المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب من تصدق في الشرك ثم أسلم - المنهل الحديث في شرح الحديث - جـ ٢

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب العيدينأي صلاتهما وما يشرع فيهما

- ‌باب الوتر

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب الكسوف

- ‌باب التهجد

- ‌باب الاستخارة

- ‌باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة

- ‌كتاب الجنائز

- ‌باب الأمر باتباع الجنائز

- ‌باب الكفن في ثوبين وغسل الميت المحرم

- ‌باب إحداد المرأة

- ‌باب زيارة القبور

- ‌باب البكاء عن الميت وإظهار الحزن عليه

- ‌باب حمل الرجل الجنازة دون النساء

- ‌باب فضل اتباع الجنائز

- ‌باب الصلاة على الشهيد

- ‌باب موت الطفل من أبوين غير مسلمين

- ‌باب ثناء الناس على الميت

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب وجوب الزكاة

- ‌باب إثم مانع الزكاة

- ‌باب الصدقة من كسب طيب

- ‌باب أجر المرأة إذا تصدقت من بيت زوجها وكذلك الخادم

- ‌باب الاستعفاف عن المسألة

- ‌باب من تصدق في الشرك ثم أسلم

- ‌باب مثل المتصدق والبخيل

- ‌باب زكاة الإبل

- ‌باب لا يسألون الناس إلحافا

- ‌باب أخذ الصدقة عند صرام النخل والصدقة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌كتاب الحج

- ‌باب فضل الحج المبرور

- ‌باب التمتع والقران والإفراد

- ‌باب ما ذكر في الحجر الأسود

- ‌باب سقاية الحاج

- ‌كتاب العمرة وفضلها

- ‌باب جزاء الصيد

- ‌باب الحج عن الميت

- ‌فضائل المدينة

- ‌كتاب الصوم

- ‌باب فضل ليلة القدر

- ‌كتاب البيوع

- ‌كتاب الوكالة

- ‌باب ما جاء في الحرث والمزارعة

- ‌باب الشرب

- ‌باب إثم من منع ابن السبيل الماء

- ‌باب فضل سقي الماء

- ‌باب شرب الناس وسقي الدواب من الأنهار

- ‌كتاب الاستقراض والحجر والتفليس

- ‌كتاب الخصومات

- ‌كتاب اللقطة

- ‌كتاب المظالم

الفصل: ‌باب من تصدق في الشرك ثم أسلم

2 -

حض الغني على التصدق.

3 -

استدل به بعضهم على تفضيل الغني إذا قام بحقوقه، لأن العطاء يكون مع الغني، وفي المسألة خلاف طويل: الغني الشاكر؟ أم الفقير الصابر؟ ليس هذا محلها. والله أعلم.

4 -

حض الفقير على التعفف.

5 -

الحث على التوجه إلى الله بالطلب سواء بالغنى أم بالعفة.

6 -

أن من لجأ إلى الله وطلب منه استجاب، وصدق الله العظيم حيث يقول {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم).}

‌باب من تصدق في الشرك ثم أسلم

31 -

عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أرأيت أشياء كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة أو صلة رحم فهل لي فيها من أجر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أسلمت على ما سلف من خير".

ص: 150

-[المعنى العام]-

الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، ولقد كان كثير من العرب قبل الإسلام على صفات حميدة، يصلون الرحم، ويحملون الكل، ويكسبون المعدوم، ويقرون الضيف، ويعينون على نوائب الدهر، ويعتقون العبيد، ويفكون الأسير، ويوفون بالعهد، ويحفظون الأمانة.

من هؤلاء الأخيار حكيم بن حزام، أعتق في الجاهلية مائة رقبة، وحمل على مائة بعير للفقراء، وكان كثير الصدقة، عظيم الصلة لرحمه، فلما أسلم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أجر ما قدم من خير في الجاهلية. وكان من الطبيعي أن يسأل هذا السؤال، كما سأل غيره ممن أسلم عن شر آثامه وشروره التي ارتكبها في الجاهلية، فأجيبوا بأن الإسلام يهدم ما قبله، وأجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام بأنه لن يعدم خير ما قدم، فقد اكتسب به ثناء جميلا وذكرا حميدا، وأن خلال الخير تطبع صاحبها على الخير فتساعده على فعل الخير في إسلامه، والإسلام يضاعف حسنات البر، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف.

وأحس حكيم بأن ما قدم في الجاهلية كان نفعه دنيويا جميلا، وأحس حاجته إلى الثواب الأخروي بعد إسلامه، فقام يفعل في إسلامه من الخير مثل ما فعل في الجاهلية، فأعتق مائة رقبة وتبرع للمحتاجين بمائة بعير محملة بالطعام والثياب، وهكذا كان خيره في الجاهلية موصولا بخيره في الإسلام.

-[المباحث العربية]-

(عن حكيم بن حزام) صحابي جليل، من مناقبه أنه ولد في الكعبة، قال بعض العلماء: ولا يعرف أحد شاركه في هذا، عاش ستين سنة في الجاهلية أسلم عام الفتح، ومات بالمدينة سنة أربع وخمسين.

(أرأيت أشياء) أي أخبرني عن أشياء، والمراد منها أمور الخير والمعروف.

ص: 151

(كنت أتحنث بها) التحنث التعبد، كما فسره في الحديث بالتبرر، وهو فعل البر والطاعة، قال أهل اللغة: أصل التحنث أن يفعل فعلا يخرج به من الحنث وهو الإثم، وكذا تأثم وتحرج وتهجد أي فعل فعلا يخرج به من الإثم والحرج والهجود.

(في الجاهلية) أي قبل إسلامه، وليس المراد قبل ظهور الإسلام، فكأنه قال: في جاهليتي.

(أسلمت على ما سفل من خير) أي على ما قدمت من خير، وفي القاموس: الخير كل عمل صالح قدمته.

-[فقه الحديث]-

قضية الحديث: هل يثاب الكافر إذا أسلم وحسن إسلامه على ما فعله من خير في حال كفره؟ .

ذهب ابن بطال من المالكية وكثير من المحققين إلى أنه إذا أسلم الكافر وحسن إسلامه، ومات على الإسلام يثاب على ما فعله من الخير في حال كفره واستدلوا بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أسلم الكافر فحسن إسلامه كتب الله له كل حسنة زلفها، ومحا عنه كل سيئة زلفها، وكان عمله بعد -أي بعد إسلامه -الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله سبحانه وتعالى" ذكره الدارقطني، وثبت في بعض طرقه "أن الكافر إذا حسن إسلامه يكتب له في الإسلام كل حسنة عملها في الشرك" قال ابن بطال بعد ذكره الحديث: ولله تعالى أن يتفضل على عباده بما شاء، لا اعتراض لأحد عليه. أهـ.

وعلى هذا القول يكون المراد من "أسلمت على ما سلف من الخير" على ظاهره، أي أسلمت وقد ثبت لك أجر ما أسفلت من خير.

وقال بعض العلماء: إن الكافر إذا أسلم لا يثاب على ما فعل من خير في حال كفره، لأن الكافر لا يصح منه التقرب، لأن شرط المتقرب أن

ص: 152

يكون عارفا بالمتقرب إليه، وهو في حين فعله للخير لم يحصل له العلم بالله بعد، وحيث لا يصح منه التقرب فلا يثاب على ما فعل، ولهذا قال الفقهاء: لا يصح من الكافر عبادة، ولو أسلم لم يعتد بها، وعلى هذا القول يفسر قول الرسول صلى الله عليه وسلم "أسلمت على ما سلف من خير" على معنى اكتسبت طباعا جميلة، وأنت تنتفع بتلك الطباع في الإسلام، وتكون تلك العادة تمهيدا لك، ومعونة على فعل الخير، أو معناها اكتسبت بذلك ثناء جميلا فهو باق عليك في الإسلام ومعناها أنه ببركة ما سبق لك من خير هداك الله تعالى إلى الإسلام، وأن من ظهر منه خير في أول أمره فهو دليل على سعادة آخره وحسن عاقبته.

ونحن نرجح الرأي الأول ونعتمده، فإنه يشجع الإحسان والإصلاح للإنسانية في كافة مجتمعاتها، فالعمل الذي يساير مطلوب الإسلام -وإن اختل شرطه -لا يتساوى مع العمل الذي ينفر منه الإسلام ويحاربه، إذ لا يستوي الخبيث والطيب ثم من ذا الذي يمنع فضل الله وكرمه من أن يلحق من أسلم ورجع إليه وأناب؟ وإذا كنا نجيز أن يبدل الله سيئات التائب حسنات أفلا تجيز أن يكافئ على حسنات العاصي التي فعلها حال عصيانه؟ وهي ولا شك مكافأة دون مكافأة المطيع، ونجيز أن يتفضل الله على عبده ابتداء من غير عمل، كما يتفضل على العاجز بثواب ما كان يعمل وهو قادر، فإذا جاز أن يكتب له ثواب ما لم يعمل ألا يجوز أن يكتب له ثواب ما عمله غير مستوف للشروط؟

أما قول الفقهاء: لا تصح العبادة من الكافر، ولو أسلم لا يعتد بها فمرادهم أنه لا يعتد بها في أحكام الدنيا، وليس فيه تعرض لثواب الآخرة، بل إن بعض الفقهاء اعتدوا بعبادة الكافر في أحكام الدنيا، فقد قال بعض الشافعية، إذا أجنب واغتسل في حال كفره ثم أسلم لا يجب عليه إعادة الغسل، بل بالغ بعضهم وقال: يصح من كل كافر كل طهارة من غسل ووضوء، وإذا أسلم صلى بها. وفي الأم. وتصح نية التقرب من الكافر، وما عللوا به من الجهل بالمتقرب إليه إن عنوا به أنه يجهله مطلقا منع، لأنه

ص: 153