الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع في الأواني
وهي ثلاثة أقسام:
القسم الأول: المتخذ من الجلود
قوله في أصل "الروضة": ويعتبر في الدباغ تطيب الجلد وصيرورته بحيث لو وقع في الماء لم يعد الفساد والنتن. انتهى.
وتعبيره بقوله: "لو وقع" تحريف غير صحيح؛ بل الصواب وهو الواقع في النسخ الصحيحة من الرافعي "نقع" بالنون -أى: وضع في الماء وترك حتى يبتل باطنه وتخرج خاصيته إلى الماء ومجرد الوقوع في الماء لا عبرة به، فإن النتن قد لا يعود بالوقوع ويعود بالنقع.
قوله: وإذا أوجبنا استعمال الماء في أثناء الدباغ فلم يستعمل فإنه يكون نجس العين، وهل يطهر بمجرد نقعه في الماء أم لابد من استعمال الأدوية ثانيًا؟ فيه وجهان. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن الأصح هو الثاني وقد صححه في "التحقيق""والروضة" من "زوائده" فقال: قلت: أصحهما الثاني وبه قطع الشيخ أبو محمد.
والآخر احتمال لإمام الحرمين.
والمراد نقعه في ماء كثير والله أعلم هذا كلام الروضة.
الأمر الثانى: أن ما توهمه النووي من أن المراد الماء الكثير غلط عجيب بل لا فرق بين [الكثير والقليل](1) الطاهر والنجس فإن الكلام إنما هو في طهارة العين وتتميم الدباغ ولهذا صحح وجوب استعمال الأدوية. ثانيًا:
(1) سقط من ب.
مضافًا للماء مع أن التطهير بعد ذلك لابد منه.
قوله: والجديد أن الدباغ يطهر ظاهر الجلد وباطنه حتى يصلى فيه وعليه ويباع ويستعمل في الأشياء الرطبة واليابسة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "إيما إهاب دبغ فقد طهر"، ولقوله عليه الصلاة والسلام:"هلا أخذتم إهابها فدبغتموه- فانتفعتم به". والقديم أنه يطهر ظاهره فقط حتى يصلي عليه ولا يصلي فيه ولا يباع ولا يستعمل في الأشياء الرطبة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تنتفعوا من -الميتة بإهاب ولا عصب" ظاهره المنع مطلقًا خالفنا في ظاهر الجلد جمعًا- بينه وبين الأخبار المجوزة للدباغ. انتهى.
اعترض عليه في "الروضة" فقال: قلت: أنكر جماهير العراقيين وكثير من الخراسانيين هذا القديم، وقطعوا بطهارة الباطن وما يترتب عليه والله أعلم، وما ذكره من انكسار الجماهير لهذا القول صحيح، وأما المترتب عليه فلا، لأن من جملة ما يترتب عليه بطلان البيع، ولم يقطعوا بفساده بل حكوا في الصحة قولين مع القطع بطهارة الباطن كذا ذكره أبو على الطبري في "الإفصاح" والشيخ أبو حامد والبندنيجي في تعليقهما والمحاملي في "المجموع" والدارمي في الاستذكار والماوردي والبغوي في "التهذيب" والشيخ أبو إسحاق في "المهذب" و"التنبيه" وابن الصباغ في "الشامل" والجرجان في "البلغة". "والشافي" وأبو خلف الطبري في "شرح المفتاح" والروياني في "البحر" وأبو عبد الله الحسين الطبري في "عدته" والشاشي في "الحلية" والعمراني في "البيان" واعترف بهما في "شرح المهذب" وزاد فقال: إنهما مشهوران والصحيح منهما عند الأصحاب هو الجديد هذه عبارته.
ثم علل القديم بعلة ذكرها جماعة ممن تقدم ذكرهم الآن وهي أن الأصل
تحريم الميتة، غير أن الشرع أباح الانتفاع بجلودها بعد الدباغ فيبقى البيع على الأصل ثم قال: هذا هو الصواب في تعليله، وأما ما يوجهه به كثير من الخراسانيين من نجاسة الباطن فضعيف.
ونقل ابن الصلاح في "مشكل الوسيط" عن صاحب التقريب أنه نقله عن نصه في "الجديد"، والقديم جواز الصلاة فيه.
والحديث الأول رواه الترمذي بهذا اللفظ وقال: حديث حسن، وفي مسلم (1):"إذا دبغ الإهاب فقد طهر" وهو معنى رواية الترمذي.
والحديث الثاني رواه الشيخان (2) والجميع من رواية أبي هريرة.
وأما الحديث الأخير فرواه الترمذي وقال: إنه حسن ثم نقل عن أحمد أنه مضطرب. وقال البيهقي في "كتاب المعرفة": إنه مرسل.
قوله من "زياداته": وتجوز هبة الجلد قبل الدباغ كما تجوز الوصية به انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما جزم به من جواز هبته قد جزم به أيضًا في "التحقيق"، ونقله في شرح المهذب عن الماوردي والروياني وأقرهما، ثم خالف ذلك في كتاب الهبة من أصل "الروضة" فقال في الركن الرابع منها: إن الأصح المنع وهذا الثاني هو المعروف وهو مقتضى إطلاق "المنهاج".
الأمر الثانى: أن القائل بالجواز محله في الهبه علي سبيل نقل اليد. وأما على سبيل التمليك فلا يتصور فيه الخلاف وقد أشار الروياني إلى ذلك.
(1) حديث (366).
(2)
البخاري (2108)، ومسلم (363).