المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في آداب القيام من النوم] - المدخل لابن الحاج - جـ ٢

[ابن الحاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ بَعْض مَا يَفْعَلهُ النِّسَاء فِي المولد النبوي]

- ‌[فَصْلٌ مفاسد الْبُنْيَانُ فِي الْقُبُورِ]

- ‌[فَصْلٌ عَمَلُ الْمَوْلِدَ لِأَجْلِ جَمْعِ الدَّرَاهِمِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي خصوصية مولد الرَّسُول بشهر ربيع الْأَوَّل]

- ‌[فَصَلِّ المرتبة الثَّالِثَةُ فِي ذِكْر بَعْض مَوَاسِم أَهْل الْكتاب]

- ‌[مِنْ المواسم يَوْم النيروز]

- ‌[فَصْل مِنْ الْمَوَاسِمِ خميس العدس]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ المواسم الْيَوْمِ الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سَبْتُ النُّورِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ المواسم مَا يفعلوه فِي مَوْلِدِ عِيسَى عليه السلام]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوْسِمِ الْغِطَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ المواسم عِيدِ الزَّيْتُونَةِ]

- ‌[فَصْلٌ بَعْضِ عَوَائِدَ اتَّخَذَهَا بَعْضُ النِّسَاءِ الْمُسْلِمَاتِ أخلت بِبَعْضِ الْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَوْمِ أَيَّامِ الْحَيْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَطْءِ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَاطَاهُ بَعْضُ النِّسْوَةِ مِنْ أَسْبَابِ السِّمَنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خُرُوجِ الْعَالِمِ إلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ فِي السُّوقِ وَاسْتِنَابَتِهِ لِغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الْعَالِمِ مِنْ السُّوقِ إلَى بَيْتِهِ وَكَيْفِيَّةِ نِيَّتِهِ]

- ‌[أَخْذُ الدَّرْسِ فِي الْبَيْتِ وَالْمَدْرَسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ للعالم أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ لِأَحَدٍ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى أَنَّهُ مِنْ أبناء الدنيا]

- ‌[فَصْلٌ تُرُكَ الْعَالم الدَّرْسَ لِعَوَارِضَ تَعْرِضُ لَهُ مِنْ جِنَازَةٍ أَوْ غَيْرهَا]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي للعالم أَنْ يَنْظُرَ أَوَّلًا فِي المدرسة إذَا عَرَضَتْ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي للعالم أَنْ يَكُونَ آكد الأمور وَأَهَمُّهَا عِنْدَهُ الْقَنَاعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوَاضِعِ الْجُلُوسِ فِي الدُّرُوسِ وَغَيْرِهَا مِنْ مَوَاضِعِ الِاجْتِمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ آدَابِ الْمُتَعَلِّمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَوْرَادِ طَالِبِ الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زِيَارَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَحَفُّظِ طَالِبِ الْعِلْمِ مِنْ الْعَمَلِ عَلَى الْمَنَاصِبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَدَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ فِي بَيْتِهِ مَعَ أَهْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دُخُولِ الْمَرْأَةِ الْحَمَّامَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيمِ الزَّوْجَةِ أَحْكَامَ الْغُسْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دُخُولِ الرَّجُلِ الْحَمَّامَ]

- ‌[آدَاب النوم]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْجِمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا رَأَى مِنْ زَوْجَته أَمَارَاتِ طَلَبِ الْجِمَاع]

- ‌[فَصْلٌ إتْيَانُ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ الرَّجُلَ إذَا رَأَى امْرَأَةً أَعْجَبَتْهُ وَأَتَى أَهْلَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَنْع مِنْ إفشاء سُرّ الِاجْتِمَاع بزوجته]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَاب الْقِيَام مِنْ النوم]

- ‌[فَصْلٌ فِي طَالِب الْعِلْم يتحفظ مِنْ أُمُور]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ وَآدَابِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْبِدَعِ الَّتِي أُحْدِثَتْ فِي الْمَسْجِدِ وَالْأَمْرِ بِتَغْيِيرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْكُرْسِيُّ الْكَبِيرُ الَّذِي يَعْمَلُونَهُ فِي الْجَامِعِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّبْلِيغِ فِي الصَّلَاةِ وَالْجَمَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ اتِّخَاذُ الْمِنْبَرِ الْعَالِي]

- ‌[فَصْلٌ الْبِئْر الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَوْضِعُ الْفَسْقِيَّةِ وَالْحَظِيرِ الَّذِي عَلَيْهَا وَمَا عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ مَوْضِعُ الدِّيوَانِ مِنْ الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ الزَّخْرَفَةِ فِي الْمِحْرَابِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبِنَاء فَوْق سَطْح الْمَسْجِد]

- ‌[فَصْلٌ الْوُضُوءَ فِي سَطْحِ الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَرَاوِح وَاِتِّخَاذَهَا فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَبَعْدَ صَلَاة الْعَصْر]

- ‌[فَصَلِّ كَرَاهَة الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت فِي الْمَسْجِد]

- ‌[فَصْلٌ رَفْعَ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[النَّهْي عَنْ قص الشعر فِي الْمَسْجِد]

- ‌[فَصْلٌ يَنْهَى الزَّبَّالِينَ أَنْ يَعْمَلُوا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[النَّهْي عَنْ وُقُوفِ الدَّوَابِّ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ]

- ‌[النَّهْي عَنْ الْإِتْيَانِ لِلْجُمُعَةِ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ وَلَا تَغْيِيرِ هَيْئَةٍ]

- ‌[فَضِيلَةِ الْمُؤَذِّنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوْضِعِ الْأَذَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَذَانِ جَمَاعَةً]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَنْ الْأَذَانِ بِالْأَلْحَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَنْ الْأَذَانِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّوَافِ بِالْمُؤَذِّنِ فِي أَرْكَانِ الْمَسْجِدِ إذَا مَاتَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَذَانِ الشَّابِّ عَلَى الْمَنَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَمَّا أَحْدَثُهُ الْمُؤَذِّنُونَ بِاللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ السُّنَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّسْحِيرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْعَوَائِدِ فِي التَّسْحِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ نهي الْمُؤَذِّنِينَ عَنْ التَّذْكَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ تَرْتِيب الْمُؤَذِّنِينَ فِي آذان الظُّهْر]

- ‌[فَصْلٌ فِي حِكْمَةِ تَرْتِيبِ الْأَذَانِ]

- ‌[فَصْلٌ وُقُوف الْمُؤَذِّنِينَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَقَوْلِهِمْ الصَّلَاةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَنْ النِّدَاءِ عَلَى الْغَائِبِ بِمَا لَا يَنْبَغِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّهْي عَنْ مَشْيِ الْمُؤَذِّنِينَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَهَيُّئِ الْإِمَامِ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَجَنَّبَهَا فِي نَفْسِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خُرُوجِ الْإِمَامِ عَلَى النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاة الْمُؤَذِّن عَلَى النَّبِيّ عِنْد خُرُوج الْإِمَام]

- ‌[فَصْلٌ فِي هيئة الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ صُعُودِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَرْشِ السَّجَّادَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إسْلَامِ الْكَافِرِ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ وَدَعَا فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّة دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَهْر بِالنِّيَّةَ]

- ‌[التَّنَفُّلُ فِي الْمَسَاجِدِ بِتَوَابِعِ الْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خُرُوجِ الْإِمَامِ إلَى صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحَفُّظِ مِنْ النَّجَاسَةِ فِي الْمُصَلَّى]

- ‌[فَصْلٌ فِي سَلَامِ الْعِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْصِرَافِ النَّاسِ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ إثْرَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي أَيَّامِ الْعِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي صفة الْإِمَام فِي قِيَام رَمَضَان]

- ‌[فَصْلٌ فِي الذِّكْرِ بَعْدَ التَّسْلِيمَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُفْعَلُ فِي لَيْلَةِ الْخَتْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ قِيَامِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْخُطْبَةِ عَقِبَ الْخَتْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِيَامِ عِنْدَ الْخَتْمِ بِسَجَدَاتِ الْقُرْآنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قِيَامِ السَّنَةِ كُلِّهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ بَعْدَ الْخَتْمِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي وُقُودِ الْقَنَادِيلِ لَيْلَةَ الْخَتْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ آدَابِ الْمُؤَدِّبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَسْبَابِ أَوْلِيَاءِ الصِّبْيَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ تَوْفِيَتِهِ بِمَا نَوَاهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ الْمُؤَدِّبُ الصَّبِيَّ مِنْ الْآدَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْصِرَافِ الصِّبْيَانِ مِنْ الْمَكْتَبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَزْوِيقِ الْأَلْوَاحِ]

الفصل: ‌[فصل في آداب القيام من النوم]

فَيَأْتِي الرَّجُلُ إلَى أَهْلِهِ فَيُثْنِي لَهُمْ عَلَى مَنْ يَخْطِرُ بِبَالِهِ، وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِنَّ مِنْ جِهَتِهِ، وَالسَّلَامُ يُحْدِثُ الْمَوَدَّةَ وَالْمَحَبَّةَ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: رضي الله عنهم لَيْسَ لِلنِّسَاءِ فِي السَّلَامِ نَصِيبٌ، وَقَدْ كَانَ سَيِّدِي أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله يَقُولُ: كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُبَلِّغَ الْإِنْسَانُ لَهُنَّ السَّلَامَ فَإِنَّهُ يُحْدِثُ لَهُنَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُلُوبِ، وَدُخُولَ وَسْوَاسِ النَّفْسِ وَالْهَوَى وَالشَّيْطَانِ وَنَزَغَاتِهِ، فَلْيَحْذَرْ مِنْ هَذِهِ الْعَادَةِ، فَإِنَّهَا شَنِيعَةٌ.

وَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: إنَّ السَّلَامَ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ عَلَى الْمَرْأَةِ الشَّابَّةِ فِي الِابْتِدَاءِ بِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحَدِّثَ الْمَرْءُ بِمَا جَرَى لَهُ مَعَ شَيْخِهِ أَوْ مَنْ يَعْتَقِدُهُ فِي مَسَائِلِ الْعِلْمِ أَوْ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُكَلَّفُ فِي دِينِهِ مِنْ الْآدَابِ، فَهَذَا مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَقَدْ يَجِبُ فِي بَعْضِ الْمَوَاطِنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى آدَابِهِ فِي تَصَرُّفِهِ فِي بَيْتِهِ لَكِنْ بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ تَدْخُلُ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ أَوْ الْجَارِيَةُ، فَالتَّصَرُّفُ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى نَاصِيَتِهَا، وَالنَّاصِيَةُ مَقْدَمُ الرَّأْسِ زَوْجَةً كَانَتْ أَوْ جَارِيَةً بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا فَيُثْنِيَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ يَمْضِيَ لِسَبِيلِهِ

[فَصْلٌ فِي آدَاب الْقِيَام مِنْ النوم]

فَإِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيُمِرَّ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ يَتَشَهَّدْ ثُمَّ يَرْجِعْ إلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُسَمِّي اللَّهَ تَعَالَى، وَيَلْبَسُ ثَوْبَهُ، وَيُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فِي الْكُمِّ قَبْلَ الْيُسْرَى، فَإِذَا لَبِسَ ثَوْبَهُ فَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ جَنَابَةٍ قَرَأَ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران: 190] إلَى آخِرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، وَيَدَاهُ تُعَرِّكُ النَّوْمَ عَنْ عَيْنَيْهِ كَذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ. ثُمَّ يُسَمِّي اللَّهَ تَعَالَى وَيَقُومُ مِنْ الْفِرَاشِ فَيَنْظُرُ إلَى السَّمَاءِ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَك الْحَمْدُ أَنْتَ قَيُّومُ السَّمَوَاتِ، وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَك الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ، وَقَوْلُك الْحَقُّ، وَوَعْدُك

ص: 196

الْحَقُّ، وَلِقَاؤُك حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَك أَسْلَمْت، وَبِك آمَنْت، وَعَلَيْك تَوَكَّلْت، وَإِلَيْك أَنَبْت، وَبِك خَاصَمْت، وَإِلَيْك حَاكَمْت فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت، وَمَا أَخَّرْت، وَمَا أَسْرَرْت، وَمَا أَعْلَنْت، أَنْتَ إلَهِي لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، رَبِّ قِنِي عَذَابَك يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَك.

هَكَذَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.، وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه يَقُولُ إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ: نَامَتْ الْعُيُونُ، وَغَارَتْ النُّجُومُ، وَأَنْتَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ. فَإِنْ كَانَ جُنُبًا فَلَا يَقْرَأُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ، وَيَقْتَصِرُ عَلَى الذِّكْرِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَفْعَلُ فِي وِرْدِهِ بِاللَّيْلِ، وَغَيْرِهِ.

وَكَذَلِكَ تَقَدَّمَ بِأَيِّ نِيَّةٍ يَلْبَسُ ثَوْبَهُ، وَكَمْ لَهُ فِيهِ مِنْ نِيَّةٍ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ، وَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الذِّكْرِ عِنْدَ الِاسْتِفَاقَةِ مِنْ النَّوْمِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ عليه الصلاة والسلام:«يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ مَكَانَ كُلِّ عُقْدَةٍ عَلَيْك لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ» ، وَكَسَلُ النَّفْسِ فِي الْغَالِبِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الْعُقَدِ الثَّلَاثِ، فَإِنْ هُوَ ذَكَرَ اللَّهَ عز وجل انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ كَمَا قَالَ عليه الصلاة والسلام فَيَذْهَبُ مِنْ الْكَسَلِ بِقَدْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ إنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ الْعُقْدَةُ الثَّانِيَةُ فَيَذْهَبُ مَعَهَا مِنْ الْكَسَلِ بِقَدْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ إنْ صَلَّى ذَهَبَ الْكَسَلُ كُلُّهُ، وَبَقِيَ كَمَا قَالَ عليه الصلاة والسلام نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ. فَانْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ إلَى حِكْمَةِ الشَّرْعِ فِي كَوْنِهِ شَرَعَ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ الْمَرْءُ مَا ذُكِرَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، ثُمَّ يَتَدَرَّجُ إلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، فَشَرَعَ لَهُ عليه الصلاة والسلام أَوَّلًا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ حَتَّى تَذْهَبَ عُقَدُ الشَّيْطَانِ كُلُّهَا، وَيَذْهَبَ أَثَرُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَيَجِدَ بِسَبَبِ النَّشَاطِ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ مَا يَقْدِرُ بِهِ عَلَى طُولِ الْقِيَامِ الَّذِي شَرَعَهُ عليه الصلاة والسلام فِي قِيَامِ اللَّيْلِ.

وَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ

ص: 197

أَنَّهُ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فِي كُمِّهِ الْيَمِينِ أَوَّلًا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ فِي طُهُورِهِ، وَتَرَجُّلِهِ، وَتَنَعُّلِهِ» فَعَمَّتْ الْأَفْعَالَ كُلَّهَا بِقَوْلِهَا فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ، ثُمَّ فَصَّلَتْ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ لَا يَخْلُو فِعْلُهُ مِنْ إحْدَى ثَلَاثٍ: إمَّا وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ أَوْ مُبَاحٌ، فَذَكَرَتْ الطُّهُورَ لِتُشِيرَ بِهِ إلَى جِنْسِ الْوَاجِبَاتِ، وَالتَّرَجُّلَ لِجِنْسِ الْمَنْدُوبَاتِ، وَالتَّنَعُّلَ لِجِنْسِ الْمُبَاحَاتِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي اللُّبْسِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَكْسُهُ فِي النَّزْعِ، فَإِذَا نَزَعَ ثَوْبَهُ فَيَبْدَأُ بِنَزْعِ الْكُمِّ مِنْ الْيَدِ الْيُسْرَى قَبْلَ الْيُمْنَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ نَزْعِ النَّعْلِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَالْخُرُوجِ مِنْهُ

. (فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ مَعَ شَيْخِهِ أَعْنِي فِي الِاجْتِمَاعِ بِهِ مُخْتَارًا لِلْأَوْقَاتِ الَّتِي يَعْلَمُ أَنَّ الِاجْتِمَاعَ بِهِ فِيهَا يَخِفُّ عَلَيْهِ تَحَرُّزًا مِنْ أَنْ يَجِدَ لِلِاجْتِمَاعِ بِهِ كُلْفَةً، فَيُحْرَمَ الْعِلْمَ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَوْ بَرَكَتَهُ لِأَجْلِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الشَّيْخُ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَا هُوَ أَهَمُّ عَلَيْهِ مِنْ الِاجْتِمَاعِ بِالنَّاسِ، وَهَذَا النَّوْعُ كَثِيرًا مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ تَجِدُهُمْ يَعْتَقِدُونَ الشَّخْصَ، وَيَقُولُونَ بِبَرَكَتِهِ ثُمَّ إنَّهُمْ يَخْتَارُونَ الْأَوْقَاتَ الْفَاضِلَةَ فَيَأْتُونَ فِيهَا إلَى زِيَارَتِهِ فَيُشْغِلُونَهُ عَنْ اغْتِنَامِ بَرَكَةِ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ، فَيَصِيرُ هُوَ وَهُمْ بِالسَّوَاءِ أَعْنِي فِي بَطَالَةِ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ الشَّرِيفَةِ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ الشَّيْطَانَ أَلْقَى إلَيْهِمْ ذَلِكَ فَتَجِدُهُمْ مُخَالِفِينَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -. أَلَا تَرَى إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَالُهُمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إذْ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ تَنَاكَرَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَنَفَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ صَاحِبِهِ حَتَّى إذَا فَرَغَ اجْتَمَعُوا، وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِخِلَافِ مَا الْحَالُ عَلَيْهِ الْيَوْمَ، فَإِنَّهُ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ شَهْرُ رَمَضَانَ كَثُرَ اجْتِمَاعُهُمْ وَزِيَارَتُهُمْ فِيهِ، فَمَنْ لَمْ يَأْتِ مِنْهُمْ إلَى قَرِيبِهِ أَوْ صَاحِبِهِ أَوْ مُعَلِّمِهِ يَجِدُّونَ عَلَيْهِ، وَيَقَعُ التَّشْوِيشُ بَيْنَهُمْ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ عَلَى عَكْسِ الْأُمُورِ وَارْتِكَابِ مَا لَا يَنْبَغِي مَعَ رُؤْيَةِ النَّفْسِ أَنَّهَا عَلَى الْخَيْرِ وَالدِّينِ، فَيَرَوْنَ أَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الشَّرِيفَةِ

ص: 198