الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: فيما يستنجي [منه]
(1)
قوله: وما يوجب الغسل كالمني والحيض لا يمكن الاقتصار فيه على الأحجار انتهى.
استدرك عليه في "الروضة" فقال: صرح صاحب "الحاوى" وغيره بجواز الاستنجاء من دم الحيض، وفائدته فيمن انقطع حيضها فأرادت أن تتيمم لسفر أو مرض فإنها تستنجي به وتتيمم وتتخلى بلا إعادة. انتهى كلامه.
وهذا الذي استدركه ذكره أيضًا في "التحقيق" و"شرح المهذب" وليس على إطلاقه، فإن الشافعي قد نص عليه وجوزه للبكر دون الثيب كما نقله عنه الروياني وغيره.
قال ابن الرفعة بعد نقله أيضًا هذا النص: فأما جوازه للبكر فلما قلناه وأما منعه للثيب فلما ذكروه في استنجائها من أنها إذا بالت وتحققت وصول البول إلى مدخل الذكر تعين الماء؛ لأن الحجر لا يصل إليه وحينئذ فالحيض قد نجس مدخل الذكر، فإن كانت بكرًا لم يجب عليها إزالة ما وراء العذرة؛ لأنه في حكم الباطن، وأما الظاهر فيجب عليها إزالته وإزالته بالحجر ممكنة، وأما الثيب فيجب عليها إزالة النجاسة مما يبدو منها عند القعود وإزالته بالحجر لا تمكن وفي هذا التقرير كلام مهم ستعرفه في آخر الباب.
ولقائل أن يقول: سلمنا أن الثيب لا يمكنها إزالة جميع ما يجب عليها بالحجر لكن إزالة البعض به ممكنه فينبغي تخريجه على الخلاف فيما إذا قدر على إزالة بعض النجاسة، والأصح كما قاله في باب التيمم من "الروضة" و"التحقيق" و"شرح المهذب" وجوبه ولو قيل بصحته للبكر فاقدة للماء
(1) في ب: عنه.
وواجدة له لكان متجهًا، وتكون فائدته أنها لو نزلت في ماءٍ قليل أو حملها مصل لكانت كالمستجمر في جريان الخلاف.
قوله: وإن أوجب الطهارة الصغرى فإن لم يكن ملوثًا كدود وحصاة فقولان نص عليهما في "الجامع الكبير" وجعلهما الغزالي وغيره وجهين انتهى.
وما ذكره هنا من كون الخلاف قولين قد خالفه [في "المحرر" فجزم بأنه وجهان، والصواب هو المذكور هنا ولهذا خالفه](1) في "المنهاج" فإنه عبر بالأظهر وحكم البعرة الجافة كحكم الحصاة والدودة كذا نقله من زوائده عن "الشامل" وغيره.
قوله: وإذا كان ملوثًا فينظر إن كان نادرًا كالدم والقيح ففيه قولان أصحهما يجوز فيه الاقتصاد على الحجر وبه قطع بعضهم. انتهى ملخصًا.
تابعه أيضًا النووي على تصحيحه في "الروضة" و"شرح المهذب" وغيرهما وخالف في "شرح مسلم" فقال في باب المذي ما نصه: أصح القولين في مذهبنا أنه يتعين الماء. هذه عبارته.
وذكر النووي في "التحقيق" و"شرح المهذب" أن دم الاستحاضة [من النادر فإن فيه القولان والذي قاله مشكل فإن الاستحاضة](2) وإن كانت نادرة لكنها دائمة، والقاعدة أن النادر والدائم كالغالب، ولهذا أسقطوا القضاء عن المستحاضة وعللوه بذلك.
وإن انتشر الغائط أكثر من المعتاد بأن تعدى المخرج وما حواليه نظر إن لم يجاوز الأليتين فيجزئ الحجر في الأظهر، وقطع بعضهم به وبعضهم بأنه لا يجزئ انتهى.
(1) سقط من جـ.
(2)
سقط من جـ.
تابعه في "الروضة" على إطلاق المسألة قال في "الكفاية": ومحله فيما إذا كان المجاوز متصلًا فإن تقطع تعين الماء في المنقطع وإن كان في باطن الأليتين ونقله في "شرح المهذب" عن حكاية الإمام عن الصيدلاني وارتضاه.
قوله: وإن جاوزهما تعين الماء لأنه نادر بمرة وقيل: ما لم يجاوز على الخلاف. انتهى.
تابعه أيضًا في "الروضة" على إطلاق المسألة ومحلها إذا كان المجاوز متصلًا فإن تقطع أعطينا كل واحد حكمه قاله في "الكفاية" وفي "شرح المهذب" ونقله الروياني عن الأصحاب والقاضي الحسين في "شرح التلخيص" في الكلام على إزالة النجاسة عن النص، وحينئذ فيستنجي بالحجر فيما لم يجاوز بل مقتضى النص جواز الحجر مع الاتصال أيضًا وفي "الحاوي" وجه أنه يجب غسل الجميع.
واعلم أن التعبير بالأليتين غير مستقيم، بل الصواب التعبير: بالصفحتين لأن الأليتين هو ما ينطبق عند القيام ولهما ظاهر وهو ما يبدو عند القيام وباطن أي ينطبق وهو المسمى: بالصفحة.
والحكم دائر معها، ولهذا عبر بها في "المحرر" و"المنهاج".
وقول الرافعي بمرة الباء بمعنى في. أي: وقع في مرة واحدة هذا أصله، ثم توسعوا فأطلقوه على النادر جدًا سواء وقع مرةً واحدة أم أكثر، وهذا هو معنى قولهم أيضًا نادر في كرة.
قوله: والبول كالغائط والحشفة كالأليتين، وقال أبو إسحاق المروزي: إذا جاوز البول الثقب تعين [الماء](1) قطعًا انتهى.
والذي قاله الرافعي قد تبعه عليه في "الروضة" وهو غير مطرد، فإنه
(1) سقط من جـ.
إنما يأتي في الرجل السليم الذكر، فأما المرأة ومن قطع ذكره من أصله فلا ينطبق عليهما ما قاله ولم يتحريا في ضابط الانتشار المانع من الحجر فيهما، وأما مقطوع الحشفة فيتجه فيه الجزم، فإن مقدارها يقوم مقامها ولا يتخرج على الخلاف في أن الغسل والحر ونحوها هل تتعلق بمقدارها أم بمجموع ما بقى؟ .
قوله في "أصل الروضة": وحيث اقتصر على الحجر فشرطه ألا تنتقل النجاسة وألا يجف ما على المخرج. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أنه قد أهمل شرطًا ثالثًا وهو ألا يطرأ على المحل نجاسة أجنبية حتى لو عاد إليه من الأَرض رشاش نجس تعين الماء، وهذا الشرط ذكره الرافعي في كتبه كلها حتى في "المحرر" ولم يذكره النووي في الأصل بل ذكره من زياداته في آخر الباب وكأنه والله أعلم انتقل نظره حالة اختصار الرافعي من هذه الشرط إلى اشتراط عدم الجفاف فإن كلًا منهما في أوله ويشترط.
الأمر الثاني: أن ما ذكراه من اشتراط عدم النقل قيده في "النهاية" بتقييد لابد منه فقال: وسر هذا الفصل يتضح بأمر وهو أن المقتصر على الأحجار لو كلف ألا ينقل النجاسة في محاولة رفعها أصلًا لكان ذلك تكليف أمر يتعذر الوفاء به وذلك لا يليق بالفرائض التي لسبب مرخص، فكيف يليق بما مبناه على نهاية التخفيف، فالقدر الذي يعسر مع رعاية الاحتياط المصون منه في النقل يجب أن يعفي عنه وهو بمثابة إلقاء الجيرة [على محل الخلع فإنه لابد من أخذ أطراف من المواضع الصحيحة حتى تستمسك الجبيرة فإذًا ما ذكره](1) الأصحاب من النقل ومنعه عنوا به ما لا ضرورة إليه. وهذا الذي ذكرته لم أره منصوصًا عليه ولكن لابد منه، هذا لفظه.
(1) سقط من أ.
قوله: وأما قول الغزالي في "الوجيز": وقيل: المذي نادر فيقتضي إثبات خلاف، ولكلامه في "الوسيط" إشعار به أيضًا لكن الذي تشتمل عليه كتب الأصحاب قديمها وحديثها عدّه من النجاسات النادرة من غير تعرض للخلاف فيه. انتهى كلامه.
وما ذكره عجيب جدًا فقد جزم المحاملي في "المقنع" بأنه معتاد فقال في نواقض الوضوء ما نصه: سواء كان معتادًا كالبول والغائط والمذي والريح أو نادرًا كسلس البول هذه عبارته.
وذكر مثله في "المجموع" أيضًا في الباب المذكور وزاد أيضًا الودي.
وكذلك العمراني في "البيان" فقال: فأما المعتاد فهو كالغائط والبول والريح، والمصوب:[والمذي والودي هذه عبارته. وقد اغتر النووي بما قاله له الرافعي فجزم في "الروضة" وغيرها بكونه نادرًا](1) وجزم في "شرح المهذب" بأن الودي نادر على خلاف ما في "البيان" والذي أوقع الرافعي فيما تقدم هو العجلي شارح "الوجيز" فإنه قال: وقوله في "الوجيز": وقيل: المذي نادر، ليس هذا إشارة إلى وجهين بل المنقول في الكتب أنه نادر.
(1) سقط من أ.