الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: في حكم الحدث
قوله في أصل "الروضة": ويحرم على المحدث مس حاشية المصحف وما بين سطوره وحمله بالعلاقة قطعًا. انتهى.
وهذه المسائل الثلاث التي ادعى فيها عدم الخلاف فيها وجه حكاه صاحب "التتمة" وحكاه القاضي الحسين في المسألة الثالثة بل حكى ابن الصلاح فيما جمعه من الفوائد في رحلته إلى بلاد الشرق أن صاحب التقريب حكى وجهًا أن المحدث يجوز له مس المصحف [ولم يتعرض الرافعي لدعوى عدم الخلاف.
قوله: وهل يحرم مس الجلد] (1) والخريطة والصندوق والعلاقة وجهان ثم قال: [ومنهم من جزم بالجواز في غير الجلد وخصص الخلاف بالجلد](2) ومنهم من جزم بالمنع في الجلد وخصص الخلاف بما سواه. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن هاتين الطريقتين قد أسقطهما النووي من "الروضة" فاعلمه. وتعبيره في الجلد بالصحيح وفيما عداه بالأصح يقتضي التفاوت بالضعف والقوة لا بالكثرة والقلة.
الأمر الثاني: أن الرافعي قد ذكر تعليلًا حاصله أن التحريم في ظرف المصحف شرطه أن يكون معدًا له حتى لو كان في جراب مثلًا فإنه لا يجرم وهل الورق الأبيض في أول المصحف كالحاشية أو الجلد؟ فيه نظر.
قوله في أصل "الروضة": ولا يحرم حمل المصحف في جملة متاع على
(1) سقط من ب.
(2)
سقط من جـ.
الأصح، انتهى.
هذه المسألة شرطها ألا يكون المصحف هو المقصود بالحمل كذا صرح به الأصحاب، ومنهم الرافعي ولكن حذفه النووي من "الروضة"، وقال سليم الرازي في "المجرد": وشرطه أن يقصد نقل المتاع لا غير وهذه العبارة أبلغ من عبارة الرافعي.
قوله: وأما ما أثبت فيه شئ من القرآن لا للدراسة كالدراهم الأحدية والحيطان المنقوشة وكتب الفقه والأصول والتفسير فوجهان، أصحهما: أنه لا منع.
ثم قال: وفصل بعضهم في التفسير فقال: إن كان القرآن أكثر حرم وإلا فوجهان. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن النووي قد اعترض عليه في "الروضة" فقال: مقتضى هذا الكلام أن الأصح أنه لا يحرم إذا كان القرآن أكثر وهذا منكر بل الصواب المقطع بالتحريم؛ لأنه وإن لم يسم مصحفًا ففي معناه قال: وقد صرح بهذا صاحب "الحاوى" وآخرون ونقله صاحب البحر عن الأصحاب انتهى.
ولأجل ذلك جزم أيضًا بالتحريم فيما إذا كان القرآن أكثر في "التحقيق""وشرح المهذب" والتبيان وغيرها وقال: إنه لا خلاف فيه وهذا الذي اقتضى كلام النووي أن أحدًا لم يقل به حيث عبر بقوله منكرًا إلى آخره عجيب ففي "الحلية" للشاشي التصريح باختيار ما قاله الرافعي فإنه قال ما نصه، وقيل في تفسير القرآن: أنه إن كان القرآن أكثر حرم حمله، وإن كان التفسير أكثر فعلى الوجهين، ولا اعتبار بالكثرة عندى في ذلك، وإنما الاعتبار بالمقصود هذه عبارته، ومنها أخذ الرافعي ما ذكره.
الأمر الثاني: أن مقتضى كلام النووي تسليم الجواز عند التساوى وهو قياس المذكور في الحرير ونحوه.
والدراهم الأحدية هي التي كتب عليها قل هو الله أحد.
قوله: أما الصبي المميز فهل يجب على الولي والمعلم منعه من مس المصحف والألواح وحملهما؟ فيه وجهان: أصحهما: لا. لأن تكليفهم استصحاب الطهارة مما تعظم فيه المشقة. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن محل الخلاف كما أفهمه التعليل المذكور وكلام الأصحاب إنما هو في الحمل المتعلق بالدراسة، فإن لم يكن لغرض ألبتة أو كان لغرض آخر منعوا منه جزمًا وهو ظاهر.
الأمر الثاني: أن تقييده بالمميز للاحتزار عن غيره فإنه لا يجب منعه كذا رأيته في آخر باب الوضوء من تعليق القاضي الحسين فاعلمه.
وذكر في "شرح المهذب" عقب كلام نقله عن القاضي المذكور ما يوهم الوجوب فقال: ولا يمكن المجنون والصبي الذي لا يميز من حمل المصحف لئلا ينتهكه، ثم ذكر في التحقيق ما هو أظهر منه فقال: وعلى الولى منعه ولا أصل لما ذكره ولم أجد تصريحًا بتمكين المميز في حال الجنابة، والقياس المنع؛ لأنها نادرة وحكمها أغلظ.
قوله من "زياداته": ويكره إحراق الحاشية المنقوشة بالقرآن انتهى.
وما ذكره هنا من الكراهة قد جزم به أيضًا في "شرح المهذب" و"التحقيق" وغيرهما، وجزم به أيضًا في "التبيان في آداب حمله القرآن" في آخر الباب السابع منه فقال: ولو كتب القرآن على الحلوى وغيرها من الأطعمة فلا بأس بأكلها، قال القاضي ولو كان على خشبة كره إحراقها. هذا كلامه، ثم
ذكر بعده في الباب التاسع في أثناء فصل ما يخالفه فقال: وقد قدمنا أنه إذا كتب على الأطعمة فلا بأس بأكلها وأنه إذا كتب على خشبة لم يجز إحراقها، والصواب ما ذكره آخرًا وهو الحرمة لا الكراهة فإنه نقله أولًا عن القاضي، والذي ذكره القاضي -أعني الحسين- في تعليقه إنما هو الحرمة كذا نقله عنه ابن الرفعة في "الكفاية" واقتصر عليه.
قوله من "زوائده": ومن لم يجد ماءً ولا ترابًا يصلي لحرمة الوقت ويحرم عليه مس المصحف وحمله. انتهى.
وما ذكره هنا في الصلاة والمصحف قد ذكره الرافعي في آخر التيمم.
قوله أيضًا من "زياداته": ولو خاف علي المصحف من غرق أو حرق أو نجاسة أو كافر ولم يتمكن من الطهارة أخذه مع الحدث للضرورة. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: لم يبين هل الأخذ والحالة هذه واجب أو مستحب أو مباح وقد نبه عليه في "التحقيق" و"شرح المهذب" فقال إنه واجب.
الأمر الثاني: إذا عجز عن الوضوء ولكن قدر على التيمم، فقال القاضي أبو الطيب في تعليقه: لا يجب عليه أن يتيمم؛ لأنه لا يرفع الحدث، قال في "شرح المهذب" وفيما قاله نظر وينبغي أن يجب عليه ذلك؛ لأنه وإن لم يرفع الحدث فإنه كالوضوء في استباحة الصلاة وغيرها.
قلت: وعجب منه في هذا الكلام الدال على عدم وقوفه على نقل مخالف لما قاله القاضي يستند إليه في الرد عليه، وقد صرح الأصحاب في باب التيمم في الكلام على النية بالمسألة وجزموا بوجوبه وجعلوا نية التيمم
له كنية سجدة التلاوة ونحوها مما لا يباح إلا بالطهارة ولكنهم ألحقوها بالتيمم للنافلة؛ لأن الشارع لم يوجبه وقد ذكره هو والرافعي في كتبهما كذلك، وتعبيره في الروضة بقوله: ولم يتمكن من الطهارة فيه إشعار به.