الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النظر الثاني في كيفية المسح
قوله: لا كلام في أن ما يحاذي غير الأسفل والعقبين محل للمسح. انتهى.
ويستثني مما قاله خرق الخف، فإن حكمه حكم الأسفل كما جزم به النووي في "المنهاج" ونقله في "الروضة" و"شرح المهذب" عن "التهذيب" وأثره.
قوله: في "الروضة" إلا أسفل الرجل [فإنه لا](1) يجوز الاقتصار عليه في الأظهر وقيل: يجوز قطعًا، وقيل: لا يجوز قطعًا. انتهى.
وما صححه في طريقة القولين تبعًا للرافعي قد خالفه في "شرح المهذب" فقال: المذهب وهو الصواب المعتمد نقلًا ودليلًا وعليه جمهور الأصحاب القطع بعدم الإجزاء.
قوله: وأما الأكمل فهو أن يمسح أعلى الخف وأسفله فقد رواه هكذا المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم والأولى أن يضع كفه اليسرى تحت العقب واليمنى على ظهر الأصابع، ويُمر اليسرى إلى أطراف الأصابع من أسفل واليمنى [على](2) الساق وروى هذه الكيفية عن ابن عمر. انتهى.
وهذه الكيفية قد أسقطها النووي من "الروضة" مع اتفاق الأصحاب على استحبابها كما قاله في "شرح المهذب" حتى إن صاحب التنبيه قد صرح باستحبابها فيه، وأما حديث المغيرة فرواه أبو داود والترمذي وغيرهما لكنه ضعيف ضعفه البخاري وغيره وكذلك الشافعي واعتمد على أثر ورد عن عمر قاله في "شرح المهذب".
قوله: وقال الغزالي في "الوجيز" الأكمل أن يمسح أعلاه وأسفله إلا أن
(1) فى أ، ب: فلا.
(2)
فى أ، ب: إلى.
يكون على أسفله نجاسة، وهذا استثناء لم يذكره في "الوسيط" ولا تعرض له الأكثرون وفيه إشعار بالعفو عما على أسفله فأما عدم المسح فلا شك فيه؛ لأن المسح يزيد فيها وأما العفو ففيه كلام يأتي في الصلاة. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن كلامه [مشعر](1) بانفراد الغزالي بهذا الاستثناء مع أن القاضي الحسين قد صرح به في تعليقه حكمًا وتعليلًا، وزاد عن هذه المسألة في هذا التعليل فقال: لأنه ينجس يده ويزيد في النجاسة.
الأمر الثاني: أن النووي في "الروضة" قد عبر عن هذه المسألة بقوله: ولو كان عند المسح على أسفل خفه نجاسة لم يجز المسح عليه أى على الأسفل.
وحاصل هذه العبارة أنها مسألة أخرى مستقلة، وحكمها أيضًا ممنوع، فإن المسح على الأسفل المذكور، إن كان بدون الأعلى فلا يصح طاهرًا كان أو نجسًا، وإن كان معه صح ونستفيد به مس المصحف ونحوه وكذلك الصلاة ونحوها إذا أزال النجاسة.
قوله: وهل يستحب مسح العقب؟ فيه قولان، وقيل وجهان: أصحهما: نعم، ومنهم من قطع بالاستحباب ونفي الخلاف. انتهى.
تابعه في "الروضة" على تصحيح طريقة القولين فقال: ويستحب مسح العقب على الأظهر وقيل: الأصح، وقيل قطعًا ثم عكس ذلك في "شرح المهذب" فقال مشيرًا إلى طريقة القطع ما نصه: وهذه الطريقة هي المذهب وجزم بها كثيرون وذكر مثله في "شرح التنبيه" المسمى بالتنقيح [بالتحفة فقال: ومنهم من قطع باستحبابه وهو الأصح وكذلك في شرح الوسيط المسمى بالتنقيح](2) فقال: أصحهما القطع باستحبابه وهو نص الشافعي في معظم كتبه، والثانية: على قولين. هذا كلامه ولم
(1) فى جـ: يشعر.
(2)
سقط من أ، ب.
يذكر المسألة في "المنهاج" وذكرها في "التحقيق" ولم يبين الأصح منهما بل قال: المذهب استحباب مسحه.
قوله: لكن استيعاب الكل ليس بسبب مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على خفيه خطوطًا، وحكى عن تعليق القاضي حسين أنه يستحب الاستيعاب كما في مسح الرأس. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما صححه من عدم الاستحباب صححه أيضًا النووي في "الروضة"، وجزم به في "التحقيق" و"المنهاج" وخالف ذلك في "شرح المهذب" فإنه نقل عن الإمام والغزالي عدم الاستحباب ثم قال: وأطلق جمهور الأصحاب استحباب استيعاب الخف بالمسح. هذا لفظه.
الثاني: أن الذي حكاه الرافعي عن "التعليق" صحيح فإنه مذكور فيها كذلك، ومذكور أيضًا في "الإبانة" للفوراني و"التتمة" للمتولي وغيرها لكنهم فسروا الاستيعاب بالكيفية المستحبة في المسح وهي أن تضع اليسرى تحت العقب واليمنى على رءوس الأصابع إلى آخر ما قالوه، فذكروا هذه العبارة تنبيهًا على خلاف أبي حنيفة وأحمد حيث قالا يستحب مسح الأعلى دون الأسفل وحينئذ فلا خلاف في المسألة بين القاضي وغيره فاعلمه وقد نبه ابن الرفعة أيضًا عليه ويظهر بسبب ما وقع فيه النووي من الاختلاف فإن مراد الإمام والغزالي بالاستيعاب غير ما أراده الجمهور منه فتوهم النووي أن المراد واحد فأثبت خلافًا وناقض كلامه، والحديث المذكور هو المسح خطوطًا قال في "شرح المهذب": إنه ضعيف وإنه يروي عن على، وقال ابن الصلاح: إن الخطوط ليس لها أصل في كتب الحديث وإن قول صاحب
"النهاية": ورد فيه حديث صحيح ليس بصحيح. انتهى.
ولكن روى جابر قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يتوضأ وهو يغسل خفيه فنخسه بيده وقال: "إنا لم نؤمر بهذا" فأره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بيده من مقدم الخفين إلى أصل الساق مرةً وفرج بين أصابعه (1). رواه الطبراني في "أصغر معاجمه"(2). وقال تفرد به بقية بن الوليد.
واعلم أن بقية وإن كان مدلسًا إلا إنه ثقة أخرج له مسلم في الوليمة.
قوله: وأما قول الغزالى: إن الغسل والتكرار مكروهًا فإنما يكره الغسل لأنه تغييب للخف بلا فائدة، وكذلك التكرار يوجب ضعف الخف إلى آخره، ثم نقل أعني الرافعي وجهًا أن الغسل لا يجزئ ووجهًا آخرًا أن التكرار مستحب، ولم يذكر في المسألتين هنا غير ذلك.
وفيه أمران:
أحدهما: أن هذا التعليل يقتضي أنه لا يكره ذلك في الخف من الحديث والخشب إذا أمكن متابعة المشي فيهما.
الثاني: أن ما قاله الغزالي في المسألتين من الكراهة هو المعروف فقد وافقه عليه الرافعي في "الشرح الصغير" فجزم بكراهة الغسل وصحح كراهة التكرار وصحح النووي ذلك في "شرح المهذب" وفي أصل "الروضة" أيضًا، وإن كان كلام الرافعي في "الكبير" هنا ليس فيه إلا ما قلناه.
نعم: جزم فيه أعني في -الكبير- بكراهة غسل الخف في الكلام على مسح الرأس.
(1) أخرجه ابن ماجة (551) وأبو يعلى (1945)، والطبراني في "الأوسط"(1135) وابن الجوزي في "التحقيق"(246) من حديث جابر رضي الله عنه.
قال الشيخ الألباني: ضعيف جدًا.
(2)
قلت: بل في أوسطها.