الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب التهجد
7 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم وما سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحة الضحى قط وإني لأسبحها"
-[المعنى العام]-
الصلاة مقام المناجاة ووقوف العبد بين يدى ربه وإذا كان الله قد فرض خمس صلوات في اليوم والليلة فذلك تخفيف منه تعالى ورحمة لكن على العبد أن يزيد في هذا الفضل على ما فرض عليه وبخاصة إذا طال الفاصل الزمني بين الفرضين فحيث طال الفصل بين صلاة العشاء وصلاة الفجر شرعت صلاة الليل وحيث طال الفصل الزمني بين صلاة الفجر وصلاة الظهر شرعت صلاة الضحى إلا أنه لما كان وقت الضحى وقت انشغال البشر بأعمالهم الدنيوية غالبا يضربون في الأرض ويسعى أكثرهم في طلب الرزق لم يبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الضحى كما أبرز صلاة الليل إشفاقا على أمته لكن الصحابة علموا الحقيقة وفهموا المقصد فحرص المتفرغون منهم على صلاة الضحى حتى قالت عائشة رضي الله عنها ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سنة الضحى وإني لأصليها وقال أبو هريرة رضي الله عنه -وهو من أصحاب الصفة المتفرغين للعبادة -أوصاني خليلي بثلاث بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام
وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها لكنه لم يلتزمها أمام صحابته وربما لم يلتزمها كل يوم لأنه كان يترك العمل والتقرب وهو يحب أن يقوم به خشية أن يقتدي به أصحابه فيلتزموه كما يلتزمه فيشق عليهم ويعجزوا عن أن يداوموا عليه وصدق الله العظيم حيث يقول {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}
-[المباحث العربية]-
(إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل)"إن" بسكون النون مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن والحال محذوف واللام في "ليدع" هي الفارقة بينها وبين النافية وخبرها جملة "كان رسول الله ليدع العمل" ويجوز إهمال "إن" والابتداء بجملة "كان رسول الله" إلخ والمراد من العمل عمل الطاعات
(وهو يحب أن يعمل به) الجملة حال من فاعل "يدع" وضمن يعمل معنى يقوم فتعدى بالباء وكان الأصل أن يعمله
(خشية أن يعمل الناس به فيفرض عليهم)"خشية" مفعول لأجله والخشية في الحقيقة من المعطوف المترتب على المعطوف عليه والمراد من عمل الناس به التزامه والمداومة عليه لا أصل العمل به ولو مرة فقد واصل الصيام وأذن لهم أن يواصلوا لكنه لم يكررها معهم وسيأتي لهذا مزيد في فقه الحديث
(وما سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحة الضحى) مرادها ما صلى صلاة الضحى والتسبيح جزء الصلاة فأطلق الجزء وأريد الكل كركعة وسجدة لكن العرف الشرعي استعمل السبحة في النوافل لأن التسبيح الذي في الفريضة نافلة
(وإني لأسبحها) أي لأصليها وفي رواية "لأستحبها" لكن الرواية الأولى تفيد العمل والأداء والثانية لا تستلزم الأداء فالأولى أدق في المراد
-[فقه الحديث]-
قال الحافظ ابن حجر جمع ابن القيم في الهدي الأقوال في صلاة الضحى فبلغت ستة أقوال
الأول: أنها مستحبة واختلف في عدد ركعاتها فقيل أقلها ركعتان وأكثرها اثنتا عشرة وقيل أكثرها ثمان وقيل: ركعتان فقط وقيل أربع فقط وقيل لا حد لأكثرها
الثاني: أنها لا تشرع إلا لسبب لما ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلاها يوم فتح مكة وصلاها في بيت عتبان حين طلبه أن يصلي له في مكان من داره ليتخذه مسجدا وصلاها حين بشر برأس أبي جهل ويؤيده حديث عائشة "لم يكن يصلي الضحى إلا أن يجئ من مغيبة
القول الثالث: لا تستحب أصلا
القول الرابع: يستحب فعلها تارة وتركها تارة بحيث لا يواظب عليها وهو إحدى الروايتين عن أحمد ويؤيده حديث أبي سعيد عند الحاكم "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى حتى نقول لا يدعها ويدعها حتى نقول لا يصليها"
الخامس: تستحب صلاتها والمواظبة عليها في البيوت
السادس: أنها بدعة
وجمهور علماء الأمة على أنها سنة مؤكدة وأن أقلها ركعتان
وقد ورد في الصحيح عن معاذة أنها سألت عائشة رضي الله عنها: كم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الضحى؟ قالت: "أربع ركعات ويزيد ما شاء" وللجمع بين نفيها وإثباتها قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها في بعض الأوقات لفضلها ويتركها في بعضها خشية أن تفرض وقلما يكون صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة وقت الضحى فصح قولها ما رأيته يصليها وتكون قد علمت بخبره أنه صلاها فاستحبتها أو يقال مرادها من قولها "ما كان يصليها" أي
ما كان يداوم عليها فيكون النفي للمداومة لا لأصل الصلاة
وفي وقت صلاة الضحى يقول النووي ووقتها من ارتفاع الشمس إلى الزوال قيل ووقتها المختار إذا مضى ربع النهار
وقد استشكل على هذا الحديث بأن الصلاة فرضت خمسا ولها أجر الخمسين وروي في نهاية حديثها {ما يبدل القول لدي} فكيف يخشى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفرض صلاة أخرى بعد هذا وأجيب عن هذا الإشكال بعدة أجوبة منها أنه يحتمل أن يكون الله عز وجل أوحى إليه أنك إن واظبت على هذه الصلاة معهم افترضتها عليهم فأحب التخفيف عنهم فترك المواظبة قاله المحب الطبري قال: ويحتمل أن يكون ذلك وقع في نفسه كما اتفق في بعض القرب التي داوم عليها فافترضت وقيل خشى أن يظن أحد من الأمة من مداومته عليها الوجوب وإلى هذا الوجه نحا القرطبي وهناك إجابات أخرى محلها المبسوطات فمن شاء فليراجعها في كتابنا فتح المنعم شرح صحيح مسلم في باب قيام الليل والله أعلم
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-
1 -
أنه إذا تعارضت مصلحة وخوف مفسدة أو مصلحتان اعتبر أهمهما إذ كان صلى الله عليه وسلم يترك المداومة على ما يحب أن يعمل خشية أن يفرض
2 -
وفيه جواز الفرار من قدر الله إلى قدر الله
3 -
وفيه شفقته صلى الله عليه وسلم بأمته ورأفته بهم
4 -
ومن قولها "وإني لأسبحها" مشروعية المداومة على صلاة لم يداوم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم
8 -
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام وأحب الصيام إلى الله صيام داود وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ويصوم يوما ويفطر يوما"
-[المعنى العام]-
كان عبد الله بن عمرو بن العاص يقوم كل ليلة ويصوم الدهر إلا قليلا فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه سنة الإسلام والطريقة المثلى للعبادة والتقرب إلى الله ويرغبه فيها بأنها أحب وأكثر ثوابا عند الله تعالى وهي أن المكلف لا يأخذ نفسه بالشدة والعنف حتى تمل ولا يترك لها الحبل على الغارب حتى تفرط بل يأخذها بالقصد كما كان يفعل رسول الله داود عليه السلام فإنه وزع الليل أقساطا حيث جعل النصف الأول للنوم والراحة والثلث الذي بعده للقيام والعبادة والسدس الأخير لاسترجاع ما عسى أن يكون قد فقد من نشاطه وقوته ليستقبل عمل النهار بهمة وعزيمة كما أنه كان يصوم يوما ويفطر يوما ليتقوى به على سائر أعماله وإن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل
-[المباحث العربية]-
(أحب الصلاة إلى الله) لفظ "أحب" بمعنى المحبوب أي أكثر ما يكون محبوبا من الصلاة واستعمال "أحب" بمعنى محبوب قليل لأن الغالب في أفعل التفضيل أن يكون بمعنى الفاعل ولعل ال في (الصلاة) للعهد والمقصود منها صلاة الليل لكيلا يقال إن داود لم يكن يصلي بالنهار
(كان ينام نصف الليل) هذا بيان لكيفية قيام داود المحبوبة
(ويصوم يوما ويفطر يوما) بيان لكيفية صيام داود المحبوبة
-[فقه الحديث]-
كان هذا النظام أحب إلى الله تعالى لأنه أخذ بالرفق على النفوس التي يخشى منها السآمة المؤدية إلى ترك العبادة والله يحب أن يوالي فضله ويديم إحسانه وإنما كان ذلك أرفق على العباد لأن النوم بعد القيام يريح البدن ويذهب ضرر السهر وذبول الجسم بخلاف السهر إلى الصباح وكان نظام داود هذا أحب إلى الله أيضا لأن فيه مصلحة هامة وهي استقبال الصبح وأذكار النهار بنشاط وإقبال ولأنه أقرب إلى عدم الرياء لأن من نام السدس الأخير أصبح ظاهر اللون سليم القوى فهو أقرب إلى أن يخفى نوم سدس الليل عمله الماضي على من يراه أشار إلى ذلك ابن دقيق العيد وقد اختلفوا في أفضل الأوقات لمن يرغب أن يصلي بعض الليل على قولين
أحدهما: أنه جوف الليل
والثاني: وقت السحر ليصل به فريضة الفجر
وكان نظام داود في الصيام أفضل لأن المكلف لم يتعبد بالصيام خاصة بل به وبالحج وبالسعي في الرزق وبالجهاد وغير ذلك فإذا استفرغ المرء جهده في الصوم خاصة انقطعت قوته وضعفت سائر العبادات ولكن إذا صام يوما وأفطر يوما كانت فيه قوة ومناعة واستطاع العمل
قال ابن المنير: كان داود عليه السلام يقسم ليله ونهاره لحق ربه وحق نفسه فأما الليل فاستقام له فيه ذلك كل ليلة وأما النهار فلما تعذر عليه أن يجزئه بالصيام لأنه لا يتبعض جعل عوضا من ذلك أن يصوم يوما ويفطر يوما فيتنزل ذلك منزلة التجزئة في شخص اليوم
-[ويدل الحديث]-
1 -
على الاقتصاد والتزام حد الاعتدال في العبادة
2 -
وعلى أن صلاة التهجد في السدسين الرابع والخامس من الليل مرغوب فيها لأنه وقت تجلي الرحمن على عباده
3 -
واستدل به من قال بحصول السنة لمن نام السدس الأول مثلا وقام الثلث ونام النصف الأخير لأن الواو لا تقتضي ترتيبا ويرده رواية الترتيب بثم بدل الواو
4 -
وفيه الحث على المداومة على العمل وأن قليله الدائم خير من كثير ينقطع
9 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب كل عقدة
عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان"
-[المعنى العام]-
يحرص الشيطان على أن يحول بين العبد وبين قيامه بعبادة ربه لقد أقسم على إغواء بني آدم. {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِين} إنه يتفنن في تزيين الكسل والخمول لمن يعتزم عبادة الله يثبط العزائم ويسوف ويستدرج وبخاصة عند النوم ليجتمع له مع إغوائه شهوة النفس وميلها إلى النوم
إذا أراد المسلم أن يصلي صلاة الليل قبل أن ينام وسوس له وأتاه من زاوية الحق المراد به الباطل يقول له: قيام الثلث الأخير أفضل. فنم ثم قم ويؤكد له القدرة على القيام ويقسم له أن ذلك سيكون وأنه من السهل اليسير فإذا نام أثقل أذنيه حتى لا يسمع صوتا موقظا أو منبها وأوثق تغميض عينيه وعقد على عقله ثلاث عقد ليغلق عنه اليقظة والانتباه فإذا ما أفلت المسلم من هذا الحصار المنيع وتقلب في فراشه واستحضر في نفسه الرغبة لأداء الصلاة خدعه شيطانه وقال له نم ما زال الليل طويلا نم قليلا ثم قم فإذا ما استجاب لهذا الإغواء فنام ثم تيقظ عاوده الشيطان بالخدعة نفسها شيئا فشيئا ومرة بعد مرة يعده ويمنيه وما يعده الشيطان إلا غرورا حتى إذا ما فات وقت الصلاة وضاعت الفرصة على المسلم وتحقق للشيطان ما أراد بال في أذن صاحبه سخرية منه واستهزاء {وقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَاّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم}
-[المباحث العربية]-
(يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم .... ثلاث عقد) قافية الرأس مؤخره وهي إشارة إلى المخ ومركز الإدراك والتعقل وقافية كل شيء مؤخره ومنه قافية القصيدة والخطاب في "أحدكم" للتعميم في المخاطبين ومن في معناهم ويخص من هذا العموم الأنبياء ومن قيل فيهم {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}
وقد اختلف في هذه العقد فقيل: هو على الحقيقة وأنه كما يعقد الساحر لمن يسحره فيأخذ الخيط فيعقد عليه عقدا وهو يتكلم عليه بالسحر فيتأثر المسحور بذلك ومنه قوله تعالى {ومن شر النفاثات في العقد} فالمقصود شيء عند قافية الرأس نفسها وهل العقد في شعر الرأس أو في غيره؟ قال الحافظ ابن حجر: الأقرب الثاني إذ ليس لكل أحد شعر اهـ
وقيل: إن هذا التعبير كناية وتصوير لوساوس الشيطان وتزيينه وتغريره بطول الوقت وانحلال العقد كناية عن مكافحته ودفع وساوسه والمقصود من كون العقد ثلاثا تقوية الإغواء فكأنه إغواء وإغواء وإغواء
(إذا هو نام) أي إذا هو نام بدون صلاة هكذا قيده البخاري ويرى جمهور شراح الحديث أنه يعقد على رأس من صلى ومن لم يصل ولكن من صلى بعد ذلك تنحل عقده بخلاف من لم يصل
(يضرب كل عقدة عليك ليل طويل فارقد) في رواية للبخاري "يضرب على مكان كل عقدة أي يضرب بيده على العقدة تأكيدا وإحكاما لها قائلا عليك ليل طويل فالضرب حقيقي وقيل إن الكلام كناية عن إحكام الوسوسة وإتيانها والايحاء للنائم بطول الوقت و"ليل طويل" بالرفع مبتدأ مؤخر و"عليك" خبر مقدم وفي رواية "ليلا طويلا" بالنصب على أن "عليك" اسم فعل بمعنى الزم ومراد الشيطان بهذه العبارة تسويفه بالقيام والإلباس عليه إذ ربما لو طلب منه عدم القيام كليا لدفع المؤمن هذه
المكيدة إما أن يستدرجه شيئا فشيئا فقد ينخدع المؤمن فكأنه يقول له: قم بعد قليل فمازال الليل طويلا. قم بعد قليل. قم بعد قليل. وبهذا الاستدراج يصل إلى ما يريد
(فأصبح نشيطا طيب النفس) لسروره بما وفقه الله من طاعته وسروره بالثواب الموعود وسروره بإحباط كيد الشيطان وبانشراح صدره من ربه
(وإلا) أي وإن لم يقم ويتوضأ ويصل وتنحل عقده ولو أتى ببعضها وترك بعضها بقي خبيث النفس كسلان لكنه يختلف عمن لم يأت بشيء منها بالقوة والضعف
(أصبح خبيث النفس كسلان) لاستيلاء الشيطان عليه و"كسلان" ممنوع من الصرف للوصفية وزيادة الألف والنون
-[فقه الحديث]-
-[ويؤخذ من الحديث]-
1 -
فضل صلاة الليل وقد ادعى ابن العربي أن البخاري أومأ إلى وجوب صلاة الليل لقوله: باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصل الليل قال الحافظ ابن حجر: ولم أر النقل في القول بإيجابه إلا عن بعض التابعين والذي عليه جماعة العلماء أنه مندوب إليه
2 -
الحث على ذكر الله تعالى عند الاستيقاظ وفي صيغه أحاديث كثيرة مشهورة في الصحيح جمعها الإمام النووي وما يتعلق بها في باب من كتاب الأذكار قال: ولا يتعين لهذه الفضيلة ذكر لكن الأذكار المأثورة فيه أفضل
3 -
التحريض على الوضوء عند القيام من النوم
4 -
أخذ بعضهم من قوله "عليك ليل طويل" اختصاص العقد بنوم الليل وهو كذلك لكن لا يبعد أن يجيء مثله في نوم النهار
5 -
أخذ بعضهم من طلب الوضوء لحل العقدة أن التيمم لمن ساغ له لا يقوم مقام الوضوء لأن في الوضوء معاناة تعين على طرد النوم والحق إجزاء التيمم كما يجزئ الغسل للجنب فذكر الوضوء للغالب والله أعلم
10 -
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال: "ما هذا الحبل؟ " قالوا: هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا حلوه ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد"
-[المعنى العام]-
من رحمة الله بالأمة الإسلامية أن رفع عنها الحرج والمشقة في عبادتها وأراد لها اليسر دون العسر وأنزل على نبيه شفقة بالأمة {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَاّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا
تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}
وتطبيقا وتنفيذا لهذه الرحمة الإلهية ترفق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمة ودعا المشددين على أنفسهم أن يرفقوا بها وأن لا يبالغوا في العبادة وها هو يرى زوجه السيدة زينب بنت جحش وقد وضعت حبلا مشدودا بين ساريتين من سواري المسجد تتعلق به إذا غلبها النوم أثناء قيامها بالليل فيقول حلوه ليصل أحدكم ما دام نشيطا وليترك الصلاة إذا فتر لا تكلفوا أنفسكم من العبادة إلا ما تطيقونه فإن الله لا يحب العبادة مع الملل ولا يثيب عليها الثواب الكريم ولا يتشدد في الدين أحد إلا غلبه وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل. فليتعبد المؤمن بما لا يشق عليه وعلى الله القبول
-[المباحث العربية]-
(فإذا حبل ممدود بين الساريتين) أي العمودين اللذين في جانب المسجد النبوي
(قالوا: هذا حبل لزينب) أي بنت جحش أم المؤمنين بهذا جزم أكثر الشراح
(فإذا فترت) في رواية "فإذا كسلت" بكسر السين أي فترت
(ليصل أحدكم نشاطه) اللام المكسورة لام الأمر و"نشاطه" بفتح النون منصوب على الظرفية أي مدة نشاطه
(فإذا فتر فليقعد) عن الصلاة وليتركها وقيل فليقعد في صلاته وليصل من جلوس والأول أولى
-[ويؤخذ من الحديث]-
:
1 -
الحث على الاقتصاد في العبادة واجتناب التعمق قال النووي وليس ذلك مختصا بالصلاة بل هو عام في جميع أعمال البر
2 -
كمال شفقته صلى الله عليه وسلم ورأفته بأمته لأنه أرشدهم إلى ما يصلحهم وهو ما يمكنهم الدوام عليه بلا مشقة ولا ضرر فتكون النفس أنشط والقلب منشرحا فتتم العبادة بإحسان وروح بخلاف من تعاطى من الأعمال ما يشق عليه فإنه بصدد أن يتركه أو يترك بعضه أو يفعله بكلفة وبغير انشراح القلب فيفوته خير عظيم وقد ذم الله تعالى من اعتاد عبادة ثم فرط فقال: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} وقد ندم عبد الله بن عمرو بن العاص على تركه قبول رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تخفيف العبادة ومجانبة التشدد قاله النووي
3 -
الحث على النشاط في العبادة وأنه إذا فتر قعد حتى يذهب الفتور
4 -
وإزالة المنكر باليد لمن تمكن منه
5 -
وجواز تنفل المرأة في المسجد فإنها كانت تصلي النافلة فيه فلم ينكر عليها
6 -
استدل به بعضهم من قوله "فليقعد" على جواز الافتتاح بالصلاة قائما والقعود في أثنائها وفيه خلاف وفي الاستدلال بالحديث نظر
7 -
كذلك استدل به بعضهم على جواز قطع النافلة بعد الدخول فيها وهو استدلال مردود
8 -
واستدل به على كراهة التعلق بالحبل في الصلاة لتكلف طول القيام في النافلة واختلف في الاستناد على عصا ونحوها والله أعلم