الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الخصومات
الخصومات جمع خصومة، والخصم معروف، يستوي فيه الجمع والمفرد والمؤنث والمذكر، لأنه في الأصل مصدر، ومن العرب من يثنيه ويجمعه.
73 -
عن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت رجلا قرأ آية سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم خلافها فأخذت بيده فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كلاكما محسن قال شعبة أظنه قال لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا.
-[المعنى العام]-
يقول ابن مسعود رضي الله عنه: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الرحمن فخرجت إلى المسجد عشية فجلست إلى رهط، فقلت لرجل: اقرأ علي، فإذا هو يقرأ حرفا لا أقرؤه، فقلت: من أقرأك؟ قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذت بيده فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، أقرأتني آية كذا وكذا؟ قال: نعم. وفي رواية قال: "إن جبريل وميكائيل عليهما الصلاة والسلام أتياني فجلس جبريل عن يميني، وميكائيل عن يساري. فقال جبريل: يا محمد، اقرأ القرآن على حرف، وقال ميكائيل: استزده. فقلت: زدني فقال: اقرأ على حرفين فقال ميكائيل: استزده حتى بلغ سبعة أحرف وقال: كل كاف شاف"، وفي رواية قال ابن مسعود: يا رسول الله اختلفنا في قراءتنا، فإذا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه تغير ووجد في نفسه حين ذكرت
الاختلاف وقال: "إنما هلك من قبلكم بالاختلاف، لا تختلفوا، لأن الخلاف شر كله".
-[المباحث العربية]-
(سمعت رجلا يقرأ) المسموع على الحقيقة صوت الرجل لا الرجل ولكنهم تسامحوا فأوقعوا السماع على صاحب الصوت اعتمادا على المقام وجملة "يقرأ" صفة لرجل، ولم يعرف اسم الرجل، وقيل: هو عمر.
(آية) في صحيح ابن حيان أنها من سورة الرحمن، وفي المبهمات للخطيب أنها من سورة الأحقاف.
(كلاكما محسن) إفراد الخبر باعتبار لفظ "كلا".
(لا تختلفوا) أي في القرآن.
فقه الحديث
مناسبة الحديث للباب قوله "لا تختلفوا" لأن الاختلاف الذي يورث الهلاك هو أشد الخصومة، وأشار بعضهم إلى أن المناسبة قوله "فأخذت بيده فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم" وفي توجيه "كلاكما محسن" قال بعضهم: إن إحسان الرجل راجع إلى قراءته، وإحسان ابن مسعود راجع إلى احتياطه وطلب تحريه من الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن يعارض هذا التوجيه ما ورد في صحيح ابن حبان "فأمر عليا رضي الله عنه فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما علم، فإنما أهلك من قبلكم الاختلاف". قال ابن مسعود:"فانطلقنا وكل رجل منا يقرأ حرفا لا يقرأه صاحبه" انتهى. فهذا يدل على أن كلا منهما محسن في القراءة، وهذا جائز، لأن كل لفظ جازت قراءته على وجهين أو أكثر لو أنكر أحد هذه الوجوه، فقد أنكر القرآن، ويجاب عنه بأن الممنوع إنكار المتواتر من وجوه القراءات. وهو الذي يؤدي إلى إنكار القرآن، وهذا لا يمنع من جواز القراءة بوجهين أو أكثر، فقد روى الترمذي قال النبي صلى الله عليه وسلم "يا جبريل إني بعثت إلى أمة أمية منهم العجوز،
والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط.
قال: يا محمد إن القرآن أنزل على سبعة أحرف"، ويرجع اختلافها إلى الحركات أو الحروف مع تغيير في المعنى أو بدون تغيير، وقيل: يرجع إلى التقديم والتأخير أو الزيادة والنقص، وليس من الاختلاف الإظهار والإدغام ونحوهما، لأن هذه الصفات المتنوعة لا تخرج اللفظ عن كونه لفظا واحدا، وإنما ظهرت الكراهة في وجه الرسول صلى الله عليه وسلم مع قوله: "كلاكما محسن" لأنهما تجادلا، ويخشى من هذا الجدال إنكار شيء من القرآن- وكان الواجب على ابن مسعود أن يقره على قراءته، ثم يسأل عن وجهها، وهذا الذي أهلك من قبلهم، فقد أنكر كل واحد منهم قراءة الآخر، وغيروا وبدلوا، فلم يعرف الأصيل من الدخيل.
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
1 -
حرص الصحابة على تأدية ما سمعوا من القرآن كما سمعوه من الرسول صلى الله عليه وسلم.
2 -
مشروعية التقاضي عند التخاصم.
3 -
حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم عند الفصل بين الخصوم.
4 -
الاعتبار بأحوال السابقين.