المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في العدالة] - المدخل لابن الحاج - جـ ٢

[ابن الحاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ بَعْض مَا يَفْعَلهُ النِّسَاء فِي المولد النبوي]

- ‌[فَصْلٌ مفاسد الْبُنْيَانُ فِي الْقُبُورِ]

- ‌[فَصْلٌ عَمَلُ الْمَوْلِدَ لِأَجْلِ جَمْعِ الدَّرَاهِمِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي خصوصية مولد الرَّسُول بشهر ربيع الْأَوَّل]

- ‌[فَصَلِّ المرتبة الثَّالِثَةُ فِي ذِكْر بَعْض مَوَاسِم أَهْل الْكتاب]

- ‌[مِنْ المواسم يَوْم النيروز]

- ‌[فَصْل مِنْ الْمَوَاسِمِ خميس العدس]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ المواسم الْيَوْمِ الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سَبْتُ النُّورِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ المواسم مَا يفعلوه فِي مَوْلِدِ عِيسَى عليه السلام]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوْسِمِ الْغِطَاسِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ المواسم عِيدِ الزَّيْتُونَةِ]

- ‌[فَصْلٌ بَعْضِ عَوَائِدَ اتَّخَذَهَا بَعْضُ النِّسَاءِ الْمُسْلِمَاتِ أخلت بِبَعْضِ الْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَوْمِ أَيَّامِ الْحَيْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَطْءِ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَاطَاهُ بَعْضُ النِّسْوَةِ مِنْ أَسْبَابِ السِّمَنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خُرُوجِ الْعَالِمِ إلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ فِي السُّوقِ وَاسْتِنَابَتِهِ لِغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الْعَالِمِ مِنْ السُّوقِ إلَى بَيْتِهِ وَكَيْفِيَّةِ نِيَّتِهِ]

- ‌[أَخْذُ الدَّرْسِ فِي الْبَيْتِ وَالْمَدْرَسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ للعالم أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ لِأَحَدٍ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى أَنَّهُ مِنْ أبناء الدنيا]

- ‌[فَصْلٌ تُرُكَ الْعَالم الدَّرْسَ لِعَوَارِضَ تَعْرِضُ لَهُ مِنْ جِنَازَةٍ أَوْ غَيْرهَا]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي للعالم أَنْ يَنْظُرَ أَوَّلًا فِي المدرسة إذَا عَرَضَتْ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي للعالم أَنْ يَكُونَ آكد الأمور وَأَهَمُّهَا عِنْدَهُ الْقَنَاعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوَاضِعِ الْجُلُوسِ فِي الدُّرُوسِ وَغَيْرِهَا مِنْ مَوَاضِعِ الِاجْتِمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ آدَابِ الْمُتَعَلِّمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَوْرَادِ طَالِبِ الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زِيَارَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَحَفُّظِ طَالِبِ الْعِلْمِ مِنْ الْعَمَلِ عَلَى الْمَنَاصِبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَدَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ فِي بَيْتِهِ مَعَ أَهْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دُخُولِ الْمَرْأَةِ الْحَمَّامَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيمِ الزَّوْجَةِ أَحْكَامَ الْغُسْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دُخُولِ الرَّجُلِ الْحَمَّامَ]

- ‌[آدَاب النوم]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْجِمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا رَأَى مِنْ زَوْجَته أَمَارَاتِ طَلَبِ الْجِمَاع]

- ‌[فَصْلٌ إتْيَانُ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ الرَّجُلَ إذَا رَأَى امْرَأَةً أَعْجَبَتْهُ وَأَتَى أَهْلَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَنْع مِنْ إفشاء سُرّ الِاجْتِمَاع بزوجته]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَاب الْقِيَام مِنْ النوم]

- ‌[فَصْلٌ فِي طَالِب الْعِلْم يتحفظ مِنْ أُمُور]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ وَآدَابِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْبِدَعِ الَّتِي أُحْدِثَتْ فِي الْمَسْجِدِ وَالْأَمْرِ بِتَغْيِيرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْكُرْسِيُّ الْكَبِيرُ الَّذِي يَعْمَلُونَهُ فِي الْجَامِعِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّبْلِيغِ فِي الصَّلَاةِ وَالْجَمَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ اتِّخَاذُ الْمِنْبَرِ الْعَالِي]

- ‌[فَصْلٌ الْبِئْر الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَوْضِعُ الْفَسْقِيَّةِ وَالْحَظِيرِ الَّذِي عَلَيْهَا وَمَا عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ مَوْضِعُ الدِّيوَانِ مِنْ الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ الزَّخْرَفَةِ فِي الْمِحْرَابِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبِنَاء فَوْق سَطْح الْمَسْجِد]

- ‌[فَصْلٌ الْوُضُوءَ فِي سَطْحِ الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَرَاوِح وَاِتِّخَاذَهَا فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَبَعْدَ صَلَاة الْعَصْر]

- ‌[فَصَلِّ كَرَاهَة الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت فِي الْمَسْجِد]

- ‌[فَصْلٌ رَفْعَ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[النَّهْي عَنْ قص الشعر فِي الْمَسْجِد]

- ‌[فَصْلٌ يَنْهَى الزَّبَّالِينَ أَنْ يَعْمَلُوا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[النَّهْي عَنْ وُقُوفِ الدَّوَابِّ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ]

- ‌[النَّهْي عَنْ الْإِتْيَانِ لِلْجُمُعَةِ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ وَلَا تَغْيِيرِ هَيْئَةٍ]

- ‌[فَضِيلَةِ الْمُؤَذِّنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوْضِعِ الْأَذَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَذَانِ جَمَاعَةً]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَنْ الْأَذَانِ بِالْأَلْحَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَنْ الْأَذَانِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّوَافِ بِالْمُؤَذِّنِ فِي أَرْكَانِ الْمَسْجِدِ إذَا مَاتَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَذَانِ الشَّابِّ عَلَى الْمَنَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَمَّا أَحْدَثُهُ الْمُؤَذِّنُونَ بِاللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ السُّنَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّسْحِيرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْعَوَائِدِ فِي التَّسْحِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ نهي الْمُؤَذِّنِينَ عَنْ التَّذْكَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ تَرْتِيب الْمُؤَذِّنِينَ فِي آذان الظُّهْر]

- ‌[فَصْلٌ فِي حِكْمَةِ تَرْتِيبِ الْأَذَانِ]

- ‌[فَصْلٌ وُقُوف الْمُؤَذِّنِينَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَقَوْلِهِمْ الصَّلَاةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَنْ النِّدَاءِ عَلَى الْغَائِبِ بِمَا لَا يَنْبَغِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّهْي عَنْ مَشْيِ الْمُؤَذِّنِينَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَهَيُّئِ الْإِمَامِ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَجَنَّبَهَا فِي نَفْسِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خُرُوجِ الْإِمَامِ عَلَى النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاة الْمُؤَذِّن عَلَى النَّبِيّ عِنْد خُرُوج الْإِمَام]

- ‌[فَصْلٌ فِي هيئة الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ صُعُودِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَرْشِ السَّجَّادَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إسْلَامِ الْكَافِرِ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ وَدَعَا فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّة دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَهْر بِالنِّيَّةَ]

- ‌[التَّنَفُّلُ فِي الْمَسَاجِدِ بِتَوَابِعِ الْفَرَائِضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خُرُوجِ الْإِمَامِ إلَى صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحَفُّظِ مِنْ النَّجَاسَةِ فِي الْمُصَلَّى]

- ‌[فَصْلٌ فِي سَلَامِ الْعِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْصِرَافِ النَّاسِ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ إثْرَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي أَيَّامِ الْعِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي صفة الْإِمَام فِي قِيَام رَمَضَان]

- ‌[فَصْلٌ فِي الذِّكْرِ بَعْدَ التَّسْلِيمَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُفْعَلُ فِي لَيْلَةِ الْخَتْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ قِيَامِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْخُطْبَةِ عَقِبَ الْخَتْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِيَامِ عِنْدَ الْخَتْمِ بِسَجَدَاتِ الْقُرْآنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قِيَامِ السَّنَةِ كُلِّهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ بَعْدَ الْخَتْمِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي وُقُودِ الْقَنَادِيلِ لَيْلَةَ الْخَتْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ آدَابِ الْمُؤَدِّبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَسْبَابِ أَوْلِيَاءِ الصِّبْيَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ تَوْفِيَتِهِ بِمَا نَوَاهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ الْمُؤَدِّبُ الصَّبِيَّ مِنْ الْآدَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْصِرَافِ الصِّبْيَانِ مِنْ الْمَكْتَبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَزْوِيقِ الْأَلْوَاحِ]

الفصل: ‌[فصل في العدالة]

أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ ظُفْرٍ الْحَمَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى قَوْله تَعَالَى {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: 42]-: قَالَ الْحَسَنُ: هُمْ حُكَّامُ الْيَهُودِ يَسْتَمِعُونَ الْكَذِبَ مِمَّنْ يَأْتِيهِمْ بِرِشْوَةٍ، وَقَالَ رضي الله عنه عَنْهُ: رِشْوَةُ الْحَاكِمِ مِنْ السُّحْتِ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَنْ شَفَعَ لِرَجُلٍ لِيَدْفَعَ عَنْهُ مَظْلِمَةً فَأَهْدَى إلَيْهِ هَدِيَّةً فَقَبِلَهَا فَذَلِكَ السُّحْتُ فَقِيلَ: لَهُ كُنَّا نَرَى أَنَّ السُّحْتَ الرِّشْوَةُ فِي الْقَضَاءِ فَقَالَ: ذَلِكَ الْكُفْرُ، وَتَلَا قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ مَنْ أَكَلَ الرِّشْوَةَ فِي الْقَضَاءِ أَكَلَ السُّحْتَ وَكَفَرَ، وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ لَعَنَ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ» فَالرَّائِشُ: هُوَ الَّذِي يُرْشِي الْمُرْتَشِيَ مِنْ مَالِ الرَّاشِي فَيَأْخُذُ لَهُ الرِّشْوَةَ مِنْهُ فَكُلُّ مَالٍ كَسَبَهُ ذُو الْوَجَاهَةِ عِنْدَ السُّلْطَانِ مِنْ ذَوِي الْحَوَائِجِ إلَيْهِ بِجَاهِهِ، فَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ رحمه الله سُحْتٌ، وَالْقَضَاءُ فِيهِ أَنْ يُرَدَّ إلَى أَصْحَابِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا رَفَعَهُ السُّلْطَانُ إلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«هَدَايَا الْعُمَّالِ مِنْ السُّحْتِ» ، وَقَالَ عُمَرُ: رضي الله عنه هَدَايَا الْأُمَرَاءِ غُلُولٌ انْتَهَى.

[فَصْلٌ فِي الْعَدَالَةِ]

ِ فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْهَرَبِ مِنْ الْمَنَاصِبِ فَمِنْ آكَدِهَا الْهَرَبُ مِنْ الْعَدَالَةِ، وَتَرْكُ التَّشَوُّفِ إلَيْهَا، إذْ أَنَّ الْخَطَرَ فِيهَا أَعْظَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْقَضَاءِ، إذْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ أَمْرٌ، وَلَا نَهْيٌ فِي الْغَالِبِ إلَّا بِشَهَادَتِهِمْ فَكَأَنَّهُ أَسِيرُهُمْ؛ لِأَنَّهُ بِحَسْبِ مَا قَالُوهُ حَكَمَ، فَهُمْ الْبَاعِثُونَ لَهُ عَلَى الْحُكْمِ، وَأُمُورُهَا مُتَشَعِّبَةٌ مُشْغِلَةٌ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ وَغَيْرِهِ فِي الْغَالِبِ، حَتَّى إنَّهُ قَدْ يُضَيِّعُ بَعْضُهُمْ لِأَجْلِهَا، وَفِيهَا مِنْ الْمَفَاسِدِ أَشْيَاءُ عَدِيدَةٌ فِي هَذَا الزَّمَانِ لَا يُمْكِنُ تَتَبُّعُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَطُولُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام:«إنَّا لَا نُوَلِّي أَمْرَنَا هَذَا مَنْ طَلَبَهُ» انْتَهَى.

فَعَلَى هَذَا كُلُّ

ص: 159

مَنْ طَلَبَ الْعَدَالَةَ فَهُوَ قَدْحٌ فِي عَدَالَتِهِ سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ خُصُوصًا لِمَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الْفَظِيعَةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مِنْ الْقَبَائِحِ إلَّا مَا أَحْدَثُوهُ مِنْ بَذْلِ الْمَالِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ خَاصًّا بِهَا، بَلْ هِيَ وَغَيْرُهَا مِنْ الْمَنَاصِبِ الدِّينِيَّةِ رَجَعَتْ إلَى بَذْلِ الْمَالِ وَالِاسْتِعَانَةِ مَعَهُ بِمَنْ لَا يُرْضَى حَالُهُ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا قَوِيًّا فِي أَنْ يَأْخُذَ الْمَنَاصِبَ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا، وَيُحْرَمَهَا مَنْ يَسْتَحِقُّهَا فِي الْغَالِبِ، فَآلَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إلَى أَشْيَاءَ فَظِيعَةٍ مِنْ إبْطَالِ الْأَنْكِحَةِ، وَالْعُقُودِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، إذْ أَنَّ الرَّبْطَ وَالْحَلَّ إنَّمَا هُوَ بِالْعُدُولِ، لَكِنَّ أَكْثَرَ الْعُدُولِ فِي هَذَا الزَّمَانِ حَالُهُمْ مَعْلُومٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى شَرْحِهِ، وَلِأَجْلِ هَذَا الْمَعْنَى كَثُرَتْ شَهَادَاتُ الزُّورِ إذْ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْعَدَالَةَ وَغَيْرَهَا مِنْ الْمَنَاصِبِ الدِّينِيَّةِ أَهْلُهَا لَقَلَّتْ الْمَفَاسِدُ، بَلْ تُعْدَمُ بِالْكُلِّيَّةِ.

وَقَدْ ذَكَرْت لِبَعْضِ الْمُبَارَكِينَ شَخْصًا، وَأَثْنَيْت عَلَيْهِ عِنْدَهُ، وَقُلْت لَهُ: إنَّ وَالِدَهُ يَطْلُبُ لَهُ الْعَدَالَةَ فَقَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ هُوَ الْآنَ عَدْلٌ كَيْفَ يُجَرِّحُونَهُ، فَقُلْت لَهُ: الْعَدَالَةُ تَجْرِيحٌ فَقَالَ: نَعَمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ تَرْكُ الْعَدَالَةِ هِيَ الْعَدَالَةُ، وَمَا ذَكَرَهُ بَيِّنٌ أَلَا تَرَى إلَى حَالِ بَعْضِهِمْ فِي الْمَكْتُوبِ إذَا كَتَبَهُ يَطْلُبُ عَلَيْهِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ، وَيَتَشَاحُّ فِي ذَلِكَ، وَلِسَانُ الْعِلْمِ يَمْنَعُهُ إذْ أَنَّ الْجَالِسَ لَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَرْبَعِ مَرَاتِبَ أَوَّلُهَا، وَهِيَ أَعْلَاهَا: أَنْ يَجْلِسَ لِقَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ، وَالتَّفْرِيجِ عَنْهُمْ، وَإِرْشَادِهِمْ، وَتَصْحِيحِ عُقُودِهِمْ طَالِبًا بِذَلِكَ الثَّوَابَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، وَلَا لِثَنَاءٍ وَغَيْرِهِ، امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» ، فَإِذَا أَعْطَى شَيْئًا تَبَرَّمَ مِنْهُ، وَأَغْلَظَ عَلَى فَاعِلِهِ، وَهَذَا عَزِيزُ الْوُجُودِ، فَإِنْ وُجِدَ كَانَ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ صَلَاتِهِ النَّافِلَةَ فِي بَيْتِهِ، وَانْقِطَاعِهِ لِلتَّعَبُّدِ، إذْ أَنَّهُ خَيْرٌ مُتَعَدٍّ لِإِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُخْتَلَفُ أَنَّ النَّفْعَ الْمُتَعَدِّيَ أَفْضَلُ مِنْ الْقَاصِرِ عَلَى الْمَرْءِ نَفْسِهِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ مِنْ الْآفَاتِ الَّتِي تَعْتَوِرُهُ فِي ذَلِكَ.

الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَجْلِسَ لِلشَّهَادَةِ

ص: 160

فَإِذَا جَاءَهُ شُغْلٌ أَخَذَ عَلَيْهِ أُجْرَةَ نَسْخِهِ لِلْوَرَقَةِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ لَيْسَ إلَّا، فَإِنْ زَادَهُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا رَدَّهُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقْبَلْهُ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى فِي عِزَّةِ وُجُودِهِ، وَقَدْ كَانَ سَيِّدِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَدِينَةِ فَاسَ جَالِسًا فِي الْعُدُولِ، وَجَاءَهُ إنْسَانٌ فَكَتَبَ عِنْدَهُ حُجَّةً، وَأَعْطَاهُ دِرْهَمًا فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: لَا نَسْتَحِقُّهُ فَقَالَ لَهُ: مَا عِنْدِي غَيْرُ الدِّرْهَمِ فَقَالَ: لَا آخُذُ مَا لَا أَسْتَحِقُّهُ فَقَالَ لَهُ: فَكَمْ نُعْطِيكَ قَالَ: رُبْعُ دِرْهَمٍ قَالَ: مَا عِنْدِي رُبْعٌ قَالَ: هَاتِ أَرْبَعَةً مِنْ الْبِيضِ، ثُمَّ جَاءَهُ مَرَّةً أُخْرَى لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَنَزَلَ مِنْ دُكَّانِهِ لِأَدَائِهَا فَأَعْطَاهُ شَيْئًا فَانْتَهَرَهُ، وَزَجَرَهُ قَالَ: تُطْعِمُونَ النَّاسَ الْحَرَامَ، وَمَعَ هَذَا الْحَالِ مِنْ التَّحَرُّزِ وَالِاحْتِيَاطِ لِدِينِهِ تَبَرَّمَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَامَ مِنْ الْمَجْلِسِ، وَانْعَزَلَ فِي الْبَيْتِ فَعَلَى مِنْوَالِهِ فَانْسِجْ إنْ أَرَدْت الْخَلَاصَ.

الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَجْلِسَ فَإِذَا جَاءَهُ شُغْلٌ عَمِلَهُ، وَلَا يَطْلُبُ عَلَيْهِ شَيْئًا فَإِنْ أَعْطَاهُ قَلِيلًا رَضِيَ بِهِ، وَإِنْ أَعْطَاهُ كَثِيرًا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ لَمْ يَرُدَّهُ، وَهَذِهِ الْمَرْتَبَةُ أَدْنَى مِنْ الْمَرْتَبَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ مَعَ كَوْنِهَا جَائِزَةً شَرْعًا، وَقَدْ قَلَّ وُجُودُهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ.

الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ: مَا يَتَعَاطَوْنَهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ اتِّفَاقًا، وَهُوَ أَنْ يَطْلُبَ الشَّاهِدُ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ، وَيَمْنَعَ الْحُجَّةَ لِأَجْلِهِ، حَتَّى يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى أَدَّى الْأَمْرُ إلَى أَنْ يَتْرُكَ بَعْضُ النَّاسِ الْإِشْهَادَ عَلَى حُقُوقِهِ لِأَجْلِ الْإِجْحَافِ بِهِ، وَخَوْفًا مِنْ إعَانَتِهِمْ عَلَى أَكْلِ الْحَرَامِ، وَأَقْبَحُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا طُلِبَ مِنْ بَعْضِهِمْ، أَوْ أَكْثَرِهِمْ الْيَوْمَ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهَا يَتَنَاسَاهَا، كَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُهَا، حَتَّى إذَا أُعْطِيَ شَيْئًا تَذَكَّرَهَا إذْ ذَاكَ مِنْ غَيْرِ ارْتِيَابٍ سِيَّمَا فِي صَدَقَاتِ النِّسَاءِ يَفْعَلُ بَعْضُهُمْ فِيهَا فِعْلًا قَبِيحًا، وَهُوَ أَنْ يُمْسِكَ الصَّدَاقَ عِنْدَهُ، فَإِذَا طُلِبَ مِنْهُ يَقُولُ: حَتَّى أُفَتِّشَ فَلَا يَزَالُ يُمَاطِلُ حَتَّى إذَا اُضْطُرَّتْ الْمَرْأَةُ إلَيْهِ بِمَوْتِ زَوْجِهَا، أَوْ طَلَاقِهِ إيَّاهَا، أَوْ بِطَلَبِ حَقِّهَا الْمَذْكُورِ فِي صَدَاقِهَا، فَيَطْلُبُ مِنْهَا إذْ ذَاكَ مَا يَخْتَارُهُ، وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةَ الْحَالِ، وَخَشِيَتْ مِنْهُ أَيْضًا إنْ كَانَ الصَّدَاقُ عِنْدَهَا أَنْ تَقْضِيَ مَا تَزِيدُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ.

وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ

ص: 161

بِالْمُبَارَأَةِ، وَأَفْعَالُهُمْ مِنْ هَذَا وَمَا شَاكَلَهُ أَقْبَحُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ، وَتُنَزَّهُ الْكُتُبُ عَنْ ذِكْرِهَا، وَالْأَقْلَامُ عَنْ كَتْبِهَا، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«سَتَكُونُ فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الْمَرْءُ مُؤْمِنًا، وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا، وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا» ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ أَخَذَ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ فَقَدْ بَاعَ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ يُضْطَرُّ طَالِبُ الْعِلْمِ إلَى الْعَدَالَةِ وَالْجُلُوسِ لِأَجْلِ الْعَائِلَةِ، وَمَا يَعْتَوِرهُ مِنْ الضَّرُورَاتِ الشَّرْعِيَّةِ لِقِلَّةِ ذَاتِ يَدِهِ مِمَّا يُحْوِجُهُ إلَى ذَلِكَ، فَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا، وَهُوَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ لَا تُسْتَأْكَلُ بِهِ الدُّنْيَا، فَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ، فَلَهُ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ اتِّسَاعٌ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ مُتَعَدِّدَةٌ، وَأُمُورُ الدِّينِ وَالْآخِرَةِ بِمَعْزِلٍ عَنْ أَسْبَابِ الدُّنْيَا، فَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَى التَّسَبُّبِ فِي الْعَدَالَةِ، وَالْجُلُوسِ لِمَا ذُكِرَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدَهُ، وَيَجْلِسَ بِقَصْدِ أَحَدِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا، فَلَا بَأْسَ إذَنْ، وَيُرْجَى لَهُ أَنَّهُ فِي طَاعَةٍ لِضَرُورَةِ النَّاسِ إلَيْهِ، وَضَرُورَتُهُ شَرْعِيَّةٌ.

(تَنْبِيهٌ) ، وَلْيَحْذَرْ إذَا جَلَسَ أَنْ يَفْعَلَ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ بَعْضِ أَهْلِ الْوَقْتِ، وَهُوَ مَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ، وَذَلِكَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ السَّرَفِ، وَعَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ» ، وَلَا شَكَّ أَنَّ كَتْبَ الصَّدَاقِ فِي خِرْقَةِ الْحَرِيرِ مِنْ بَابِ السَّرَفِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ يَجُوزُ لَهَا لُبْسُ الْحَرِيرِ، وَالتَّحَلِّي بِالذَّهَبِ لَكِنْ فِيمَا يَكُونُ لُبْسًا وَتَحَلِّيًا شَرْعِيًّا، وَأَمَّا الصَّدَاقُ فَمِنْ بَابِ الْفَخْرِ، وَالْخُيَلَاءِ، وَالْمُبَاهَاةِ، وَالْمُخَالَفَةِ، وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا كَتْبُهُمْ لِذَلِكَ فِي النَّصَّافِي، وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لُبْسُهُ لِلرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ، وَهَذَا لَيْسَ بِلُبْسٍ، وَالسَّرَفُ فِيهِ مَوْجُودٌ، وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَهُمْ فِي الرَّقِّ، وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُبَاحِ اتِّسَاعٌ، ثُمَّ كَذَلِكَ يُحْذَرُ مِنْ هَذِهِ الْبِدْعَةِ الْأُخْرَى، وَهُوَ أَنْ يَكْتُبَ سَطْرًا أَوْ سَطْرَيْنِ ثُمَّ يَتْرُكَ بَيَاضًا خَارِجًا عَنْ الْعَادَةِ، فَهُوَ أَيْضًا مِنْ بَابِ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَالسَّرَفِ، وَالْخُيَلَاءِ

ص: 162

وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي رَقٍّ، أَوْ، وَرَقٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا مُخَالَفَةُ السَّلَفِ الْمَاضِينَ رضي الله عنهم لَكَانَ فِعْلُهُمْ لِذَلِكَ قَبِيحًا، فَكَيْفَ بِهِ مَعَ مُصَادَمَةِ النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَانِعَةِ مِنْ السَّرَفِ.

(تَنْبِيهٌ آخَرُ) وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَحْضُرَ كَتْبَ صَدَاقٍ فِي مَوْضِعٍ مَفْرُوشٍ بِحَرِيرٍ عَلَى مَا يَفْعَلُونَهُ فِي الْغَالِبِ، أَوْ يَجْلِسَ عَلَى حَرِيرٍ، أَوْ يَسْتَنِدَ إلَيْهِ، أَوْ إلَى وِسَادَةٍ مُطَرَّزَةٍ بِحَرِيرٍ عَلَى مَا يَفْعَلُونَهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ مِنْ وُسْعِ الطِّرَازِ بِالْحَرِيرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَدْرُ الَّذِي يُبَاحُ، وَيُتَسَامَحُ فِي إبَاحَتِهِ مِنْ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ، وَكَذَلِكَ يُمْنَعُ مِنْ الدُّخُولِ تَحْتَ السَّقْفِ الْمُذَهَّبِ، وَمِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فِيهَا تَمَاثِيلُ، أَوْ صُوَرٌ مَمْنُوعَةٌ شَرْعًا، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْضُرَ الْكَتْبَ فِي مَوْضِعٍ فِيهِ مُنْكَرٌ بَيِّنٌ، أَوْ مَعَ مَنْ يَتَعَاطَى ذَلِكَ جَهْرًا مِثْلَ أَنْ يَكُونَ ثَمَّ شُرْبُ خَمْرٍ، أَوْ مَغَانٍ عَلَى مَا يُعْلَمُ مِنْ حُضُورِهِنَّ بِآلَاتِ الطَّرَبِ، وَكَشْفِ الْوُجُوهِ، وَالْمَعَاصِمِ، أَوْ يَكُونَ ثَمَّ نِسَاءٌ مُتَبَرِّجَاتٌ سَوَاءٌ اخْتَلَطْنَ بِالرِّجَالِ أَمْ لَا.

وَكَذَلِكَ لَا يَحْضُرُ مَوْضِعًا فِيهِ مَغَانِي الرِّجَالِ بِالْآلَاتِ الْمَمْنُوعَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا دُونَهَا، وَلَا فِي مَكَان تَحْضُرُهُ الشَّيْخَةُ عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا، وَكَذَلِكَ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى الْخَيْرِ، وَالصَّلَاحِ، وَالْعِلْمِ، أَوْ أَحَدِهَا أَنْ لَا يُجِيبَ إلَى مَوْضِعٍ فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ، وَمَا أَشْبَهَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْحٌ فِي خَيْرِهِ، وَصَلَاحِهِ، وَعِلْمِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَغْيِيرُ ذَلِكَ، وَأَقَلُّ مَا يُمْكِنُ فِي حَقِّهِ مِنْ التَّغْيِيرِ أَنْ لَا يُجِيبَ لِمَوْضِعٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يُعَرِّفَهُ أَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ أَجْلِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَمْنُوعٌ شَرْعًا، وَإِنْ كَانَ هَذَا فِي حَقِّ النَّاسِ كُلِّهِمْ مَمْنُوعًا فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ فِي حَقِّ الْعَدْلِ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَضَرَ شَيْئًا مِنْ هَذَا، وَمَا شَاكَلَهُ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ مَفْسَدَتَانِ عَظِيمَتَانِ:

إحْدَاهُمَا: وَهِيَ أَشَدُّهُمَا: سُقُوطُ عَدَالَتِهِ فِي نَفْسِهِ، وَإِذَا سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ بَطَلَتْ الْعُقُودُ الَّتِي يَشْهَدُ فِيهَا إنْ كَانَ النِّصَابُ لَمْ يَكْمُلْ إلَّا بِهِ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ قُدْوَةٌ فَيَقَعُ الْعَوَامُّ بِسَبَبِ تَعَاطِيهِ ذَلِكَ فِي اعْتِقَادِ جَوَازِهِ فِي الشَّرْعِ فَيَكُونُ ذَلِكَ

ص: 163

سَبَبًا لِلْإِحْدَاثِ فِي الدِّينِ بِزِيَادَةِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَيَدْخُلُ تَحْتَ ذَمِّ الشَّرْعِ حَيْثُ قَالَ:«وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» انْتَهَى.

وَهَذَا أَمْرٌ قَدْ تَسَاهَلَ فِيهِ أَكْثَرُهُمْ الْيَوْمَ، وَفِيهِ مِنْ الْخَطَرِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

(تَنْبِيهٌ آخَرُ) ، وَكَذَلِكَ يَحْتَرِزُ الشَّاهِدُ عَلَى نَفْسِهِ مِمَّا اعْتَادَهُ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَهُوَ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي إمْضَاءِ الْحُكْمِ قَامَ الشُّهُودُ لَهُ إذْ ذَاكَ، وَانْحَنُوا حَتَّى يَقْرُبَ بَعْضُهُمْ مِنْ الرُّكُوعِ الْمَمْنُوعِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَكَلَّمُوا مَعَ ذَلِكَ بِأَلْفَاظٍ مُنَمَّقَةٍ مَمْنُوعَةٍ فِي الشَّرْعِ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ التَّزْكِيَةِ، وَالتَّمَلُّقِ بِالْبَاطِلِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ قَدْحٌ فِيمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَفِيمَنْ رَضِيَ بِهِ، وَكَذَلِكَ يُحْتَرَزُ مِنْ قِيَامِهِ عِنْدَ عُطَاسٍ لِلْقَاضِي، وَمِنْ تَشْمِيتِهِ بِأَلْفَاظِهِمْ الَّتِي اعْتَادُوهَا الْيَوْمَ، وَلَمْ تَرِدْ فِي الشَّرْعِ.

وَقَدْ وَقَعَ بِهَذَا الَّذِي ذُكِرَ التَّنْبِيهُ بِالْأَقَلِّ عَلَى الْأَكْثَرِ، وَبِالْأَصْغَرِ عَلَى الْأَكْبَرِ، فَلْيَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ مَنْ يَتَنَبَّهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يُوَفِّقُنَا، وَإِيَّاكَ لِمَا فِيهِ رِضَاهُ بِمُحَمَّدٍ، وَآلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ -.

(تَنْبِيهٌ آخَرُ) ، وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا جَاءَهُ الْخَصْمَانِ لِيَشْهَدَ عَلَيْهِمَا بِتَقْيِيدِ أَلْفَاظِهِمَا، وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ مِمَّا يَقَعُ بَيْنَهُمَا حِينَ الْمُشَاجَرَةِ، أَوْ الرَّجُلُ وَزَوْجَتُهُ يُرِيدَانِ الْفِرَاقَ أَنْ يَكْسِرَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَهْمَا أَمْكَنَهُ، وَيُشِيرَ عَلَيْهِمَا بِالصُّلْحِ جَهْدَهُ، وَيَذْكُرَ لَهُمَا مَا فِي الصُّلْحِ مِنْ الْخَيْرِ، وَالْبَرَكَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ:{لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114]، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] فَلَا يُعْجِلُ الشَّاهِدَ عَلَيْهِمَا بِالشَّهَادَةِ إلَّا بَعْدَ الْإِيَاسِ مِنْ صُلْحِهِمَا، وَيَرَى أَنَّ الْفُرْقَةَ خَيْرٌ لَهُمَا، وَالشَّهَادَةَ أَوْجَبُ عَلَيْهِمَا لِمَا يَرَاهُ مِنْ حَسْمِ بَابِ النِّزَاعِ بَيْنَهُمَا، وَيُخْبِرُهُمَا بِمَا فِي التَّقَاطُعِ وَالتَّدَابُرِ مِنْ الْآثَامِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ الثَّوَابُ

ص: 164

الْجَزِيلُ لِامْتِثَالِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي ذَلِكَ.

وَفِيهِ تَرْكُ الِاسْتِشْرَافِ لِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ مِنْ الْحُطَامِ، وَبِهِ تَحْصُلُ الْبَرَكَةُ لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام حَيْثُ قَالَ:«إنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ» ، وَقَدْ أَدْرَكْت بَعْضَ الشُّهُودِ بِمَدِينَةِ فَاسَ إذَا جَاءَهُمْ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمُتَخَاصِمَيْنِ لَا يُعْجِلُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِشْهَادِ حَتَّى يَيْأَسُوا مِنْ صُلْحِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَانَ لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ الْخَيْرُ وَالْبَرَكَةُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَبَبٌ غَيْرَ مَا هُمْ فِيهِ، ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ كَانَ حَالُهُمْ أَجْمَلَ حَالٍ فِي الْيَسَارِ وَالسَّعَةِ، فَظَهَرَتْ عَلَيْهِمْ بَرَكَاتُ الِامْتِثَالِ لِمَا قَالَهُ عليه الصلاة والسلام فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ إذْ الْبَرَكَةُ هِيَ الْمَقْصُودَةُ فَإِذَا حَصَلَتْ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الْأَسْبَابِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، وَلِأَجْلِ تَرْكِ النَّظَرِ إلَى هَذَا الْمَعْنَى كَثُرَتْ الْيَوْمَ الْأَشْغَالُ وَالشَّهَادَاتُ، وَامْتَحَقَتْ الْبَرَكَاتُ سِيَّمَا إنْ حَصَلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى مَا يَفْعَلُونَهُ الْيَوْمَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَةِ الْمَذْمُومَةِ فِي التَّحْلِيلِ، فَإِنَّهَا كَالتِّرْيَاقِ الْمُجَرَّبِ قَدْ عُلِمَتْ بِالْعَادَةِ الْمَاضِيَةِ فِيهِ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَتَعَانَّاهُ مِنْ الزَّوْجَيْنِ، وَالْوَلِيِّ، وَالشُّهُودِ سُلِّطَ عَلَيْهِ الْفَقْرُ، وَلِأَجْلِ هَذَا تَجِدُ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ يَحْصُلُ لَهُ فِي الْيَوْمِ جُمْلَةً مِنْ الْفِضَّةِ، وَمَعَ ذَلِكَ حَالُهُ ضَيِّقٌ، وَتَجِدُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ، وَيَشْتَكِي بِالْفَقْرِ، وَالْفَاقَةِ الْكَثِيرَةِ، وَهَذَا حَالُ الْكَثِيرِ مِنْهُمْ كُلُّ ذَلِكَ سَبَبُهُ الِاسْتِشْرَافُ كَمَا تَقَدَّمَ ذَمُّهُ فِي الْحَدِيثِ.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّ الشَّاهِدَ إذَا فَعَلَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ يَقِلُّ عَلَيْهِ الشُّغْلُ، وَقَدْ يَنْعَدِمُ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ فَيَضِيعُ حَالُهُ، وَحَالُ عِيَالِهِ فَالْجَوَابُ: أَنَّ الشُّغْلَ الْقَلِيلَ مَعَ امْتِثَالِ السُّنَّةِ أَبْرَكُ مِنْ الْكَثِيرِ مَعَ مُخَالَفَتِهَا، بَلْ مَا مَعَ الْمُخَالَفَةِ بَرَكَةٌ أَصْلًا، وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ عليه الصلاة والسلام:«لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ» انْتَهَى.

فَأَرْشَدَ عَلَيْهِ عليه الصلاة والسلام لِمَا فِيهِ صَلَاحُ أُمَّتِهِ دِينًا وَدُنْيَا، فَمَنْ حَاوَلَ الرَّاحَةَ فِي غَيْرِهِ فَقَدْ رَامَ شَطَطًا، وَتَعِبَ، وَأَتْعَبَ فَلْيَحْذَرْ الْعَاقِلُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ، فَإِنَّهُ خَطِيرٌ ثُمَّ مَعَ تَنَزُّهِهِ عَنْ الْأَشْغَالِ الْكَثِيرَةِ

ص: 165