الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العربية السعيدة:
arabia felix
أما العربية السعيدة، ويقال لها "arabia beata" و "arabia eudaimon" في اليونانية؛ فهي أكبر الأقسام الثلاثة رقعة، وتشمل كل المناطق التي يقال لها جزيرة العرب في الكتب العربية كما يفهم من بعض المؤلفات، وليست لها حدود شمالية ثابته؛ لأنها كانت تتبدل وتتغير على حسب الأوضاع السياسية.
ولكن يمكن القول إنها تبدأ في رأي أكثر الكتّاب اليونان والرومان من مدينة "هيروبوليس""heropolis" على مقربة من مدينة السويس الحالية، ثم تساير حدود العربية الحجرية الجنوبية، ثم تخترق الصحراء حتى تتصل بمناطق الأهوار "أهوار كلدبا" عند موضع "thapsacus". وقد أدخل بعض الكتاب هذه الأهوار في جملة العربية السعيدة، وجعلها بعضهم خارجة عنها بحيث يمر خط الحدود في جنوبها إلى أن تتصل بمصب شط العرب في الخليج1.
وعرفت البادية الواسعة التي هي جزء من النفود والتي تمر بها حدود العربية السعيدة الشمالية، باسم "eremos" عند اليونان، وهي امتداد لبادية الشام2.
1 Ptolemy، VI، 7، 2، 27، Strabo، XVI، 4:2، Musil، Arabia Deserta P. 498 The Bible Dictionary، Vol.، 1، P.، 98، A. Grohmann، Arabian، S.، 4.
2 Musil، Arabia Deserta، P.، 499
العربية الصحراوية:
ويقال لها في اليونانية1 "arabia eremos". أما حدودها؛ فلم يعينها الكتّاب اليونان واللاتين تعيينًا دقيقًا. ويفهم من مؤلفاتهم أنهم يقصدون بها البادية الواسعة الفاصلة بين العراق والشام، أي البادية المعروفة عندنا ب"بادية الشام". ويكون نهر الفرات الحدود الشرقية لها إلى ملتقى الحدود بالعربية السعيدة. وأما الحدود الشمالية، فغير ثابتة، بل كانت تتبدل بحسب الأوضاع السياسية. وأما الحدود الغربية، فكانت تتبدل وتتغير كذلك، ويمكن أن يقال بصورة عامة إن حدودها هي المناطق الصحراوية التي تصاقب الأرضين الزراعية لبلاد الشام. فما كان بعيدًا عن إمكانيات الرومان واليونان ومتناول جيوشهم، عد من العربية الصحراوية2.
1 Musil، Deserta، P.، 497، 511، Hitti، 44.
2 Forster Vol.، 2، p.، 110 ff.
ويفهم من العربية الصحراوية أحيانًا "بادية السماوة"1، وقد يجعلون حدودها على مقربة من بحيرة النجف، أي في حدود الحيرة القديمة؛ حيث تبدأ "بطائح كلدية" التي كانت تشغل إذ ذاك مساحة واسعة من جنوب العراق. وعرفت عند بطلميوس باسم "amardocaea" وهي تمتد حتى تتصل ببطائح "maisanios kolpos" أو "خليج مسنيوس""خيلج ميسان"، الذي يكون امتداد الخليج العربي "persikos kopos". وكل ما وقع جنوب ذلك الخط الوهمي، عدّ في العربية السعيدة2.
وقد فهم "ديودورس" من "العربية الصحراوية" المناطق الصحراوية التي تسكنها القبائل المتبدية، وتقع في شمالها وفي شمالها الشرقي في نظره أرض مملكة "تدمر". وأما حدّها الشمالي الغربي والغربي حتى ملتقاها بالعربية الحجرية، فتدخل في جملة بلاد الشام. وأما حدودها الشرقية، فتضرب في البادية إلى الفرات. فأراد بها البادية إذن. وقد جعل من سكانها الإرميين والنبط3.
وتقابل العربية الصحراوية، ما يقال له "أربي" عند الأشوريين، و "ماتو أربي" عند البابليين، و "أرباية" عند السريان والفرس.
كانت البادية، بادية الشام، أو "العربية الصحراوية"، مأهولة بالقبائل العربية، سكنتها قبل الميلاد بمئات السنين. وليست لدينا مع الأسف، نصوص كتابية قديمة أقدم من النصوص الأشورية التي كانت أول نصوص أشارت إلى العرب في هذه المنطقة، وذكرت أنه كانت لديهم حكومات يحكمها ملوك. وأقدم هذه النصوص هو النص الذي يعود تأريخه إلى سنة 854 ق. م4. وقد ورد فيه اسم العرب في جملة من كان يعارض السياسة الآشورية، ولما كان هذا النص يشير إلى وجود مشيخة أو مملكة عربية، يحكمها ملك فلا يعقل أن يكون العرب قد نزلوا في هذا العهد في هذه البادية، بل تشير كل الدلائل إلى أن وجودهم فيها كان قبل هذا العهد بأمد، وربما كان قبل الألف الثاني قبل الميلاد. وقد كانت هذه القبائل تهاجم أرض ما بين النهرين وبلاد الشام، وتكون مصدر
1 Musil، Deserta، P.، 235.
2 Musil، Deserta، P.، 500، 503، Stephan of Byzantium، Ethnica، P.، 237، (Ed. Melneke) .
3 Musil، Deserta، P.، 499، Diodorus، Bibl. Hist.، 11، 54.
4 DD Luckenbill، Ancient Records of Assyria and Bobyonia، Vol.، 1، 611.