المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثالث: في أحكام التيمم - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٢

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول: في المياه الطاهرة

- ‌الباب الثاني في المياه النجسة

- ‌الفصل الأول: في النجاسات

- ‌الفصل الثاني في الماء الراكد

- ‌الفصل الثالث في الماء الجاري

- ‌الفصل الرابع في إزالة النجاسة

- ‌الباب الثالث في الاجتهاد

- ‌الباب الرابع في الأواني

- ‌القسم الأول: المتخذ من الجلود

- ‌القسم الثانى: المتخذ من العظم

- ‌القسم الثالث: المتخذ من الذهب والفضة

- ‌الباب الخامس في صفة الوضوء

- ‌الفرض الأول: النية:

- ‌الفرض الثانى: غسل الوجه

- ‌الفرض الثالث: غسل اليدين

- ‌الفرض الرابع: مسح الرأس

- ‌الفرض الخامس: غسل الرجلين

- ‌الفرض السادس: الترتيب

- ‌الباب السادس في الاستنجاء

- ‌الفصل الأول: في آداب قضاء الحاجة

- ‌الفصل الثاني: فيما يستنجي [منه]

- ‌الفصل الثالث: فيما يستنجى به

- ‌الفصل الرابع: في كيفية الاستنجاء

- ‌الباب السابع: فى الأحداث

- ‌الفصل الأول: في أسبابها

- ‌الفصل الثاني: في حكم الحدث

- ‌الباب الثامن في الغسل

- ‌كتاب التيمم

- ‌الباب الأول: فيما يبيح التيمم

- ‌الباب الثاني: في كيفية التيمم

- ‌الباب الثالث: في أحكام التيمم

- ‌النظر الأول في شروطه وكيفيته وحكمه:

- ‌النظر الثاني في كيفية المسح

- ‌النظر الثالث في حكم المسح

- ‌كتاب الحيض

- ‌الباب الأول في حكم الحيض والاستحاضة

- ‌الباب الثاني في المستحاضات

- ‌الباب الثالث في المتحيرة

- ‌الباب الرابع في التلفيق

- ‌الباب الخامس في النفاس

- ‌كتاب الصلاة

- ‌ المواقيت

- ‌الفصل الأول: في وقت الرفاهية

- ‌الفصل الثاني: في وقت المعذورين

- ‌الفصل الثالث: في الأوقات المكروهة

- ‌ الأذان

- ‌الفصل الأول: في بيان الصلاة التي هي محل الأذان

- ‌الفصل الثاني: في صفة الأذان

- ‌الفصل الثالث: في صفة المؤذن

- ‌ استقبال القبلة

الفصل: ‌الباب الثالث: في أحكام التيمم

‌الباب الثالث: في أحكام التيمم

قوله: ويبطل التيمم بتوهم القدرة على الماء قبل الدخول في الصلاة إلا أن يقارنه مانع كما لو سمع إنسانًا يقول: أودعني فلان ماءً وهو يعلم غيبة فلان فإنه لا يبطل. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أنه احترز بغيبة المالك عما إذا كان حاضرًا فإنه يجب عليه طلبه منه، كما لو كان هو القائل: عندي ماء، وعما إذا لم يعلم غيبته فإنه يجب السؤال عنه، وهذا القيد أخذه الرافعي من كلام "التتمة" ولابد منه، وإن أطلقه الأكثرون وممن أطلقه أيضًا الرافعي في كتاب الرافعي في كتاب الظهار.

[الأمر](1) الثاني: أنه سكت عن عكسه وهو ما إذا أخر لفظ وديعة فقال: عندي ماء أودعني إياه فلان والمعروف فيه بطلان التيمم مطلقًا وصرح به الرافعي أيضًا في الظهار، ونقل في "الكفاية" عن القاضي الحسين أنه رأى تخريجه على ما إذا عقب الإقرار بما يرفعه كقوله على ألف من ثمن خمر.

قوله في "الروضة": وإن رأى الماء في أثناء الفرض فإن كان مقيمًا بطلت صلاته على الصحيح. انتهى.

وما ذكره من كون الخلاف وجهين قد خالفه في "المنهاج" فجعله قولين، والمذكور هنا هو الصواب المذكور في كتبه وكتب الرافعي والغريب أن قد عبر "المحرر" بالأصح، فعدل عنه في "المنهاج" وعبر بالمشهور.

قوله: وإن كان فرضه معينًا عن القضاء كالمسافر لم يبطل على المذهب

(1) زيادة من جـ.

ص: 325

المنصوص وأشار المزني إلى تخريج قول: أنهما يبطلان، وبه قال أبو حنيفة. ووجه الأول أن وجدان الأصل بعد التلبس بمقصود البدل لا يبطل حكم البدل، كما لو شرع في الصيام ثم وجد الرقبة. انتهى كلامه.

وما ذكره ههنا عجيب، فإن الخصمين المذكورين يوجبان أيضًا الصوم في الكفارة المشار إليها وهي كفارة الظهار، وقد نقله الرافعي هناك عنها، واحتج عليهما بالقدرة على المهدي في أثناء صوم السبعة، فلو احتج عليهما ههنا أيضًا بذلك لاستقام.

قوله: وإذا قلنا بالمنصوص فما الذي يفعله؟ فيه وجوه: أصحهما: يندب الخروج منها ليتوضأ ونفاه بعضهم.

والثاني: يندب قلبها نافلة ويسلم عن ركعتين.

الثالث: يندب الاستمرار عليها.

الرابع: يحرم قطعها.

الخامس: إن ضاق الوقت حرم القطع وإلا فلا، قاله الإمام وطرده في كل حصل. انتهى.

فيه أمور:

أحدها: أن هذا الكلام صريح في أن ما قاله الإمام من جملة الآراء الضعيفة، وقد تابعه في "الروضة" على ذلك أيضًا، ونبه على أن طرده إياه في كل مصل ضعيف أيضًا وأنه خلاف المذهب وخلاف نص الشافعي.

إذا علمت ذلك فقد خالف في التحقيق فجعل ما قاله الإمام في أصل المسألة تقييدًا لها ولم يجعله وجهًا ضعيفًا، فقال بعد حكاية الأوجه الأربعة ما نصه: إن ضاق الوقت. حرم قطعهما بالاتفاق. هذا لفظه وهو غريب

ص: 326

جدًا، وذكر في "شرح المهذب" نحوه، فإنه بعد حكايته الأوجه الأربعة نقل عن الإمام أنه قال: عندي أن محله عند الاتساع. ثم قال ما نصه: وهذا الذي قاله الإمام متعين ولا أعلم أحدًا يخالفه. هذه عبارته.

والأمر كما قاله النووي في الكتابين المذكورين فاعلمه واجتنب ما وقع في الرافعي و"الروضة" هنا؛ لأنه يلزم من جواز القطع والحالة هذه تفويت الصلاة مع القدرة على إيقاع جميعها في الوقت بلا ضرر.

الأمر الثاني: ستعرف إن شاء الله تعالى أنه إذا شرع في الفرض ثم أفسده وفعله ثانيًا كان قضاء، وإن كان في الوقت، وتجويزهم الخروج هنا يقتضي أن ذلك مستثنى لأجل هذا الغرض، وفي ذلك كلام يأتيك في موضعه.

الأمر الثالث: أن الطريقة النافية للوجه الأول قد أسقطها من "الروضة".

الأمر الرابع: أن ما ذكره الرافعي في هذه المسألة محله في الصلوات الخمس فأما إذا تيمم الميت وصلى عليه ثم وجد الماء فإنه يجب غسله والصلاة عليه، سواء أكان في أثناء الصلاة أم بعدها. قاله البغوي في "فتاويه" ثم قال: ويحتمل ألا يجب وما ذكره احتمالًا قد رأيته مجزومًا به في كتاب "التلقين" لابن سراقة من كبار المتقدمين لكنه إنما تكلم على الوجدان بعد الصلاة خاصة ولو فصل بين ما قبل الإدراج في الكفن وبين ما بعده كما قد قيل به فيما إذا خرج منه منه لم يبعد، وكان الفرق على الأول بين صلاة الجنازة وغيرها من الصلوات أن ذلك خاتمة أمر الميت فاحتيط له.

وقياس ما قاله البغوي أن يجري أيضًا في المصلين على الميت، وهذا إذا كان المصلي في السفر، فإنه إن كان في الحضر فليس له أن يتيمم ويصلي

ص: 327

على الميت، كذا رأيته في كتاب "اللطيف" لابن خيران الصغير، وهذا الكتاب قد نقل عنه الرافعي في مواضع منها كتاب العدد، ولعل السبب في المنع إن إيجاب ذلك في الصلوات الخمس إنما هو لحرمة الوقت، ولهذا أوجبنا القضاء وهذا المعنى منتف هنا، ولم يصرح الرافعي بالمسألة.

وبتقدير القول بفعلها وجوبًا أو جوازًا أو في حالة اليقين دون عدمه، هل يقول بوجوب القضاء لغيرها أم للمشقة، لاسيما تكليفه الذهاب إلى الغير بخلاف فرائض الأعيان فإنها متأكدة، وأيضًا فالقضاء في الجنازة لا يتأتى حقيقة لعدم الوقت المعين المحدود وبتقدير القول بالقضاء، فلو كان زائدًا على الفرض فهل يقضي أيضًا لكونه لما تلبس لها وقعت فرضًا كما صرح به في "الشرح" و"الروضة" في كتاب الجنائز أم لا لعدم الوجوب ابتداء؟ فيه نظر.

قوله: فعلى المذهب المنصوص وهو أن رؤيته في صلاة المسافر لا تقتضي الإبطال لو شرع في الصلاة وهو مسافر ثم نوى الإقامة فيها بعد وجدان الماء ففي بطلان صلاته وجهان أصحهما البطلان تغليبًا لحكم الإقامة وهما كالوجهين فيما إذا كان مقيمًا ورأى الماء في صلاته ولو شرع المسافر في الصلاة بالتيمم ونوى القصر ثم وجد الماء في الصلاة ونوى الإتمام بعد بطلت صلاته أيضًا في أصح الوجهين، لأن تيممه صح لهذه الصلاة مقصورة وقد التزم الآن زيادة ركعتين. انتهى كلامه.

وما ذكره في المسألة الثانية وهي المسافر القاصر إذا أتم صحيح، وأما المذكور في المسألة الأولى فلا؛ وذلك لأن المصلي بالتيمم في موضع يغلب فيه عدم الماء لا قضاء عليه مطلقًا مسافرًا كان أو مقيمًا وفي موضع يغلب الوجود يجب عليه مطلقًا مسافرًا، كذا ذكره في آخر الباب في فصل القضاء

ص: 328

بالأعذار قال: وقولهم: إنه يجب القضاء على الحاضر دون المسافر مستوٍ فيه على الغالب، وذكر مثله في "شرح المهذب" فقال: ولو نوى المسافر هذه الإقامة أي إقامة أربعة أيام في موضع من البادية يعم فيه عدم الماء فلا إعادة عليه بلا خلاف هذا لفظه.

إذا علمت ذلك فلنرجع إلى مسألتنا فنقول للرافعي هذا المسافر الذي رأى الماء ثم نوى الإقامة وأبطلت تيممه لأجل الإقامة إن كان سفره يغلب فيه العدم وهو الظاهر من كلامك والمستقيم أيضًا من جهة المعنى فنية الإقامة فيه لا أثر لها لأنه لو كان مقيمًا هناك وتيمم لعدم الماء ثم رآه في أثناء صلاته لم محكم بإبطالها، فبطريق الأولى هذا، وإن كان سفره يغلب فيه الوجود بطلت صلاته بمجرد رؤية الماء، ولا يتوقف الإبطال على نية الإقامة؛ لأنها لا تغني عن القضاء.

وقد وقع هذا الموضع في "الروضة" وغيرها من كتب النووى، كما وقع في الرافعي وهو عجيب ونقل الماوردي في المسألتين وهما نية الإقامة والإتمام عن ابن القاص أنه يبطل وعن سائر الأصحاب خلافه.

قوله: أما إذا فنى قبل سلامه ولم يعلم به فلا يستبيح النافلة، وإن علم بفنائه أيضًا قبل السلام ففي بطلان تيممة ومنعه النافلة وجهان. انتهى.

والأصح منهما امتناعهما عليه فقد نص الشافعي على بطلان تيممه ولم يفصل بين أن يعلم أو لا يعلم كذا رأيته في "شرح التلخيص" لأبي عبد الله المعروف بالختن ذكره في كتاب الصلاة وقطع به جمهور العراقيين، وصححه النووي في "شرح المهذب" و"التحقيق"، وقال في "زوائد الروضة": إنه الأصح الذي قطع به العراقيون وما نقله عنهم ينتقض بصاحب "الشامل" فإنه قد اختار بقاء تيممه، فقال: ينبغي ألا يبطل تيممه؛ لأن هذا الماء لا

ص: 329

يجب استعماله لهذه الصلاة ولا قدر على استعماله لغيرها قال: ويلزم من قال: لا يصلي النافلة أن يقول: إذا مر به ركب وهو في الصلاة ففرغ منها وقد ذهب الركب لا يجوز النفل لأن توجه الطب يمنع ابتداء الصلاة بالتيمم، وذكر في "البحر" أيضًا مثل ذلك ثم قال فإن منعه الأولون فهل يعيد؟

قوله: ولو رأى الماء في أثناء النافلة [فإن](1) لم ينو عددًا لم يزد على ركعتين وقيل: يصلي ما شاء. انتهى.

وهذا الذي قاله من تصحيح منع الزيادة مستثنى منه ما إذا رأى الماء بعد قيامه إلى الثالثة فإنه يتمها كما صرح به القاضي أبو الطيب والروياني، وكلام النووي في "شرح المهذب" وابن الرفعة في "الكفاية" يدل على موافقتهما أيضًا وهو متجه.

قوله: ولا يؤدي بالتيمم الواحد مما يتوقف على الطهارة إلا فريضة واحدة لقول ابن عباس: من السنة ألا يصلي كل مكتوبة إلا بتيمم والسنة في كلام الصحابي تنصرف إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى.

هذا الكلام يرد عليه تمكين المرأة زوجها من الوطء فإنه فرض عليها، ويتوقف على الطهارة عن الحيض والنفاس، ومع ذلك يجوز لها بالتيمم الواحد عنهما إن مكنه مرارًا، وأن تجمع بين ذلك وبين فرض آخر كما صححه النووي في باب الحيض من "شرح المهذب" وقد احترز عن ذلك في "الروضة" فقال: لا يصلي بالتيمم الواحد إلا فريضة واحدة، وسواء كانت الفريضتان متفقتين أو مختلفتين كصلاتين وطوافين وصلاة وطواف انتهى.

إلا إنه وقع في اعتراض آخر وهو عدم مطابقة التقسيم للمقسم وهو

(1) سقط من أ، ب.

ص: 330

الصلاة وكأنه لما لم يفطن لما أوردناه على الرافعي عدل إلى ما ذكره ذهولًا عما بعده فوقع فيما هو أفحش منه.

واعلم أن القاضي أبا الطيب قد استدل لهذه المسألة بدليل حسن فقال: لأن الطهارة في ابتداء الإسلام كانت واجبة لكل صلاة كما هو معروف مقرر وثبت نسخ ذلك بالنسبة إلى الوضوء للحديث الصحيح عن عمر أنه عليه الصلاة والسلام صلى يوم الفتح خمس صلوات بوضوء واحد فبقينا في التيمم على الأصل.

وأما قول الرافعي إن الصحابي إذا قال من السنة يكون مرفوعًا فقد رأيته كذلك في "الأم" في باب عدد كفن الميت لكن رأيت في "شرح المختصر" للداوودي وهو المعروف بالصيدلاني أن هذا هو القديم، ثم قال: والجديد أنه ليس بحجة ذكر في كتاب الجنايات في باب أسنان إبل الخطأ، وقد بسطت ذلك في "شرح منهاج الأصول" فليراجع منه.

قوله: ويجوز أن يجمع بين فريضة وصلاة جنازة على الأصح المنصوص، وكذلك بين صلوات جنائز، ثم قال: ولو أراد أن يصلي على جنازتين صلاة واحدة فقال بعضهم يبني ذلك على الخلاف، وقال صاحب "المعتمد": ينبغي أن يجوز ذلك كل حال، لأنه إذا جاز سقوط الفرضين بصلاة واحدة جاز الاقتصار على التيمم الواحد. انتهى.

لم يصحح شيئًا في "الروضة" أيضًا وصحح في "شرح المهذب" الأول فقال: إنه الأشهر الذي قطع به جماعة.

قوله: ولو نسى صلاة من الخمس لزمه الخمس ويكفيه لهن تيمم واحد وقيل: لابد من خمس تيممات قال الشيخ أبو على: والوجهان مفرعان

ص: 331

على ألا يجب تعيين الفريضة في التيمم، فإن أوجبنا وجب لكل واحدة تيمم بلا محالة ولك أن تقول إنما يجب التعيين إذا كانت الفريضة معينة، فإن لم تكن فيجوز أن يقال: ينوي بتيممه ما عليه ويحتمل منه التردد والإيهام كما في نية الصلاة، وهذا الذي ذكره الرافعي بحثًا من كون الخلاف جاريًا مطلقًا صرح باختياره الدارمي كما نقله عنه النووي في "شرح المهذب" وزيادات "الروضة" وقال: إنه أصح قال: ونقل أعني الدارمي عن ابن المرذبان وافق وأبا علي.

وقد سكت الرافعي هنا عن أمرٍ مهم وهو أنه إذا صلى الخمس بالتيمم أو الوضوء ثم تذكر المنسية هل يلزمه إعادتها أم لا؟ وقد تعرض ابن الصلاح للمسألة وجزم بوجوب الإعادة، ونقله عنه النووي في باب الوضوء من "شرح المهذب" ثم قال: ولم أر فيه كلامًا لأصحابنا، ويحتمل أن يكون على الوجهين فيمن شك في انتقاض طهره فتوضأ احتياطًا ثم بان بأنه كان محدثًا، والأصح منها الوجوب، ويحتمل وهو الأظهر أن يقطع بعدم الوجوب؛ لأنا أوجبناها عليه وفعلها بنية الواجب بخلاف الوضوء فإنه ينزع به هذا كلامه.

والاحتمال الذي رجحه النووي هو المجزوم به في "البحر".

قوله: وإن نسى صلاتين مختلفين وجهل عينهما فقال ابن القاص: يتيمم لكل واحدة من الخمس وقال ابن الحداد: ويقتصر على تيممهن ويزيد في عدد الصلوات، فيصلي بالتيمم الأول الصبح والظهر والعصر والمغرب، وبالثاني: الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فيخرج عن العهد بتعين واستحسن الأئمة ما ذكره ابن الحداد، ولابد فيه من معرفة ضابطه وشرطه.

ص: 332

أما الضابط فهو أن يزيد على قدر المنسي فيه عددًا لا ينقص عما بقى من المنسي فيه بعد إسقاط المنسى، وينقسم المجموع صحيحًا على المنسي نيابة في الصورة المذكورة المنسي صلاتان، والمنسي فيه خمس يزيد عليه ثلاثًا؛ لأنها لا تنقص عما يبقى من الخمسة بعد إسقاط الاثنين بل تساويه في المجموع وهو ثمانية ينقسم على الاثنين صحيحًا.

وأما الشرط فإنه يبتدئ من المنسي فيه بأي صلاة شاء، ويصلي بل تيمم ما يقتضيه القسمة مرتبًا أو غير لكن يشترط أن يترك في كل مرة ما ابتداء به في المرة التي قبلها ويأتي في المرة الأخيرة بما بقى من الصلوات فلو صلى في المثال المذكور بالتيمم الأول الظهر والعصر والمغرب والعشاء وبالثاني الصبح والظهر والعصر والمغرب فقد أخل بهذا الشرط، فإن لم يترك في المرة الثانية ما ابتدأ به في المرة الأولى، وإنما ترك ما ختم به فيها فلا يخرج عن العهدة لجواز أن يكون عليه الظهر أو العصر أو المغرب مع العشاء فبالتيمم الأول صحت تلك الصلاة ولم تصح العشاء وبالتيمم الثاني لم يصل العشاء، فلو صلى العشاء بعد ذلك بالتيمم الثاني خرج عن العهدة. انتهى كلامه.

وما ذكره في آخره من حصول غير العشاء محله إذا أتى بالصلوات مرتبة بالترتيب الذي تميز هو به وقد سبق لك أنه لا يجب مراعاته حتى لو بدأ أولا بالعشاء برئت ذمته قطعًا، وهو أيضًا مندرج تحت الضابط المتقدم، فإنه ترك في الثانية ما بدأ به في الأولى.

قوله: ولو صلى الفرض بالتيمم على وجه معه القضاء ثم أراد القضاء بذلك التيمم، فإن قلنا: الفرض الأول جاز، وإن قلنا: الثاني أو كلاهما فرض لم يجز. انتهى.

ص: 333

اعترض عليه في "الروضة" فقال: ينبغي إذا قلنا الثانية فرض أن يجوز؛ لأنه جمع بين فرض ونافلة، والله أعلم.

وما ذكره في "الروضة" قد ذكر مثله في "شرح المهذب" فقال: قال الرافعي وغيره لا يجوز وهذا ضعيف والمختار أنه يجوز إذ لا فرض بين تقدم نفل على فرض وعكسه.

ولك أن تقول: القاعدة أن التيمم لغير الفرض لا يؤدي به الفرض وتيممه إنما كان للأولى والتفريع على أنها غير فرض فيكون الصواب ما قاله الرافعي نعم إن فرضنا أنه تيمم الفرض آخر فصلى الصلاة المذكورة، ثم أراد إعادتها اتجه الجواز كما قاله النووي إلا أن هذه الصورة لم تخطر بباله هنا بلا شك ولكن التحقيق في المسألة ما ذكره.

قوله: ولو تيمم لفائتة ضحوة فلم يصلها حتى دخلت الظهر فله أن يصلى به الظهر في أصح الوجهين، ولم تيمم للظهر ثم تذكر فائتة قيل: يستبيحها قطعًا وقيل على الوجهين وهو الأصح هذا كله تفريع على الأصح أن تعيين الفريضة ليس بشرط فإن شرطناه لم يصح غير ما قالوه. انتهى.

قال العمراني: وإذا اشترطنا التعيين فاتفقنا بأن كان عليه ظهر فتيمم له ولم يصله وصلى به ظهرًا آخر جاز.

وقال المحب الطبري في "شرح التنبيه": وقد يقال في المتفقتين أيضًا بالمنع لاختلاف صفتهما بالآداء والقضاء والمغايرة ثبتت به وليس ببعيد هذا لكلامه. وقد يجاب بأن اختلافها في ذلك لا أثر ولهذا لا يشترط تعيينه عند التحرم.

قوله: ووقت الاستسقاء باجتماع الناس لها في الصحراء.

تابعه عليه في "الروضة" وفيه أمران.

ص: 334

أحدهما: كيف شرطوا للإجتماع في صحة التيمم لها مع صحة فعلها قبل ذلك فرادى وجماعة لاسيما وفيه مشقة، فإنه قد يقتضي استصحاب التراب إلى الصحراء ولك أن تورد وهذا الكلام بعبارة أخرى فتقول هذه الصلاة تصح بمجرد انقطاع الغيث ولا معنى لوقت الصلاة هنا إلا الوقت يصح فعلها فيه وإن كان غيره أكمل، بل تيمم لصلاة الجمعة ثم انتظر الجماعة، فإنه يصح مع أن الجماعة شرط فيها.

الثاني: إذا قدرنا صحة ما قاله من اشتراط الاجتماع فما ضابط الناس المجتمعين لها وهل يعتبر فيهم الإمام أم لا؟

قوله في "الروضة" ووقت صلاة الجنازة انقضاء الغسل وقيل: الموت.

اعلم أن الرافعي قد صرح بأن صلاة الجنازة ملحقة بالنوافل المؤقتة حتى يجري فيها الخلاف في جواز التيمم قبل وقتها ولم يصرح في "الروضة" بذلك وهو الصواب فإنها واجبة بالإجماع.

قوله: في "الروضة" فالعذر العام لا قضاء معه كصلاة مسافر محدث أو جنب بالتيمم لعدم ما يجب استعماله إذا لم يكن سفر معصية، وفي سفر المعصية أوجه الأصح يجب التيمم والقضاء،

والثاني: تيمم ولا يقضي.

والثالث: لا يجوز التيمم. انتهى كلامه.

وهو يقتضي أن العاصي بسفره إذا تيمم لعطش ونحوه يصح تيممه، لأنه تيمم لعدم ما يجب استعماله، وليس كذلك ففي "شرح المهذب" إنه لا يصح تيممه إذا فعله مع وجود الماء لأجل عطش أو مرض قال: بل طريقه إن يتوب ثم يتيمم ذكر ذلك في باب المسح على الخفين، ونقل إنه لا خلاف فيه والمثبت في ذلك إن التيمم في هذه الحالة يكون رخصة بلا شك

ص: 335

لانطباق حد الرخصة عليه، والرخص لا تناط بالمعاصي بخلاف التيمم عند الفقد فإنه عزيمة، وقد صرح الغزالي في "المستصفى" بذلك فقال: إن التيمم للمرض ونحوه رخصة بخلاف التيمم لفقد الماء.

واعلم أن كلام الرافعي ليس صريحًا في تناول هذه الصورة فاعلمه، وإنما جاء هذا من تصرفه في "الروضة" على أن المسألة فيها وجهان رأيتهما في كلام جماعة.

قوله: وهل يشترط لعدم القضاء أن يكون السفر طويلًا؟ فيه قولان أصحهما لا لإطلاق قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} (1) الآية، وعن عمر أنه رجع من الجرف، فلما بلغ المربد تيمم ثم دخل المدينة فلم يعد مع بقاء الوقت.

ومنهم من قطع بالأول ولم يثبت الثاني قولًا. انتهى كلامه.

وقد اختصر في "الروضة" هذا الكلام بقوله وقصير السفر كطويله على المذهب، وقيل في وجوب القضاء معه قولان. انتهى.

وفي هذا الاختصار أمور.

أحدها: أن تصحيحه لطريقة القطع عكس ما ذكره الرافعي هنا، وفي "الشرح الصغير" أيضًا.

الثاني: أنه مناقض لما ذكره في باب مسح الخف من "شرح المهذب" فإنه جزم هناك بطريقة القولين مع كونه قد ذكر هنا من الشرح المذكور مثل ما في "الروضة".

[الأمر الثالث: أنه خالف الموضعين جميعا في آخر صلاة المسافر من "الروضة"](2) فحكى الخلاف وجهين وجهين وقد تقدم الكلام في أوائل

(1) سورة المائدة (6).

(2)

سقط من أ، ب.

ص: 336

الباب على ما يتعلق بهذا الأثر المنقول عن عمر فراجعه.

قوله: ومنها ما إذا لم يجد ماء ولا ترابًا.

فالجديد الصحيح: أنه يلزمه أن يصلي ويعيد.

والثاني: يلزمه بلا إعادة.

والثالث: يستحب مع وجوب الإعادة.

والرابع: يستحب بدونه.

والخامس: تحرم الصلاة. انتهى ملخصًا.

فيه أمران:

أحدهما: أن النووي قد أسقط القول الرابع من "الروضة".

الثاني: أن الرافعي والنووي في "الروضة" لم يثبتا محل وجوب الإعادة، ولا شك إنها تشرع إذا قدر على الماء، وكذلك إذا قدر على التراب في موضع يغني عن الإعادة، فأما إذا كان في موضع لا يغني عنها فإنه لا يعيد؛ لأنه لا فائدة فيه كذا جزم به النووي في "فتاويه" وفي "شرح المهذب" أيضًا، ونقله فيه عن الأصحاب قاطبة، واقتضى كلامه أنه لا يجوز ذلك وجزم في النكت التي [له على](1)"التنبيه" بعكسه، فقال: إنه يعيد سواء كان في موضع يسقط القضاء أم لا، والذي ذكره في "شرح المهذب" هو الصواب ولا التفات إلى ما ذكره في النكت المذكورة وكأنه علق غالبها من أفواه مشايخه.

وقد ذكر البغوي في فتاويه في المسألة المبسوطة فقال: إن قدر عليه في الوقت لزمه وإن قدر عليه بعده ففيه احتمالان:

(1) سقط من أ، ب.

ص: 337

أحدهما: لا يلزمه؛ لأنه لا فائدة فيه،

والثاني: يلزمه؛ لأن وقت وجوده لوقت الصلاة ولهذا إذا لم يجد الطهورين وخرج الوقت ولم يصل ثم وجد أحدهما وجب استعماله فدل على عدم مراعاة الوقت. هذا كلامه.

وهذه المسألة الأخيرة التي استدل بها مسألة مهمة، وللأول أن يجيب عنها فإنه هنا قد ضيع حق الوقت وفوته فيقضيه بخلاف ما إذا صلى، وتوقف ابن الرفعة في المسألة أعني من أصلها لعدم وقوفه على نقل فيها، فقال: في وجوبه نظر يقوي بعدم خروج الوقت هذا كلامه.

ويمكن تخريج ما سبق فيها على أن صلاة فاقد الطهورين هل هي صحيحة أو باطلة؟ وفيها وجهان، أصحهما في "التحقيق" و"شرح المهذب" أنها صحيحة.

قوله: وإذا قلنا إن فاقد الطهورين يصلي فلا يجوز مس المصحف ولا قراءة القرآن للجنب والحائض. انتهى.

تابعه في "الروضة" عليه ومقتضى هذا الإطلاق أن الجنب والحائض لا يقرآن الفاتحة في الصلاة، والنووي قد خالف الرافعي فيه في باب الغسل وصحح إنها لا يحرم عليهما بل يجب عليهما قراءتها.

قوله في أصل "الروضة": ومنها المربوط على خشبة ومن شد وثاقه بالأرض بالأرض يصلي بالإيماء ويعيد، وقال الصيدلاني إن صلى مستقبلًا القبلة لم يعد وإلا أعاد قال وكذا الغريق يصلي على خشبة بالإيماء وفصل [البغوى] (1) فقال: يجب القضاء على المربوط مطلقًا، وأما الغريق فإن

(1) سقط من أ، ب.

ص: 338

صلى إلى القبلة لم يعد وإن صلى لغيرها فقولان. انتهى ملخصًا.

وقد حذف في "الروضة" القول بأنه لا قضاء على الغريق مطلقا فاقتضى كلامه أن البغوي سوى بين المربوط والغريق فليس كذلك.

قوله: ومنها إذا كان على جرحه دم يخاف من غسله صلى وأعاد سواء كان على أعضاء الوضوء أم لا والقديم أنه لا إعادة. انتهى.

هذه المسألة قد ذكرها الرافعي رحمه الله قبيل ستر العورة أيضًا على خلاف ما ذكره هنا، وتابعه في "الروضة" على ذلك، وقد ذكرت المسألة هناك مبسوطة فراجعها.

قوله: وإذا تيمم المقيم لعدم الماء وجبت الإعادة، فإنه عذر نادر لا يدوم، لأن أهل الموضع يتبادرون إلى الإصلاح والإنباط. انتهى.

يقال: نبط الماء بنون وباء موحدة مفتوحين وطاء مهملة نبيط بالضم والكسر نبوطًا نبع وانبط الجفاء بلغ الماء والنبيط الذي ينبط من قعر البئر إذا حضرت ويقال للعين نبط إذا كثر ماؤها قاله الجوهري.

قوله: وكان -يعني: أبا ذر- يقيم بالربذة.

هو بالراء والباء الموحدة المفتوحين وبالذال المعجمة كذا قال الجوهري قال: وهو موضع به قبر أبي ذر الغفاري وذكر في باب الزنا من "شرح المهذب" أنه على ثلاث مراحل من المدينة.

قوله: في "الروضة" ومنها المتيمم لعذر في بعض الأعضاء فإن لم يكن على العضو ساتر من جبيرة أو لصوق فلا إعادة، وإن كان ساتر فأقوال أظهرها إن وضعها على ظهر فلا إعادة وإلا وجبت. انتهى.

وما جزم به في الوضع على حدث من حكاية قولين غريب فقد حكى الرافعي في المسألة طريقين إحداهما هذه، والثانية يعيد جزمًا قال وهي أظهر الطريقين.

ص: 339

قوله: ثم هذا كله فيما إذا كان الساتر على غير محل التيمم، فأما إذا كان على محل التيمم وجبت الإعادة لا محالة النقصان البدل والمبدل جميعًا كذلك ذكره ابن الصباغ في "الشامل" وأبو سعيد المتولي في "التتمة". انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن هذه العلة قد ذكرها ابن الصباغ وأما المتولي فلا بل علله بقوله لأن التيمم بدل، والجبيرة بدل، ولا يجوز أن يكون للبدل بدل هكذا رأيته في "التتمة".

الأمر الثاني: أن ما اقتضاه كلامه من عدم الخلاف قد تابعه عليه في "الروضة"، وكيف يستقيم ذلك مع أن لنا قولًا أن كل صلاة وجبت في الوقت لا يجب إعادتها ولو كان فاقدًا للطهورين كما تقدم، وما ذكره الرافعي من عدم الخلاف قد نقله في "شرح المهذب" عن هذين المذكورين وعن القاضي أبي الطيب والروياني، ثم قال: إن إطلاق الباقين يقتضي أنه لا فرق.

قوله في "الروضة": ومنها التيمم لشدة البرد، والأظهر: أنه يوجب الإعادة [والثاني: لا. والثالث: تجب على الحاضر دون المسافر. انتهى.

وما جزم به في الحاضر] (1) من حكاية قولين غريب، فإن الرافعي في حكى فيه كلامًا حاصله طريقان المشهور منهما القطع بوجوب الإعادة فاعلمه.

قوله: والعاجز عن ستر العورة كيف يصلى؟ فيه قولان أصحهما يصلى

(1) سقط من أ.

ص: 340

قائمًا ويتم الركوع والسجود، لأن المقدور عليه لا يسقط بالمعجوز كيف والقيام والركوع والسجود أركان الصلاة والستر شرط.

والقول الثاني: يصلي قاعدًا وعلى هذا فهل يتم الركوع والسجود أم يومى؟ فيه قولان وقيل: يتحر وتجري الخلاف في صوره: منها ما إذا كان محبوسًا في موضع نجس لو سجد لسجد على نجاسة هل يتم السجود أم يقتصر على الإيمان، وإذا وجد ثوبًا طاهرًا لو فرشه لبقى عاريا ولو لبسه صلى على نجاسة ماذا يفعل؟ فيه الخلاف، وإذا وجد العريان ثوبًا نجسًا هل يصلي فيه أم يصلي عاريًا؟ فيه الخلاف. انتهى كلامه.

ذكر مثله في "الروضة" أيضًا وفيه أمران.

أحدهما: أن الخلاف المذكور في المسألة الأولى قد أجراه في الثلاثة المذكورة آخرًا ويؤخذ منه أن الصحيح في الأول من الثلاث أنه يتم السجود، وإن كان على نجاسة وهو مقتضى ما في هذا الباب من "شرح المهذب" أيضًا وأما المسألتان الأخيرتان فلا يظهر من هذا إلينا حكمهما لكن الصحيح فيهما أيضًا أنه يصلي عريانًا كذا ذكره في الشرح المذكور هنا.

الأمر الثاني: أن ما اقتضاه كلام "الروضة" و"شرح المهذب" هنا في المحبوس في موضع نجس من كونه يسجد على النجاسة قد خالفه في باب طهارة البدن والثوب من "شرح المهذب" فقال ما نصه: ولا يجوز أن يضع جبهته على الأرض هذا هو الصحيح، وحكى صاحب "البيان" وجهًا ضعيفًا أنه يلزمه وضعها وليس بشئ هذا لفظه وهو غريب جدًا، وصحح أيضًا مثله في "التحقيق" في الباب المذكور كذلك في هذا الباب في الكلام على فاقد الطهورين وهذا هو الصواب الذي عليه الفتوى فقد نص عليه

ص: 341

الشافعي في القديم والجديد وقال إنه يومئ كذا رأيته في هذا الباب من تعليق الشيخ أبي حامد.

قوله: قال الإمام والوجه القطع بأن الذين يعتادون العري يتمون الركوع والسجود فإنهم يتصرفون في أمورهم عراة. انتهى.

[وحصل](1) مقالة رابعة، وقد حذف ذلك من "الروضة"

قوله: وإن كان على المحل العليل ساتر فإن وضعه على طهر مسح عليه وصلى، ولا يجب الإعادة في أظهر القولين قياسًا على الخف إن وضع على حدث، فإن أمكن نزعه ليضعه على طهر وجب وإن تعذر مسح وصلى للضرورة هل يعيد؟ فيه طريقان: أظهرهما القطع بالوجوب،

والثانية: على القولين السابقين. انتهى.

وما ذكره من تصحيح طريقة القطع ذكر في الشرح الصغير وقال في "شرح المهذب" إنها الأصح التي قال بها الجمهور وجزم في "الروضة" بالطريقة الضعيفة، فإنه حكى في المسألة ثلاثة أقوال فخالف أصله وناقض كلامه ووقع له مثل هذا بعينه عقب ذلك فإنه قال: والأظهر أن التيمم لشدة البرد يوجب الإعادة، والثاني: لا، والثالث: يجب على الحاضر دون المسافر، والرافعي حكي في المسافر قولين، وأما الحاضر فصحح فيه القطع بالوجوب.

قوله من "زياداته": ولو لم يجد المريض من يحوله للقبلة لزمته الصلاة بحسب حاله وتجب الإعادة على المذهب قال الروياني: وقيل: قولان وهو شاذ انتهى كلامه.

(1) فى جـ: وحاصلها.

ص: 342

وهذه المسألة قد ذكرها الرافعي قبل هذا الموضع بنحو ثلاثة أوراق في الكلام على الغريق ونحوه ولم يحك فيها خلافًا فحذفها النووي من هناك وزادها من كلامه في هذا الموضع وضم إليها حكاية الخلاف.

قوله أيضًا من "زوائده": لا يستحب تجديد التيمم على المذهب وبه قطع الجمهور في "المستظهرى" وجهان ويتصور في مريض وجريح ونحوهما ممن يتيمم مع وجود الماء إذا تيمم وصلى فرضًا ثم أراد نفلًا ويتصور في العدم أو لم يوجبه ثانيا. انتهى كلامه.

فيه أمور:

أحدها: أن عدم استحباب التجديد قد ذكره الرافعي في الكلام على كيفية النية فحذفة المصنف هناك ثم ذكره من زوائده هنا إلا أنه زاد فيه هذا الخلاف.

الأمر الثاني: قد سبق في الوضوء أن الصحيح واستحباب تجديده حيث صلى به صلاة فرضًا كانت أو نافلة، وحينئذ فإذا قلنا باستحبابه هنا فيتصور في ثلاث صور.

إحداها: إذا صلى به فرضًا ثم أراد نفلًا.

الثانية: عكسه.

الثالث: إذا صلى به نفلًا ثم أراد به نفلًا آخر.

فاقتصار على الصورة الأولى غريب ولا شك أن توهم أن من صلى نافلة لا يستحب له التجديد وهو وجه ضعيف.

الأمر الثالث: أنه إنما شرط في التيمم لعدم الماء عدم وجوب الطلب؛ لأنه لو وجب لبطل تيممه، وإذا بطل خرج التيمم الذي يأتي به عن أن

ص: 343

يكون تجديدًا فتؤدي مشروعيته إلى عدم مشروعيته، وذلك دور.

ولقائل أن يمنع وجوب الطلب في هذه الحالة ويقول إنما يجب إذا لم يكن متممًا فإن إباحة الصلاة مع وجوب الطلب تفيده، وإذا قلنا: إن تجديد التيمم لا يستحب فهل يستحب التجديد في المغسول معه؟ فيه نظر أيضًا.

قوله: أيضًا ولو منع الوضوء إلا منكوسًا فهل فيه الاقتصار على التيمم أم عليه غسل الوجه لتمكنه منه؟ فيه القولان فيمن وجد بعض ما يكفيه حكاه الروياني عن والده قال: ولا يلزمه قضاء الصلاة إذا أمسك، امتثل المأمور على القولين وفي القضاء نظر لندوره لكن الراجح ما ذكره؛ لأنه في معنى من غصب ماؤه فلا قضاء. انتهى كلامه.

ولا شك أن الإكراه على الفعل المذكور إكراه على الصلاة بلا وضوء وقد ذكر هذه المسألة في أثناء الكلام على الكلام في الصلاة، وجزم بوجوب الإعادة وعلله بالندرة وادعى الاتفاق عليه وسأذكر لفظه هناك إن شاء الله تعالى.

ص: 344