الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[6]
التعليم عن طريق القصص
القصة لها قدرة عظيمة في جذب النفوس، وحشد الحواس كلها للقاص. وذلك لأن القصة بطبعها محببة إلى النفس البشرية، لما فيها من ذكر أخبار الماضين، وذكر الوقائع، والنوادر وغير ذلك، أضف إلى ذلك أن القصة من شأنها أنها تعلق بالذهن ولا تكاد تنسى وهذا أمر واضح للعيان يعلمه كل أحد. ولذا فقد اعتنى القرآن الكريم بذكر القصص في القرآن لما فيها من تسلية النفس، وتقوية العزائم، وأخذ العبر والاتعاظ ومعرفة أخبار الماضين، وحفظ الأحداث.
وغيرها كثير، والقرآن الكريم لم يعرض هذه القصص لمجرد التسلية فقط، لا. بل إن المتأمل لهذه القصص يجد بين طياتها وبين ثناياها تقرير مسائل التوحيد، وكذلك بيان حكم الله الباهرة وسننه في عباده التي لا تتبدل ولا تتغير، وقد يوجد في بعض منها بيان أحكام فقهية كقوله تعالى في قصة يوسف {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} والأحكام الفقهية التي نأخذها من هذه الآية هما: الجعالة والكفالة (1) وقوله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} أي: أجرة له على وجدانه. وقوله: {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} أي: كفيل، وهذا بقوله المتفقد. (2)
(1) الجعالة: قال ابن فارس: الجعل والجعالة والجعيلة، ما يعطاه الإنسان على أمر يفعله. (الروض المربع 5 / 494) ، و (الكفالة) هي التزام رشيد إحضار من عليه حق مالي لربه. (الروض المربع 5 / 108) .
(2)
تيسير الكريم الرحمن. . عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله (4 / 46)
فمن هذا يعلم أن القصص لها دور كبير في تعليم الناس وتربيتهم، ولقد كان رسولنا عليه الصلاة والسلام يقص على صحابته رضوان الله عليهم القصص ليثبتهم وليعلمهم وليربيهم إلى غير ذلك من المعاني فمن ذلك:
1-
(1) رواه البخاري في المناقب / وأحمد في مسند البصريين / وأبو داود في الجهاد.
فهذه القصة التي ساقها الرسول صلى الله عليه وسلم فيها من الحكم والعبر لا يعلمها إلا من أعطاها حقها من التأمل، ففيها أن الابتلاء بالتعذيب وغيره لأهل التوحيد سنة ماضية، وفيها ثبات من كان قبلنا على الحق لا يصده عن دينه شيء ولو كان الثمن حياته، وفيها إخبار بالغيب عندما أخبر عن ظهور هذا الدين، وفيها بيان فضيلة الصبر وذم الاستعجال بقوله:«ولكنكم تستعجلون» .
والقصص في السنة كثيرة ولولا الإطالة لسقت بعضاً منها ولكن أكتفي بإشارات إليها، فمنها قصة الثلاثة (الأعمى، والأبرص، والأقرع) الذين أتاهم الملك. وقصة الثلاثة الذين لجئوا إلى الغار فانطبقت عليهم الصخرة. وقصة نبي الله موسى عليه السلام مع الخضر، وغيرها كثير.
وعلى المعلم.. أن لا يكون همه سرد القصص فقط، بل عليه بيان مواضع العبر منها، وبيان الفوائد المستنبطة من القصة، وبيان الأحكام الواردة فيها إن كان فيها أحكام.. إلخ.
الخلاصة:
القصص تألفها النفوس، ولها تأثير عجيب في جذب انتباه السامع وحفظ أحداث القصة بسرعة.
القصة لم توضع للتسلية المجردة فقط بل للاعتبار والاتعاظ والتعلم.
القصص لها أثرها البالغ في التأثير على سلوكيات الطلاب، خصوصاً إذا كانت القصة واقعية وتعالج قضايا هامة.
القصة وسيلة قوية للتعليم فيجب الاعتناء بها، وإعطاؤها قدراً كبيراً من الاهتمام.