المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فضائل المدينة 48 - عن علي رضي الله عنه قال: ما - المنهل الحديث في شرح الحديث - جـ ٢

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب العيدينأي صلاتهما وما يشرع فيهما

- ‌باب الوتر

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب الكسوف

- ‌باب التهجد

- ‌باب الاستخارة

- ‌باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة

- ‌كتاب الجنائز

- ‌باب الأمر باتباع الجنائز

- ‌باب الكفن في ثوبين وغسل الميت المحرم

- ‌باب إحداد المرأة

- ‌باب زيارة القبور

- ‌باب البكاء عن الميت وإظهار الحزن عليه

- ‌باب حمل الرجل الجنازة دون النساء

- ‌باب فضل اتباع الجنائز

- ‌باب الصلاة على الشهيد

- ‌باب موت الطفل من أبوين غير مسلمين

- ‌باب ثناء الناس على الميت

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب وجوب الزكاة

- ‌باب إثم مانع الزكاة

- ‌باب الصدقة من كسب طيب

- ‌باب أجر المرأة إذا تصدقت من بيت زوجها وكذلك الخادم

- ‌باب الاستعفاف عن المسألة

- ‌باب من تصدق في الشرك ثم أسلم

- ‌باب مثل المتصدق والبخيل

- ‌باب زكاة الإبل

- ‌باب لا يسألون الناس إلحافا

- ‌باب أخذ الصدقة عند صرام النخل والصدقة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌كتاب الحج

- ‌باب فضل الحج المبرور

- ‌باب التمتع والقران والإفراد

- ‌باب ما ذكر في الحجر الأسود

- ‌باب سقاية الحاج

- ‌كتاب العمرة وفضلها

- ‌باب جزاء الصيد

- ‌باب الحج عن الميت

- ‌فضائل المدينة

- ‌كتاب الصوم

- ‌باب فضل ليلة القدر

- ‌كتاب البيوع

- ‌كتاب الوكالة

- ‌باب ما جاء في الحرث والمزارعة

- ‌باب الشرب

- ‌باب إثم من منع ابن السبيل الماء

- ‌باب فضل سقي الماء

- ‌باب شرب الناس وسقي الدواب من الأنهار

- ‌كتاب الاستقراض والحجر والتفليس

- ‌كتاب الخصومات

- ‌كتاب اللقطة

- ‌كتاب المظالم

الفصل: ‌ ‌فضائل المدينة 48 - عن علي رضي الله عنه قال: ما

‌فضائل المدينة

48 -

عن علي رضي الله عنه قال: ما عندنا شيء إلا كتاب الله وهذه الصحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل وقال ذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل ومن تولى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل" قال أبو عبد الله عدل فداء.

-[المعنى العام]-

جاء رجل إلى علي كرم الله وجهه فقال له: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصك وآلك بشيء من العلم؟ أو هل كان يسر إليكم بشيء من دون الناس؟ فغضب علي ثم قال: ما كان يسر إلينا بشيء يكتمه عن غيرنا، إلا ما كان في قراب سيفي هذا وأخرج منه صحيفة كتب فيها: المدينة حرم من جبلها الجنوبي

ص: 219

إلى جبلها الشمالي، ولحرمتها غلظ إثم الذنب فيها، فمن ابتدع فيها بدعة ليست من الدين أو أوى المبتدع، أو عمل على نشر البدعة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه توبة على ذلك الفعل ولا فدية، وذمة المسلمين واحدة، فعهد الواحد منهم محترم عند جميعهم، كعهد الجميع، فمن خان مسلما أو نقض عهده فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه فرضا ولا نفلا، ومن خرج من ولاية المسلمين إلى ولاية أخرى من غير إذن أولياء أمره فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ولا يقبل الله منه وزنا ولا كيلا وفي ذلك تغليظ هذه الأفعال التي تضر بسمعة الإسلام وسمعة المسلمين.

-[المباحث العربية]-

(ما عندنا شيء) الضمير للمتكلم وأهله آل البيت، والمراد بالشيء المكتوب وإلا فقد كان عندهم أشياء من السنة سوى الكتاب، أو الشيء المنفي شيء اختصوا من دون الناس.

(المدينة) علم بالغلبة على البلدة المعروفة التي هاجر إليها النبي صلى الله عليه وسلم ودفن بها وكانت تسمى يثرب فسماها النبي صلى الله عليه وسلم طيبة وطابة، وكان بعض المنافقين لا يذكرها إلا باسم يثرب، واسمها الذي يليق بها المدينة وطيبة.

(ما بين عائر إلى كذا)"عائر" على وزن فاعل مهموز الوسط، وفي رواية "عير" اسم لجبل صغير بقرب المدينة، وقوله "إلى كذا" إبهام من البخاري لاسم الجبل المقابل الذي سمي في رواية مسلم:"ثور" والذي حمل البخاري على هذا الإبهام اعتماده على إنكار مصعب الزبيري، وجود "ثور" بالمدينة، لكنه ثابت بما لا يدع مجالا للشك والإبهام، فثور جبل صغير خلف أحد من جهة الشمال يميل إلى الحمرة بتدوير، وخلف أهل المدينة ينقلون هذا عن سلفهم.

(من أحدث فيها حدثا) أي من عمل فيها عملا منكرا ليس بمعتاد ولا معروف في الكتاب والسنة.

ص: 220

(أو آوى محدثا) أوى بالقصر والمد في الفعل اللازم والمتعدي جميعا لكن القصر في اللازم والمد في المتعدي أشهر، قال تعالى {إذ أوى الفتية إلى الكهف} {وآويناهما إلى ربوة} و"محدثا" بكسر الدال صاحب الإحداث أي الذي أحدث أو جاء ببدعة في الدين وبفتح الدال الأمر المبتدع نفسه، والمعنى عليه آوى بدعة وتبناها أو رضي بها وأقر فاعلها ولم ينكرها عليه فعليه لعنة الله، والمراد بالمحدث قيل: الظالم، وقيل ما هو أعم.

(لعنة الله) المراد باللعنة، العذاب الذي يستحقه على ذنبه، لا الإبعاد عن الرحمة الذي هو لعن الكافر.

(لا يقبل منه صرف ولا عدل) اختلف في تفسيرها على أكثر من عشرة أوجه، منها: لا يقبل منه توبة ولا فدية- لا يقبل منه وزن ولا كيل- لا يقبل منه شفاعة ولا فدية- لا يقبل منه فريضة ولا نافلة: وهذا ما عليه الجمهور، وقد يكون نفي الفدية بمعنى أنه لا يجد في القيامة فداء يفتدي به، خلاف غيره من المذنبين الذين يتفضل الله على من يشاء منهم بأن يفديه من النار بيهودي أو نصراني كما في الصحيحين.

(ذمة المسلمين واحدة) الذمة الأمان والعهد، سمي بذلك لأنه يذم متعاطيها على إضاعتها.

(فمن أخفر مسلما) أي نقض العهد الذي حصل من أخيه المسلم، يقال: خفرته بغير همزة بمعنى أمنته، وبالهمزة بمعنى نقضت عهده، فالهمزة للسلب.

-[فقه الحديث]-

عن قتادة عن أبي حسان الأعرج إن عليا كان يأمر بالأمر فيقال له: قد فعلناه فيقول: صدق الله ورسوله، فقال له الأشتر: إن هذا الذي تقول أهو شيء عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما عهد إلي شيئا خاصا دون الناس إلا شيئا سمعته منه، فهو في صحيفة في قراب سيفي فلم يزالوا به حتى أخرج الصحيفة فإذا فيها "المدينة حرم ..... إلخ الحديث". ومعنى كون المدينة

ص: 221

حرما كما قال مالك والشافعي وأكثر أهل العلم أنه يحرم صيدها وقطع شجرها، وهل فيه الجزاء أو لا؟ خلاف بينهم، وقال أبو حنيفة: لا يحرم، وعليه فمعنى "حرم" أن لها حرمة، فإثم الذنب فيها كبير، وعلى القول بأن شجرها محرم لا يتعارض مع قطع الرسول صلى الله عليه وسلم النخل وجعله قبلة للمسجد، لأن النهي محمول على قطع الشجر الذي أنبته الله مما لا صنع للآدمي فيه، والنخل الذي قطعه الرسول كان ملكا لبني النجار، ومن زرعهم، وقيل: إن النهي عن قطع الشجر الذي يحصل بقطعه الإفساد، فأما من يقصد الإصلاح فلا يمنع عليه قطع ما كان بتلك الأرض من شجر، وقيل إن قطع الرسول للنخل كان في أول الهجرة وحديث التحريم كان بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من خيبر، وهذا أوجه الأوجه.

والغرض من لعنة الملائكة والناس أجمعين بعد لعنة الله المبالغة في تهديده وفي استحقاقه العذاب. وقد اعترض على قوله "لا يقبل منه صرف ولا عدل" حيث فسر الصرف بالتوبة واعترض بأن التوبة النصوح مقبولة بنص الكتاب والسنة وأجيب بأن المعنى: لا يقبل منه قبول رضى وإن قبل منه قبول جزاء، أو بأن فاعل هذا الذنب متعمدا قد يشتد سخط الله عليه، فلا يوفقه للتوبة النصوح، وقد يجاب أيضا بأن هذا جار مجرى التغليظ، إشعارا بفظاعة الجرم، فليس المقصود حقيقته، وهذا جواب حسن، فمثله كثير مستساغ في أساليب العرب، والمراد من قوله "ذمة المسلمين واحدة" إلخ أن عهد المسلمين سواء صدر من واحد أو أكثر، من شريف أو وضيع، محترم عند جميعهم، فإذا أمن أحد من المسلمين كافرا أو أعطاه ذمة موافقة لقواعد الشريعة لم يكن لأحد نقضه، فيستوي في ذلك الرجل والمرأة والحر والعبد، لأن المسلمين كنفس واحدة، والمراد من الولاء في قوله "ومن تولى قوما بغير إذن مواليه" ولاء العتق، فالمعنى عليه: من جعل من العبيد العتقاء له وليا غير المعتق بدون إذنه فعليه لعنة الله إلخ، واستشكل عليه بأن ولاء العتق ممنوع انتقاله عن موالي الرقيق ولو مع الإذن منهم، فلو أريد ولاء العتق لم يكن لقيد عدم الإذن فائدة، اللهم إلا أن يكون للتنبيه على أن

ص: 222

الغالب في المنع عدم الإذن، لهذا قيل إن المراد اتخاذ مواليه وأولياء أمره وحكامه من غير المسلمين، وعلى هذا التأويل تظهر فائدة تقييد الحكم بعدم الإذن وقصره عليه، وقد ورد في بعض الروايات أنه كان بالصحيفة "العقل وفكاك الأسير، ولعن الله من لعن والده" ويجمع بين هذه الأخبار بأن الصحيفة المذكورة كانت تشتمل على مجموع ما ذكر فقال كل راو بعضها.

-[ويؤخذ من الحديث: ]-

1 -

جواز لعن أهل المعاصي والفساد، لكن لا دلالة فيه على لعن فاسق معين.

2 -

أن المحدث والمؤوي للمحدث في الإثم سواء.

3 -

جواز كتابة العلم.

4 -

تحريم صيد المدينة وقطع شجرها.

5 -

أن نقض العهد حرام.

6 -

رد ما تدعيه الشيعة من أن عليا وأهل بيته كان عندهم من النبي صلى الله عليه وسلم أمور كثيرة أعلمهم بها سرا تشتمل على كثير من قواعد الدين وأمور الإمارة. قال الشرقاوي: وهذا مسلم بالنسبة لأحكام الشرع الظاهرة، أما الباطنة كعلوم الحقائق والأسرار الإلهية فلا مانع من أن يخص علي بشيء حتى يتحقق قوله عليه الصلاة والسلام "أنا مدينة العلم وعلى بابها" وفي هذا الكلام نظر. والله أعلم.

ص: 223