الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب إحداد المرأة
15 -
عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا"
-[المعنى العام]-
كانت المرأة في الجاهلية إذا توفي زوجها لبست شر ثيابها ودخلت بيتا صغيرا حقيرا ولم تغتسل ولم تمس ماء ولم تقلم ظفرا ولم تخرج منه إلا بعد حول فتخرج بعد الحول بأقبح منظر وجاء الإسلام بالعدة والحداد لكنه أباحه لغير زوج ثلاثة أيام وللزوج مدة العدة أربعة أشهر وعشرة أيام
لغير الحامل وللحامل حتى تضع حملها وخفف من مظاهر الإحداد فطلب النظافة وأباح الخروج للحاجة
إن إحداد الزوجة على زوجها رمز للوفاء من ناحية وإبعاد لها من دواعي الزواج بآخر مدة العدة من ناحية أخرى وتنفيس لأعماق حزنها ورفع الكبت عن مشاعرها ومسايرة لطبيعة الحزن في النفس البشرية من انصرافها عن المباهج والزينة وقت المصائب من ناحية ثالثة
ولما كانت طبيعة المرأة المبالغة في هذه المظاهر وضع الشارع الحدود والضوابط فلا يحل لها الإحداد على غير زوج مهما كان عزيزا أكثر من ثلاثة أيام أما الزوج فيجب عليها الإحداد من أجله مدة العدة التي قررها الشرع الحكيم
-[المباحث العربية]-
(لا يحل لامرأة) الروايات برفع "يحل" على أن "لا" نافية قال أهل البلاغة أنه في المنع أبلغ من النهي الصريح لأنه يفرض أن الفعل اجتنب وأصبح يخبر عنه بالنفي والمرأة تشمل الصغيرة والكبيرة فتعم كل مكلفة
(تؤمن بالله واليوم الآخر) جملة يقصد بها الحث والإثارة أي من كانت هذه حالها وجب أن تبادر للإجابة واختيار اليوم الآخر من بين ما يجب الإيمان به للتحذير والتخويف من الجزاء
(تحد على ميت فوق ثلاث)"تحد" بضم التاء وكسر الحاء من أحدت المرأة وحكي فتح التاء وضم الحاء من حدت المرأة والفعل منسبك بمصدر من غير سابك وروي "أن تحد" بإظهار السابك والمصدر فاعل "يحل" أي لا يحل إحدادها وحذف التاء من "ثلاث" لمراعاة تمييز مؤنث أي ثلاث ليال أي مع أيامها
(إلا على زوج) في رواية "إلا لزوج" وفي أخرى "إلا بزوج" قال الحافظ ابن حجر: وكلها بمعنى السببية اهـ أي لا يحل إحداد المرأة
بسبب ميت فوق ثلاث ليال إلا بسبب موت زوج فيحل وإثبات الحل يفيد احتمالات ثلاثة يجب أو يندب أو يباح إذ كلها حلال وسيأتي توضيح المراد في فقه الحديث
-[فقه الحديث]-
المقصود من الإحداد شرعا امتناع المرأة المتوفى عنها من الزينة كلها في اللباس والطيب ونحوهما من الكحل والمساحيق وتلوين الأظافر والأصباغ وغير ذلك مما يتعارف على أنه تتزين به المرأة
-[ويؤخذ من الحديث]-
1 -
مشروعية الإحداد للمرأة على غير الزوج ثلاثة أيام قال الحافظ ابن حجر وليس ذلك واجبا لاتفاقهم على أن الزوج لو طالبها بالجماع لم يحل لها منعه في تلك الحال اهـ قالوا: ويحل لها الإحداد ثلاثة أيام على أي ميت غير الزوج سواء أكان قريبا أو أجنبيا والإحداد على غير الزوج ليس واجبا باتفاق وحمل الحل هنا على المشروع المباح من أدلة أخرى
2 -
استدل به على مشروعية الإحداد لوفاة زوج أربعة أشهر وعشرا سواء كانت الزوجة مدخولا بها أم غير مدخول بها واتفق العلماء على حمل حل الإحداد للزوجة لزوجها على الوجوب قال القاضي عياض: واستفيد الوجوب في المتوفى عنها من اتفاق العلماء على حمل الحديث على ذلك مع أنه ليس في لفظه ما يدل على الوجوب ولكن اتفقوا على حمله على الوجوب لحديث أم عطية في الكحل والطيب واللباس ومنعها منه
قال العلماء والحكمة في وجوب الإحداد في عدة الوفاة دون الطلاق أن الزينة والطيب يدعوان إلى النكاح ويوقعان فيه فنهيت عنه ليكون الامتناع من ذلك زاجرا عن النكاح لكون الزوج ميتا لا يمنع معتدته من النكاح ولا يراعيه ناكحها ولا يخاف منه بخلاف المطلق الحي فإنه يستغنى بوجوده عن زاجر آخر قاله النووي والحق أن الزوج المطلق لا يستحق في الغالب أن تبدي زوجته الأسف والحزن على فراقه بأي مظهر من
مظاهر الإحداد وإن منعت من الزواج بغيره مدة العدة استبراء للرحم
3 -
استدل أبو حنيفة وبعض المالكية بقوله "تؤمن بالله واليوم الآخر" على أنه لا يجب على الزوجة الكتابية الإحداد بل يختص الإحداد بالمسلمة وأجاب الجمهور بأن هذا قيد للإثارة والالتزام وبأن المؤمن هو الذي ينتفع بخطاب الشرع وينقاد له
4 -
حرمة الإحداد فوق المدة المسموح بها لزوج أو لغيره
5 -
استدل بعضهم من إطلاق الإحداد على الزوج أربعة أشهر وعشرا على أن الحامل لا يلزمها الإحداد بعد هذه المدة وإن لم تضع حملها والجمهور على أنه يلزمها الإحداد في جميع العدة حتى تضع سواء قصرت المدة أم طالت فإذا وضعت فلا إحداد عليها ولو كان الوضع بعد ساعة من وفاة الزوج وأجابوا بأن هذا التحديد خرج مخرج غالب المعتدات وأن المقصود به المعتدة بالأشهر.