الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً: الاتصال البصري:
منه:
أ - إدامة الاتصال النظري بين المعلم والمتعلم:
إن المحافظة على الاتصال النظري بين المعلم وتلميذه، مفيد جداً للمعلم وللمتعلم. فالمعلم يبقي طلابه تحت سيطرته من خلال متابعته لهم بنظره، ومن ثم يلاحظ الغافل فينبهه، والناعس فيوقظه، والمتلاعب فيزجره.. إلخ. ولذا كان حري بالمعلم أن يوزع نظره على عموم طلابه حتى يعتقد كل طالب أنه المعني بالكلام، ولا يغفل عن طلابه أثناء الشرح، فإن بعض المعلمين يصوب بصره على جهة معينة أثناء تدريسه، وهذا خطأ يؤدي إلى فقدانه السيطرة على طلابه، ومن ثم يعطي الطالب الفرصة بالتشاغل عن الاستماع والإنصات للدرس. ويستحب أن يكون مكان المعلم مرتفعاً ولو قليلاً عن طلابه لتحصل المتابعة الجيدة من قبله، ولكي يتسنى لكل طالب متابعة معلمه دون عناء أو مضايقة ممن حوله. وأما المتعلم فمن خلال رؤيته المستمرة وإدامته لنظره لمعلمه، يحصل له فهم أقوى لما يطرح ويقال في الدرس، لأن اشتراك حاستين وهما السمع والبصر أقوى في التلقي من الاقتصار على واحدة. ولنا أن نلمس السبب من جعل المنبر عالياً. ولقد كان منبرة صلى الله عليه وسلم بارتفاع ثلاث درجات وهي كافية جداً في تبادل النظر بين الخطيب والمصلين.. يوضح ذلك:
1-
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة فقال: أصليت يافلان؟ قال: لا. قال قم فاركع» (1)
2-
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «إن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله» (2) والجلوس حول الخطيب يقتضي النظر إليه، وكذا الجلوس حول المعلم يقتضي النظر إليه. وهذا الحديث أورده البخاري في صحيحه وعقد عليه باباً بقوله: باب (يستقبل الإمام القوم، واستقبال الناس الإمام إذا خطب) قال الحافظ ابن حجر معلقاً: ومن حكمة استقبالهم للإمام التهيؤ لسماع كلامه وسلوك الأدب معه في استماع كلامه، فإذا استقبله بوجهه وأقبل عليه بجسده وبقلبه وحضور ذهنه كان أدعى لتفهم موعظته ومافقته فيما شرع له القيام لأجله. (3)
ب - استخدام تعابير الوجه:
(1) رواه البخاري في كتاب الجمعة / ومسلم في الجمعة / وأحمد في باقي مسند المكثرين / والترمذي في الجمعة / وأبو داود في الصلاة / والنسائي في الجمعة / وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها / والدارمي في الصلاة.
(2)
رواه البخاري في كتاب الجمعة / ومسلم في الزكاة / وأحمد في باقي مسند المكثرين / والنسائي في الزكاة وابن ماجه في الفتن.
(3)
فتح الباري / حديث 921 (2 / 467) .
يغفل كثير من المعلمين عن توظيف هذه الطريقة في التعليم، بل إنك لا تكاد تجد من يعمل بها، إما لجهله بها أو لغفلته عنها. وهذه الطريقة تغني المعلم عن الإنكار باللسان، أو ترديد عبارات الرضا والارتياح تجاه عمل معين أو قول معين، وهذه الطريقة نافعة جداً مع فئة معينة من الناس، فإن هناك من تؤثر فيه النظرة الحادة، وهي كافية في زجرة وردعه، وهناك من تؤثر فيه الابتسامة والبشاشة أكثر مما لو قلت له: أحسنت أو هذا جيد هكذا دون مشاركة تعابير الوجه التي تدل على الارتياح والرضا. وهناك من لا يؤثر فيه ذلك كله، فيعامل كل بحسبه. ونبينا صلى الله عليه وسلم كان يعرض الغضب في وجهه.
1-
(1) رواه البخاري في كتاب الأدب / ومسلم في الحيض / وأحمد في باقي مسند الأنصار / وأبو داود في الطهارة / والترمذي في الطهارة / والنسائي في الطهارة / وابن ماجه في اللباس / ومالك في الطهارة / والدارمي في الطهارة.
2-
«ويروي أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في القبلة فشق ذلك عليه حتى رؤي في وجهه، فقام فحكها بيده فقال: " إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه - أو إن ربه بينه وبين القبلة - فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته، ولكن عن يساره أو تحت قدمه " ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه، ثم رد بعضه على بعض فقال: " أو يفعل هكذا» (1) وفي قوله: «حتى رؤي في وجهه» يقول الحافظ: (2) أي شوهد في وجهه أثر المشقة، وللنسائي «فغضب حتى احمر وجهه» وللمصنف.. «فتغيظ على أهل المسجد» أهـ. فهذه الألفاظ كلها تدل على أن هذا الغضب أحدث عند الصحابة علماً جازماً بأن هذا الفعل الذي غضب منه الرسول صلى الله عليه وسلم منكراً، ولو سكت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يزد على ذلك، لكان كافياً في الإنكار والردع، ولكنه عليه الصلاة والسلام بين سبب الغضب لأنه في مقام التبليغ والتعليم.. والله أعلم.
أما التبسم:
3-
فيقول جرير بن عبد الله البجلي: «ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي» (3) ولا يخفى أثر ذلك الابتسام على جرير بن عبد الله رضي الله عنه وأرضاه.
الخلاصة:
(1) رواه البخاري في كتاب الصلاة / ومسلم في الصلاة / وأحمد في باقي مسند المكثرين / والنسائي في الطهارة وأبو داود في الصلاة / والدارمي في الصلاة.
(2)
فتح الباري. كتاب الصلاة. حديث رقم (405) .
(3)
رواه البخاري في كتاب الأدب / ومسلم في فضائل الصحابة / وأحمد في مسند الكوفيين / والترمذي في المناقب / وابن ماجه في المقدمة / وأبو داود في الجهاد.
مراعاة القصد في الكلام - أثناء الشرح - والترسل فيه، والتوسط، لا سريع مفرط، ولا بطيء مخل
الغاية من التوسط في الكلام وعد السرد السريع، هو ضمان وصول المعلومات إلى ذهن الطالب بعيداً عن الإثارة والتشويش.
تكلف الكلام خصلة ذميمة شرعاً وحساً وعقلاً.
تكلف الكلام والإتيان بغرائبه، يوجب النفرة بين المعلم والمتعلم.
رفع الصوت أثناء التعليم، وسيلة جيدة في جذب انتباه السامعين وفي الإنكار.
قطع الشرح يسبب إرباكاً للطلاب، ويفسد على المعلم تسلسل أفكاره ورط بعضها ببعض.
على المعلم أن يطلب من طلابه أن يؤخروا أسئلتهم إلى أن يفرغ من الشرح.
السكوت أثناء الشرح له فوائد منها: جذب انتباه الطلاب، وتراد نفس المعلم، وترتيب الأفكار.
تبادل النظر بين المعلم والمتعلم، عامل هام في سيطرة المعلم على طلابه، وفي فهم المتعلم لما يلقى إليه من مسائل وعلوم.
توظيف تعابير الوجه في التعليم، يساعد المعلم في تحقيق أغراضه.
مراعاة اختلاف الطلاب، ومقدار تأثرهم بهذه الانفعالات، فإن بعضهم لا تجدي معه مثل هذه التعابير الظاهرة.