الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[12]
ترك استخراج الجواب للمتعلم
إن ترك المعلم الطالب يستخرج الجواب بنفسه، وسيلة نافعة في إعمال الذهن، وتحريضه على التفكير والإدلاء بالجواب. ويكفي هذه الطريقة فائدة، أنها شحذت الذهن والحواس، وجعلتها تبحث جاهدة للعثور على الجواب المطلوب، وهذا في حد ذاته تقدماً ومكسباً ينضاف إلى رصيد الطالب. بيان ذلك، بأن يطرح المعلم مسألة معينة، ثم يقربها لهم ويترك الجواب أو الحكم النهائي لهم. وقد تكون هذه المسألة المطروحة تستلزم جواباً من الطالب، وقد لا تستلزم ذلك ولكنها تتطلب إعمالاً ذهنياً وشحذاً فكرياً. وإليك الأمثلة:
1-
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «يصبح على كل سلامي (1) من ابن آدم صدقة تسليمه على من لقي صدقة، وأمره بالمعروف صدقه. ونهيه عن المنكر صدقه، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، وبضعة أهله صدقة (2) ، ويجزئ من ذلك كله ركعتان من الضحي) .. (قالوا: يا رسول الله أحدنا يقضي شهوته وتكون له صدقة؟ قال: أرأيت لو وضعها في غير حلها ألم يكن يأثم» ؟) (3)
(1) السلامي: أصله عظام الأصابع وسائر الكف ثم استعمل في جميع عظام البدن ومفاصله.. قال الخطابي: إن كل عضو ومفصل من بدنه عليه صدقة. (عون المعبود 4 / 117) .
(2)
قوله: (وبضعة أهل صدقة) البضع بضم الباء هو الجماع، والمعنى مباشرته مع أهله. (عون المعبود 4 / 117) .
(3)
رواه أبو داود برقم (1285) . وقال عنه الألباني صحيح.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث، «أرأيت لو وضعها في غير حلها ألم يكن يأثم» ؟ . فالجواب وإن كان مسكوتاً عنه، فهو إن وضعها في غير حلها ألم يكن يأثم؟ . فالجواب وإن كان مسكوتاً عنه، فهو إن وضعها في حلها فهو له صدقة. أليس هذا إعمالاً للذهن؟
2-
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «جاء رجل من بني فزارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي ولدت غلاماً أسود. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هل لك من إبل؟) قال: نعم. قال: (فما ألوانها؟) قال: حمر. قال: (فهل فيها من أورق (1) ؟) قال: إن فيها أورقاً. قال: (فأنى أتاها ذلك؟) قال: عسى أن يكون نزعه عرق. قال: (وهذا عسى أن يكون نزعه عرق» (2)(3)
وعند التأمل لهذا الحديث نرى كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم حاوره وقرب إليه المسألة حتى أجاب السائل بقوله: عسى أن يكون نزعه عرق. ولا شك أن هذه الطريقة تتطلب براعة من المعلم، وحسن اختيار للمسائل المطروحة، ومراعاة البساطة والسهولة فيها، وتقريبها للذهن بذكر القرائن والأحوال المصاحبة ونحو ذلك.
الخلاصة:
(1) قال النووي في شرحه لمسلم. الأورق: هو الذي فيه سواد ليس بصاف.
(2)
قوله: (لعله نزعه عرق) أي لعله في أصولك أو في أصول امرأتك من يكون في لونه أسود فأشبهه واجتذبه إليه وأظهر لونه عليه. قاله المباركفوري، في شرحه لسنن الترمذي / باب الولاء والهبة. (6 / 272) .
(3)
تقدم تخريجه.
استخراج الطالب الإجابة بنفسه من المسألة، طريقة مفيدة ونافعة في إعمال الذهن، وشحذ الفكر.
قد تستلزم المسألة المطروحة إجابة من الطالب، وقد لا تستلزم ذلك.
هذه الطريقة تتطلب براعة من المعلم، وحسن اختيار للأمثلة.
كلما كانت المسألة المطروحة، سهلة - ليست من النوع التي تصعب على الذهن - كان ذلك أدعى لحصول المقصود.