الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التقسيم العربي
مدخل
…
التقسيم العربي:
ويؤسفنا أننا لا نستطيع أن نتحدث عن وجهة نظر أحد من الجاهليين في أقسام بلاد العرب، لعدم ورود شيء من ذلك في النصوص أو في الروايات التي يرويها عنهم أهل الأخبار، وكلهم مسلمون.
أما الإسلاميون، فقد اكتفوا بجزيرة العرب، فأخرجوا بذلك البادية الواسعة منها، وأخرجوا القسم الأكبر مما دعاه الكلاسيكيون بالعربية الحجرية منها كذلك. وجزيرة العرب وحدها، هي "العربية السعيدة" عند اليونان والرومان، وما يقال له أيضًا بـ "arabia proper" في الإنكليزية1.
وقد قسّموا جزيرة العرب إلى خمسة أقسام: الحجاز، وتهامة، واليمن، والعروض، ونجد2. ويُرجع الرواة أقدم روايتهم في هذا التقسيم إلى عبد الله بن عباس3.
أما الحجاز، فتمتد رقعته في رأي أكثر علماء الجغرافية المسلمين، من تخوم الشام عند العقبة إلى "الليث"4، وهو وادٍ بأسفل السراة يدفع في البحر، فتبدأ عندئذ أرض تهامة5. وقد عدّ قسم من العلماء "تبوك" وفلسطين من أرض الحجاز6. ويقال للقسم الشمالي من الحجاز أرض مدين وحسمى، نسبة إلى السلسلة الجبلية المسماة بهذا الاسم، التي تتجه من الشمال نحو الجنوب7، وتتخللها
1 forster، vol، 2، pp، 112.
2 صفة "ص47 وما بعدها"، البلدان "3/ 218"، المفضليات ص416.
3 صفة ص46.
4 "الليث" بكسر اللام ثم الياء الساكنة والثاء المثلثة، البلدان "3/ 218"، "7/ 346"، "إذا خلفت عجلزًا صعدًا فقد انجدت، فلا تزال منجدًا حتى تنحدر من ثنايا ذات عرق؛ فإذا فعلت فقد اتهمت إلى البحر، وإذا عرضت لك الحرار وأنت منجد فتلك الحجاز"، "حد الحجاز الأول بطن نخلة وظهر حرة ليلى، والحد الثاني مما يلي الشأم شعب وبدا، والحد الثالث مما يلي تهامة بدر والسقيا ورهاط وعكاظ، والحد الرابع شابة وودان، ثم ينحدر إلى الحد الأول"، بلوغ الأرب "1/ 187 وما بعدها".
5 البلدان "3/ 218"
6 البلدان "3/ 218".
7 البلدان "7/ 417، ency، 1، 386، handbook of arabia، bol، 1، p، 96
أودية محصورة بين التيه وأيلة من جهة، وأرض بني عذرة من ظهرة حرة نهيل من جهة أخرى1. وكانت تسكنها في الجاهلية قبائل جذام2. ويسكنها في الزمن الحاضر عرب الحويطات، ويعتقد المستشرقون أنهم من بقايا النبط3.
وأرض "حسمى"، أرض خصبة كثيرة المياه. وكانت من المناطق المعمورة، وبها آثار كثيرة ومن جبالها جبل يعرف بـ "إرم"4. ويرى بعض المستشرقين أن لهذا الجبل علاقة بموضوع "إرم" الوارد ذكره في القرآن الكريم وفي كتب قصص الأنبياء والتواريخ5. ويرى "موريتس" أنه موضع "aramaua" الذي ذكره "بطلميوس" على أنه أول موضع من مواضع العربية السعيدة، وأنه لا يبعد كثيرًا عن البحر6. ويقال له "رم" في الزمن الحاضر7.
وتتخلل الحجاز أودية عديدة، منها وادي إضم الذي ورد ذكره في أشعار الجاهلية وفي أخبار سرايا الرسول8. ووادي نخال، ويصب في الصفراء بين مكة والمدينة9. والصفراء واد من ناحية المدينة، كثير النخل والزرع، في طريق الحاج، سلكه الرسول غير مرة، وعليه قرية الصفراء، وماؤها عيون تجري إلى ينبع، وهي لجهينة والأنصار ولبني فهر ونهد ورضوى10. ووادي "بدا" قرب أيلة، يتصل بوادي القرى11. ووادي القرى وادٍ مهم يقع بين العلا والمدينة، ويمر به طريق القوافل القديم الذي كان شريانًا من شرايين الحركة
1 البلدان "3/ 276"، لسان العرب"15/ 24".
2 Ency.، Vol.، I، P. 368، Doughty، Vol. 2، P. 624.
3 Ency.، Vol.، 2، P.، 349.
4 البلدان "3/ 277"
Mr. Horsfield، in Revue Biblique، XLI، (1932) ،
PP.، 581، XLII، (1933) ، PP.، 405، XT.tTT، (6934) ،
PP.، 572، XLJV، (1935) PP.، 45.
6 Ptolemy، VI، 7: 27، B. Moritz، in MFOB، III، P.، 395، "Ausfluege in der Arabia Petraea".
7 Musil، Hegaz، P.، 273.
8 البلدان "1/ 281"، صفة 171.
9 البلدان "8/ 272".
10 البلدان "8/ 272".
11 البلدان "5/ 367".
التجارية في العالم القديم، ويقال له "وادي الديابان"1، ويصب فيه واديان هما: وادي جزل من الشمال، ووادي الحمض من الجنوب، ويلتقي به وادٍ آخر هو وادي التبج، أي وادي السلسلة2. وكان عامرًا جدًا، تكثر فيه المياه، وتشاهد فيه اليوم آثار المدن والقرى3. وقد عثر فيه على كتابات كثيرة لحيانية وسبئية ومعينية وغيرها، سأتحدث عنها.
ومن أهم مواضع وادي القرى "العلا"، وقد نزله الرسول في طريقه إلى تبوك4. ويقع في موضع "ديدان" "ددان" "ددن" القديم. وبه واحة ونهير صغير5. ومدين "قرح"، وكانت من أسواق العرب في الجاهلية، وقد زعم أنها القرية التي كان بها هلاك عاد6. وتبعد عن خرائب "ديدان" بمسافة ثلاثة كيلومترات، وقد سكنتها قبائل "بليّ" من القبائل العربية القديمة 7. وهي ملتقى طريق مصر القديم بطريقة الشام. ويرى "موسل" أنها هي "العلا"، دعيت بهذا الاسم فيما بعد8. ولما سأل "دوتي" الأعراب القاطنين في هذه الأماكن عن "قرح"، لم يعرفوا من أمرها شيئًا9.
ووجد "دوتي" في قرى وادي القرى وخرائبه عددًا كبيرًا من الحجارة المكتوبة بحرف المسند، وقد اتخذها السكان أحجارًا من أحجار البناء10. وعثر في "الخريبة" على كتابات بهذا القلم، وعلى آثار أبنية ومواطن حضارة وعلى ألواح من الحجر كان يستعملها الصيارفة لصف نقودهم عليها، أو لذبح القرابين11. كما شاهد موضعًا يقال له "إسطبل عنتر" على قمة جبل شاهق يرنو إلى الوادي ولعلّه معبد أحد الأصنام التي كانت تعبد هناك.
1 البلدان "2/ 87"
2 Ency. Vol. 4، P. 1077. Doughty، Trabes in Arabia Deserta، London، 1936 vol. 1، P. 187.
4 "وكان بين سبأ والشأم قرى متصلة، فكانوا لا يحتاجون من وادي سبأ إلى الشأم إلى زاد"، لسان العرب "19/ 38"،.
5 البلدان "6/ 207".
6 وهبه 20.
7 البلدان "7/ 49".
8 Musil، Hegaz، P. 295، Doughty، 1، P. 203.
9 Musil، P. 295.
10 Doughty، I، P. 87
11 Doughty، 1، p.، 203 f.