الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[11]
استشارة المعلم لغيره:
تواجه المعلم مسائل مشكلة، وقضايا معقدة، يحتار معها المعلم، ولا يجد لها حلاً أو مخرجاً. فقد يصعب على المعلم في بعض الأحيان فهم مسألة ما، أو قد يطرح عليه سؤال من أحد طلابه ولا يجد له حلاً أو تفسيراً. ومن جهة أخرى قد يجد المعلم نفسه أمام مشكلة عند أحد طلابه أو بعضهم وتحتاج من المعلم أن يفصل فيها، ويحل إشكالها. وهنا قد يسلك المعلم عدة مسالك فمنها: أن يجتهد في إيجاد حل لها، أو يعتذر عنها وهذا حسن بالنسبة إلى المعلم لأنه لم يخض فيها بغير علم وإن كان ذلك مشكلاً للطالب لأن مشكلته لم تحل بعد. ومنها أن يخوض فيها بغير علم فهذا مذموم وهو يفسد أكثر مما يصلح، ومنها أن يبحث عن حلها إما عن طريق المطالعة والبحث، وإما عن طريق طلب الاستشارة وهو مقصودنا. والاستشارة مأخوذة من قول العرب: شرت الدابة وشورتها إذا علمت خبرها، وقيل من قولهم: شرت العسل إذا أخذته من موضعه. أهـ (1) .
(1) فتح القدير. محمد بن على الشوكاني. (1 / 439) .
قال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (1) يقول ابن سعدي عند هذه الآية: أي في الأمور التي تحتاج إلى استشارة، ونظر وفكر، فإن في الاستشارة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية، ما لا يمكن حصره.. ومنها: أن في الاستشارة، تنور الأفكار، بسبب إعمالها فيما وضعت له، فصار في ذلك زيادة للعقول. ومنها ما تنتجه الاستشارة، من الرأي المصيب، فإن المشاور لا يكاد يخطئ في فعله. وإن أخطأ، أو لم يتم له مطلوب، فليس بملوم. فإذا كان الله يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم وهو أكمل الناس عقلاً وأعزرهم علماً وأفضلهم رأياً - {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} فكيف بغيره (2) .
عن ابن عباس قال: لما نزلت: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما إن الله ورسوله لغنيان عنها ولكن الله جعلها رحمة لأمتي، فمن استشار منهم لم يعدم رشداً، ومن تركها لم يعدم غياً» (3) .
(1) سورة آل عمران الآية: 159.
(2)
تفسير ابن سعدي (1 / 445) .
(3)
ذكره الشوكاني في تفسيره وصدره بقوله: قال السيوطي بسند حسن عن ابن عباس. ثم ساق الحديث. (فتح القدير 1 / 440، 441) ،
فأنت ترى في هذا الحديث، كيف كانت المشورة سبباً في القرب من إصابة الحق، ما في تركها من مقاربة الخطأ والوقوع فيه، فحري بكل معلم أن يسأل ويشاور من هو أعلم منه فيما أشكل عليه، ليحصل له بذلك مقاربة الصواب وإصابة الحق، وليبتعد عن الترفع، والأنفة، وتعاظم النفس من سؤال غيره وطلب رأيه ومشورته، فإن ذلك ترفع في غير محله، ولو كان ذلك محموداً لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى الناس به! .
فعليك أيها المعلم أن تسأل عما أشكل عليك فهمه، أو تعسر عليه حله، ولا تقل إن هذا تهوين من شأني، أو نقص من قدري. لا. بل هو دليل على كمال العقل ورجاحته.
الخلاصة:
المشورة معين للمعلم فيما يشكل عليه من المسائل والقضايا التي ترد عليه.
طلب الإستشارة من الغير ليست دليلاً على نقص في المرتبة أو في العلم، بل هو دليل على رجاحة العقل ورزانته.
في المشورة القرب من الحق، وفي تركها البعد عنه.