الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ فِي حَضْرَتِهِ، فَإِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ تَكَلَّمُوا وَلَغَطُوا، فَسُئِلَ أَهْلُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالُوا: إنَّهُ إذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَشْعُرُ بِشَيْءٍ، وَظَاهِرُ مَا حُكِيَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ مُشْكِلٌ، وَبَيَانُ إشْكَالِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَشْعُرْ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ، فَكَيْفَ يَتَأَتَّى مِنْهُ التَّوْفِيَةُ بِأَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ كَانَ سَيِّدِي أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله يُزِيلُ هَذَا الْإِشْكَالَ فَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، وَيَقُولُ: إنْ كَانَ فَرْضًا فَلَا بُدَّ مِنْ إبْقَاءِ بَعْضِ حَالِ الْبَشَرِيَّةِ عَلَيْهِ لِتَوْفِيَةِ أَرْكَانِ الْفَرْضِ، وَإِنْ كَانَ فِي النَّفْلِ فَحَقِيقَةُ الْحُضُورِ فِيهِ أَنْ يَفْنَى الذَّاكِرُ فِي الْمَذْكُورِ.
[فَصْلٌ إذَا رَأَى مِنْ زَوْجَته أَمَارَاتِ طَلَبِ الْجِمَاع]
: (فَصْلٌ) ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي أَنَّ «الْمُؤْمِنَ يَأْكُلُ بِشَهْوَةِ عِيَالِهِ» فَإِذَا كَانَ فِي الْأَكْلِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَمَا بَالُك بِهِ فِي الْجِمَاعِ، إذْ أَنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ الْمَلْذُوذَاتِ وَالشَّهَوَاتِ، فَيَعْمَلُ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَ لَهَا ذَلِكَ إذَا أَرَادَتْهُ، وَهُوَ لَا يَطَّلِعُ عَلَى إرَادَتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَطْلُبُ ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رُكِّبَ فِيهَا مِنْ الشَّهْوَةِ أَضْعَافُ مَا فِي الرَّجُلِ لَكِنْ أَعْطَاهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْحَيَاءِ مَا يَغْمُرُ ذَلِكَ كُلَّهُ، فَإِذَا رَأَى مِنْهَا أَمَارَاتِ الطَّلَبِ لِذَلِكَ فَلْيُرْضِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ تَتَزَيَّنَ وَتَتَعَطَّرَ، وَتَلْبَسَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَكُونُ غَرَضُهُ تَابِعًا لِغَرَضِهَا فَيَتَّصِفُ إذْ ذَاكَ بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ بِشَهْوَةِ عِيَالِهِ» ، وَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ كَثِيرٌ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ ثَمَّ ضَرُورَةٌ أَكِيدَةٌ لِلْجِمَاعِ فِي وَقْتِهِ ذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ قَدْ رَأَى امْرَأَةً أَعْجَبَتْهُ فَيُرِيدُ أَنْ يَمْتَثِلَ السُّنَّةَ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«مَنْ رَأَى مِنْكُمْ امْرَأَةً تُعْجِبُهُ فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإِنَّ الَّذِي عِنْدَ هَذِهِ عِنْدَ هَذِهِ» فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَلَا يَنْتَظِرُ أَمَارَاتِ طَلَبِهَا، لَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَتْرُكَ الْمُلَاعَبَةَ قَبْلَ الْفِعْلِ مَعَ الْآدَابِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا.
وَقَدْ وَرَدَ «عَنْ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَهْلٌ، وَرَأَى امْرَأَةً أَعْجَبَتْهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَبْدِلْ لِي عِوَضَهَا حُورِيَّةً، فَإِنَّ اللَّهَ