الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مدخل
مهنة التعليم لا تساويها مهنة في الفضل والرفعة، ووظيفة المعلم من أشرف الوظائف وأعلاها. وكلما كانت المادة العلمية أشرف وأنفع، ارتفع صاحبها شرفاً ورفعة ً، وأشرف العلوم على الإطلاق العلوم الشرعية، ثم العلوم الأخرى كل بحسبه. والمعلم إذا أخلص عمله لله، وعني بتعليمه نفع الناس، وتعليمهم الخير، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:«إنما الأعمال بالنيات» . ولعل حديث أبي أمامة رضي الله عنه يبين لنا فضل تعليم الخير. يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير» (1) .
(1) رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله. (المختصر ص42) .
ومهمة المعلم لا تقتصر على طرح المادة العلمية على طلابه فقط، بل هي مهمة عسيرة وشاقة - وهي يسيرة على من يسرها لله عليه - فهي تتطلب من المعلم صبراً، وأمانة، ونصحاً، ورعاية لمن تحته، ولو عددنا ما الذي ينبغي توفره في المعلم لطال بنا المقام (1) . وقبل أن ندخل في فصول هذا الكتاب أحب أن أنوه إلى مسألة توضح مقصود هذا الكتاب، وهو أنني جعلت من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله، مستنداً لي في استنباط صفات المعلم، وطرق التدريس المختلفة، وذلك لأن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (2) ، ولأنه صلى الله عليه وسلم المعلم الأول الذي علم وربى صحابته فكانوا خير طلاب لخير معلم.
(1) سيأتي تفصيل ذلك، ولذلك أعرضت عن ذكره ههنا.
(2)
سورة الأحزاب، الآية:21.
(3)
سورة البقرة، الآية:151.
ولعلك بعد تطالع كتابنا هذا يتبن لك أن ما ادعاه منظروا التربية والتعليم من إحداث طرق وأساليب متنوعة، في التربية والتعليم ليس بمستقيم لهم ولا مسلم به على كل حال، بل إن المعلم الأول صلى الله عليه وسلم سبقهم بذلك بأربعة عشر قرناً. والله الموفق.