المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني: في وقت المعذورين - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٢

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول: في المياه الطاهرة

- ‌الباب الثاني في المياه النجسة

- ‌الفصل الأول: في النجاسات

- ‌الفصل الثاني في الماء الراكد

- ‌الفصل الثالث في الماء الجاري

- ‌الفصل الرابع في إزالة النجاسة

- ‌الباب الثالث في الاجتهاد

- ‌الباب الرابع في الأواني

- ‌القسم الأول: المتخذ من الجلود

- ‌القسم الثانى: المتخذ من العظم

- ‌القسم الثالث: المتخذ من الذهب والفضة

- ‌الباب الخامس في صفة الوضوء

- ‌الفرض الأول: النية:

- ‌الفرض الثانى: غسل الوجه

- ‌الفرض الثالث: غسل اليدين

- ‌الفرض الرابع: مسح الرأس

- ‌الفرض الخامس: غسل الرجلين

- ‌الفرض السادس: الترتيب

- ‌الباب السادس في الاستنجاء

- ‌الفصل الأول: في آداب قضاء الحاجة

- ‌الفصل الثاني: فيما يستنجي [منه]

- ‌الفصل الثالث: فيما يستنجى به

- ‌الفصل الرابع: في كيفية الاستنجاء

- ‌الباب السابع: فى الأحداث

- ‌الفصل الأول: في أسبابها

- ‌الفصل الثاني: في حكم الحدث

- ‌الباب الثامن في الغسل

- ‌كتاب التيمم

- ‌الباب الأول: فيما يبيح التيمم

- ‌الباب الثاني: في كيفية التيمم

- ‌الباب الثالث: في أحكام التيمم

- ‌النظر الأول في شروطه وكيفيته وحكمه:

- ‌النظر الثاني في كيفية المسح

- ‌النظر الثالث في حكم المسح

- ‌كتاب الحيض

- ‌الباب الأول في حكم الحيض والاستحاضة

- ‌الباب الثاني في المستحاضات

- ‌الباب الثالث في المتحيرة

- ‌الباب الرابع في التلفيق

- ‌الباب الخامس في النفاس

- ‌كتاب الصلاة

- ‌ المواقيت

- ‌الفصل الأول: في وقت الرفاهية

- ‌الفصل الثاني: في وقت المعذورين

- ‌الفصل الثالث: في الأوقات المكروهة

- ‌ الأذان

- ‌الفصل الأول: في بيان الصلاة التي هي محل الأذان

- ‌الفصل الثاني: في صفة الأذان

- ‌الفصل الثالث: في صفة المؤذن

- ‌ استقبال القبلة

الفصل: ‌الفصل الثاني: في وقت المعذورين

‌الفصل الثاني: في وقت المعذورين

ونعني بالعذر ما يسقط القضاء كالجنون والصبي والحيض والكفر ولها ثلاثة أحوال.

الأول: أن تكون موجودة في أول الوقت ولكن -تزول في آخره فإذا زال ذلك وقد بقى من الوقت مقدار ركعة وكذا دونها على أصح القولين لزمه فرض الوقت ثم قال: والمعتبر في الركعة أخف ما يقدر عليه أحد وإنما يلزم فرض بإدراك قدر الركعة بشرط وهو أن تمتد السلامة عن الموانع قدر إمكان فعل الطهارة وتلك الصلاة، أما لو عاد مانع قبل ذلك فلا.

مثال: إذا بلغ الصبي في آخر وقت العصر ثم جن أو أفاق المجنون ثم عاد جنونه، فإن مضى في حال السلامة قدر ما يسع أربع ركعات بعد الطهارة لزمته العصر وإلا فلا. انتهى.

تابعه عليه في "الروضة" وفيه أمور:

أحدها: أن ما ذكره من الرجوع في هذه الركعة إلى أخف ما يقدر عليه [أحد مشكل خارج عن القواعد بل القواعد تقتضي الرجوع إلى أخف ما يقدر عليه](1) الغالب أو صاحب الواقعة أو إلى الوسط بين ذلك كما سبق في المغرب.

الثاني: أنه ساكت عن السترة، والقياس اعتبارها أيضًا بل لو قيل باعتبار من الاجتهاد في القبلة لكان متجها لأنها أيضًا من جمله شروط الصلاة وإلا فما الفرق؟

الأمر الثالث: أن التعبير بالطهارة يدخل فيه طهارة الخبث والحدث

(1) سقط من جـ.

ص: 428

أصغر كان أو أكبر وهو متجه أيضًا، وقد تقدم في الكلام على وقت المغرب نحوه.

الرابع: أن الحكم الذي ذكره في المثال المذكور وهو لزوم العصر بخلو المانع عن مقدار ما يسعها هي والطهارة خاصة عجيب، فإن المغرب لا سبيل إلى عدم إيجابها مع كونه قد أدرك من وقتها ما يسعها، وإذا أوجبنا تعين أى يصرف إليها من الوقت الخالي عن الموانع ما يكفيها لأنها صاحبة الوقت، وما فضل يجعل للعصر ويلزم من ذلك حينئذ عدم وجوبها في مثالنا، لأن الفاضل لا يكفيها؛ فاعلم ذلك فإنه منهم مطرد في سائر الصلوات ولهذا صرح الرافعي في آخر الحال فيما إذا زال العذر في أثناء وقت الثانية وعاد بأنه لابد في وجوب [الصلاتين](1) من زوال المانع مدة تسعهما،

ومسألتنا أولى وقد صرح بها البغوي في "التهذيب" يدل عليه أن المريض إذا مات بعد التمكن من صوم البعض لا يلزمه الفدية عن الباقي؛ لأن الأمر بالقضاء شرطه التمكن من القضاء.

قوله: في المسألة فإن كانت الصلاة مما تجمع مع قبلها كالعصر والعشاء لزم أيضًا الظهر والمغرب؛ لأن وقت العصر وقت الظهر في حالة العذر ففي حالة الضرورة وهي فوق العذر أولى. انتهى.

تابعه عليه في "الروضة" أيضًا وفيه أمران:

أحدهما: أنه لابد من زوال المانع في زمن يسع الصلاتين لأجل ما تقدم نقله قريبًا عن الرافعي، بل مسألتنا هذه أولى من تلك بالاشتراط؛ لأن الإدراك في الوقت أقوى منه خارج الوقت.

الأمر الثاني: أن هذا التعليل يقتضي أن الظهر إذا أدركها في وقت الثانية

(1) سقط من جـ.

ص: 429

تكون أداء لا قضاء كما قالوا به في المسافر وهو محتمل والمتجه خلافه.

قوله: وهل تعتبر مع الركعة أو دونها أن يدرك من الوقت ما يسع الطهارة؟ فيه قولان:

أحدهما: نعم لأن الصلاة إنما تمكن بعد تقديم الطهارة.

وأصحهما: لا؛ لأن الطهارة لا تختص بالوقت ولا تشترط في الإلزام، وإنما تشترط في الصحة، ألا ترى أن الصلاة تجب على المحدث ويعاقب على تركها. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن هذا الخلاف قد حكاه الرافعي في الشرح الصغير وجهين على خلاف ما حكاه ههنا وكلاهما صحيح؛ لأن الإمام في النهاية حكاهما قولين ثم قال: وأرى أنهما مخرجان وإذا كانا مخرجين صح التعبير بالوجهن أيضًا؛ لأن القول المخرج في الحقيقة وجه وكذلك صححوا أنه لا ينسب إلى الشافعي.

الأمر الثاني: أن هذا التعليل الذي علل به عدم اشتراط إدراك ما يسع الطهارة في الوقت يقتضي أيضًا عدم اشتراطه خارجه وقد تقدم تصحيح خلافه.

قوله: الحالة الثانية أن يخلو أول الوقت عن العذر ويوجد في أثنائه كما لو طرأ الحيض أو النفاس أو الجنون أو الإغماء فينظر إن كان الوقت الماضي قدر ما يسع الصلاة استقرت الصلاة وجب القضاء وإلا فلا، والمعتبر أخف ما يمكن الركعتين في ظهر المسافر ثم قال: ولا يعتبر مع إمكان فعل الصلاة زمان إمكان الطهارة من الوقت؛ لأن الطهارة يمكن تقديمها على الوقت، فإن

ص: 430

لم يجز تقديمها كالتيمم وطهارة المستحاضة فلابد من زمن لها أيضًا ولإخلاء وسط الوقت عن العذر ثم عاد كان كأوله. انتهى كلامه.

والتمثيل في آخر كلامه بالتيمم وطهارة المستحاضة قد يوهم اختصاص ذلك بمن فيه مانع من رفع الحدث، ولا شك أن الحيض والنفاس والإغماء ونحوهما لا يمكن معها فعل الطهارة، وحينئذ فإذا طهرت الحائض مثلًا في أخر الوقت ثم جنب بعد إدراك [فعل](1) الصلاة خاصة فينبغي عدم الوجوب؛ لأن الزمن المتقدم على المقدار الذي أدركته وهو زمن الحيض لا يمكن فيه فعل الطهارة.

قوله: وقال البلخي: حكم أول الوقت حكم آخره فيجب القضاء بإدراك ركعة أو تكبيره، ثم قال بعد ذلك بقليل: والعصر لا يلزم بإدراك وقت الظهر ولا العشاء بإدراك وقت المغرب خلافا للبلخي حيث قال: إذا أدرك من وقت الظهر ثماني ركعات ثم طرأ العذر لزمه الظهر والعصر جميعًا كما تلزمه الأولى بإدراك الثانية. انتهي.

تابعه في "الروضة" على هذا النقل عن البلخي مع أن اشتراط الثمانية في إيجاب الصلاتين لا يستقيم مع ما تقدم عنه من إيجاب الصلاة بإدراك بعضها لأنه إذا اكتفي بالبعض فلا يشترط أربع في مقابلة الظهر، وقد ذكره على الصواب جماعة منهم الماوردي فقال ما حاصله: إن البلخي يجعل إدراك الركعة في أول وقت الظهر كإدراكها في آخر وقت العصر حتى يجب عليه بسببها الظهر وفي العصر القولان، وذكر الإمام نحوه أيضًا فقال قبيل باب صفة الأذان: وذهب أبو يحيى البلخي من أئمتنا إلى أن القول في إدراك أول الوقت في رعاية التكبير على قول الركعة على آخر، والنظر في

(1) سقط من جـ.

ص: 431

إدراك صلاة العصر بإدراك وقت الظهر كالقول في إدراك الظهر في آخر العصر هذا كلام الإمام على أن جماعة قد ذكروا ما ذكروا الرافعي ثانيًا تجمع الرافعي بين المقالتين وهو لا فوقع فيما وقع.

قوله: ويؤمر الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ويضرب على تركها إذا بلغ عشرًا لقوله صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع"(1)، قال الأئمة: فيجب على الأباء والأمهات تعليم الأولاد الطهارة والصلاة والشرائع بعد السبع والضرب على تركها بعد العشر، وذكروا في اختصاص الضرب العشر معنيين:

أحدهما: أنه زمان احتمال البلوغ بالإحتلام فربما بلغ.

والثاني: أنه حينئذ يقوى ويحتمل الضرب.

وأجره تعليم الفرائض في مال الطفل، فإن لم يكن له مال فعلى الأب فإن لم يكن فعلى الأم، وهل يجوز أن يعطي الأجرة من مال الطفل على تعليم سورة الفاتحة والفرائض من القرآن والأدب؟ فيه وجهان. انتهى كلامه.

فيه أمور:

أحدها: أنه ليس في كلامه بيان لمن يتعاطى ذلك فنبينه إن شاء الله تعالى فنقول: إن لم يحتج ذلك إلى بذل مال فالمتجه وجوبه على من هو في حضانته إن كان الولد أنثى، فإن كان ذكرًا والأب موجود فيجب

(1) أخرجه أبو داود (495)، وأحمد (6689) و (6756)، والحاكم (708) والدارقطني (1/ 230) وابن أبي شيبة (1/ 304)، والبيهقي في "الشعب"(8650) وفي "الكبرى"(3050)، وأبو نعيم في "الحلية"(10/ 26)، وابن أبي الدنيا في "العيال"(297) والخطيب في "التاريخ"(2/ 278)، وابن عدي في "الكامل" (3/ 60) والعقيلي في "الضعفاء" (2/ 167) من طرق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وقال الألباني: حسن صحيح.

ص: 432

عليه؛ لأن الولد يقيم عنده نهارًا بخلاف البنت وإن احتاج إلى بذل مال فالولي يتعاطاه مطلقًا إن وجب في مال الولد، فإن وجب في مال الأب ولم يكن وليًا فالمتجه عدم صحة الاستئجار منه، وإن وجب في مال الأم ولم تكن وصية فالمتجه صحة الاستئجار منها. وفي وجوبه نظر. ويحتمل أن يقال: إن كان الأب موجودًا بصفة الولاية لمحهو الذي يتعاطاه.

الأمر الثاني: أن الوجوب ليس قاصرًا على الآباء والأمهات، بل يجب كما قاله في "شرح المهذب" على الولي سواء كان أبًا أو جدًا أو وصيًا أو قيمًا من جهة الحاكم.

قلت: والملتقط ومالك الرقيق في معنى الأب وكذلك المودع والمستعير ونحوهما فيما يظهر. قال الطبري في شرح التنبيه: ولا يقتصر في الأمر على مجرد صيغته، بل لابد معه من التهديد.

الأمر الثالث: المراد بالشرائع ما كان في معنى الطهارة والصلاة وذلك كالصوم ونحوه؛ لأنه المضروب على تركه.

الأمر الرابع: أن تعبيره ظاهر في اشتراط كمال السبع والعشر، وقد صرح به الشيخ نصر في المقصود وصرح به غيره أيضًا ولكن قياس المعنى الأول من معنى الضرب أن يكون دائرًا مع إمكان البلوغ، وقد صرح به الماوردي، وحينئذ فيضرب باستكمال تسع إذا قلنا أن إمكان البلوغ يدخل به، وهو الصحيح فتفطن لذلك واعلمه.

ولهذا قال الطبري في "شرح التنبيه": هل يعتبر في أمره وضربه استكمال السابعة والعاشرة؟ فيه وجهان.

ص: 433

ففي "شرح الكفاية" للصيمري أنه لو ضربه قبل العشر المرة المرتين ليعتاد كان أحوط.

الأمر الخامس: لا شك أن التمييز لابد منه فى الأمر والضرب، وتركه الرافعي لوضوحه لكن مقتضى عبارته أن السبع لابد منها وإن وجد التمييز قبلها، وقد صرح في "شرح المهذب" بما يدل عليه، وادعى في الكفاية أنه المشهور، وحكى معه وجهًا أنه يكفي التمييز وحده كما في المختصر الأبوين وبه جزم في "الإقليد".

الأمر السادس: أن الشافعي رحمه الله قد نص في المختصر على أن التعليم والضرب عليه يشرعان بمجرد التمييز كما هو المعهود والآن من المعلمين للأطفال فقال: وعلى الأباء والأمهات أن يؤدبوا أولادهم ويعلموهم الطهارة والصلاة ويضربوهم على ذلك إذا عقلوا هذه عبارته فاعلم ذلك.

وحينئذ فيكون الضمير في قول الرافعي والضرب على تركها يعود إلى الشرائع خاصة، وهو ظاهر عند التأمل.

الأمر السابع: اختلف عبارات الأصحاب في ضبط التمييز وأحسن ما قيل فيه أن يصير الطفل بحيث يأكل وحده ويشرب وحده ويستنجي وحده، وروى أبو داود أنه عليه الصلاة والسلام سئل متى يؤمر الصبي بالصلاة فقال: إذا عرف يمينه من شماله (1) ثم قال: إنه عن رجل غير معين عن

(1) أخرجه أبو داود (497)، والطبراني في "الأوسط"(3019) و"الصغير"(274) وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2565)، وابن حبان في "المجروحين"(3/ 89) من حديث معاذ بن عبد الله بن حبيب عن أبيه.

قال الشيخ الألباني: ضعيف.

ص: 434

رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الأمر الثامن: أن عبارة الرافعي تقتضي أنه لا فرق في أمر الصبي بالصلاة بين أن يكون أداء أو قضاء، وهو كذلك صرح به الشيخ عز الدين في باب اللعان من "مختصر النهاية" قال: إلا أنه إذا بلغ لم يؤمر بها.

التاسع: أن الأصح من الوجهين في إعطاء الأجرة على ما زاد على الفرائض هو الجواز كذا صححه النووي في التحقيق "وشرح المهذب" و"زيادات الروضة".

العاشر: الحديث المذكور رواه بهذا اللفظ أبو داود بإسناد حسن، وروى نحوه الترمذي وقال: إنه حسن صحيح، وصححه أيضًا ابن خزيمة وكذا الحاكم والبيهقي وقالا: إنه على شرط مسلم.

قوله: فرعان:

أحدهما: لو ارتد ثم جن قضى أيام الجنون وما قبلها إذا أفاق وأسلم تغليظًا على المرتد ولو سكر ثم جن قضى بعد الإفاقة صلوات المدة التى ينتهي إليها السكر لا محالة، وهل يقضي صلوات أيام الجنون؟ فيه وجهان: أحدهما: نعم؛ لأن السكران يغلظ عليه أمر الصلاة كما يغلظ على المرتد وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب أنه لا يقضي صلوات أيام الجنون، والفرق أن من جن في ردته في جنونه حكمًا، ومن جن في سكره ليس بسكران في دوام جنونه قطعًا. انتهى كلامه.

وقد استفدنا مما قاله في السكران أنه لا خلاف في وجوب قضاء مدة السكر المقارنة للجنون وغيرها وأن الخلاف في مدة الجنون التي لم تقارن السكر، واستفدنا من كلامه أيضًا أن الوجوب على المرتد المجنون أولى من السكران المجنون وهو أصح.

ص: 435

وحينئذ فيلزم من دعواه عدم الخلاف في مدة الجنون المقارنة للسكر عدم الخلاف ليس كذلك، بل اختلف الأصحاب في زمن الردة المقارنة للجنون هل يجب قضاء ما فات فيها أم لا؟ على وجهين: وحينئذ فليزم جريان عدم الوجوب مدة السكر المقارنة للجنون بطريق الأولى.

وهذا الخلاف قد صرح به الإمام في آخر سجود السهو، وذكره الرافعي في نظير المسألة من الصوم وهو ما إذا ارتدت ثم حاضت.

الأمر الثاني: أن النووي في "الروضة" و"التحقيق" وغيرهما قد وافق الرافعي على وجوب قضاء زمن الجنون المقارن للسكر، وصرح في "شرح المهذب" بما يخالفه فقال: فرع: لو سكر ثم جن ثم أفاق وجب قضاء المدة التي قبل الجنون، وفي مدة الجنون وجهان مشهوران الأصح لا يجب؛ لأنه ليس بسكران في مدة الجنون بخلاف الردة هذه عبارته، وهي تدل على ما قلناه، وإن كان التعليل قاصرًا موهمًا لخلافه والمذكور في "الكفاية" كما في الرافعي، وهو الصواب المعروف، ولا يلتفت لما وقع في "شرح المهذب" فإنه سهو أو تحريف في التعبير أو مؤول ويدل عليه التعليل وقد صرح أيضًا في الشرح المذكور بالاتفاق على أن الفائت في زمن جنون المرتد يجب قضاؤه، وكلاهما مردود أما الأول قلما عرفت، وأما الثاني ففيه وجهان أيضًا رأيتهما في كتاب "الاستذكار" للدارمى، فقال: وإن حاضت في ردتها فوجهان، هذه عبارته.

ص: 436