الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعْدَمَ بَعْضَهُ، أَوْ يَتَعَذَّرَ اسْتِعْمَالُهُ مَعَ وُجُودِهِ، وَوُجُودِ الْحَدَثِ، وَوُجُودِ الصَّعِيدِ، وَدُخُولِ الْوَقْتِ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِالصَّلَاةِ. ثُمَّ يُعَلِّمَهَا فَرَائِضَ التَّيَمُّمِ، وَهِيَ خَمْسٌ. النِّيَّةُ، وَالْفَوْرُ، وَالضَّرْبَةُ الْأُولَى بِالْأَرْضِ، وَمَسْحُ الْوَجْهِ، وَمَسْحُ الْيَدَيْنِ إلَى الْكُوعَيْنِ، وَسُنَنُهُ ثَلَاثٌ. الضَّرْبَةُ الثَّانِيَةُ بِالْأَرْضِ، وَالْمَسْحُ مِنْ الْكُوعَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَالتَّرْتِيبُ، وَفَضَائِلُهُ أَرْبَعَةٌ. التَّسْمِيَةُ، وَالسِّوَاكُ، وَالصَّمْتُ، وَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى.
، وَيُعَلِّمَهَا مَوَانِعَ الْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّنْبِيهُ عَلَى التَّعْلِيمِ لِأَهْلِهِ لِمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَقْبُحُ بِالْمُتَعَلِّمِ أَوْ الْعَالِمِ أَنْ تَسْأَلَ زَوْجَتُهُ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ النِّسَاءُ فِي الدِّينِ، فَلَا يَكُونُ عِنْدَهَا عِلْمٌ بِذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ مُتَعَيِّنًا عَلَيْهَا، فَهَذَا مِنْ أَقْبَحِ الْأَشْيَاءِ، وَأَرْذَلِهَا إذْ أَنَّهُ قُدْوَةٌ لِلْمُتَقَدِّمِينَ كَمَا تَقَدَّمَ
[فَصْلٌ فِي دُخُولِ الرَّجُلِ الْحَمَّامَ]
، فَصْلٌ فِي دُخُولِ الرَّجُلِ الْحَمَّامَ وَلْيَحْذَرْ هُوَ أَيْضًا مِنْ دُخُولِ الْحَمَّامِ مَهْمَا اسْتَطَاعَ تَرْكَهُ، كَانَ بِهِ عِلَّةٌ أَوْ لَا، بَلْ أَوْجَبُ إذْ أَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي حَمَّامِ النِّسَاءِ مَوْجُودَةٌ فِي الْغَالِبِ فِي حَمَّامِ الرِّجَالِ، وَإِنْ كَانُوا فِي السُّتْرَةِ أَوْجَدَ مِنْ النِّسَاءِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ بَعْضَهُمْ إذَا دَخَلَ الْحَمَّامَ اسْتَتَرَ بِالْفُوطَةِ فَإِذَا اسْتَقَرَّ فِيهِ نَزَعَهَا، وَبَقِيَ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا خَرَجَ إلَى الْمَسْلَخِ أَلْقَى مَا عَلَيْهِ، وَبَقِيَ مَكْشُوفًا حَتَّى يَتَنَشَّفَ، وَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْتَمِعَ مَسْتُورُ الْعَوْرَةِ مَعَ مَكْشُوفِ الْعَوْرَةِ تَحْتَ سَقْفٍ، وَاحِدٍ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي مَعْنَى كَرَاهَةِ مَالِكٍ لِلْغُسْلِ مِنْ مَاءِ الْحَمَّامِ ثَلَاثُ مَعَانٍ:
أَحَدُهَا: مَا نَحْنُ بِسَبِيلِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ تَنْكَشِفَ عَوْرَتُهُ فَيَرَاهَا غَيْرُهُ أَوْ تَنْكَشِفَ عَوْرَةُ غَيْرِهِ فَيَرَاهَا هُوَ، إذْ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ مِنْ ذَلِكَ مَنْ دَخَلَهُ مَعَ النَّاسِ لِقِلَّةِ تَحَفُّظِهِمْ، وَهَذَا إذَا دَخَلَ مُسْتَتِرًا مَعَ مُسْتَتِرِينَ، وَأَمَّا مَنْ دَخَلَ غَيْرَ مُسْتَتِرٍ أَوْ مَعَ مَنْ لَا يَسْتَتِرُ فَلَا يَحِلُّ ذَلِكَ
وَمَنْ فَعَلَهُ فَذَلِكَ جُرْحَةٌ فِي حَقِّهِ، وَقَدْحٌ فِي شَهَادَتِهِ.
الْمَعْنَى الثَّانِي: أَنَّ مَاءَ الْحَمَّامِ غَيْرُ مُصَانٍ عَنْ الْأَيْدِي، وَالْغَالِبُ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِيهِ مَنْ لَا يَتَحَفَّظُ مِنْ النَّجَاسَاتِ مِثْلَ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَعْرِفُ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ فَيَصِيرُ الْمَاءُ مُضَافًا فَتَسْلُبُهُ الطُّهُورِيَّةُ.
الثَّالِثُ: أَنَّ مَاءَ الْحَمَّامِ يُوقَدُ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَاتِ، وَالْأَقْذَارِ فَقَدْ يَصِيرُ الْمَاءُ مُضَافًا مِنْ دُخَّانِهَا فَتَسْلُبُهُ الطُّهُورِيَّةُ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا حَالُ أَهْلِ وَقْتِنَا فِي الْغَالِبِ، وَهُوَ أَنْ يَدْخُلَ مَسْتُورُ الْعَوْرَةِ مَعَ مَكْشُوفِ الْعَوْرَةِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ مَعْلُومٌ مَعَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ يَجُوزُ دُخُولُ الْحَمَّامِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْ هُوَ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ، وَيَصُونَ نَظَرَهُ وَسَمْعَهُ، كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الِاغْتِسَالُ فِي النَّهْرِ، وَإِنْ كَانَ يَجِدُ ذَلِكَ فِيهِ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسَاجِدَ، وَفِيهَا مَا فِيهَا، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَحْمُولٌ عَلَى زَمَنِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ، وَأَمَّا زَمَانُنَا هَذَا فَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يُجِيزَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ أَنَّ النِّسَاءَ بَادِيَاتُ الْعَوْرَاتِ كُلَّهُنَّ لَيْسَ فِيهِنَّ مَنْ تَسْتَتِرُ، وَالسُّتْرَةُ الشَّرْعِيَّةُ عَيْبٌ عِنْدَهُنَّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَحَمَّامُ الرِّجَالِ قَرِيبٌ مِنْهُ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يَتْرُكَهُ مَا اسْتَطَاعَ جَهْدُهُ.
وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْغُسْلِ فِي النَّهْرِ، وَالدُّخُولِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَفِيهَا مَا فِيهَا، فَغَيْرُ وَارِدٍ؛ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَهَا ابْتِدَاءً إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَعَ أَنَّ الْغَالِبَ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَنَّ شَاطِئَ النَّهْرِ فِيهِ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَاتِ مَا هُوَ مِثْلُ الْحَمَّامِ أَوْ أَعْظَمُ مِنْهُ عَلَى مَا هُوَ مُشَاهَدٌ مَرْئِيٌّ مِنْ كَشْفِ عَوْرَاتِ النَّوَاتِيَّةِ، وَمَنْ يَفْعَلْ كَفِعْلِهِمْ سِيَّمَا إنْ كَانَ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْبَرْدِ فَذَلِكَ أَكْثَرُ وَأَشْنَعُ لِوُرُودِ النَّاسِ لِلْغُسْلِ، وَغَيْرِهِ، وَقَلَّ مَنْ يَسْتَتِرُ فَلَا حَاجَةَ تَدْعُو إلَى الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ لِمُشَاهَدَتِهِ عِيَانًا، وَمَا أَتَى عَلَى بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَّا أَنَّهُمْ يَحْمِلُونَ أَلْفَاظَ الْعُلَمَاءِ عَلَى عُرْفِهِمْ فِي زَمَانِهِمْ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، بَلْ كُلُّ زَمَانٍ يَخْتَصُّ بِعُرْفِهِ، وَعَادَتِهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
وَكَذَلِكَ يَجْرِي هَذَا الْمَعْنَى فِي الْفَسَاقِي الَّتِي فِي الْمَدَارِسِ، وَالرِّبَاطَاتِ، إذْ أَنَّهَا مَحَلُّ كَشْفِ الْعَوْرَاتِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا تَجِدُهُ فِي
الْحَمَّامِ فِي الْغَالِبِ مِنْ الصُّوَرِ الَّتِي عَلَى بَابِهِ، وَاَلَّتِي فِي جُدْرَانِهِ، وَأَقَلُّ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ التَّغْيِيرِ إزَالَةُ رُءُوسِهَا فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إنْكَارُ ذَلِكَ، وَالْأَخْذُ عَلَى يَدِ فَاعِلِهِ فَكَيْفَ يَدْخُلُهُ الْعَالِمُ أَوْ الْمُتَعَلِّمُ، وَيَسْكُتَانِ؟ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ، وَهِيَ بَيِّنَةٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَجَازَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ دُخُولَ الْحَمَّامِ لَكِنْ بِشُرُوطٍ، وَهِيَ:
أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إلَّا لِلتَّدَاوِي.
الثَّانِي: أَنْ يَتَعَمَّدَ أَوْقَاتَ الْخَلْوَةِ، وَقِلَّةِ النَّاسِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ بِإِزَارٍ صَفِيقٍ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَطْرَحَ بَصَرَهُ إلَى الْأَرْضِ أَوْ يَسْتَقْبِلَ الْحَائِطَ لِئَلَّا يَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى مَحْظُورٍ.
الْخَامِسُ: أَنْ يُغَيِّرَ مَا رَأَى مِنْ مُنْكَرٍ بِرِفْقٍ بِأَنْ يَقُولَ: اسْتَتِرْ سَتَرَك اللَّهُ.
السَّادِسُ: إنْ دَلَّكَهُ أَحَدٌ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ عَوْرَتِهِ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتِهِ إلَّا امْرَأَتُهُ أَوْ جَارِيَتُهُ.
السَّابِعُ: أَنْ يَدْخُلَهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ.
الثَّامِنُ: أَنْ يَصُبَّ الْمَاءَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ.
التَّاسِعُ: إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى دُخُولِهِ وَحْدَهُ اتَّفَقَ مَعَ قَوْمٍ يَحْفَظُونَ دِينَهُمْ عَلَى كَرَاهَةٍ فِي ذَلِكَ لِمَا يُخْشَى.
الْعَاشِرُ: أَنْ يَتَذَكَّرَ بِهِ عَذَابَ جَهَنَّمَ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنَّهُ مَهْمَا اسْتَطَاعَ أَنْ يُعَلِّمَ أَهْلَهُ بِالْفِعْلِ كَانَ أَوْلَى؛ إذْ أَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الثُّبُوتِ فِي نَفْسِ الْمُتَعَلِّمِ، وَقَدْ «كَانَ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ هُوَ وَزَوْجَتُهُ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ، حَتَّى إنَّهَا لَتَقُولُ دَعْ لِي دَعْ لِي» فَكُلُّ شَيْءٍ يُمْكِنُ تَعَلُّمُهُ بِالْفِعْلِ لِلْمُتَعَلِّمِ، كَانَ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ الْقَوْلِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ أَثْبَتُ فِي النُّفُوسِ.
، وَيَنْبَغِي لَهُ أَوْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَلِّمَ أَهْلَهُ كُلَّ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ، إذْ أَنَّ مَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ تَنْبِيهٌ عَلَى سَائِرِ مَا يَعْتَوِرُهُمْ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ فِي الْغَالِبِ يَتَعَلَّمْنَ مِنْهُنَّ الْأَحْكَامَ فِيمَا يَقَعُ لَهُنَّ، فَإِذَا كُنَّ جَاهِلَاتٍ بِمَا يُسْأَلْنَ عَنْهُ فَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ كَتْمِ الْعِلْمِ. ثُمَّ إذَا دَخَلَ بَيْتَهُ فَهُوَ بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُقْبِلًا عَلَى الْعِلْمِ لَا يَسَعُهُ غَيْرُهُ فَيَا حَبَّذَا فَيَشْتَغِلُ بِمَا هُوَ بِصَدَدِهِ، وَلَا يَعْرُجُ عَلَى غَيْرِهِ. كَمَا حُكِيَ عَنْ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ رحمه الله أَنَّهُ لَمَّا أَنْ دَخَلَ مِصْرَ، وَتَأَهَّلَ بِهَا، وَقَعَدَ مَعَ زَوْجَتِهِ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَرَادَ أَهْلُهَا أَنْ يُزَوِّجُوهَا فَقَالَتْ لَهُمْ: إذَا عَزَمْتُمْ فَزَوِّجُونِي عَلَى أَنِّي بِكْرٌ فَقَالُوا لَهَا: كَيْفَ