الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جازت المزارعة مع اليهود جازت مع غيرهم من أهل الذمة كذلك.
2 -
وفيه مساقاته صلى الله عليه وسلم على نصف التمر فتقتضي عموم الثمر، ففيه حجة لمن أجازها في الأصول كلها. وقال الشافعي: لا تجوز إلا في النخل والكرم خاصة.
3 -
وفيه إجلاء عمر رضي الله عنه اليهود من الحجاز، لأنهم لم يكن لهم عهد من النبي صلى الله عليه وسلم على بقائهم في الحجاز دائما، بل كان ذلك موقوفا على مشيئته، ولما عهد صلى الله عليه وسلم عند موته بإخراجهم من جزيرة العرب، وانتهت الخلافة إلى عمر رضي الله عنه أخرجهم إلى تيماء وأريحاء بالشام.
4 -
استدل به على أن صاحب الأرض إذا قال للمزارع: أقرك كما أقرك الله، ولم يذكر أجلا معلوما جاز.
باب الشرب
66 -
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: حلبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة داجن وهي في داري وشيب لبنها بماء من البئر التي في داري فأعطى** رسول الله صلى الله عليه وسلم القدح فشرب منه حتى إذا نزع القدح من فيه وعلى يساره أبو بكر وعن يمينه أعرابي فقال عمر: وخاف أن يعطيه الأعرابي أعط أبا بكر يا رسول الله عندك فأعطاه الأعرابي الذي على يمينه ثم قال الأيمن فالأيمن.
-[المعنى العام]-
دعا أنس بن مالك رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى داره وقدم إليه إناء فيه لبن مخلوط بماء، فشرب رسول الله منه، فلما أبان القدح عن فمه نظر إلى القوم، وفيهم أبو بكر عن يساره وعمر من أمامه وأعرابي عن يمينه، ورأى عمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم يميل الإناء نحو الأعرابي، فخشي أن يقدمه على أول مصدق في الإسلام، ثاني اثنين إذ هما في الغار، فقال: أعط أبا بكر بجوارك يا رسول الله وفطن الرسول إلى مقصد عمر، وكان صلى الله عليه وسلم يقصد مقصدا أسمى، فناول الأعرابي كان يقصد أن يربي الأمة، وأن يغرس في نفوسهم أن الناس سواسية أمام الأحكام الشرعية، وأن اليمين مقدم على الشمال، ولئن طيب التشريع نفوس الكبراء بتقديمهم عند تساوي بعض الأوصاف، فقد طيب نفوس الضعفاء والفقراء بتقديمهم إذا هم سبقوا إلى الأماكن المفضلة الشرعية، فإن فاتتهم فرصة الجاه والمكانة، فأمامهم فرصة السبق إلى عمل الخير، وإلى المكان المقدم لينالوا الفضل والفضيلة.
-[المباحث العربية]-
(شاة داجن) الداجن شاة ألفت البيوت وأقامت بها، قال ابن الأثير الداجن الشاة التي يعلفها الناس في منازلهم، ولم يقل: داجنة لأن الشاة تذكر وتؤنث.
(وشيب لبنها بماء) الفل على صيغة المبني للمجهول، من شاب يشوب أي خلط (فأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم القدح) فاعل "أعطى" ضمير يعود على أنس، وأصل الرواية بضمائر الغيبة، ولفظها "حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه أنه حلبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة داجن -وهو دار أنس بن مالك -وشيب لبنها بماء من البئر التي في دار أنس، فأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم القدح .... ".
(إذا نزع القدح) أي قلعه من فمه وأبعده عنه، وجواب إذا محذوف
تقديره: مال نحو الأعرابي.
(وعلى يساره أبو بكر وعن يمينه أعرابي) قيل: إنه خالد بن الوليد ورد بأنه لا يقال له أعرابي، وسبب تعبيره أولا بعلى وثانيا بعن أن موضع اليسار كان مرتفعا فاعتبر استعلاؤه، أو كان الأعرابي بعيدا عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والجملة حال.
(فقال عمر) الفعل معطوف على جواب "إذا"
(وخاف أن يعطيه الأعرابي) فاعل "يعطي" يعود على الرسول صلى الله عليه وسلم والهاء مفعوله الثاني ويعود على القدح، والأعرابي مفعوله الأول. وأن ما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول "خاف" وفاعلها يعود على عمر، وجملة خاف في محل النصب على الحال بتقدير "قد" عند من يشترط اقتران الماضي بها إذا وقع حالا.
(أعط أبا بكر يا رسول الله عندك) مفعول أعط الثاني محذوف، أي أعط أبا بكر القدح، والظرف متعلق بمحذوف وقع حالا أي أعط أبا بكر حالة كونه عندك ومجاورا لك.
(الأيمن فالأيمن) بالنصب على تقدير: قدموا أو أعطوا. وبالرفع على تقدير الأيمن أحق، ويدل على ترجيح رواية الرفع ما جاء في بعض الطرق "الأيمنون. الأيمنون. الأيمنون".
-[فقه الحديث]-
يمكن إجمال نقاط الحديث في:
1 -
وجهة نظر عمر في طلبه.
2 -
آراء الفقهاء في تقديم الأيمن في الشراب مع توجيه الأحاديث.
3 -
وآرائهم في تقديمه في غير الشراب مع التوجيه.
4 -
الجمع بين الحديث وبين أحاديث معارضة.
5 -
ما يؤخذ من الحديث من أحكام، وهذا هو التفصيل:
أولا: قصد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بهذا العرض تذكير الرسول صلى الله عليه وسلم وإعلام الأعرابي بجلالة قدر أبي بكر رضي الله عنه.
ثانيا: وجمهور الفقهاء على استحباب تقديم من هو يمين الشارب في الشرب وإن كان مفضولا بالنسبة إلى من هو على يسار الشارب، لفضل جهة اليمين على جهة اليسار. قال القاضي عياض: وهذا لا خلاف فيه. وقال النووي: إنها واضحة، وخالف في ذلك ابن حزم فقال لا بد من مناولة الأيمن كائنا من كان، فلا يجوز مناولة الأيسر إلا بإذن الأيمن، ويؤيده ظاهر ما ورد في البخاري "أتى النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فشرب منه وعن يمينه غلام أصغر القوم، والأشياخ عن يساره فقال: يا غلام أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ؟ قال: ما كنت لأوثر بفضل منك أحدا يا رسول الله. فأعطاه إياه" وما ورد عن ابن عباس قال: "دخلت أنا وخالد بن الوليد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على ميمونة فجاءتنا بإناء فيه لبن، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه وخالد عن يساره فقال لي: الشربة لك، وإن شئت آثرت خالدا، فقلت: ما كنت لأوثر بسؤرك أحدا" والجمهور يحمل هذه الأحاديث على الندب، لا على الوجوب، وإنما استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عباس أن يعطي خالد بن الوليد ولم يستأذن الأعرابي في أن يعطي أبا بكر ائتلافا لقلب الأعرابي وتطييبا لنفسه، وشفقة عليه أن يسبق إلى قلبه شيء يهلك به، لقرب عهده بالجاهلية ولم يجعل ذلك لابن عباس لقرابته صلى الله عليه وسلم ولصغر سنه، ولأن الأشياخ أقاربه فاستأذنه تأدبا ولئلا يوحشهم بتقديمه عليهم، وتعليما بأنه لا ينبغي أن يدفع لغير الأيمن إلا بإذنه.
ثالثا: والجمهور على أن غير المشروب من الفاكهة واللحم وغيرها حكمه حكم الماء. ونقل عن مالك تخصيص ذلك بالشراب، ولعل ملحظه أن الشرب يكون خيره في أوله غالبا، ولأن النفس تعاف السؤر عادة، فرفعا لهذا الحرج احتجنا إلى مرجح شرعي، وهو تقديم الأيمن لفضل اليمين أما غير الشراب فالمتأخر يتساوى في الخير مع المتقدم، بل قد يفضله في النوع أو الكمية.
رابعا: وقد تعارض ظاهر الحديث مع ما ورد "ابدءوا بالكبراء" أو قال "بالأكابر" وجمع بينهما بأن البدء بالكبراء إنما يكون إذا لم يوجد أحد على جهة اليمين، بأن كان الحاضرون تلقاء وجه المناول أو وراءه: فتقديم الأفاضل والكبار هو عند التساوي في باقي الأوصاف.
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
1 -
مشروعية تقديم من هو على يمين المناول.
2 -
جواز شرب اللبن بالماء لنفسه أو لأهل بيته أو لأضيافه، وإنما يمنع ذلك إذا أراد بيعه، لأنه غش حرام.
3 -
أن الجلساء شركاء في الهدية، وذلك على جهة الأدب والمروءة والفضل والأخوة، لا على الوجوب، لإجماعهم على أن المطالبة بذلك غير واجبة.
4 -
أن من قدم إليه شيء من الطعام أو الشراب استحب له قبوله إذا علم طيب مكسب صاحبه.
5 -
أن من سبق إلى مجلس عالم أو كبير أو إلى موضع من المسجد أو إلى موضع مباح فهو أحق ممن يجيء بعده كائنا من كان، ولا يقام أحد من مجلس جلسه.
6 -
فضيلة اليمين على غيرها.
7 -
أن من استحق شيئا من الأشياء لا يصرف عنه إلى غيره مهما كانت مرتبته.