الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[17]
حث المعلم طلابه على طرح الأسئلة
.
إن الأسئلة تزيل كثيراً من الخلط أو الوهم الذي قد يقع فيه الطالب، فعند عرض المعلم لمادته شرحاً، فإنه لا يتبين له ما إذا كانوا قد فهموا منه مادته كما ينبغي أم لا. وطريق معرفة ذلك يكون بسؤالهم عن بعض ما تم عرضه، وأفضل من ذلك أن يبتدئ الطالب بسؤال معلمه عما أشكل عليه. والسؤال يوضح المعاني التي قصر فهم الطالب عن عقلها وتدبرها، ويرسخ الإجابة في ذهن السائل لكونه هو الذي ابتدر السؤال، وهو مزيل للجهل كما قال عليه الصلاة والسلام:«فإنما شفاء العي السؤال» (1) والعي بكسر العين وتشديد الياء هو التحير في الكلام وعدم الضبط. كذا في الصحاح. وفي النهاية ولسان العرب العي بكسر العين الجهل، والمعنى أن الجهل داء وشفاؤه السؤال والتعلم (2) ومن أجل ذلك قلنا إنه يتوجه على المعلم أن يحث طلابه على طرح الأسئلة عليه. وقد قال بذلك معلمنا الأول صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين:
1-
عن أنس بن مالك «أن الناس سألوا النبي صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة. فخرج ذات يوم فصعد المنبر. فقال:
(سلوني. لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم» .. الحديث (3)
(1) هذا جزء من حديث رواه أبو داود في سننه. وحسنه الألباني رقم (325-336) .
(2)
عون المعبود شرح سنن أبي داود (ح 332) .
(3)
رواه مسلم برقم (2359) في كتاب الفضائل.
2-
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سلوني فهابوه أن يسألوه، فجاء رجل فجلس عند ركبتيه فقال: يا رسول الله. ما الإسلام» .. الحديث) (1) .
3-
عن سعيد بن المسيب قال: ما كان أحد من الناس يقول سلوني غير علي بن أبي طالب.. وروينا عن الحسن: أنه كان يبتدئ الناس بالعلم ويقول: سلوني. (2)
4-
عن سعيد بن جبير قال: إنا لعند ابن عباس في بيته إذا قال: سلوني. قلت: أي أبا عباس جعلني الله فداك.. الحديث) (3) .
ففي الآثار المتقدمة استحباب قول المعلم (سلوني) ، فإن في هذا حثاً للطلاب على طرح السؤال، وفيه أيضاً تجرئه للطالب الخجول على سؤال معلمه، وفيه استفادة الغير من السؤال المطروح، وفيه معرفة المعلم مقدار تحصيل طلابه للمادة المشروحة. وينبغي أن يراعي المعلم في أسئلة الطلاب الصادرة منهم، أن تكون ذات فائدة، وليست من باب التعجيز، أو السخرية أو التهكم، فإن هذه الأسئلة وأمثالها تطرح في الأرض ولا كرامة لصاحبها.
الخلاصة:
السؤال يزيل غشاوة الجهل، ويصحح المعاني والأفكار.
ابتدار المعلم طلابه وحثهم على طرح السؤال فيه فوائد منها:
أ - تقييم حال طلابه من حيث الفهم.
(1) رواه مسلم في كتاب الإيمان.
(2)
أورده ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، حيث بوب عليه وعلى غيره من الآثار بقوله: باب ابتداء العالم جلساءه بالفائدة وقوله سلوني وحرصهم على أن يؤخذ ما عندهم. (المختصر ص104، 105)
(3)
رواه البخاري في كتاب تفسير القرآن / ومسلم في الفضائل / وأحمد في مسند الأنصار / والترمذي في تفسير القرآن. وانفرد البخاري بذكر مبادرة ابن عباس بقوله: (سلوني) .
ب- دفع الطالب الخجول وتجرئته على طرح السؤال.
ت- استفادة الطلاب الآخرين عند سماع الإجابة.
ث- تقديم المعلم لنفسه، ومراجعته لطريقة عرضه لمادته، عندما يتضح له من خلال الأسئلة، عدم فهمهم كما ينبغي.
(3)
رد الأسئلة التعجيزية، أو الأسئلة الساخرة، وتوبيخ قائلها.