي أَحْدَثَهُ بَعْضُ السُّفَهَاءِ، وَهُوَ إتْيَانُ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُعْضِلَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَيْتَهُمْ لَوْ اقْتَصَرُوا عَلَى ذَلِكَ لَكِنَّهُمْ نَسَبُوا ذَلِكَ إلَى الْجَوَازِ، وَيَقُولُونَ: إنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ رحمه الله، وَهِيَ رِوَايَةٌ مُنْكَرَةٌ عَنْهُ لَا أَصْلَ لَهَا؛ لِأَنَّ مَنْ نَسَبَهَا إلَى مَالِكٍ إنَّمَا نَسَبَهَا لِكِتَابِ السِّرِّ، وَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ فَهُوَ مُتَقَوَّلٌ عَلَيْهِ، وَأَصْحَابُ مَالِكٍ رحمه الله مُطْبِقُونَ عَلَى أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابُ سِرٍّ، وَفِيهِ مِنْ غَيْرِ هَذَا أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ مُنْكَرَةٌ يَجِلُّ غَيْرُ مَالِكٍ عَنْ إبَاحَتِهَا فَكَيْفَ بِمَنْصِبِهِ، وَمَا عُرِفَ مَالِكٌ إلَّا بِنَقِيضِ مَا نَقَلُوا عَنْهُ مِنْ أَنْ يَخُصَّ الْخَلِيفَةَ بِرُخَصٍ دُونَ غَيْرِهِ بَلْ كَانَ يُشَدِّدُ عَلَيْهِمْ، وَيَأْخُذُهُمْ بِالسِّيَاسَةِ حَتَّى يُنْزِلَهُمْ عَنْ دَرَجَاتِهِمْ إلَى دَرَجَاتِ غَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِثْلَ مَا جَرَى لَهُ مَعَ الْخَلِيفَةِ فِي إقْرَاءِ الْمُوَطَّأِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَقَدْ قَالَ لَهُ الْخَلِيفَةُ مَرَّةً: يَا مَالِكُ مَا زِلْت تُذِلُّ الْأُمَرَاءَ، فَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ وَالْمَعْهُودُ مِنْ حَالِهِ مَعَهُمْ، وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ رحمه الله فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْهُ أَيَجُوزُ وَطْءُ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا؟ فَقَالَ: أَمَا أَنْتُمْ قَوْمٌ عَرَبٌ؟ أَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] أَيَكُونُ الزَّرْعُ حَيْثُ لَا نَبَاتَ؟ . وقَوْله تَعَالَى {أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] قِيلَ: مَعْنَاهُ كَيْفَ شِئْتُمْ مُقْبِلَةً أَوْ مُدْبِرَةً أَوْ بَارِكَةً فِي مَوْضِعِ الزَّرْعِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَتَى شِئْتُمْ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: مَعْنَاهُ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ كَيْفَ شِئْتُمْ إنْ شِئْتُمْ فَاعْزِلُوا، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلَا تَعْزِلُوا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ جَوَازِ ذَلِكَ فَقَالَ: أُفٍّ أُفٍّ أَيَفْعَلُ ذَلِكَ مُؤْمِنٌ؟ أَوْ قَالَ مُسْلِمٌ، وَقَدْ خَرَّجَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا» ، وَمِنْ الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ
فِي مَحَاشِّهِنَّ، مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى النِّسَاءَ فِي غَيْرِ مَخْرَجِ الْأَوْلَادِ» ، وَقَدْ قِيلَ لِمَالِكٍ رحمه الله فِي الْكُتُبِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْهُ أَنْتَ تُبِيحُ ذَلِكَ فَقَالَ: كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: كَذَبُوا عَلَيَّ، وَقَالَ فِي أُخْرَى: كَذَبُوا عَلَيَّ عَافَاك اللَّهُ أَمَا تَسْمَعُ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] هَلْ يَكُونُ الْحَرْثُ إلَّا فِي مَوْضِعِ الزَّرْعِ، وَلَا يَكُونُ الْوَطْءُ إلَّا فِي مَوْضِعِ الْوَلَدِ، وَمِنْ كِتَابِ التَّفْسِيرِ لِابْنِ عَطِيَّةَ رحمه الله، وَفِي مُصَنَّفِ النَّسَائِيّ قَدْ وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«إتْيَانُ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ حَرَامٌ» ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» قَالَ رحمه الله: وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الْمُتَّبَعُ، وَلَا يَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَعْرُجَ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ عَلَى زَلَّةِ عَالِمٍ لَمْ تَصِحَّ عَنْهُ، وَاَللَّهُ الْمُرْشِدُ لَا رَبَّ غَيْرُهُ، وَمِنْ التَّفْسِيرِ لِلْقُرْطُبِيِّ رحمه الله، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ تَكْفِيرُ مَنْ فَعَلَهُ.
قَالَ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارِ بْنِ الْحُبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: قَالَ: «مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تِلْكَ اللُّوطِيَّةُ الصُّغْرَى أَعْنِي إتْيَانَ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا» ، وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ بَدْءُ عَمَلِ قَوْمِ لُوطَ إتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَإِذَا ثَبَتَ الشَّيْءُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اُسْتُغْنِيَ بِهِ عَمَّا سِوَاهُ، وَمِنْ كِتَابِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ ظَفَرٍ رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّهَا اللُّوطِيَّةُ الصُّغْرَى.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ شُرْطِيَّ الْمَدِينَةِ دَخَلَ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رحمه الله فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ رُفِعَ إلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا، فَقَالَ لَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: أَرَى أَنْ تُوجِعَهُ ضَرْبًا، فَإِنْ عَادَ إلَى ذَلِكَ فَفَرِّقْ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا مَا حُكِيَ أَنَّ