الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأرض "عوص" هي موطن "أيوب" الشهير صاحب السفر المعروف باسمه، والذي ورد ذكره في القرآن الكريم، وضُرب به المثل في الصبر.
وأكاثر "جاثر""gether"، فلا يعلم من أمره شيء1، ويجب أن تكون مواطن "الكاثريين" في الهلال الخصيب، أو في بادية الشام، أو في التخوم الشمالية لجزيرة العرب، وذلك نظرًا لوروده مع "عوص" و "ماش".
وقد جعل أهل الأخبار "النبط" من نسل "نبيط بن ماش"، وجعلوا أهل الجزيرة والعال من ولد "ماش" كذلك2. أما النبط في التوراة، فإنهم "نبيوت"3 نسبة إلى الابن الأكبر لأبناء "إسماعيل" المسمى بـ "نابت" عند أهل الأخبار4 وليس ل "ماش" علاقة به وبالنبط. وأما "ماش"، فإنه كناية عن موضع سكنه جماعة عُرفوا بهذا الاسم، لعله "بادية ماش""صحراء ماش" المذكورة في الكتابات الأشورية، وهي في البادية الكبيرة المسماة "بادية الشام"5.
1 hastings، p،، 292.
2 الطبري "1/ 207".
3 "نبيوت"، nebaioth.
4 التكوين، الإصحاح الخامس والعشرين، الآية 13، أخبار الأيام الأول، الأيام الأول، الإصحاح الأول، الآية 29، hastings، P.، 648
5 التكوين، الإصحاح العاشر، الآية 23، أخبار الأيام الأول، الإصحاح الأول، الآية 17، hastings، p،، 590.
العرب البائدة:
ونحن جريًا مع عادة أهل الأخبار في تقسيم العرب إلى الطبقات الثلاث المذكورة، نبدأ بذكر الطبقة الأولى من طبقات العرب، وهي طبقة العرب البائدة.
وقد شك كثير من المستشرقين في حقيقة وجود أكثر الأقوام المؤلفة لهذه الطبقة، فعدّها بعضهم من الأقوام الخُرافية التي ابتدعتها مَخِيلةُ الرواة، وخاصة حين عجزوا عن العثور على أسماء مشابهة لها أو قريبة منها في اللغات القديمة أو في الكتب الكلاسيكية، وقد اتضح الآن أن في هذه الأحكام شيئا من التسرّع؛ إذ تمكن العلماء من العثور على أسماء بعض هذه الأقوام، ومن الحصول على بعض
المعلومات عنها، ومن حلّ رموز بعض كتاباتهم مثل الكتابات الثمودية. وقد اتّضح أن بعض هذه الأقوام أو أكثرها قد عاشوا بعد المسح ولم يكونوا مُمْعِنِين في القدم على نحو ما تصوّر الرواة. ولعلّ هذا كان السبب في رسوخ أسمائهم في مَخِيلة الأخباريين.
وأبدأ الآن بالتحدث عن "عاد":
عاد: وإذا جارينا الأخباريين، وسرنا على طريقتهم في ترتيب الشعوب العربية، وجب علينا تقديم طسم وعمليق وأميم وأمثالهم على عاد وثمود، لأنهم من أبناء "لاوذ بن سام" شقيق "إرم"، وعاد وثمود من حَفَدة "إرم بن سام". ولكن الأخباريين يقدمون عادًا على غيرهم، ويبدءون بهم، وهم عندهم أقدم هذه الأقوام، ويضربون بهم المثل في القدم1. ومثلهم في ذلك مثل أخباريي العبرانيين الذين عدّوا العمالقة أول الشعوب2. ولعلّ هذه النظرية تكوّنت عند الجاهليين من قدم عاد، أو من ورود اسم عاد في القرآن الكريم في سورة الفجر3 ثم مجيء اسم "ثمود" بعد ذلك. ولهذا صاروا إذا ذكروا "عادا" ذكروا "ثمودا" بعدها في الترتيب. فلورودهما في القرآن الكريم قدما على بقية الأقوام.
وقد أورد "الطبري" ملاحظة مهمة عن قوم "عاد" وعن رأي أهل الكتاب فيهم؛ إذ قال: "فأما أهل التوراة، فإنهم يزعمون أن لا ذكر لعاد ولا ثمود ولا لهود وصالح في التوراة، وأمرهم عند العرب في الشهرة في الجاهلية، والإسلام كشهرة إبراهيم وقومه4". ويظهر من ذلك أن المسلمين حينما راجعوا اليهود يسألونهم علمهم عن عاد وأمثالهم، أخبروهم بعدم وجود ذكرهم في التوراة. والواقع أن التوراة لا علم لها فيهم. فأحاديث عاد وثمود وهود وصالح إنما هي أحاديث عربية، تحدث بها الجاهليون، وليس لها ذكر في كتب يهود، ولكن أهل الأخبار ربطوا مع ذلك بينها وبين التوراة، وأوجدوا لها صلةً ونسبًا
1 ومنهم من رأى أنهم أبناء "إرم" اللسان "14/ 280".
2 التكوين، الإصحاح الرابع والعشرون، آية 20، قاموس الكتاب المقدس "2/ 113" hastings، p،،24.
3 سورة الفجر، رقم 89، الآية 6 فما بعدها.
4 الطبري "1/ 232".
بأسماء أعيان وردت في التوراة. ولكن عملهم هذا لا يخفى بالطبع على مَن له وقوف على التوراة.
وأكثر هذه الأقوام أقوام متأخرة عاشت بعد الانتهاء من تدوين التوراة، عاشت بعد الميلاد في الغالب، ولعلّ منها مَن عاش إلى عهد غير بعيد عن الإسلام. ثم إن التوراة والكتب اليهودية الأخرى لم تهتم إلا بالشئون التي لها علاقة بالعبرانيين، وهي ليست كتبًا في التواريخ العامة للعالم حتى تكتب عنهم وعن أمثالهم من قبائل. أما بقاء أخبار قوم عاد ومَن كان على شاكلتهم من العرب البائدة في ذاكرة أهل الأخبار، فلأنهم عاشوا بعد الميلاد، وفي عهد غير بعيد عن الإسلام، ومع ذلك، فقد أخذتْ أخبارهم طباع القصص والأساطير.
وقد ذهب بعض أهل الأخبار إلى أن عادًا هي "هدورام" في التوراة1. ودليلهم على ذلك اقتران عاد بإرم في الكتب العربية، وبعض القراءات التي قرأت "بعاد إرم" في الآية: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} 2 على الإضافة، أو مفتوحتين، أو بسكون الراء على التخفيف، أو بإضافة إرم إلى ذات العماد. وبين "عاد إرم" و "هدورام" تشابه كبير في النطق3.
ولكن التوراة تشير إلى أن "هدورام" من نسل "يقطان"، أي قحطان في الكتب العربية، وهذا لا يستقيم مع الروايات. ويردّ "جرجى زيدان" على هذا الاعتراض بقوله، "ولعل كاتب سفر الخليقة رأى مقر تلك القبيلة في بلاد اليمن؛ فقال إنها من نسل قحطان، لأن مقام عاد في الأحقاف بين حضرموت واليمن، وكثيرًا ما التبس علماء التوراة في هدورام أو هادرام ومقر نسله، ولم يهتدوا إلى شيء عنه، مع أنهم اهتدوا إلى أماكن أكثر أبناء قحطان، وكلها بجوار الأحقاف، فعاد هي "هدروام" في التوراة. وإما أن يكون كاتب سفر الخليقة أراد بيان القبائل التي سكنت اليمن، وكلها ينسب إلى قحطان، فرأى عاد إرم في جملتها، فجعله من أولاد قحطان وبعبارة أخرى: من القبائل
1 التكوين، الإصحاح العاشر، الآية 27، أخبار الأيام الأول، الإصحاح الأول، الآية 21 الإكليل"8/ 162".
2 سورة الفجر، الآية 6 فما بعدها.
3 الهلال: الجزء الثالث والعشرون، السنة السادسة، آب 189م "ص 890".
المتفرعة عن قبيلة قحطان، وإما أن يكون بالحقيقة من نسل قحطان، وهم العرب في نسبته إلى آرام"1.
ورأى "فورستر" وجود صلة بين "عادة"، وهو اسم زوجة "لامك"، وبين "عاد"، وهي والدة "يابال" الذي كان أبًا لسكان الخيام ورعاة المواشي2، ونسلها من الأعراب. وقوم عاد من الأعراب كذلك. وذهب أيضا إلى أن هؤلاء هم oaditae وهو اسم "قوم ذكرهم "بطليموس"3" على أنهم كانوا يقيمون في الأرضين الشمالية الغربية من جزيرة العرب4، ولعلّهم كانوا يقيمون عند موضع "بئر إرم"، وهي من الآبار القديمة في منطقة "حسمى" على مقربة من جبل يعرف بهذا الاسم في ديلر جُذام بين أيلة وتيه بني إسرائيل5. ولا يبعد هذا الموضع عن أماكن ثمود الذين ارتبط اسمهم باسم عاد. وقد أيّد هذا الرأي "شبرنكر" وجماعة من المستشرقين، وهو أقرب الآراء إلى الصواب.
وذهب الأخباريون إلى وجود طبقتين لقوم عاد هما: عاد الأول، وعاد الثانية، وكانت عاد الأولى، في زعم أهل الأخبار، من أعظم الأمم بطشًا وقوة، وكانت مؤلفة من عدة بطون تزيد على الألف، منهم: رفد، ورمل، وصد، والعبود6. والظاهر أن فكرة وجود طبقتين لعاد قد نشأت عند الأخباريين من الآية:{وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى، وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} 7، فتصوّروا وجود عاد ثانية، قالوا إنها ظهرت بعد هلاك عاد الأولى8.
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن "عادًا الأولى"، هو "عاد بن عاديا بن سام بن نوح"، الذين أهلكهم الله، وأوردوا في ذلك بيت شعر ينسب
1 المصدر نفسه.
2 التكوين، الإصحاح الرابع، الآية 20.
3 Forster، vol. 2. P. 32 ff.
4 Forster، bol. 2. P. 32، Enc. Vol. I، P. 121، Sprenger Geogra. S. 207.
5 البلدان "1/ 196"، صفة "ص129".
Enc، vol. I، P. 121، Sprenger، S. 207، Wensink und J H Kramers، Handworterbuch des Islam، Leiden، 1941، S. 13.
وسأرمز إليه بـ: Wensink
6 الهلال: الجزء نفسه، "ص891".
7 سورة النجم، سورة رقم 53، الآية 50 فما بعدها.
8 ابن خلدون "2/ 20".
إلى "زهير"1. وأما عاد الأخيرة، فهم "بنو تميم" وينزلون برمال عالج2. وذهب الطبري إلى أن عادًا الأولى، هم نسل بن عوص بن إرم بن سام بن نوح3، وأن عادًا الأخيرة هم رهط قيل بن عتر، ولقيم بن هزّال ابن هزيل بن عُتَيل بن صد بن عاد الأكبر، ومرشد بن سعد بن عفير، وعمرو بن لقيم بن هزّال، وعامر بن لقيم، وعمرو بن لقيم بن هزّال، وكانوا في أيام "بكر بن معاوية"4 صاحب "الجرادتين"، وهما قينتان له تغنّيان5. وقد هلكوا جميعا إلا "بني اللوذية"، وهم "بنو لقيم بن هزّال ابن هزيل بن هزيلة ابنة بكر"، وكانوا سكانًا بمكة مع أخوالهم "آل بكر بن معاوية"، ولم يكونوا مع عاد بأرضهم فهم عاد الأخيرة، ومن كان من نسلهم الذين بقوا من عاد6.
وجعل بعض أهل الأخبار عدد قبائل عاد ثلاث عشرة قبيلة7، ذكروا منها:"رفد" و "زمل" و"صد" و "العبود"8.
وجعلها "الهمداني" أحد عشر قبيلة وهي: العبود، والخلود، وهم رهط هود النبيّ المرسل، وفيهم بيت عاج وشرفهم، وهم بنو خالد. وقيل: بنو مخلد، وبنو معبد، ورفد، وزمر وزمل، وضد وضمود9، وجاهد، ومناف، وسود، وهوجد10.
وقد ذهب العلماء مذاهب في تفسير المراد من "إرم ذات العماد" في الآية: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} 11 فذهب بعضهم إلى أن
1 "وأهلك لقمان بن عاد وعاديا"، ابن خلدون "2/ 20"، اللسان "4/ 317".
2 اللسان "4/ 317".
3 الطبري "1/ 216""طبعة دار المعارف".
4 الطبري "1/ 219""دار المعارف"، وورد "معاوية بن بكر" في رواية أخرى.
5 الطبري "1/ 221 وما بعدها".
6 المصدر نفسه.
7 المعارف "14".
8 أتأمرنا لنترك أل رفد
وزمل وآل صد والعبود
الطبري "1/ 221""دار المعارف".
9 "ضد" و "ضمود"، هكذا ضبط محقق الإكليل"1/ 87"، اللفظتين، وقد ضبطتا بحرف "الصاد""صد" و "صمود"، أكثر المؤلفات الأخرى.
10 الإكليل"1/ 87".
11 سورة الفجر، سورة رقم 89، الآية 6 فما بعدها، اللسان "14/ 280".
"إرم ذات العماد" مدينة في "تيه أبْيَنَ" بين عدن وحضرموت، وذهب آخرون إلى أنها دمش1 أو الإسكندرية2. والذي دعاهم إلى هذا الرأي -على ما أرى- هو كثرة وجود المباني ذوات العماد في هاتين المدينتين وما عرف عنهما من القدم، فوجد الأخباريون فيهما وصفًا ينطبق على وصف إرم ذات العماد3. وقد خلقت "باب جيرون" من أبواب دمشق قصة "جيرون بن سعد ابن عاد" الذي قالوا فيه إنه ملكًا من ملوكهم، وإنه الذي اختط مدينة دمشق، وجمع عُمُد الرخام والمرمر إليها، وسماها "إرم"4.
وهناك مناسبة أخرى جعلت بعض العلماء يذهبون إلى أن دمشق هي "إرم" أو "إرم ذات العماد"، فقد كانت دمشق -كما هو معروف- من أهم مراكز الإرميين "الآراميين"، وكانت عاصمة من عواصمهم. ولهذا السبب أيضا قال نفر من الباحثين إن "إرم" تعين "أرام"، وأن عادًا من "الآراميين"، وأن "عاد إرم" إنما تعني "عاد أرام"، فالتبس الأمر على المؤرخين وظنوا أن ذات العماد صفة، فزعموا أنها مدينة بناها عاد5. غير أنه قول لا يؤيده دليل يثبت أن "إرم" في هذا الموضع تعني "أرام"6. ومن الجائز أن تكون "إرم ذات العماد"، هي التي أوحت إلى النسّابين فكرة جعل "عاد" من نسل "عوص بن إرم"، لتشابه اسم "أرام" و "إرم" عند العرب التي هي "آرآم" فأصبحت عاد من الإرميين.
1 الإكليل"8/ 33"، "طبعة نبيه"، صفة "80"، البكري "1/ 140""طبعة السقا"، منتخبات "2" سبائك الذهب، للسويدي "15".
2 البلدان "1/ 197"، منتخبات "2"، مروج "2/ 420 فما بعدها"، "طبعة مينارد"،
Bosaor، Numger 73، February، 1939 P. 13، Koranic Iram، Legendary and Historical، by، Harold W. glidden.
3 "والعجم تذكر أن إرم ذات العماد بدمشق، وأن جيرون بن سعد بن عاد بني مدينتها، وسماها جيرون ذات العماد، لكبر أعمدة حجارتها"، الإكليل"8/ 33""طبعة نبيه".
4 ابن خلدون "2/ 19"، المسعودي، مروج "2/ 420" الإكليل"33""طبعة نبيه"
BOASOR، Numger 73، P. 13. 1939
5 "وكان يقال لعاد في دهرهم عاد إرم"، الطبقات "1/ 1 ص19"، البكري، معجم "1/ 48".
6 Enc.، Vol. I، P.، 121.
ويرى بعض المستشرقين أن الذي حمل الأخباريين على القول إن "الإسكندرية" هي "ارم ذات العماد"، هو أثر قصص الإسكندر في الأساطير العربية الجنوبية ذلك الأثر الذي نجده في كتب القصاص اليمانيين، في مثل كتاب "التيجان" المنسوب إلى وهب بن منبه، وفي الرواية اليمانية. وقد حاول الإسكندر كما نعرف احتلال اليمن، فغدا "شداد بن عاد" بانيًا للإسكندرية، وأصبح "الإسكندر" مكتشفًا لها1.
وقد فسر العلماء لفظة "إرمي" الواردة في بيت الحارث بن حلزة اليشكري:
ارَميّ بمثله جالت الجن
…
فآبت لخصمها الأجلاء
بأنها نسبة إلى "إرم عاد" في قدم ملكه، وقيل في حلمه2.
ونسب بعض أهل الأخبار ل "عاد" ولدًا، دعوه "شدادا" قالو: أنه كان قويًا جبارًا، سمع بوصف الجنة، فأراد بناء مدينة تفوقها حسنا وجمالا، فأرسل عمّاله، وهم:"غانم بن علوان"، و "الضحاك بن علوان"، و "الوليد بن الريان"، إلى الآفاق، ليجمعوا له جميع ما في أرضهم من ذهب وفضة ودرّ وياقوت، فابتنى بها مدينته، مدينة "إرم" باليمن، بين حضرموت وصنعاء، ولكنه لم ينعم بها إذ كفر بالله، ولم يصدق بنبوة "هود"، فهلك. وتولّى من بعده ابنه "شديد"3.
وزعم بعض النسّابين أن نسب "شداد" هو على هذه الصورة: "شداد ابن عمليق بن عويج بن عامر بن إرم"، فأبعدوه بذلك عن "عاد". وقيل في نسبه غير ذلك4.
ويفهم من القرآن الكريم أن مساكن "عاد" بالأحقاف، {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} 5. والأحقاف: الرمل بين اليمن وعُمان إلى
1 BOASOR Number، 73، P. 13، 1939.
2 المعاني الكبير "2/ 826".
3 وقيل أخوه، البلدان "1/ 198"، "يقول اليمانية وأكثر العلماء في البلاد: إن إرم ذات العماد في تيه أبين، وهو غائط بين حضرموت وبين أبين"، الإكليل"8/ 33".
4 "عويج"، البلدان "1/ 199".
5 سورة الأحقاف، سورة رقم 46، الآية 21، اللسان "10/ 398".
حضرموت والشحر1. وديارهم بالدوّ والدهناء وعالج ويبرين ووبار إلى عمان إلى حضرموت إلى اليمن. وقد اندفع أكثر الأخباريين يلتمسون مواضعهم في الصحاري؛ لأنها أنسب المواضع التي تلائم مفهوم الأحقاف، فوضعوا من أجل ذلك قصصًا كثيرًا في البحث عن مواطن عاد وقبور عاد، ورووا في ذلك كثيرًا من قصص المغامرات التي تشبه قصص مغامرات لصوص البحر2.
وفي بعض الأخبار: أن "عادا" لحقت بالشحر، فسكنت به، وعليه هلكوا بوادٍ يقال له "مغيث". فلحقتهم بعد "مهرة" بالشحر3. وقد سبق أن قلت: إن oaditae الذين ذكرهم "بطلميوس" هم قوم "عاد"، وإنهم كانوا يسكنون في الأرضين الشمالية الغربية من جزيرة العرب في منطقة "حسمي"، أي في أعالي الحجاز، وعلى مقربة من مناطق ثمود. وهو أقرب إلى الصواب، إذ اقترن ذكر عاد في القرآن بذكر {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} 4. "حسمى" أقرب إلى هذا الوصف من الرمال. ولم يعيّن القرآن موضع الأحقاف، وإنما عيّنه المفسرون، ولا يحتم تفسيرهم تخصيص الأحقاف بهذا المكان، حيث جعلوا رمال "وبار" في جملة المناطق التي كانت لعاد5.
وقد ذهب "موريتس" إلى أن موضع "aramaua" الذي ورد عند "بطلميوس"، وهو "إرم"، أو "إرم ذات العماد". ويقال له الآن "رم"6. وقد أيد "موسل" رأي "موريتس" غير أنه لم يذهب إلى ما ذهب إليه من أنه "إرم"7. وقد أظهرت الحفريات التي قام بها "المعهد الفرنسي" في القدس، صحة هذا الرأي؛ إذ ورد في الكتابات "النبطية" التي عثر عليها في خرائب معبد اكتشف في "رم" أن اسم الموضع هو "إرم"8. فيتضح من
1 ابن خلدون "2/ 19"، "والحقف وجمعه أحقاف، وهي الرمال. وكانت الأحقاف رمالًا قبل عمان إلى حضرموت. قال: وكانت منازل عاد"، المفضليات "15" "والأحقاف: رمال بأعبانها في أسفل حضرموت"، منتخبات "2"
2 المعارف "14".
3 الطبري "1/ 208""دار المعارف".
4 الفجر، سورة رقم 89، آية 9.
5 ديوان الطرماح، "طبعة كرنكو"، "148".
6 B. Moritz، AusfJuege in der Arabia Petraea، in MFOB، HI، S.، 395.
6 Musil، The Northern Hegaz، P. 273، BOASOR، Number، 73، P. 15 (1939)
7 BOASOR، Number، 73، P. 15، (1939) .
8 BOASOR، Number 73، P. 15، (1939) .
ذلك أن هذا الموضع حافظ على اسمه القديم، غير أنه صار يُعرف أخيرًا ب"رم" بدلا من "إرم".
وفي سنة 1932 قام "هورسفيلد" horsfield من دائرة الآثار في المملكة الأردنية الهاشمية بحفريات في موضع جبل "رم"، ويقع على مسافة "25" ميلا إلى الشرق من العقبة، ويقع المكان الذي بحث فيه عند وادٍ، وعلى مقربة منه "عين ماء"، ووجد في جانب الجبل آثارًا جاهلية قديمة1. وقد حملت اكتشافاته هذه واكتشافات "سافينياك" savignac واكتشافات "كليدن" h. w. glidden على القول: إن هذا المكان هو موضع "إرم" الوارد ذكره في القرآن، والذي كان قد حلّ به الخراب قبل الإسلام، فلم يبقَ منه عند ظهور الإسلام غير عين ماء كان ينزل عليها التجار وأصحاب القوافل الذين يمرون بطريق الشام -مصر- الحجاز2.
وذكر "ياقوت الحموي" اسم مكان سمّاه "جش إرم"، قال إنه اسم جبل عند "أجأ" أحد جَبَليْ طيء، أملس الأعلى، سهل ترعاه الإبل، وفي ذروته مساكن لعاد وإرم، فيه صور منحوتة من الصخر3. ففرّق "ياقوت" هنا بين عاد وإرم، وجعلها قومين: قوم عاد وقوم إرم، وقد تكوّن الواو بين الكلمتين زيادة من الناسخ، فيبطل حينئذ الاستدلال على تفريق ياقوت بينهما. وفي الكتب العربية أسماء محلات أخرى قديمة عثر فيها على نقوش وتماثيل، وُصفت أنها من مساكن قوم عاد.
وبالإضافة إلى المواضع التي أشير فيها إلى "عاد" في القرآن الكريم4، فقد أشير إليهم في الشعر الجاهلي كذلك في شعر طرفة5 وفي شعر النابغة6 وفي شعر
1 BOASOR، Number 73، P 14، (1939) ، Revue Biblique، XLJ، (1932) ، PP. 581، XLII، (1933) ، PP.، 405، XT.TTT، (1934) ، PP.، 572، XLIV، (1935) ، PP. 245
2 BOASOR، Number 73، P. 15، (1939)
3 بالفتح والضم ثم التشديد، النجفة وفيه ارتفاع، البلدان "3/ 107".
4 سورة الحج، رقم 22، آية 42، سورة الحاقة، 69، آية 4، 6، سورة الفرقان، 25، آية 38، سورة فصلت، 41، آية 13، سورة الأعراف، 7، آية 65، سورة هود، أية 50.
5 طرفة 1، 8، Enc،، vol،، I، p، 121
6
أحلام عاد وأجساد مطهرة
…
من المعفة والآفات والإثم
ديوان النابغة مع شرحه للبطليوسي" 74"،
للبطليوس "74"، Enc،، vol،،I، p، 121
زهير1 وفي شعر الهُذَليين2، وفي شعر طفيل بن عوف الغنوي3، وفي شعر "متمم بن نُوَيْرَة" شقيق "مالك بن نويرة"، وهو من الشعراء المخضرمين الذين عاشوا في الجاهلية وأدركوا الإسلام4، وفي شعر "أمية بن أبي الصلت"، وهو ممن عاش في أيام الرسول كذلك5، وفي شعر غيرهم من الشعراء الجاهليين المخضرمين6.
وورد في شعر لزهير بن أبي سُلمي "أحمر عاد"7، وضرب المثل بشؤم أحمر عاد، فقيل: أشأم من أحمر عاد8. وجعل الشاعر "أبو خداش الهذلي" "كليب وائل" كأحمر عاد في الشؤم، وذلك بسبب الحرب التي هاجت بين
1
فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم
…
كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم
معلقة زهير، البيت 32، enc،، i، p،، 121
2 ديوان الهذليين، ixxx، 6، 31، ديوان هذيل، 31، 5
3 شعر طفيل بن عوف الغنوي، رواية أبي حاتم السجستاني عن الأصمعي "طبعة لوزاك 1927"، سلسلة "كب" بعناية "ف. كرنكو"، "ص135، 148"، "لنا الجبلان من أرمان عاد".
4
أفنين عادًا ثم آل محرق
…
فتركنهم بلدًا وما قد جمعوا
شرح المفضليات "ص78"، "2/ 24"، ملحوظة 40، المفضليات "ص14""طبعة السندوبي".
5
فقال: ألا لا تجزعي وتكذبي
…
ملائكة من رب عاد وجرهم
ديوان "أمية بن أبي الصلت"، "طبعة بشير يموت""ص58"، بيروت 1938
Friedrich Schulthess، uman ibn Abi-salt، Leipzig، 1911، S. 48.
6 سويد بن أبي كاهل:
غلبت عادًا ومن بعدهم
…
فأبت بعد فليست تتضع
المفضليات "404"، قول "صريم بن معشر بن ذهل" الملقب بأفنون من شعراء الجاهلية:
لو أنني كنت من عاد ومن إرم
…
ربيت فيهم ولقمان ومن جدن
المفضليات "ص525"، وقال الطرماح بن حكيم:
لنا الجبلان من أرمان ومن عاد
…
ومجتمع إلا لاءة والغضاة
ديوان الطرماح "ص135"، "سلسلية كب"، لندن 1927، بعناية "كرنكو".
7
فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم
…
كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم
معلقة زهير، بيت 32.
8 الأمثال "ص11"، "طبعة حيدر أباد الدكن"، ابن قتيبة الدينوري، المعاني الكبير" 2/ 879، 1023".
بكر وتغلب1. وقد نص "ابن قتيبة الدينوري" على أن المراد من "أحمر عاد" "أحمر ثمود" الذي عقر الناقة2.
ويدل ورود خبر "عاد" في القرآن الكريم وفي الشعر الجاهلي على أن القصة كانت شائعة بين عرب الجاهلية معروفة عندهم، وأنهم كانوا يتصوّرون أن قوم "عاد" كانوا من أقدم الأقوام، ولذلك ضُرب بقدمهم المثل حتى إنهم كانوا ينسبون الشيء الذي يريدون أن يبالغوا بقدمه، إلى عاد، فيقولون إنه "عادي".
وإذا رأوا أثرًا قديمًا أو أطلالًا قديمة عليها نقوش لا يعرفون صاحبها، قالوا إنها عاديّة، أي من أيام عاد3. وإذا رأوا بناءً قديما لا يعرفون صاحبه، قالوا إنه بناء عادي4. وقد تحدث "المسعودي" عن أشجار عادية، أي قديمة جدًا5. ولهذا السبب رأى "ولهوزن"6 أن كلمة "عاد" لم تكن اسم علم في الأصل، بل كان يراد بها القدم، وأن كلمة "عادي" تعني منذ عهد قديم جدًّا، وكذلك كلمة "من عاد" أو "من العاد"، أو من "عهد عاد". وأن المعنى هو الذي حمل الناس على وضع تلك الأساطير عن أيام "عاد"7.
وقد جعل بعض الشعراء أيام "عاد" من أوليات الزمان، التي جاءت بعد نوح"8 وجعل بعض آخر لفظة "إرمي"؛ بمعنى "عادي"، أي قديم
1 المعاني الكبير "2/ 1023".
2 المعاني الكبير "2/ 879، 1023".
3
لعادية من السلاح استعرتها
…
وكان بكم فقر إلى الغدر أو عدم
المفضليات "ص 613"، "والعادي الشيء القديم"، اللسان "4/ 317"، الحماسة "طبعة فرايتاغ" freytag "1/ 195، 341"،
Causin de Perceval، Essai، vol. I، P. 259، Biochet، Le culte D'Aphrodite.
4 Sprenger، Das Leben، Bd. I، S. 512.
5 المصدر نفسه.
6 قال أبو داود الإيادي:
ألا أبلغ خزاعة أهل مر
…
وإخوتهم كنانة عن إياد
تركنا دارهم لما ثرونا
…
وكنا أهلها من عهد عاد
التنبيه والإشراف "ص175"، "طبعة الصاوي".
7 7wensick، p،، 13
8 وقال بعض طيء:
وبالجبلين معقل
…
صعدنا إليه بسمر الصعاد
ملكناه في أوليات الزمان
…
من بعد نوح ومن قبل عاد
الإكليل"1/ 90".
كأنه من عهد إرم وعاد، أو كأنه في الحكم من عاد1.
وقد ضرب المثل في القرآن الكريم بقدم "قوم نوح" وقوم "عاد وثمود" حتى إن أخبارهم خفيت عن الناس فلا يعلمها إلا الله: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} ، وفي ذلك دلالة على أن الناس في أيام الرسول كانوا يرون أن الأقوام المذكورة هي من أقدم الأقوام، ولهذا ذُكّروا بهم للاتعاظ2.
وقد ورد ذكر عاد في الكتاب الذي وجهه "يزيد بن معاوية" إلى أهل المدينة يهددهم فيه بمصير يشبه مصير" عاد وثمود"؛ حيث ينزل بهم عقابًا شديدًا ويصيّرهم حديثًا للناس، "وأترككم أحاديث تنسخ بها أخباركم مع أخبار عاد وثمود"3. وقال: سبيع" لأهل اليمامة: "يا بني حنيفة بعدًا كما بعدت عاد ثمود"4.
وضُرب المثل برجل من "عاد" اسمه "ابن بيض"، زعموا أنه كان من عاد، وكان تاجرًا مكثرًا عقر ناقة له على ثنية، فسدّ بها الطريق على السابلة، فضُرب به المثل5.
وزعم أهل الأخبار أن رجلًا غنيًّا من بقية "عاد" اسمه "حمار" كان متمسكا بالتوحيد، فسافر بنوه، فأصابتهم صاعقة فأهلكتهم، فأشرك بالله وكفر بعد التوحيد، فأحرق الله أمواله وواديه الذي كان يسكن فيه فلم ينبت بعده شيء.
ويزعمون أن "امرأ القيس" الشاعر ذكر ذلك الوادي في شعر له6.
ويذكر أهل الأخبار أن المكان الذي كان فيه "حمار" المذكور هو "جوف"، وهو موضع في ديار عاد، وقد نسب إليه، فقيل "جوف حمار"، نسبة إلى
1 الإكليل"1/ 89 وما بعدها".
2 التنبيه والإشراف "ص82".
3 عيون الأخبار، لابن قتيبة "1/ 202".
4 المصدر نفسه "1/ 233".
5 ورد في شعر بشامة بن عمرو:
كثوب ابن بيض وقاهم به
…
فسد على السالكين السبيلا
المفضليات "ص16""طبعة السندوبي".
6
ووداد كجوف العبر قفر قطعته
…
به الذئب بعوي كالخليع المعيل
شرح المعلقات السبع، للزوزني، "ص28""طبعة دار صادر".