الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس في النفاس
قوله: وأكثر النفاس ستون. انتهى.
والمعنى فيه كما نقله ابن الصلاح في فوائد رحلته إلى بلاد الشرق عن الإمام سهل الصعلوكى أن المنى يمكث في الرحم أربعين على حاله منيًا ثم يمكث مثلها علقة ثم مثلها مضغة، وبعد هذه المدة لا يجتمع الحيض في الرحم، لأن الدم غذاء للطفل بل إنما يجتمع في المدة التى قلناها ومجموعها أربعة أشهر، وأكثر الحيض خمس عشر يومًا فيكون أكثر النفاس ستين، قال: وهذا معنى لطيف حسن.
قوله في "الروضة": وما تراه الحامل من الدم على ترتيب أدوارها فيه قولان: القديم: أنه دم فساد، والجديد أنه حيض إلا إنه لم تنقضى به العدة. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن تقييده هذه المسألة بكونه على ترتيب أدوارها يوهم إيهامًا ظاهرًا لأنه لابد منه حتى لو اجتمع مع الحمل مخالفة العادة لا يكون ما رأته من الدم حيضًا قطعًا وهو وجه حكاه في "شرح المهذب" عن الدارمي.
والصحيح المشهور أنه لا فرق، وقد جزم به الرافعى بعد هذا بنحو ورقة في الكلام على ألفاظ "الوجيز".
الثاني: أن ما أطلقه الرافعي هنا من كون العدة لا تنقضي بهذا الدم محله إذا كان عليها عدة واحدة لصاحب الحمل، فإن كانت عليها عدة أخرى لغيره فتنقضي بهذا الدم على الصحيح كما هو مذكور في بابه، وذلك
فيما إذا طلقها وهي حامل ثم وطئها آخر في العدة لشبهة فرأت الدم في مدة الحمل وكذلك أيضًا لو كان بالعكس.
قوله: والدم الخارج قبل الطلق ليس بنفاس بلا خلاف؛ لأن النفاس لا يسبق الولادة. انتهى كلامه.
وما ادعاه من عدم الخلاف قد تابعه عليه في الروضة وليس كذلك ففيه وجه: أنه يكون نفاسًا إذا اتصل بدم النفاس حكاه الماوردي في الحاوي قوله: في أصل الروضة: فحصل من الخلاف المذكور في هذه المسائل أن في ابتداء مدة النفاس أوجهًا.
أحدها: من وقت الدم البادئ عند الطلق.
والثاني: من الخارج مع ظهور الولد.
والثالث: وهو الأصح من انفصال الولد.
وحكى إمام الحرمين وجهًا: أنها لو ولدت ولم تر الدم أيامًا ثم ظهر الدم فابتدأ مدة النفاس يحسب من وقت خروج لا من وقت الولادة فهذا وجه رابع وموضعه إذا كانت الأيام المتخللة دون أقل الطهر انتهى كلامه.
وهذه المسألة قد اختلف فيها كلامه في "شرح المهذب" فصحح في أوائل الكلام على النفاس ما صححه في "الروضة" ثم إنه بعد ذلك بأوراق قبيل قوله فرع، قال المحاملي وغيره: صحح الوجه الرابع المنسوب إلى حكاية الإمام، فقال: أما إذا ولدت ولم تر دمًا أصلًا ثم رأته قبل خمسة عشر يومًا من الولادة فهل يكون ابتداء النفاس من رؤية الدم أم من وقت الولاده؟ فيه وجهان حكاهما إمام الحرمين:
أصحهما: من رؤية الدم -وقد سبق بيان هذا في أول فصل النفاس،
هذا لفظه.
مع أن الذي سبق إنما هو العكس، وصحح مثله في "التحقيق" أيضًا في أثناء فرع أوله تقطع دمها فقال ما نصه: ولو ولدت ولم تر دمًا. ثم رأته قبل خمسة عشر فابتداء النفاس من الدم ويقال: من الولادة هذ لفظه ولم يصرح بالمسألة في الكتاب المذكور في غير هذا الموضع، وما وقع فيه غريب جدًا فإنه عبر عما صححه في "الروضة" بقوله: ويقال: واصطلاحه فيه أن هذه اللفظة للوجه الواهي وأن مقابلة هو الصواب.
قوله: والدم الخارج بين اليومين ليس بنفاس على الأصح عند العراقيين، فإن قلنا: إنه نفاس واحد أم نفاسان؟ فيه وجهان أظهرهما: نفاسان واختلفوا في موضع هذين الوجهين، فقال الصيدلاني: موضعها ما إذا كانت المدة المتخللة بين الدمين دون الستين فإن بلغت ستين فهو نفاس آخر لا محالة، وعن الشيخ أبي محمد: إنه لا فرق. انتهى ملخصًا.
ولم يرجح الرافعي في "الشرح الصغير" أيضًا شيئًا من الوجهين الأخيرين والمعروف ما قاله الصيدلاني وقد صرح به في النهاية إلا أن الرافعي لم يحكه على وجهه فقال: قال الصيدلاني: اتفق أئمتنا على أنه نفاس آخر هذا كلامه، وقد نقله عنه هكذا النووي وصححه في كتبه.
قوله في "الروضة": الحال الثاني أن تجاوز ستين فإن بلغ زمن النقاء في الستين أقل الطهر ثم جاوز فالعائد حيض قطعًا. . . . إلى آخره.
ليس كما قال من دعوى القطع فقد حكى صاحب البحر في هذه المسألة طريقين إحداهما: هذه، والثانية: أن فيها وجهين:
أحدهما: أنه حيض: والثاني: نفاس.