الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[13]
استخدام التكرار في التعليم
إن استخدام أسلوب التكرار في التعليم له فوائد عظيمة النفع منها:
التأكيد على مسألة مهمة، أو حكم هام، ومنها تنبيه الغافل ومن به نعاس ونحوه، ومنها حفظ الشيء المكرر. والاقتصار على ثلاث مرات، أمر قد تكر كثيراً في أحاديث المصطفي صلى الله عليه وسلم، قال ابن التين: فيه أن الثلاث غاية ما يقع به الاعتذار والبيان. أهـ. ومن تأمل ذلك وجده كما قال. وقد يزاد على الثلاث للحاجة كما ستراه من قول الرسول صلى الله عليه وسلم قريباً. والتكرار قد يكون في الكلمات والجمل، وقد يكون في الأسماء، وقد يكون في غيرهما.
فأولاً: تكرار الكلمات:
1-
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثاً» (1) . وعند الترمذي من حديث أنس: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثاً لتعقل عنه» (2) .
(1) رواه البخاري في كتاب العلم / وأحمد في باقي مسند المكثرين / والترمذي في الاستئذان والأدب.
(2)
الترمذي. تحفة الأحوذي. أبواب المناقب / باب 40.
قال المباركفوري (1) : والمراد أنه كان صلى الله عليه وسلم يكرر الكلام ثلاثاً إذا اقتضي المقام ذلك لصعوبة المعنى أو غرابته أو كثرة السامعين لا دائماً فإن تكرير الكلام من غير حاجة لتكريره ليس من البلاغة كذا في شرح الشمائل للبيجوري (وقوله)(لتعقل عنه) بصيغة المجهول أي لتفهم تلك الكلمة عنه صلى الله عليه وسلم. أهـ.
2-
عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر (ثلاثاً) ؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين - وجلس وكان متكئاً فقال - ألا وقول الزور. قال فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت» (2) قال الحافظ عند قوله: (ثلاثاً) أي قال لهم ذلك ثلاث مرات، وكرره تأكيداً لينتبه السامع على إحضار فهمه (3) .
(1) المصدر السابق.
(2)
في قول الراوي ليته سكت: أي شفقة عليه صلى الله عليه وسلم وكراهية لما يزعجه. ومحبتهم له صلى الله عليه وسلم (بتصرف من الفتح. كتاب الشهادات 5 / 309، 311) / وهو عند مسلم في الإيمان / وأحمد في مسند البصريين / والترمذي في البر والصلة.
(3)
فتح الباري. كتاب الشهادات (5 / 309، 311) .
3-
ومن ذلك أيضاً «قصة أسامة بن زيد بن حارثة مع النبي صلى الله عليه وسلم، عندما قتل الذي قال لا إله إلا الله في إحدى الغزوات متعوذًا، قال أسامة.. (فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، قال فقال لي: يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟ قال قلت: يا رسول الله إنه إنما كان متعوذاً، قال: قتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ قال: فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم» (1) قال القرطبي: في تكريره ذلك والإعراض عن قبول العذر زجر شديد عن الإقدام على مثل ذلك. أهـ (2) .
ثانياً: تكرار الاسم:
(1) رواه البخاري في كتاب الديات / ومسلم في الإيمان / وأحمد في مسند الأنصار / وأبو داود في الجهاد.
(2)
فتح الباري / كتاب الديات (12 / 203) .
1-
عن أنس بن مالك «أن النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل - فقال: يا معاذ بن جبل. قال: لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: يا معاذ، قال: لبيك يا رسول الله وسعديك (ثلاثاً) . قال: (ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار) ، قال يا رسول الله أفلا أخبر به الناس فيسبشروا؟ قال: إذًا يتكلوا. وأخبر بها معاذ عند موته تأثمًا» (1) . وفي هذا الحديث نلحظ تكرار منادة الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل ثلاث مرات، والسر في ذلك والله أعلم هو تهيئة معاذ للخبر العظيم الذي سوف يحمله، ويدلك على ذلك قول معاذ في الحديث أفلا أخبر الناس فيستبشروا؟ فإن فيه دلالة واضحة على عظم هذا الحديث وجلالة قدره، لما فيه من البشرى العظيمة. ونخرج من هذا الحديث، أن المعلم إذا أراد أن يبث خبراً هاماً لأحد طلابه أن يناديه باسمه ثلاث مرات، ثم يلقي إليه الخبر، وقس على ذلك لو كانوا جماعة فله أن يناديهم بالاسم الذي يجمعهم، كأن يقول: يا طلاب (ثلاثاً) أو نحواً من ذلك.
الخلاصة:
(1) رواه البخاري في كتاب العلم / ومسلم في الإيمان / وأحمد في باقي مسند المكثرين.
التكرار ثلاثاً غاية ما يحصل به البيان، ولكن قد يزاد فوق الثلاث للحاجة.
التكرار وسيلة ناجعة في حفظ المعلومات، وفي التركيز على النقاط الهامة.
تكرار الاسم يجعل المنادي يتهيأ لاستقبال الخبر.