الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأظهر من ضوارب في نعيم
…
نعام في الفلا متهبرات
تَقَيَّد لفظها عن كل بر
…
مواشي بالحليَّ مقيدات
عجلن إلى مساءة مستجير
…
لواه في الخطا متأبرات
وتنقص خيَرها أثراً وفتكا
…
صواحب منطق متزيدات
وسَبَّح بالضحى ظَبَيات مَردٍْ
…
بكل عظيمة متمردات
وقد أُغْمِدْن في أرز ولكن
…
سيوف لحاظهن مجرّدات
وورّدت اللباس بِلَون صبغ
…
خدود بالشباب مورّدات
وقال:
قد أهملت للخِيَاط إبرتها
…
فصادفت إبرة لعقربها
فهي تُسَقّي الحليب ليلتها
…
ولم يكن من لذيذ مشربها
الحجاب
وكان لزاما بعد أن أوحشت عقيدة الرجل في المرأة أن يقصيها عن منال العيون ويحجبها عن محال المآثم، فما لبث أن أرخى عليها الحجب وأسدل دونها الأستار وعفى على كل أثر ينء عنها أو يشعر بوجودها، وراح يتأول فيما أَباح الدين رؤيته منها، وأكثر من فعل ذلك المتأخرون من فقهاء الحنفية، وأنت تعلم أن
الإسلام أباح للرّجل أن يطَّع على وجه المرأة وكفيها وقدميها. فانظر كيف تأوّلوا في ذلك! أما الوجه فقد قال صاحب الدرّ وتُمنع - المرأة - من كشف الوجه بين الرجال مخافة الفتنة وأما الكف فقد قالوا: إن ظهره عورة كما قالوا: إن باطن القدمين عورة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد من الحجاب، بل إنهم تأوّلوا كذلك في صوتها فقالوا: إن نغمتها - حتى في قراءة القرآن الكريم - عورة. وزاد صاحب
الكافي فقال: لا يجوز للمرأة أن تلبي جهرة لأن صوتها عورة، بل لقد تجاوز صاحب الفتح كل ذلك إلى الفتوى بفساد صلاة المرأة لو جهرت بالقراءة.
كل ذلك مما تأوله فقهاء القرن الخامس وما يليه - باسم الدين - درءا للفتنة الناشئة وحسما للداء الوبيل، وما عسى أن يفعل هؤلاء وقد طغى الفساد على مشاعر الفاضلة فلا يعرف من المرأة إلا أنها ذريعة إلى مأرب فاسد وسبيل إلى مطمح وخيم.
ولقد أغرق الناس في حجاب المرأة حتى عيب عليهم أن يذكروا اسمها، وبعد أن كان معاوية يتحدث عن نفسه في مجلس خلافته فيبدأ حديثه بقوله أنا ابن هند وبعد أن جاء شاعر بني أمية يمدح فحل أجمعتهم عبد الملك بن مروان بقوله:
أنت ابن عائشة التي
…
فضلت أروم نسائها
بعد كل هذا وأشباهه أصبح اسم المرأة عورة ذكره وتُتَلمسَ وجوه الكناية عنه، حتى لقد أراد أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي أن يرثي خَولة بنت حمدان أخت سيف الدولة فسماها فَعْلَة، وهذا قوله:
كأن فَعْلَةَ لم تملأ مواكبها
…
ديار بكر ولم تَخْلَع ولم تهب
هذا والمتنبي شاعر نشأ بين الأعراب وسار في مساقهم ورغم ذلك لم يشأ أن يصرح باسم مرثِيَّته وذكر عنها تلك الكناية الغريبة.
فانظر إلى هذا النوع من الحجاب كيف ألجأ الشاعر العظيم إلى تلك الكناية الفاسدة
وأخرجه ذلك المخرج المعيب؟ ولقد أراد ذلك الشاعر أن يصف ذلك الحجاب في رثائه والدة سيف الدولة فدعاه دفناً! وذلك بقوله:
صلاة الله خالقنا حنوط
…
على الوجه المكفن بالجمال
على المدفون قبل الموت صوناً
…
وبعد الموت في شرف الخلال