الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[15]
استخدام أسلوب الاستفهام أثناء التعليم
يحتاج المعلم في جذبه لانتباه الطالب إلى وسائل متعددة، وطرق متباينة، ولا بد للمعلم من التنويع بين وسائل الجذب لكي لا يألف الطالب طريقة معينة فيعتادها، ثم لا تحدث لديه أثراً بحكم الاعتياد. ومن وسائل الجذب التي يحتاجها المعلم، هو استخدام أسلوب الاستفهام بين يدي الحديث، أو في منتصف الحديث لجذب انتباه الطالب وحثه على استحضار الذهن. يبين ذلك الحديث المتفق عليه:
1-
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر (1) ؟ قلنا بلى يا رسول الله. قال: (الإشراك بالله، وعقوق الوالدين» .. الحديث) فـ (ألا) أداة استفهام للتنبيه، والتحضيض لضبط ما يقال وفهمه على وجهه. (2)
(1) ورد في بعض الروايات أنه قال ذلك ثلاثاً (الفتح: كتاب الشهادات حديث رقم 2654) . وفي هذه الرواية حصلنا على وسيلتين للتنبيه وجذب انتباه السامع، التكرار، والاستفهام.
(2)
دراسات في الحديث النبوي. د / محمد لقمان الأعظمي الندوي.ص 192.
2-
«في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بمنى في حجة الوداع أنه قال: أي يوم هذا؟ فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه. قال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى. قال: فأي شهر هذا؟ فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: أليس بذي الحجة؟ قلنا: بلى: قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا» .. الحديث) (1) قال القرطبي: سؤاله صلى الله عليه وسلم عن الثلاثة (2) وسكوته بعد كل سؤال منها كان لاستحضار فهومهم، وليقبلوا عليه بكليتهم، وليستشعروا عظمة ما يخبرهم عنه، ولذلك قال بعد هذا: فإن دماءكم.. الخ، مبالغة في تحريم هذه الأشياء. أهـ.
3-
(1) رواه البخاري في كتاب العلم / ومسلم في القسامة والمحاربين / وأحمد في مسند البصريين / والدرامي في المناسك.
(2)
في كتاب المغازي للبخاري حديث رقم (4406) ذكر الراوي زيادة لم ترد في هذا الحديث وهي قوله صلى الله عليه وسلم (فأي بلد هذا؟) ولهذا يشير القرطبي بقوله: سؤاله صلى الله عليه وسلم عن الثلاثة
…
(3)
لا تضارون: أي لا يحتاج أن ينظم بعضكم بعضاً، ولا تتزاحمون ولا يلحقكم ظلم في عدم رؤيتكم ربكم.
(4)
رواه البخاري في كتاب التوحيد / ومسلم في كتاب الإيمان / وأحمد في باقي مسند المكثرين والدارمي في الرقاق.
والملاحظ في الأمثلة السابقة أن الرسول صلى الله عليه وسلملم يعين شخصاً بعينه، للإجابة على الأسئلة المطروحة، بل كانت عباراته بصيغة الجمع غالباً وهذا يفيدنا في أن المعلم ينبغي عليه أن يطرح السؤال أولاً لكي يشترك الطلاب جميعهم في إيجاد جواب للسؤال المطروح، ثم إنه من المستحسن للمعلم أن يترك وقتاً مناسباً قبل الشروع في سماع إجابة الطالب، وذلك لأن قدرات الطلاب العقلية تختلف وتتباين من فرد لآخر، فبعضهم سريع استحضاره وبعضهم دون ذلك بمراحل. وبهذا يتبين لك خطأ ما يفعله بعض المعلمين من سؤال طلابهم حسب قائمة معينة من الأسماء، أو حسب ترتيبهم في مقاعد الصف، لأن هذه الطريقة تجعل الطلاب الآخرين الذين لم يقع عليهم الاختيار لا يتكلفون عناء البحث عن الإجابة اكتفاء بتعيين الطالب من قبل معلمهم.
نعم قد يسأل المعلم بعض طلابه في حالات معينة كأن يريد المعلم أن يفاجئ طالباً معيناً، ليستخبر حاله، أو لينبهه من غفلته ونحو ذلك.
وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل بعض آحاد الصحابة في مسائل متفرقة، وهذا محله ما إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم منفرداً بذلك الصحابي، كما جاء ذلك مع معاذ رضي الله عنه:
عن أنس بن مالك «أن النبي - ومعاذ رديفه على الرحل - فقال: يا معاذ بن جبل. قال: لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: يا معاذ. قال: لبيك يا رسول الله وسعديك (ثلاثاً) . قال» .. الحديث. (1)
الخلاصة:
أسلوب الاستفهام، أسلوب فعال في جذب انتباه السامع، وتهيئته لما سيلقى عليه.
قد يكون الاستفهام في أول الحديث، وقد يكون في أثنائه، بحسب ما تقتضيه الحاجة.
على المعلم أن يطرح السؤال على طلابه بشكل عام ثم يترك وقتاً كافياً لا ستحضار الجواب، ثم يعين الطالب الذي سوف يقوم بالإجابة على السؤال.
عدم تعيين طالب بعينه، قبل طرح السؤال، لأن ذلك يلغي مشاركة الطلاب الآخرين الذهنية اكتفاءً بتعيين زميلهم.
للمعلم أن يعين طالباً بعينه قبل طرح السؤال لحالات خاصة، كإرادة المعلم معرفة قدرة الطالب على الاستجابة السريعة، أو تنبيه طالب من غفلة أو نوم ونحوه، ولكن لا يتخذ المعلم هذه عادة له.
(1) تقدم تخريجه.