الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[7]
تقديم المكافآت للمتعلم
المكافآت بأنواعها لها فعل عجيب في أسر القلوب، وتجديد النشاط، وكسر طوق الخمول، وباعث على الاستزادة من العلم، إلى غير ذلك من الآثار التي تحدثها المكافآت وعلى المعلم أن يوجد هذا الأسلوب كلما وجد فتوراً بين طلابه، أو رأى مصلحة في تقديمها. وتختلف المكافآت اختلافاً متبايناً، ولكنها تشترك في الأثر الذي تحدثه مع اختلاف في مقدار هذا الأثر. وإليك بعضاً منها:
(أ) المكافآت المادية: وهي أقوى المكافآت والحوافز تأثيراً على المتعلم وإثارةً له، لأن فيها معنى زائداً على حيازة المكافأة المادية، وهو التفوق على الأقران، ورضى المعلم عنه، وحصوله على الثناء الحسن من قبل معلميه. ولقد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1-
فعن عبد الله بن الحارث قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف عبد الله وعبيد الله وكثيراً من بني العباس ثم يقول: " من سبق إلي فله كذا وكذا " قال: فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلزمهم» . (1)
(1) رواه الإمام أحمد في مسند بني هاشم.
(ب) المكافأة بالدعاء: وهو الدعاء للطالب بالبركة والخير والتوفيق ونحوه. وهذا الأسلوب عزيز ونادر وجوده بين المعلمين، ولا أدري أهو رغبة عنه أم جهل به؟ . فإن كان رغبة عنه فلقد فعله خير البشر صلى الله عليه وسلم وإن كان جهلاً به فهاك علمه:
1-
«عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الخلاء فوضعت له وضوءاً. قال: من وضع هذا؟ فأخبر، فقال: " اللهم فقهه في الدين» (1) . قال الحافظ ابن حجر: قال التيمي: فيه استحباب المكافأة بالدعاء. وقال ابن المنير: مناسبة الدعاء لابن عباس بالتفقه على وضعه الماء من جهة أنه تردد بين ثلاثة أمور: إما أن يدخل إليه بالماء إلى الخلاء، أو يضعه على الباب ليتناوله من قرب، أولا يفعل شيئاً، فرأى الثاني أوفق، لأن في الأول تعرضاً للاطلاع، والثالث يستدعي مشقة في طلب الماء، والثاني أسهلها، فعله يدل على ذكائه، فناسب أن يدعى له بالتفقه في الدين ليحصل به النفع. (2)
(1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء وفي كتاب العلم (اللهم علمه الكتاب) / ومسلم في فضائل الصحابة / وأحمد في مسند بني هاشم / الترمذي في المناقب / وابن ماجه في المقدمة
(2)
فتح الباري: (1 / 259) .
(ت) المكافأة بالثناء الحسن (المدح) : وهو قولك للطالب أحسنت، ممتاز، ونحوه.. وهذا الأسلوب يزرع في المتعلم الثقة بعلمه، ويحث غيره لنيل هذا الاستحسان من المعلم، ويبعث في الطالب الشعور بالارتياح لما يبذله من جهد في التعلم ومثاله:
1-
«عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ " قال قلت: الله ورسوله أعلم. قال: " يا أبا المنذر! أتدري آية من كتاب الله معك أعظم؟ " قال قلت: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} قال: فضرب في صدري وقال: " والله! ليهنك العلم أبا المنذر» (1) قال النووي: فيه منقبة عظيمة لأبي، ودليل على كثرة علمه، وفيه تبجيل العالم فضلاء أصحابه وتكنيتهم، وجواز مدح الإنسان في وجهه إذا كان فيه مصلحة ولم يخف عليه إعجاب ونحوه لكمال نفسه ورسوخه في التقوى (2) . قلت ومن المصلحة ما تقدم آنفاً.
(1) رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها / وأبو داود في الصلاة / ومالك في النداء للصلاة.
(2)
مسلم بشرح النووي. باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي. (حديث: 810) .
2-
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالبطحاء. فقال أحججت؟ . قلت نعم. قال: بما أهللت. قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم. قال: أحسنت.. الحديث. (1)
يقول محمد بن جميل زينو: (2) على المعلم الناجح أن يثني على الطالب إذا رأى منه أي بادرة حسنة في سلوكه، أو في اجتهاده، فيقول للطالب الذي أحسن الجواب: أحسنت، بارك الله فيك، أو نعم الطالب فلان، فمثل هذه الكلمات اللطيفة تشجع الطالب وتقوي روحه المعنوية، وتترك في نفسه أحسن الأثر، مما يجعله يحب معلمه ومدرسته ويتفتح ذهنه للتدريس، ويكون في نفس الوقت مشجعاً لرفاقه أن يقتدوا به في أدبه وسلوكه واجتهاده لينالوا الثناء والتشجيع من معلمهم.. أهـ (3)
الخلاصة:
المكافآت لها أثر فعال في دفع المتعلمين وتحفيزهم على طلب العلم.
يجب أن تكون الحوافز والمكافآت وسيلة لا غاية.
المكافأة بالدعاء أمر محمود، وكلما كان الدعاء مناسباً للفعل كان أفضل.
مكافأة الطالب بالثناء عليه، أسلوب حسن، ودافع جيد للاستزادة من العلم.
(1) رواه البخاري في كتاب الحج / ومسلم في الحج / وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة / والنسائي في مناسك الحج / والدارمي في المناسك.
(2)
نداء إلى المربين والمربيات ص83.
(3)
هناك مكافآت أخرى لم نذكرها في كلامنا عن المكافآت، وذلك لأنها خلاف منهجنا الذي سرنا عليه، وهو الاستدلال بكل خلق أو وسيلة في التعليم بخبر عن رسول الله ومن هذه المكافآت ما ذكرها محمد جميل زينو في كتاب نداء إلى المربين والمربيات (وما بين المكوفتين مني) : أ - لوحة الشرف: (أي يوضع اسم المتفوق ونحوه في هذه اللوحة) . ب - توصية أهل الطالب: (وذلك بمراسلة أهله وذكر محاسنه وتقدمه في دراسته ونحو ذلك)(ونزيد: ت - خطابات الشكر: وهو تزويد الطالب بخطابات الشكر ويعلن عنه في مدرسته ويوضع في ملفه ونحو ذلك) .