المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

3 - وفي الحديث منقبة عظيمة وفضل ومنزلة للعباس عند - المنهل الحديث في شرح الحديث - جـ ٢

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب العيدينأي صلاتهما وما يشرع فيهما

- ‌باب الوتر

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب الكسوف

- ‌باب التهجد

- ‌باب الاستخارة

- ‌باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة

- ‌كتاب الجنائز

- ‌باب الأمر باتباع الجنائز

- ‌باب الكفن في ثوبين وغسل الميت المحرم

- ‌باب إحداد المرأة

- ‌باب زيارة القبور

- ‌باب البكاء عن الميت وإظهار الحزن عليه

- ‌باب حمل الرجل الجنازة دون النساء

- ‌باب فضل اتباع الجنائز

- ‌باب الصلاة على الشهيد

- ‌باب موت الطفل من أبوين غير مسلمين

- ‌باب ثناء الناس على الميت

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب وجوب الزكاة

- ‌باب إثم مانع الزكاة

- ‌باب الصدقة من كسب طيب

- ‌باب أجر المرأة إذا تصدقت من بيت زوجها وكذلك الخادم

- ‌باب الاستعفاف عن المسألة

- ‌باب من تصدق في الشرك ثم أسلم

- ‌باب مثل المتصدق والبخيل

- ‌باب زكاة الإبل

- ‌باب لا يسألون الناس إلحافا

- ‌باب أخذ الصدقة عند صرام النخل والصدقة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌كتاب الحج

- ‌باب فضل الحج المبرور

- ‌باب التمتع والقران والإفراد

- ‌باب ما ذكر في الحجر الأسود

- ‌باب سقاية الحاج

- ‌كتاب العمرة وفضلها

- ‌باب جزاء الصيد

- ‌باب الحج عن الميت

- ‌فضائل المدينة

- ‌كتاب الصوم

- ‌باب فضل ليلة القدر

- ‌كتاب البيوع

- ‌كتاب الوكالة

- ‌باب ما جاء في الحرث والمزارعة

- ‌باب الشرب

- ‌باب إثم من منع ابن السبيل الماء

- ‌باب فضل سقي الماء

- ‌باب شرب الناس وسقي الدواب من الأنهار

- ‌كتاب الاستقراض والحجر والتفليس

- ‌كتاب الخصومات

- ‌كتاب اللقطة

- ‌كتاب المظالم

الفصل: 3 - وفي الحديث منقبة عظيمة وفضل ومنزلة للعباس عند

3 -

وفي الحديث منقبة عظيمة وفضل ومنزلة للعباس عند المسلمين إذ قدموه وعند الله إذ استجاب له الدعاء وأنزل المطر.

4 -

تواضع عمر وتنزيله الناس منازلهم

5 -

مشروعية الاستسقاء

‌باب الكسوف

6 -

عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم فقال الناس كسفت الشمس لموت إبراهيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم فصلوا وادعوا الله"

-[المعنى العام]-

في السنة الثامنة من الهجرة ولد للنبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم من جاريته مارية القبطية وبعد ثمانية عشر شهرا توفي ودفن بالبقيع وحزن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا حتى تساقطت الدموع على خديه فقيل له: أتبكي يا رسول

ص: 29

الله؟ قال: القلب يجزع والعين تدمع ولا نقول ما يسخط الرب وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون وحزن المسلمون لحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي غمرة الحزن حصل كسوف الشمس وانحجب ضوؤها فقال الناس: انكسفت الشمس حزنا على موت إبراهيم وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قالوا، فخرج وصلى بالناس قام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم سجد فأطال السجود ثم فعل في الركعة الثانية مثل ما فعل في الأولى ثم انصرف من الصلاة فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته مهما كان عظيما فلا تنكسف الشمس لموت إبراهيم ولا لموت غيره فإذا رأيتم كسوف الشمس أو القمر فصلوا وادعوا الله

-[المباحث العربية]-

(كسفت الشمس) الكسوف هو التغير إلى سواد ومنه كسف وجهه إذا تغير إلى غيره والخسوف بالخاء هو النقصان والخسف الذل والجمهور على أن الكسوف والخسوف يطلق كل منهما على ذهاب ضوء الشمس أو القمر كليا أو جزئيا وقيل: بالكاف لذهاب جميع الضوء وبالخاء لبعضه وقصر بعضهم الكسوف على الشمس والخسوف على القمر وقيل غير ذلك

وسبب كسوف القمر وقوع الأرض بينه وبين الشمس فتحجب ضوءها عنه كليا أو جزئيا لأن نوره انعكاس لضوء الشمس فكسوفه ذهاب ضوئه حقيقة

أما كسوف الشمس فسببه وقوع القمر بينها وبين الأرض مما يحجب ضوءها عن هذه البقعة التي تقع في ظل القمر فكسوفها ليس ذهاب ضوئها حقيقة لأن ضوءها لم يذهب وإنما حيل بينه وبين الوصول إلى نقطة ما من الأرض ومع أن القمر صغير جدا بالنسبة للشمس لكن قربه من الأرض

ص: 30

يحجب عنها الضوء الذي يقع عليه بالنسبة للنقطة التي تقع في ظله

(على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي في زمن حياته وكان ذلك في السنة العاشرة من الهجرة على الأصح

(يوم مات إبراهيم) ابن النبي صلى الله عليه وسلم من مارية القبطية قيل: مات في اليوم العاشر وقيل: في اليوم الرابع وقيل في اليوم الرابع عشر من شهر ربيع الأول أو في رمضان وقيل في سنة تسع وقيل سنة الحديبية

(فقال الناس) ال للعهد والمعهود القائلون من المسلمين

(كسفت الشمس لموت إبراهيم) أي حزنا على موته

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاء عاطفة على محذوف أي فخرج بالمسلمين إلى المصلى فصلى صلاة الكسوف ثم صعد المنبر فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال

إلخ

(إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته) أي لا تكسفان لموت عظيم من العظماء ولا لحياته وذكر الحياة مع أن المناسبة في الموت لتعميم النفي ودفع توهم التأثر بالإيجاد بعد دفع توهم التأثر بالفقد وفي رواية "آيتان من آيات الله" أي خلقان مسخران لله ليس لهما سلطان في غيرهما ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما فهما علامتان دالتان على وحدانية الله وعظيم قدرته بما أودعهما من أسباب ومسببات وقوانين في سيرهما في فلكيهما وظهورهما أو انحجابهما

(فإذا رأيتم) المفعول محذوف وفي رواية "فإذا رأيتم ذلك" وفي معظم الروايات "فإذا رأيتموهما" بالتثنية أي إذا رأيتم كسوف كل منهما لاستحالة وقوع الكسوف فيهما معا في وقت واحد

(فصلوا وادعوا الله) أي صلوا صلاة الكسوف وفي رواية "وتصدقوا"

ص: 31

-[فقه الحديث]-

أفعال الله تعالى لا تخلو من الحكمة والمؤمن يتدبر ويفكر ويلتمس الحكمة ليزداد إيمانا ويقينا ومما لا شك فيه أن الله هو الذي خلق الشمس والقمر والأرض والكواكب {وكل في فلك يسبحون} وأنه وحده هو الذي يجريها في أفلاكها وكان قادرا على ألا يحجب أحدها الآخر أو أن لا يصل ضوؤها إلى الآخر وأن لا يغيب ضوء أحدها عن الآخر {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورا} {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون} {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللهُ ذَلِكَ إِلَاّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}

فإذا علم أهل الهيئة والفلك وقت الكسوف وزمنه وحسبوا له حسابه فليقل من علم سبحان من علم وإذا قالوا إنه أمر طبيعي عادي كالمد والجزر في البحر فليقولوا سبحان من خلق الأجرام وأودع فيها قوانينها وأسبابها ومسبباتها وهو قادر على تغيير هذه القوانين وإبطالها

ومن هنا يجب على الإنسان كإنسان بصفة عامة وعلى المؤمن بالخالق والمسلم بصفة خاصة أنه يتدبر هذه الظاهرة ويتخذ منها عبرة ويندفع بها إلى زيادة الإيمان بالله وبعظيم قدرته وإلى شكره جل شأنه فإن الكسوف ذهاب نعمة وإنما يعرف فضل النعم عند ذهابها ويندفع بذهابها أو حجبها إلى زيادة المراقبة والخوف من الله تعالى وقد شاء الله حدوث الزلازل والبراكين والعواصف والصواعق والكسوف لإيقاظ الغافلين وتخويف من بعدوا عن الاتعاظ وقست قلوبهم وصدق الله العظيم حيث يقول {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلَاّ تَخْوِيفاً} وحيث يقول {ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ} وكيف لا يخاف

ص: 32

من الكسوف؟ وما أمر الساعة ومقدماتها إلا مثيله {بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ وخسف القمر وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَر يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ}

وقد جاء في رواية للبخاري عن أبي بردة عن أبي موسى قال: خسفت الشمس فقال النبي صلى الله عليه وسلم فزعا يخشى أن تكون الساعة فأتى المسجد فصلى بأطول قيام وركوع وسجود رأيته قط يفعله وقال: "هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته ولكن يخوف الله بها عباده فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره

فليس المقصود إذن من الصلاة ومن الذكر والدعاء سرعة الانجلاء فإن ذلك لا يؤثر انجلاء وعدمه لا يؤثر إبطاء وإنما المقصود الإذعان لصاحب القدرة والتسليم لمالك الملك والتضرع إليه والخضوع له وعبادته وذكره ودعاؤه

ويؤخذ من الحديث

1 -

المبادرة إلى تصحيح العقائد الدينية ودفع الشبه الفاسدة وإبطال ما كان من اعتقاد جاهلي خاطئ من أن الكواكب مؤثرة في الأرض

2 -

استحباب الدعاء عند الشدائد والأمور الهامة والظواهر الكبرى وإن كانت جارية على سنن الكون وقوانين الأفلاك

3 -

مدى تعظيم المسلمين وإعزازهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولابنه رضي الله عنه

4 -

من قوله "فإذا رأيتم فصلوا" أخذ مشروعية صلاة الكسوف وهو أمر متفق عليه لكنهم اختلفوا في حكمها والجمهور على أنها سنة مؤكدة وحكي عن مالك أنه أجراها مجرى الجمعة ونقل عن أبي حنيفة أنه أوجبها كما اختلفوا في صفتها والجمهور على أنها ركعتان كل ركعة قيامان وركوعان فبعد القيام الطويل يركع طويلا ثم يقوم من الركوع فيقرأ طويلا ثم يركع طويلا ثم يركع طويلا ثم يسجد طويلا ثم يجلس

ص: 33

طويلا ثم يسجد سجدة ثانية طويلا ثم يقوم إلى ركعة ثانية مثل الأولى ثم يتشهد ويسلم وقيل صلاتها كركعتي الصبح وقيل غير ذلك

وتصلى جماعة وفرادى ولا يؤذن بل ينادى: الصلاة جامعة ويخطب الإمام بعدها كالعيدين ووقتها من حيث الكسوف إلى لحظة الانجلاء فإن تم الانجلاء قبل أن يشرع في الصلاة سقطت الصلاة والخطبة ولا يتقضى الصلاة بعد الانجلاء لكن إذا تم الانجلاء بعد الصلاة وقبل الخطبة لا تسقط على الصحيح

5 -

واستدل بقوله "فإذا رأيتم فصلوا" على أن صلاة الكسوف تصلى في أوقات النهي دون كراهة أو تحريم لأن صلاتها بالرؤية وهي ممكنة في أي وقت من النهار وبهذا قال الشافعي ومن تبعه واستثنى الحنفية أوقات الكراهة فلا تصلى فيها وهو مشهور مذهب أحمد

6 -

كما استدل به على المبادرة بالصلاة وعدم تأخيرها ولو كان ذلك لحصول الجماعة

ص: 34