المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ مزاح المعلم مع تلاميذه: - المعلم الأول صلى الله عليه وسلم

[فؤاد الشلهوب]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌مدخل

- ‌ إخلاص العلم لله

- ‌ صدق المعلم

- ‌ مطابقة القول العمل

- ‌ العدل والمساواة

- ‌ التحلي بالأخلاق الفاضلة والحميدة

- ‌ تواضع المعلم

- ‌ شجاعة المعلم

- ‌ مزاح المعلم مع تلاميذه:

- ‌ الصبر واحتمال الغضب:

- ‌ تجنب الكلام الفاحش البذيء:

- ‌ استشارة المعلم لغيره:

- ‌ غرس العقيدة الصحيحة وتقوية الإيمان خلال التعليم:

- ‌ إسداء النصيحة للمتعلم:

- ‌ الرفق بالمتعلم وتعليمه بالأسلوب الحسن:

- ‌ عدم التصريح بالأسماء أثناء التوبيخ

- ‌ إلقاء السلام على المتعلم قبل الدرس وبعده

- ‌ استخدام العقوبات أثناء التعليم

- ‌ تقديم المكافآت للمتعلم

- ‌ تهيئة المتعلم لاستقبال العلم

- ‌أولاً: الاتصال السمعي:

- ‌ثانياً: الاتصال البصري:

- ‌ الأسلوب العملي في التعليم

- ‌ عرض المادة العلمية بأسلوب يناسب عقل الطالب وفهمه

- ‌ أسلوب المحاورة والإقناع العقلي

- ‌ التعليم عن طريق القصص

- ‌ ضرب الأمثال أثناء التعليم

- ‌ أسلوب التشويق في التعليم

- ‌ استخدام الرسومات للتوضيح والبيان

- ‌ توضيح المسائل المهمة عن طريق التعليل

- ‌ ترك استخراج الجواب للمتعلم

- ‌ استخدام التكرار في التعليم

- ‌ استخدام أسلوب التقسيم في التعليم

- ‌ استخدام أسلوب الاستفهام أثناء التعليم

- ‌ طرح بعض المسائل العلمية المهمة لاختبار مقدرة الطالب العقلية

- ‌ حث المعلم طلابه على طرح الأسئلة

- ‌ تقديم السائل من خلال سؤاله، وإجابته بما يناسب حاله

- ‌ التعليق على إجابة المتعلم

- ‌ قول المعلم لا أدري لما لا يدري جزء من العلم

- ‌خاتمة

الفصل: ‌ مزاح المعلم مع تلاميذه:

[8]

‌ مزاح المعلم مع تلاميذه:

من المعلوم أن المواد العلمية تتميز بالجفاف في مادتها، وهي تستلزم حضوراً عقلياً وقلبياً، فتجد الطالب يشحذ حواسه كلها لاستيعاب المادة العلمية المطروحة، ومهما يتميز به المعلم من حسن في الأداء، وجودة في الطرح، فإن عقل التلميذ له قدرة محدودة في استقبال المعلومات، ولذا كان حري بالمعلم أن يدخل الطرفة بين ثنايا الدروس العلمية لكي يطرد السآمة والملل الذي قد يخيم على أجواء الفصل من جراء تتابع عرض المواد العلمية.

ومن فوائد بث الطرفة بين ثنايا الدرس من حين لآخر: أنها تطرد السآمة والملل، ومنها أنها تريح الذهن قليلاً من عناء المتابعة الدقيقة للمعلم، ومنها أنها تفيد المعلم أيضاً في أخذ قسط من الراحة، ومنها أنها تشحذ الذهن وتعطيه جرعة جديدة لمواصلة استقبال المعلومات، ومنها أنها تغير جو الفصل الذي خيم عليه الجفاف.. إلى غير ذلك.

ص: 38

والمزاح: بكسر الميم الانبساط مع الغير من غير تنقيص أو تحقير له (1) يقول النووي: اعلم أن المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه فإنه يورث الضحك وقسوة القلب ويشغل عن ذكر الله والفكر في مهمات الدين، ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء، ويورث الأحقاد، ويسقط المهابة والوقار. فأما ما سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله على الندرة، لمصلحة تطييب نفس المخاطب ومؤانسته، وهو سنة مستحبة، فاعلم هذا فإنه مما يعظم الاحتياج إليه اهـ (2) .

وقال الغزالي في الإحياء: إن قدرت على ما قدر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو أن تمزح ولا تقول إلا حقاً ولا تؤذي قلباً ولا تفرط فيه وتقتصر عليه أحياناً على الندور فلا حرج عليك فيه، ولكن من الغلط العظيم أن يتخذ الإنسان المزاح حرفة يواظب عليها ويفرط فيه ثم يتمسك بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم.. (3)

ولقد وردت أخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم في مداعبته لأهله، ومزاحه مع أصحابه، وسوف نتخير منها - إن شاء الله - ما يكفي ويشفي:

(1) قطوف من الشمائل المحمدية. ص93 (قال محمد جميل زينو: ذكره الزغبي محقق الشمائل المحمدية) .

(2)

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي. للمباركفوري. باب البر والصلة. رقم 56.

(3)

إحياء علوم الدين (3 / 203)

ص: 39

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قالوا: يا رسول الله! إنك تداعبنا. قال: " نعم، غير أني لا أقول إلا حقاً» (1) .

وعن أنس بن مالك «أن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهراً وكان يهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم هدية من البادية، فيجهزه النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن زاهراً باديتنا ونحن حاضروه ". وكان صلى الله عليه وسلم يحبه، وكان رجلاً دميماً فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال: من هذا؟ أرسلني.فالتفت، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من يشتري هذا العبد؟ " فقال: يا رسول الله إذاً تجدني كاسداً. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لكن عند الله لست بكاسد " أو قال: " أنت عند الله غال» (2) .

وعن أنس بن مالك «أن رجلاً استحمل (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إني حاملك على ولد ناقة "! فقال: يارسول الله ما أصنع بولد الناقة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " وهل تلد الإبل إلا النوق» ؟ " (4) .

(1) مختصر الشمائل المحمدية. وقال عنه الألباني (صحيح) ص126.

(2)

مختصر الشمائل المحمدية. وقال عنه الألباني (صحيح) ص127.

(3)

أي طلب منه أن يحمله على دابة.

(4)

مختصر الشمائل المحمدية. وقال عنه الألباني (صحيح) ص126.

ص: 40

الخلاصة:

الأثر الإيجاب الذي يحدثه المزاح في تلطيف جو الدراسة، وقطع الملل الذي يعتري الطلاب.

مراعاة عدم الإكثار منه، كي لا يخرج الدرس عن مساره ، وتضيع الفائدة المرجوة منه.

الإكثار من المزاح، يزيل الهيبة والوقار.

المزاح لا يكون إلا حقاً أي صدقاً

عدم إيذاء أو إهانة أحد التلاميذ بالمزاح.

ص: 41