المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول: في أسبابها - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٢

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول: في المياه الطاهرة

- ‌الباب الثاني في المياه النجسة

- ‌الفصل الأول: في النجاسات

- ‌الفصل الثاني في الماء الراكد

- ‌الفصل الثالث في الماء الجاري

- ‌الفصل الرابع في إزالة النجاسة

- ‌الباب الثالث في الاجتهاد

- ‌الباب الرابع في الأواني

- ‌القسم الأول: المتخذ من الجلود

- ‌القسم الثانى: المتخذ من العظم

- ‌القسم الثالث: المتخذ من الذهب والفضة

- ‌الباب الخامس في صفة الوضوء

- ‌الفرض الأول: النية:

- ‌الفرض الثانى: غسل الوجه

- ‌الفرض الثالث: غسل اليدين

- ‌الفرض الرابع: مسح الرأس

- ‌الفرض الخامس: غسل الرجلين

- ‌الفرض السادس: الترتيب

- ‌الباب السادس في الاستنجاء

- ‌الفصل الأول: في آداب قضاء الحاجة

- ‌الفصل الثاني: فيما يستنجي [منه]

- ‌الفصل الثالث: فيما يستنجى به

- ‌الفصل الرابع: في كيفية الاستنجاء

- ‌الباب السابع: فى الأحداث

- ‌الفصل الأول: في أسبابها

- ‌الفصل الثاني: في حكم الحدث

- ‌الباب الثامن في الغسل

- ‌كتاب التيمم

- ‌الباب الأول: فيما يبيح التيمم

- ‌الباب الثاني: في كيفية التيمم

- ‌الباب الثالث: في أحكام التيمم

- ‌النظر الأول في شروطه وكيفيته وحكمه:

- ‌النظر الثاني في كيفية المسح

- ‌النظر الثالث في حكم المسح

- ‌كتاب الحيض

- ‌الباب الأول في حكم الحيض والاستحاضة

- ‌الباب الثاني في المستحاضات

- ‌الباب الثالث في المتحيرة

- ‌الباب الرابع في التلفيق

- ‌الباب الخامس في النفاس

- ‌كتاب الصلاة

- ‌ المواقيت

- ‌الفصل الأول: في وقت الرفاهية

- ‌الفصل الثاني: في وقت المعذورين

- ‌الفصل الثالث: في الأوقات المكروهة

- ‌ الأذان

- ‌الفصل الأول: في بيان الصلاة التي هي محل الأذان

- ‌الفصل الثاني: في صفة الأذان

- ‌الفصل الثالث: في صفة المؤذن

- ‌ استقبال القبلة

الفصل: ‌الفصل الأول: في أسبابها

‌الباب السابع: فى الأحداث

وفيه فصلان:

‌الفصل الأول: في أسبابها

قوله: نواقض [الوضوء](1) عندنا أربعة.

اعلم أنه يرد عليه أمران نبه عليهما المحاملي في "اللباب".

أحدهما: شقاء دائم الحدث كالمستحاضة وسلس البول.

والثاني: انقضاء مدة المسح ونحوه لنزع الخف، قال في "شرح المهذب": ولعل الأصحاب إنما تركوهما هنا لذكرهم لهما في بابهما.

قوله: أحدها: خروج الخارج من أحد السبيلين.

اعلم أن فرج المرأة مشتمل على سبيلين سبيل للبول وسبيل للحيض وهو مدخل الذكر، والوضوء ينتقض بالخارج من الثاني كما ينتقض بالأول، وقد ذكر الرافعي ذلك في مواضع منها في هذا الباب عقب هذا الموضع بصفحة فقال: أما المشكل فإن خرج الخارج من فرجيه جميعًا فهو محدث؛ لأن أحدهما أصلى هذا كلامه، ومنها في باب الغسل قبيل الطرف الثاني فقال: ولو أولج رجل في فرج مشكل، والمشكل في فرج امرأة فالمشكل جنب؛ لأنه جامع أو جومع والرجل والمرأة لا يجنبان لكن ينتقض وضوء المرأة بالنزع هذا لفظه.

إذا علمت ذلك كله علمت أن تعبيره بقوله أحد السبيلين مستقيم في الرجل أما في المرأة فلا.

قوله: وقد يفرض خروج الريح من الإحليل أيضًا لأدرة فينتقض الوضوء به. انتهى.

(1) سقط من أ.

ص: 213

والإحليل كما قاله في الصحاح مخرج البول ومخرج اللبن من الضرع والثدي هذه عبارته وهو موافق للمراد هنا، وعبر النووي في "شرح المهذب" بقوله: مجرى البول أعنى بالجيم، وقال في "لغات الروضة": إنه رأس الذكر والأُدرة بضم الهمزة وسكون الدال وفتح المهملتين هو نفخة في الخصية تقول منه رجل آدر على وزن آخر قاله الجوهري.

فإن قيل: إذا كان خروج الريح من القبل ناقضًا فلم فرقتم في النوم بين أن يكون قاعدًا أم لا؟ والجواب ما قاله النووي في "التنبيه" وغيره أن خروج الريح من القبل نادر فلم يرفع به الأصل بخلاف الدبر.

قوله: وأما قول الغزالي في الكتاب: وينتقض بالخارج طاهرًا كان أو نجسًا. فقد يتوهم منه أن المراد بالطاهر المني وليس كذلك، بل المراد به الدود والخصي وسائر ما هو طاهر العين، وأما المني فلا يوجب خروجه الحدث، وإنما يوجب الجنابة ولا تغتر بتعميم الأئمة القول بأن الخارج من السبيلين ناقض [للطهارة فإن هذا ظاهر. يعارضه قولهم: إن من أنزل بمجرد النظر أو بالاحتلام قاعدًا] (1) يكون جنبًا غير محدث. وحكى في "البيان" عن القاضي أبي الطيب أن خروج المني يوجب الحدثين: الأصغر لأنه خارج، والأكبر لأنه مني والمذهب المشهور هو الأول، والشئ منهما أوجب أعظم الأمرين بخصوصه لا يوجب أدونهما بعمومه كزنا المحصن لمّا أوجب أعظم الحدين؛ لأنه زنا المحصن لا يوجب أدناهم لأنه زنا. انتهى كلامه.

وما ذكره من صرف كلام الغزالي عن المني إلى ما ذكره دال على توهمه عدم الخلاف وهو عجيب وذهول عن كلام الأصحاب خصوصًا الإمام، فقد نص -أعني الإمام- على أن المني المجرد ناقض للوضوء، فإنه صور الجنابة المجردة بما إذا أولج في بهيمة أو دبر رجل أو لف على ذكره خرقة وأولج في

(1) سقط من أ.

ص: 214

امرأة ثم قال ما نصه: فإن قيل: إذا أنزل المني فهلا عد هذا مما يقتضي الجنابة المحضة؟ قلنا: المني لا يتصور خروجه وحده بل يخرج معه رطوبة يتعلق بخروجها وجوب الوضوء هذه عبارته، ذكر ذلك في آخر باب ما يوجب الغسل، وتابع الغزالي فيه إمامه على عادته، ثم إن الإمام عقب ذلك حكى الخلاف في أن من أحدث وأجنب يكفيه الغسل أم لابد من الوضوء معه؟ ثم قال: والذي أراه أن الذي لا يدرج الوضوء تحت الغسل، إنما يقول ذلك إذا تميز الحدث عن الجنابة فأما إذا كان انتقاض الوضوء يتقدم كالمس المتصل بالوقاع فالأظهر الاندراج انتهى. ويلزم من إندراج الوضوء في هذه الصورة التي ذكرها الإمام أن يندرج أيضًا في المقارن وهو خروج المني بطريق الأولى.

فتخلص مما قاله الإمام أن الوضوء لا يجب في خروج المني جزمًا مع القول بأنه ناقض، وذكر مثله القاضي أبو الطيب فإنه صرح في "شرح الفروع" بكونه ناقضًا مع أنه في تعليقه في مسألة من وجب عليه وضوء وغسل قد صور الجنابة المجردة بإنزال المني كما سبق وصرح أيضًا بكون المني ناقضًا ابن سريج في كتاب الودائع وإطلاق الشافعي في "الأم" يقتضيه فإنه قال: ودلت السنة على أن الوضوء من المذي والبول مع دلالتها على الوضوء من خروج الريح فلم يجز إلا أن يكون جميع ما خرج من ذكر أو دبر رجل أو امرأة أو قبل المرأة موجبًا للوضوء ثم قال: وكل ما خرج من واحد من الفروج ففيه الوضوء انتهى.

وجزم الماوردي بأن الحيض ناقض للوضوء ونقل الإجماع عليه مع أنه ناقض للطهارة الكبرى كالمني. ونقل ابن عطية في "تفسيره" الإجماع على أن المني ناقض للوضوء، واستدلال الرافعي على عدم النقض بأن الشئ مهما أوجب إلى آخره قد تعقبه الماوردي بالحيض واستشهاده بالزنا غير

ص: 215

مستقيم، فإن مطلق الزنا لا يوجب شيئًا، بل إن كان زنا بكر أوجب الجلد، وإن كان زنا ثيب أوجب الرجم، فأهون الحدين وجب لكونه زنا بكر، وعموم الزنا مشترك بين ما يوجب الأهون والأعظم، وقد وافق ابن الرفعة على النقض بالمني.

وذكر أن المراد بما استند إليه الرافعي من تصوير الجنابة المجردة ويزعم لأجله أن المشهور عدم النقض إنما هو تصوير جنابة لا يجب معها فعل الوضوء بل الغسل كاف بلا نزاع قال: ونحن نقول في الذي استشهد به لذلك: لا لأنه لم يوجد نقض الطهارة الصغرى؛ بل لأنه قد وجد في حال واحد ما يقتضي إيجاب فعلين في محل واحد في آن واحد، وذلك لا يمكن فلا يخاطب به ولا سبيل إلى إسقاطهما فتعين الإتيان بأعمهما وإدراج الآخر فيه. قال: وبهذا فارق ما إذا تقدم الحدث الأصغر على الأكبر أو تأخر حيث أوجبنا الوضوء والغسل على رأى لأنه حال وجود حائل سبب وجوب أحدهما أو شرطه لم يوجد سبب وجوب الآخر أو وشرطه، هذا كلامه إلا أنه وقع له في أثناء الكلام على المسألة أغلاط نبهت عليها في "كتاب الهداية".

قوله في "أصل الروضة": فرع: إذا انسد السبيل المعتاد وانفتحت ثقبة تحت المعدة وخرج منها المعتاد وهو البول والغائط نقض قطعًا. انتهى.

وليس كما قال من دعوى عدم الخلاف فقد حكى الرافعي في "الشرح الصغير" عن ابن عبدان طرد القولين فيه، وحكاهما الماوردي في "الحاوى" عن ابن أبي هريرة أيضًا. وقد حكى النووي أيضًا هذا الخلاف في "التحقيق" و"شرح المهذب" ولم يتعرض الرافعي لدعوى عدم الخلاف، وإنما زاده النووي في "الروضة" وزاد فيها دعوى ذلك في عدم النقض في عكسه، وهو ما إذا انفتح فوق المعدة مع انفتاح الأصلي ثم اعترض عليه بأن فيه خلافًا وهو عجيب.

ص: 216

قوله: ولو انفتحت فوق المعدة وقد انسد السبيل المعتاد أو تحت المعدة والمعتاد منفتح فهل تنتقض الطهارة في الصورتين؟ فيه قولان: أصحهما: لا. أما في الصورة الأولي فلأن ما يخرج من فوق العدة أو من حيث يحاذيها لا يكون مما أحالته الطبيعة؛ لأن ما تحيله تلقيه إلى أسفل. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما ذكره من إطلاق الخلاف قد تبعه عليه في الروضة ومحله كما قاله الماوردي في الانسداد العارض، فإن كان أصليًا فينتقض بالخارج من [المنفتح بلا خلاف. سواء كان فوق المعدة أم تحتها. وسواء ندر الخارج] (1). أم لا. قال: وحكم الأصلي والحالة هذه أنه لا وضوء من مسه ولا غسل من الإيلاج فيه. قال النووي في "شرح المهذب": ولم أر في كلام الأصحاب تصريحًا بموافقته ولا مخالفته انتهى.

وإذا لم يصرح الأصحاب بخلاف ما قاله وجب الرجوع إليه؛ لأنه ثقة وقد نقل.

الأمر الثاني: أن هذا التعليل يعلم منه مسألة مهمة نفيسة قل من تعرض لها وهي أن حكم المعدة حكم ما فوقها، وقد حذف النووي من "الروضة" ذلك ثم حاول ذكر المسألة من زوائده فعبر بقوله: ومرادهم بتحت المعدة ما تحت السرة وبفوقها السرة ومحاذاتها وما فوقها والله أعلم هذا كلامه، وهو تعبير عجيب كالمتدافع؛ لأنه يوهم أن المعدة لا حقيقة لها وأن المعدة من جملة ما فوق المعدة فلنذكر كلامًا يعرف منه مراده فنقول: المعدة من المكان المنخسف تحت الصدر إلى السرة وهذا التفسير صحيح مشهور لا شك فيه، وقد ذكره الأطباء والفقهاء واللغويون وذكره شراح "التنبيه" كابن يونس وابن

(1) سقط من أ.

ص: 217

الرفعة فقال: والمعدة الموضع الذي يستقر فيه الطعام أشار إليه في المجمل وهي بفتح الميم وكسر العين، ويجوز إسكان العين مع فتح الميم وكسرها، ومحلها ما بين فوق السرة إلى المنخفض تحت الصدر الذي يخرج منه النفس هذا كلامه.

وهو واضح، وأما تعبير النووي فعجيب ولو قال: حكم المعدة حكم ما فوقها لاستقام.

قوله: وهل يجوز الاقتصار في الخارج من المنفتح على الأحجار؟ قال الإمام: فيه ثلاثة أقوال، والغزالي فيه ثلاثة أوجه: أظهرها: لا وهما مسبوقان بهذا الاختلاف. انتهى ملخصًا.

لم يصح شيئًا في "الشرح الصغير" أيضًا أعني في أنها أوجه أو أقوال.

وقد اختلف فيه كلام النووي فجزم في "شرح المهذب" بأنها أوجه وصحح في أصل "الروضة" أنها أقوال فزاد ونقض.

قوله في [أصل](1)"الروضة" وإذا انفتح له مخرج ونقضنا الوضوء بالخارج منه فلا يجب الغسل بالإيلاج فيه على الأصح، ثم قال: ولا يثبت للإيلاج فيه شئ من أحكام الوطء سوى الغسل على وجه وقيل يثبت المن وسائر أحكام الوطء. انتهى.

لم يصحح الرافعي شيئًا من هذا الخلاف الأخير، وإنما حكى الأول عن الإمام والثاني عن الحناطى.

قوله من "زوائده": لو أخرجت دودة رأسها من فرجه ثم رجعت ينقض على الأصح. انتهى.

(1) زيادة من ب.

ص: 218

واعلم أن النووي في "شرح المهذب" قد علل النقض بالخروج ومقابله بعدم الانفصال، وتعليل الثانى ذكره أيضًا الماوردي والروياني وغيرهما فاعلمه، [وإذا كان ذلك هو العلة علم منه أنه لا فرق بين أن يعود أم لا فاعلمه](1)، وفائدته على ذلك الوجه في جواز مس المصحف ونحوه مما لا يتوقف على إزالة النجاسة، أما الصلاة ونحوها فممتنع لأنه حامل لما هو متصل بالنجاسة.

قوله: أيضًا من زوائده: ومن له ذكران ينتقض بكل منهما والله أعلم، وهذا الإطلاق غير صحيح فإنه قد بين في "شرح المهذب" مستنده في ذلك فقال: ومن له ذكران فخرج من أحدهما شئ انتقض وضوؤه، ذكره الماوردي هذا كلامه.

والماوردي قيد ذلك بما إذا كان يبول منهما فقال: لو كان له ذكران يبول منهما غمس أحدهما انتقض وإيلاجه يوجب الغسل، ولو خرج من أحدهما بلل نقض ولو كان يبول من أحدهما فالحكم له والآخر زائد لا يتعلق به نقض انتهى.

وهذا القيد متعين لابد منه.

قوله: الناقض الثاني زوال العقل بالجنون أو الإغماء أو السكر الذي لا شعور معه، ثم قال: وحكى في "التتمة" وجهًا ضعيفًا أن السكر لا ينقض الوضوء. انتهى.

ومحل هذا الوجه إنما هو في السكران المتعدي بسكره فإن صاحب "التتمة" علله بكونه يعامل معاملة الصاحي فيما عليه وماله، والذي يعامل بذلك إنما هو المتعدي وعجب من الرافعي حيث لم يقيد ذلك أو يعلله بالعلة المقتضية للتقييد وقيد الفوراني في "الإبانة" الخلاف بما إذا لم يغش عليه فإن

(1) سقط من جـ.

ص: 219

غشى عليه نقض، وذكر نحوه في "العمد".

قوله: لما روى أنه صلى الله عليه وسلم قال: "العينان وكاء السه فإذا نامت العينان استطلق الوكاء فمن نام فليتوضأ"(1). انتهى.

الوكاء بكسر الواو وهو الخيط الذي يربط به الشئ والسه بسين مهملة مفتوحة بعدها هاء أصله سَتَه وهو العجز، وقد يراد به حلقة الدبر، كذا قاله الجوهري وجعل منه هذا الحديث ثم قال: وروى وكاء الست بحذف الهاء وبالتاء.

ومعنى الحديث أن اليقظة وكاء الدبر أي الحافظة لما فيه من الخروج، فإن الإنسان يحس بما يخرج منه ما دام مستيقظًا فإذا نام زال الضبط، والحديث المذكور حسن رواه أبو داود وابن ماجه ولفظهما "العينان وكاء السه فمن نام فليتوضأ".

قوله من زياداته: ولو شك في النوم أو في أن التمايل بعد النوم ممكنًا هل كان بعد الاستيقاظ أم قبله لا ينتقض وضوؤه. انتهى.

وهاتان المسألتان قد ذكرهما الرافعي بعد هذا في الكلام على الشك في الحدث.

قوله: في "أصل الروضة": فإن لمس شعرًا أو سنًا أو ظفرًا أو عضوًا مبانًا من امرأة أو بشرة صغيرة لم تبلغ حد الشهوة لم ينتقض وضوؤه على الأصح. انتهى.

(1) أخرجه أبو داود (203)، وابن ماجه (477)، وأحمد (887)، والدارقطني (1/ 161)، والبيهقي في "الكبرى"(757)، وابن الجوزي في "التحقيق"(164)، وابن عدي في "الكامل"(7/ 88)، والعقيلي في "الضعفاء"(4/ 329) من حديث علىّ رضي الله عنه، وحسنه الألباني -رحمه الله تعالى-.

ص: 220

واعلم أن ما قاله في الصغيرة من جزمه بطريقة الوجهين فمسلّم، وأما الباقي فقد خالفه في "شرح المهذب" فحكى فيه طريقتين.

إحداهما: حكاية وجهين.

والثانية: القطع بعدم النقض، ثم صحيح هذه الطريقة وهو مخالف لما في "الروضة" في إثبات الخلاف وفي قوته.

قوله: ولو لمس ميتة انتقض على الصحيح. انتهى.

تابعه في "الروضة" وفي أكثر كتبه كشرح "المهذب" و"التحقيق" على تصحيح الانتقاض حتى بالغ في "شرح المهذب" فقال: الصحيح المختار طريقة القطع به ثم خالف في "رؤوس المسائل" فصحح أنه لا ينتقض فقال: والأصح أن لمس المحارم والصغيرة التي لا تشتهي والميتة واليد المقطوعة لا ينقض هذا لفظه والفتوى على الأول فإن الأكثرين رجحوه.

قوله في أصل "الروضة": [ومس الذكر المقطوع والأشل والمس باليد الشلاء وناسيًا ناقض على الصحيح. انتهى.

لم يذكر الرافعي خلافًا في الذكر الأشل.

قوله: في أصل "الروضة"] (1) ولنا وجه شاذ أن المرأة لا تزال ملموسة. انتهى.

وهذه المقالة الضعيفة لم يحكها الرافعي في "الشرح الكبير" ولا في "الصغير" وجهًا بل إنما حكاها فيهما قولًا.

قوله: لنا في النقض بمس الذكر حديث بسرة بنت صفوان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مس ذكره فليتوضأ"(2) وفي رواية: "من مس فرجه" انتهى.

(1) سقط من جـ.

(2)

أخرجه أبو داود (181)، والترمذي (82)، والنسائى (447)، وأحمد (27334) =

ص: 221

بُسرة بالباء الموحدة المضمومة والسين المهملة الساكنة واحده اليسر وهي جدة مروان بن الحكم والد عبد الملك أى أم أمه، وهذا الحديث قد صححه الإمام أحمد والترمذي وابن حبان والدارقطني والحاكم وقال: إنه على شرط الشيخين، وقال الترمذي في كتاب العلل: قال البخاري: إنه أصح شئ في الباب.

قوله: وقال أحمد: تنتقض الطهارة سواء مس بظهر الكف أو ببطنها لنا أن الأخبار الواردة في الباب جرى في بعضها لفظ المس، وفي بعضها لفظ الإفضاء ومعلوم أن المراد منهما واحد والإفضاء في اللغة هو المس ببطن الكف. انتهى.

وكأنه يشير بقوله أن المراد بهما واحد إلى أن الإفضاء مس مقيد فيحمل المطلق على المقيد وبه صرح غير الرافعي أيضًا وهو ممنوع، فإن المس عام هنا لوقوعه صلة للموصول الذي هو من صيغ العموم والفعل يعم بعموم فاعله فكأنه قال كل ماس يجب عليه الوضوء.

والإفضاء فرد من أفراد العموم، وذلك لا بخصيص على المشهور عند الأصوليين.

نعم: طريق الاستدلال أن يقال: مفهوم الشرط المستفاد من حديث الإفضاء يدل على أن غير الإفضاء لا ينتقض فيكون مخصصًا لعموم المس

= و (27336)، وابن حبان (1116)، والحاكم (474)، والدارقطني (1/ 147)، والطيالسي (1657)، والطبراني في "الكبير"(24/ 194) حديث (488) وفي "الأوسط"(1457) من حديث بسرة بنت صفوان رضي الله عنها.

قال الترمذي: حسن صحيح.

وقال الألباني: صحيح.

ص: 222

المستفاد من الحديث الآخر وغاية ذلك أن يكون المفهوم مخصصًا لعموم المنطوق وهو جائز كما أوضحته في "شرح منهاج الأصول".

قوله في "أصل الروضة": ولو كان له كفان عاملتان تنقض كل واحدة منهما، وإن كانت إحداهما عاملة نقضت دون الأخرى، وقيل في الزائدة خلاف مطلق. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أنه أهمل قسمًا ثالثًا من كلام الرافعي وهو ما إذا كانتا معًا غير عاملتين وقد سوى الرافعي بينه وبين العاملتين في النقض.

الأمر الثاني: أن ما صححه من عدم النقض بالزائدة التي لا تعمل، قد صحح عكسه في "التحقيق" فقال: وتنقض كف زائدة، ويقال: إن عملت هذا لفظه.

وليس في "شرح المهذب" تصريح بموافقة أحد الموضعين، فإنه قال ما نصه: ثم الجمهور أطلقوا الانتقاض بالكف الزائدة، وفصل البغوي بين العاملة وغيرها انتهى.

وهو كالمطلق بين المقيد بقيدين متنافيين ويؤيد ما قاله في "الروضة": إنه لو كان له ذكران أحدهما عامل فمس الآخر لم ينتقض الوضوء به على ما اقتضاه كلام "الروضة" في باب الغسل وصرح بتصحيحه في "شرح المهذب" و"التحقيق" وهو مشكل على ما تقدم نقله عن "التحقيق" من تصحيح الانتقاض بكف غير عامل، ويقوى ما في "الروضة" فليعمل به، وهذا إذا لم يكن الذكران على سنن واحد، فإن كانا كذلك فحكمهما حكم الأصبع الزائدة إذا كانت على سنن الباقي، فعلى هذا ينتقض أيضًا هكذا

ص: 223

رأيته في "العمد" للفورانى، ولم يذكر النووي ذلك، وهل يعرف عمل الذكر بالبول أو بالجماع؟ فيه وجهان في زيادات "الروضة" قبيل الصيال من غير ترجيح وقد تكلمنا قريبًا علي كلام من "زوائد الروضة" وذلك الكلام يؤخذ منه أنه يعرف بالبول، وكذلك تعرف أيضًا من الكلام الذي نقلناه الآن من باب الغسل، وستعرف لفظه هناك إن شاء الله تعالى.

قوله: وحكم فرج المرأة في المس حكم الذكر لما روى عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ويل للذين يمسون فروجهم ولا يتوضؤون" قالت عائشة: بأبي أنت وأمي هذا للرجال أفرأيت النساء قال: "إذا مست إحداكن فرجها فلتتوضأ"(1). انتهى.

وليس فيه ولا في "الروضة" بيان محل النقض من فرج المرأة وقد نبه عليه الإمام فقال: هو ملتقى الشفرين على المنفذ ونقله عنه أيضًا في "الكفاية" مقتصرًا عليه فاعلم ذلك فإنه أمر مهم، وليس المراد الناتئ جميعه طولًا وعرضًا على قياس فرج الرجل. والحديث المذكور ضعيف كما قاله البيهقي وغيره وقولها: بأبي أنت وأمي أي أفديك بأبي وأمي من كل مكروه.

قوله: وقال في الجديد ينتقض بمس حلقة الدبر وهي ملتقي المنفذ ثم قال: ومن الأصحاب من جزم به ونفي الخلاف فيه. انتهى.

أسقط النووي هذه الطريقة فلم يذكرها في "الروضة".

قوله: وفي فرج البهيمة قولان حكى عن القديم أن مسه كمس فرج

(1) أخرجه الدارقطني (1/ 147)، وابن حبان في "المجروحين"(2/ 53)، وابن الجوزي في "التحقيق"(179) من حديث عائشة رضي الله عنها.

قال الدارقطني: عبد الرحمن العمري ضعيف.

وكذا ضعفه ابن حبان والحافظ ابن حجر.

ص: 224

الآدمي ثم قال: وهذا القول في القبل دون الدبر، فإن دبر الآدمي لا يلحق في القديم بالقبل فمن غيره أولى. انتهى.

فيه أمور:

أحدهما: أن القول المحكي في النقض بفرج البهيمة قول جديد لا قديم فقد نقله الفوراني والداوودي شارح "المختصر" والقاضي الحسين في تعليقه وإمام الحرمين والغزالي في "البسيط"، وصاحب "العدة" عن رواية يونس ونقله الشيخ أبو حامد في "التعليق"، والبندنيجي في "الذخيرة"، والماوردي في "الحاوى" وسليم الرازي في "المجرد" و"التقريب"، والشيخ في "المهذب" والروياني في "البحر" عن رواية ابن عبد الحكم، ونقله عنهما معًا الدارمي في "الاستذكار" وكلاهما من أصحاب الشافعي في الجديد كما تقدم إيضاحه في أول الكتاب والذي أوقع الرافعي في هذا هو الغزالي [فإنه نقله في "الوسيط" عن القديم وكأنه توهم أن يونس من رواة القديم](1)، ويدل على هذا التوهم عبارته في "البسيط" فإنه قال نصه: وأما فرج البهيمة فإنه بعيد جدًا فنص في الجديد على أنه لا ينتقض الطهر بمسه وحكى يونس ابن عبد الأعلى قولًا للشافعي أنه ناقض هذا لفظه وهو دليل لما قلناه.

ورأيت في "شرح التلخيص" للقاضي حسين نحوه أيضًا.

واعلم أن المراد هنا بابن عبد الحكم إنما هو أبو محمد عبد الله بن عبد الحكم بن أعين المصري كذا صرح به الشيخ أبو حامد في "تعليقه" ونقله عنه النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" وهي فائدة حسنة، وصرح بذلك لئلا يتوهم أنه ابنه محمد فإنه كان [ملازمًا للشافعي ومشهورًا بصحبته ومعدودًا في أصحابه وإن كان](2) في آخر الأمر قد انتقل إلى مذهب أبيه لمعنى سبق ذكره في ترجمته.

الأمر الثاني: أن هذا القول ليس خاصًا بالقبل كما زعمه الرافعي لأنه إنما

(1) سقط من أ، ب.

(2)

سقط من أ، ب.

ص: 225

استنبطه على تقدير كون القول قديمًا وقد ثبت خلافه، وقد أشار النووي إلى هذا في "الروضة"، وكذلك في "شرح المهذب" ونقل فيه عن الدارمي أن حكم الطير كحكم البهيمة.

[الأمر الثالث: أن الرافعي حكى طريقة قاطعة بأن مزج البهيمة](1) لا ينتقض وأسقطها من "الروضة".

قوله: روى أنه صلى الله عليه وسلم مس زبيبة الحسن أو الحسين ولم يرو أنه توضأ انتهى.

الزبيبة بضم الزاي وفتح الباء تصغير الزب وهو الذكر وألحقت الياء فيه كما ألحقت في عسيلة ودهينة، قال النووي في "تهذيب الأسماء واللغات": وذكر في "الصحاح": لهذا اللفظ معانٍ: منها اللحية ولم يذكر منها الذكر بالكلية.

قوله: وفي الذكر المبان وجهان أصحهما أنه كالمتصل لشمول الاسم له انتهى.

ذكر مثله في "الروضة". وفيه أمران:

أحدهما: أنه يوهم أن البعض المبان لا ينتقض لتقييده بالذكر؛ ولأنه قياس البعض المبان من المرأة فإنهم قالوا فيه: إنه لا ينتقض لكونه لا يصدق عليه اسم المرأة وهذا بعينه موجود في الذكر بخلاف ما إذا مس جزءا منه قبل القطع فإنه يصدق أن يقال: مس الذكر كما لو حلف لا يمس زيدًا، وهذا الذي أوهمه كلامه من عدم النقض قد جزم البغوي في "التهذيب" بخلافه، ونقله عنه النووي في "شرح المهذب" ولم يخالفه إلا أنه مشكل.

الأمر الثاني: أن تعبير الرافعي بالذكر وتعليله ببقاء الاسم يقتضيان أن فرج المرأة إذا قطع لا يكون ناقضًا [وهذا هو الظاهر لأن الموضع الناقض هو ملتقى الشفرين كما تقدم](2) وتلك الجلدة لا تتميز غالبًا بحيث يطلق

(1) سقط من أ، ب.

(2)

سقط من أ، ب.

ص: 226

عليها اسم الفرج.

قوله في "الروضة": وأما الممسوس فرجه فلا ينتقض قطعًا.

قلت: وفيه قولان كالملموس، والله أعلم.

وما ذكره من عدم الخلاف لم يذكره الرافعي بل زاده من عنده وأدخله في كلام الرافعي ثم اعترض بسببه عليه وهو غريب، وقد سبق في أول الباب مثله ويأتيك نظيره أيضًا في مواقيت الصلاة وغيره.

قوله: وإن مس المشكل أحد الفرجين وصلى الصبح مثلًا ثم توضأ ومس الآخر وصلى الظهر ففي المسألة وجهان.

أحدها: يقضيهما جميعًا؛ لأن إحدى صلاتيه واقعة مع الحدث.

وأظهرهما] (1) أنه لا يقتضي واحدة منهما كما لو صلى صلاتين باجتهادين إلى جهتين. انتهى.

وما ذكره من عدم وجوب القضاء مطلقًا قد تابعه عليه في "الروضة" وهو غير موافق للقواعد المتقدمة، بل الذي ينبغي أن يتعين قضاء الثانية؛ لأن اللمس الناقض وهو مس الفرج الأصلي إن كان هو المس الثاني فواضح، وإن كان هو الأول فالطهارة الواقعة بعده إنما فعلت للاحتياط؛ لأنه لا يجب عليه أن يتوضأ لشكه في أنه أصلي أو زائد، وطهارة الاحتياط لا ترفع الحدث على الصحيح فتعين أن يكون تصوير المسألة بما إذا كان وضوؤه بعد حدث وقد رأيت تصويرها بذلك في شرح التلخيص للقاضي حسين، وذكر مثله المحب الطبري في شرح التنبيه وهو يوضح ما ذكرناه.

قوله في "الروضة" في المسألة: ولو مس أحدهما وصلى الصبح ثم مس الآخر وصلى الظهر من غير وضوء أعاد الظهر قطعًا فقط. انتهى.

قال في "الذخائر": الذي يقتضيه النظر وجوب إعادتهما معًا كما لو تحقق أنه نسى عضوًا في إحدى طهارتيه.

(1) سقط من جـ.

ص: 227

قوله: ولو مس المشكل فرج مشكل وذكر مشكل آخر انتقض طهره إما باللمس أو بالمس. انتهى.

والمشكل المذكور ثانيًا قد أبدله في الروضة بلفظ نفسه فقال: ولو مس المشكل فرج نفسه.

والتصوير الذي ذكره وإن كان صحيحا إلا أنه مسألة أخرى.

قوله: ولو مس أحد المشكلين فرج صاحبه ومس الآخر ذكر الأول انتقض أحدهما لا بعينه، ولكل منهما أن يصلي؛ لأن الأصل في حقه الطهارة ثم قال: فلو اقتدى أحدهما بالآخر ثم بان أن الإمام رجل قال بعضهم: لا تصح صلاة المقتدي بلا خلاف، ولا يتخرج على القولين فيما إذا اقتدى الخنثى بالخنثى ثم بانت ذكورة الإمام. انتهى.

وهذه المسألة [الأخيرة](1) قد حذفها النووي من "الروضة".

قوله: خلافًا لمالك حيث قال: إذا استيقن الطهارة وشك في الحدث فإنه يأخذ بالحدث إن كان خارج الصلاة احتياطًا بخلاف المصلى، ثم قال: وحكى في التتمة وجهًا عن بعض الأصحاب يوافق مذهب مالك. انتهى.

تابعه في "الروضة" على حكاية هذا الوجه وهو سهو، فإن صاحب "التتمة" إنما نقله عن الحسن البصري، وكذلك نقله عنه أيضًا الماوردي في "الحاوي" والبندنيجي في "الذخيرة" وسليم الرازي في "التقريب" غير [أن صاحب التتمة نقله](2) عن الحسن ولم يصرح بالبصري، والباقون صرحوا به.

نعم: حكى صاحب "التعجيز" في شرحه له وجهًا أنه يأخذ بالحدث مطلقًا سواء في الصلاة أو خارجها.

(1) سقط من أ، ب.

(2)

في أ: أنه قال فى "التهذيب".

ص: 228

قوله في "أصل الروضة" ولو تيقن بعد طلوع الشمس حدثًا وطهارة ولم يعلم أسبقهما فثلاثة أوجه: أصحها وقول الأكثرين: إنه إن كان قبلهما محدثًا فهو الآن متطهر، وإن كان متطهرًا فهو الآن محدث، إن كان ممن يعتاد التجديد وإلا فمتطهر أيضًا. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أنه قد خالف ذلك في "شرحي المهذب" و"الوسيط" فصحح وجوب الوضوء مطلقا فقال: الأظهر المختار لزوم الوضوء بكل حال. قال القاضي أبو الطيب: وهو قول عامة أصحابنا.

ثم الجمهور أطلقوا المسألة، وقال المتولي والرافعي: صورتها فيمن عادته تجديد الوضوء، أما من لم يعتده فالظاهر أن طهارته تكون بعد الحدث فيكون الآن متطهرًا هذا كلامه في الشرحين، وخالف في "المنهاج" فصحح أنه يأخذ بضد ما قبله. وذكر في "الروضة" من زوائده كلامًا فيه [ميل إلى](1) ما صرح به في الشرحين السابقين.

الثاني: أنه قد اتضح بما ذكره النووي في هذين الشرحين أن القيد للمتولي والرافعي وأن الجمهور لم يقيدوه به، مع أنه في "الروضة" نقله عن الجمهور وهو غريب، والأمر في هذا الثاني على خلاف ما في الروضة لكن القوى من جهة المعنى ما ذكره فيها، وأما الأول فالفتوى على ما فيها لذهاب الأكثرين إليه وللمسألة نظائر.

منها: ما إذا قامت بينة بأنه أقر لرجل بدين في اليوم الفلاني، وقامت بينة أخرى بأن المقر له أقر في ذلك اليوم بأنه لا يستحق على المقر شيئًا وجُهل السابق منهما، قال ابن الصلاح في "فتاويه": يقضي بسبق البراءة ثم

(1) في أ: مثل.

ص: 229

الاعتراف بالشغل؛ لأنه لابد من حمل كلامهما على الصدق فلا يضار إلى تصديقهما بتقدير تأخر الإقرار النافي عن الإقرار المثبت بناء على احتمال طرءان البراءة لأنا تيقنا الشغل والأصل بقاؤه فتعين العكس، وذكرها أيضًا في "مشكل الوسيط" هنا وزاد على ذلك فقال: أما إذا شهدت بالبراءة فإنا نحكم بها؛ لأن معها زيادة علم.

ومنها: إذا أحرم بالعمرة ثم أحرم بالحج وشك هل أحرم قبل الطواف فيصح الحج أو بعده فلا يصح، ففي "الحاوي" أن الأصحاب قالوا: يصح لأن الظاهر في الإحرام بعد وقوعه صحته.

ومنها: لو أحرم وتزوج وشك هل سبق التزويج الإحرام فيصح أم لا فيبطل، فإنه يصح، نص عليه الشافعي هكذا نقل المسألتين النووي في فتاويه وغيرها وفيهما نظر؛ لأن الأصل عدم وقوع النكاح في الزمن السابق على الإحرام وعدم وقوع الإحرام بالحج قبل الطواف، بل المتيقن هو الزمن الذي قبل الشك ثم الأقرب إليه فالأقرب.

قوله: والمشهور أن الشك هو التردد على السواء، فإذا حدث له هذا التردد في الحدث أو الطهارة بعد تيقن عكسه لم يلتفت إليه، هو إن كان الحادث هو الظن فإنه يؤخذ به في رفع الحدث لا في رفع الطهارة. انتهى.

وما ذكره في رفع يقين الحدث بظن الطهارة، تبعه عليه صاحب "الحاوي الصغير" ومقتضى كلام الأصحاب أنه لا يؤخذ بالظن المذكور وأنه لا فرق هنا بين التساوى والرجحان، وبه صرح في "الدقائق" فقال: الشك هنا وفي معظم أبواب الفقه هو التردد سواء المستوى والراجح، وقال في "الذخائر": الذي ذهب إليه الأصحاب في المسألتين جميعًا وهما تعين الطهارة وظن الحدث وعكسهما إنما هو الأخذ باليقين قال: ويحتمل عندي

ص: 230

إجراء القولين في تعارض الأصل والظاهر، وقال في "الكفاية": إن ما قاله الرافعي لم نره لغيره.

نعم: ذكر في "الشامل": أنا إنما [قلنا: ينقض الوضوء بالنوم مضطجعًا لأن الظاهر خروج وحينئذ يصدق](1) أن يقال: رفعنا يقين الطهارة بظن الحدث بخلاف عكسه، وسبب الفرق أن الصلاة في ذمته بيقين فتأمل ما ذكرته نقلًا واستدلالًا فإنه مهم.

ولا شك أن الرافعي قصد ما ذكره ابن الصباغ فانعكس عليه ويؤيده أيضًا أن المرأة إذا جومعت أنزلت وخرج منها ماء الرجل بعد اغتسالها فإنه يجب عليها إعادة الغسل؛ لأن منيها يختلط بمنيه فيكون الظاهر خروج منيها أيضًا، كذا علله الرافعي فتفطن له، ولم يتعرض في "الروضة" لذلك بالكلية، بل اقتصر على ذكر الشك وكان الصواب أن يذكره وينبه عليه.

قوله: وينكشف حال الخنثى ببوله من أحد الفرجين إن كان له ما يشبه آلة الرجال وآلة النساء فإن لم يكونا له بل كانت له ثقبة يخرج منها البول فلا دلالة فيه لبوله. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن القسم الثاني من قسمى الخنثى قد ذكره أيضًا الرافعي في كتاب الفرائض وأسقطه من "الروضة" هنا، وحكمه كما في كتاب الفرائض أنه مشكل يوقف أمره حتى يبلغ فيخبر عن نفسه بما يميل إليه طبعه قال: ولا دلالة في بول هذا، وهذا الذي قاله البغوي قد نقله عنه النووي في "شرح المهذب" وأقره عليه وما اقتضاه كلامه من انحصار الدلالة في الميل ليس كذلك بل يعرف أيضًا بالحيض وبالمني المتصف بصفة أحد النوعين كما سيأتي.

الأمر الثاني: أن الأنثيين خارجان عن مسمى الفرج كما صرحوا به في

(1) سقط من أ، ب.

ص: 231

نواقض الوضوء في الكلام على مس الفرج والتعبير بالفرج ههنا يقتضي أن جملة الرجال إذا نقض منها الأنثيان كان الخنثى مشكلا بالشروط الآتية، وليس كذلك فإن الاستدلال ينقص الخلقة والحالة هذه على الأنوثة أقوى من الاستدلال بباقي العلامات وقد رأيت ذلك مصرحًا به في كتاب أحكام "الخناثا للإمام" جمال الإسلام أبي الحسن علي بن المسلم بلام مشددة مفتوحة السلمي الدمشقي الشهير بالشهرزوري تلميذ الغزالي توفي سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة، وبعد أن صرح به جعل الضابط في ذلك أن يكون العضوان تأمين على العادة وقد ذكرت لفظه في كتاب [الإيضاح](1) فراجعه.

قوله: ولو بال منهما جميعًا ففيه وجهان.

أحدهما: أن دلالة البول قد سقطت.

وأصحهما: لا بل يؤخذ بالذي سبق خروجه فإن استويا فبالذي تأخر انقطاعه، فإن اتفقا فيهما سقطت دلالته. انتهى.

تابعه في "الروضة" و"شرح المهذب" على إطلاق سقوط الدلالة في هذه الحالة ومقتضاه أنه لا فرق بين أن يستويا في العدد أم لا، والقياس اعتبار أكثر المرات في الخروج والسبق والانقطاع حتى إذا بال بفرج مثلًا مرتين وبالآخر ثلاثًا أخذنا بصاحب الثلاث وهكذا قياس سبقهما وانقطاعهما، وقد جزم بما ذكرناه الماوردي في كتاب الرضاع وابن المسلم في تصنيفه في أحكام الخناثا.

قوله: وكذلك المني والحيض في وقتهما فإن أمنى بفرج الرجال فرجل أو بفرج النساء أو حاض فامرأة بشرط أن يتكرر خروجه ليتأكد الظن ولا يتوهم كونه اتفاقيًا. انتهى.

(1) في جـ: "الاستيعاب".

ص: 232

فيه أمور:

أحدها: أن اشتراطه التكرار في المني والحيض وسكوته عنه في البول يقتضي عدم اشتراطه فيه، والمتجه استواء الكل في ذلك حتى إذا بال مثلًا من فرج الرجال مرة واحدة عقب وضعه ثم مات فلا يرث إرث الذكور.

الأمر الثاني: هل يكفي في التكرر مرتان أم كيف الحال؟ يظهر إلحاقة بما قيل في كلب الصيد، وقد ذكر الرافعي أنه لابد فيه من التكرار بحيث يغلب على الظن تأدب الجارحة ثم قال "ويرجع في عدد ذلك إلى أهل الخبرة عند الجمهور، وقيل: يشترط ثلاث مرات، وقيل: يكفي مرتان.

الأمر الثالث: أن التعبير بالحيض يوهم أن الدم المذكور يعطي أحكام الحيض من تحريم الصوم وإسقاط الصلاة وغيرهما مع أنه لا يثبت له شئ منها كما ذكر في "شرح المهذب" لجواز كونه رجلًا والخارج دم فساد قال: وهكذا الحكم إذا أمنى من الذكر وحاض من الفرج وحكمنا ببلوغه وإشكاله، وما ذكروه يشعر بأن الدم الخارج منه قبل إمكان سن البلوغ يرجح أيضًا الأنوثة، وإن كان دم فساد كما في المسألة المذكورة، وحكى ابن المسلم في دلالة الحيض وجهين قال: إنهما محكيان أيضًا في المني.

أحدهما: أنهما يدلان.

والثاني: ألا نحكم بهما بل يتوقف حتى ينظر هل يوجد الأخر كما قلنا في المبتدأة إذا رأت الدم أنا لا نحكم بكونه حيضًا بل نتوقف إلى مضى يوم وليلة هذا كلامه ولم يبين المدة التي يصير إليها على هذا الوجه.

قوله: ولو أمنى من الفرجين جميعًا فوجهان:

أحدهما: يستمر الإشكال.

وأصحهما: لا بل إن أمنى منهما على صفة منى الرجال فرجل أو على

ص: 233

صفة منى النساء فامرأة.

ثم قال فإن أمنى من فرج النساء على صفة منى الرجال أو من فرج الرجال على صفة منى النساء أو أمنى من فرج الرجال على صفة منيهم ومن فرج النساء على صفة منيهن استمر الإشكال. انتهى كلامه.

[قلت](1) وهو يشتمل على ثلاث مسائل يستمر الإشكال فيها ذكرها أيضًا كذلك في "شرح المهذب".

إحداها: أن يمنى بفرج النساء خاصة ولكن على صفة منى الرجال.

الثانية: أن يمنى بفرج الرجال خاصة ولكن على صفة منى النساء.

الثالثة: أن يمنى من فرج الرجال على صفة منى الرجال ولكن يمنى مع ذلك أيضًا من فرج النساء [على صفة منى النساء](2).

وقد اختصر في "الروضة" هذه المسائل اختصارًا فاسدًا فقال: إن أمنى من أحدهما بصفة ومن الآخر بالصفة الأخرى فلا دلالة. هذه عبارته، فأسقط المسألتين الأولتين وهما أهم مما ذكره، واقتضى كلامه فيهما عكس الحكم، فإن اشتراطه الإمناء من الآخر بالصفة الأخرى يقتضي أنه إذا أمنى من فرج الرجال بصفة منى النساء أو بالعكس لا يكون مشكلًا وليس كذلك وهذا كله نشأ من إسقاط حرف واحد وهى الهمزة من "أو" في أول المسألة الثانية حتى اعتقد أنها "الواو" وأن ما دخلت عليه قيد في المسألة واعتقاده ذلك عجيب فإن كلام الرافعي على هذا التقدير يؤدي إلى عىٍ واضح وتطويل بلا فائدة فإنه لا يبقى لما قبل الثالثة على هذا التقرير فائدة بالكلية.

قوله: وقيل لا دلالة في المني. انتهى.

(1) سقط من جـ.

(2)

سقط من جـ.

ص: 234

هذا الوجه غير ثابت، إنما الخلاف الثابت في اللبن هل يدل على الأنوثة أم لا؟ كما ذكره في "شرح المهذب" فتحرف [على الرافعي بالمني فتبعه](1) عليه في "الروضة" ويدل عليه أن الرافعي في أوائل باب الرضاع حكى في اللبن وجهًا ثالثًا أنه يعرض على القوابل فإن قلن إنه لا يكون إلا لامرأة حكم بأنوثته، ورابعًا أنه يدل عليها عند فقدان سائر الأمارات، وأسقطهما النووي من "الروضة" ولم يزد على قوله ولبن الخنثى لا يقتضي [الأنوثة] (2) على المذهب وكأنه توهم سبقهما في هذا الباب فإن الرافعي بعد ذكر هذا الخلاف عبر بقوله: وظاهر المذهب أن اللبن لا يقتضي الأنوثة، وقد أشرنا إلى الخلاف فيه في كتاب الطهارة انتهى.

وهذا يعين لك [أنه تحرف](3) عليه اللبن بالمني، وقد ذكر الماوردي في باب رضاع الخنثى وجهًا أنه لا دلالة في الحيض أيضًا.

قوله: أما تعارض البول مع الحيض أو مع النبي ففيه وجهان:

أحدهما: أنه يحكم بمقتضى البول لأنه دائم متكرر فيكون أقوى.

وأصحهما: أنه يستمر الإشكال ويتساقطان. انتهى.

أغفل رحمه الله ههنا تعارض المني مع الحيض وقد ذكره في أوائل باب الحجر في ضمن تعليل وجزم بتعارضهما وسأذكر لفظه هناك إن شاء الله تعالى لمعنى يتعلق به فراجعه، وحكى في "شرح المهذب" هنا ثلاثة أوجه:

أحدها: ما ذكرناه.

والثاني: أنه رجل.

والثالث: أنه امرأة.

(1) سقط من جـ.

(2)

فى أ: الأنوثة.

(3)

فى أ: أن يجوز.

ص: 235

ثم قال: والأول هو الأصح الأعدل الذي صححه الرافعي، وما ذكره من تصحيح الرافعي له كأنه اشتبه عليه فإن الرافعي لم يذكره هنا بالكلية كما قدمناه، وتبعد إرادته للمذكور في الحجر فإنه جازم به لا مصحح وذاكر له في غير موضعه، والعادة تقتضي التنبيه عليه.

نعم: ذكر ابن الرفعة في "شرح الوسيط" كلامًا قد تظن صحته، والمنقول والدليل يخالفانه فقال: وما ذكروه في هذه المسألة يقتضي أنه لو بال من فرج وحكمنا برجولته ثم حاض في أوانه قضينا بأنه مشكل إذ البول يتقدم إمكان الحيض وما اقتضاه كلامهم مشكل؛ لأنه نقض للاجتهاد بالاجتهاد فتفرض المسألة فيما إذا كان البول المتقدم من ثقبة تحت الأنثتين ثم بال من فرج الرجال مقارنًا للحيض فأما إذا تقدم البول فالظاهر أن العمل عليه ثابت [قال](1) وقد حكى القاضي الحسين عن النص أنه إذا احتلم أو حاض قبل الخمسة عشرة ثم أقر بمالٍ فإنا نوقف إقراره على بلوغها فإن لم [يتبين](2) حاله عمل بإقراره وإن حاض في المسألة الأولى أو أمنى في المسألة الثانية لغى إقراره. انتهى ملخصًا.

وما نقله عن القاضي الحسين قد رأيته في كتاب الفرائض من تعليقه وفيه كلام ذكرته في ["الاستيعاب"](3).

وما ذكره من تأويل هذه المسألة على هذه الصورة ليس كذلك بل صورتها ما ذكر هو أنه مقتضى كلامهم أولًا، كذا صرح به الرافعي في الحجر في الكلام الذي تقدم قريبًا الوعد بذكره هناك.

والجواب عما قاله من أن الاجتهاد لا ينتقض بالاجتهاد: أن النقض الممتنع إنما هو في الأحكام الماضية ونحن لا نتعرض لها، وإنما عبرنا الحكم لانتفاء المرجح الآن وصار كالمجتهد في القبلة وغيرها إذا غلب على ظنه دليل فأخذ به ثم عارضه دليل آخر بعد ذلك فإنه يتوقف عن الأخذ به في

(1) سقط من أ.

(2)

فى أ: يتغير.

(3)

فى أ: "الإيضاح".

ص: 236

المستقبل، ولا ينقض ما مضى.

قوله: ولا دلالة في نبات اللحية ونهود الثدي ونزول اللبن، وقيل: يؤخذ بها ولا في عدد الأضلاع، وقيل إن نقص من الأيسر واحد فرجل وإن استويا فامرأة. انتهى.

ولم يبين هو ولا النووي في "الروضة" أن الاختلاف في اعتبار هذه الأشياء هل محله عند فقدان العلامات السابقة أم لا؟ وقد بينه الإمام في "النهاية" ونقله عنه في "شرح المهذب" فقال: ولا يعارض النهود ونبات اللحية شيئًا من العلامات المتفق عليها. هذا كلامه.

وقياس اللبن والأضلاع كذلك؛ لأنهما دون النبات والنهود عند الأصحاب.

قوله: ومن الأمارات الميل الطبعي فإذا أخبر بعد بلوغه وعقله بميله إلى الرجال فهو إمرأة أو إلى النساء فرجل ثم قال: وهذا إذا عجزنا عن الأمارات السابقة وإلا فالحكم بها لأنها محسوسة معلومة والميل [غير معلوم. لأنه ربما يكذب في إخباره. انتهى.

وتعليله الإخبار عن الميل] (1) باحتمال الكذب ونفي [احتمال ذلك](2) عن باقي العلامات يقتضي أن صورة المسالة في البول والمني والحيض أن يكون بالمشاهدة لا بإخباره وهو في غاية البعد، وقد رجعوا إلى إخبار المرأة عن الحيض إذا علق الزوج الطلاق [به](3).

قوله: فروع، أحدها: إذا بلغ ووجد من نفسه أحد الميلين لزمه أن يخبر به فإن أخر عصى. انتهى.

ذكر مثله في "الروضة" وفيه أمران:

(1) سقط من أ.

(2)

سقط من أ، ب.

(3)

سقط من أ.

ص: 237

أحدهما: أن التعبير بالإخبار يقتضي الاكتفاء بذكر ذلك لواحد وهو بعيد جدًّا، والقياس اعتبار شاهدين أو ما يقوم مقامهما كإخبار الحاكم وكما في بلوغه وإسلامه وغير ذلك.

الأمر الثاني: إن إطلاق إيجاب الإخبار على الفور فيه نظر، والقياس [يقتضى](1) تخصيصه بما إذا دعت إليه الحاجة.

قوله: وإذا أخبر الخنثى بميله لزمه، ولا يقبل رجوعه إلا أن يخبر بالذكورة ثم يلد أو يظهر [به](2) حمل فيبطل إخباره. انتهى كلامه.

تابعه في "الروضة" على إطلاق عدم الرجوع ومحله فيما عليه، أما فيما له فيقبل رجوعه قطعًا، وقد نبه عليه إمام الحرمين والنووي في "شرح المهذب".

قوله: ولو حكمنا بقول الخنثى ثم ظهرت علامة غير الحمل فيحتمل أن يوجع إليها، ويحتمل أن يستصحب الأول انتهى.

قال في "شرح المهذب": الذي يقتضيه كلام الأصحاب [هو الاحتمال الثاني. وقال في "الروضة": إنه الصواب [ومقتضى](3) كلام الأصحاب] (4)[انتهى](5) هذا الذي ذكراه يقتضي أنهما لم يظفرا في المسألة بنقل وهو غريب فقد جزم الماوردي في باب رضاع الخنثى وهو قبيل النفقات بالاحتمال [الثاني](6) وهو العدول إلى الأمارة، وكذلك الروياني في كتاب الفرائض من "البحر"، وجزم الرافعي أيضًا في النكاح في أول الباب الثامن المعقود لمثبتات الخيار بما يقتضيه أيضًا، ذكر ذلك في الكلام على ثبوت الخيار بخروجه خنثى واضحًا فتأمله وهذا هو الصواب الجاري على القواعد.

(1) سقط من أ.

(2)

في أ: عند.

(3)

في جـ: منه.

(4)

في أ، ب: وظاهر.

(5)

سقط من أ، ب.

(6)

في جـ: الأول.

ص: 238

قوله من "زياداته": قال أصحابنا: إذا أخبر الخنثى بميله عملنا به فيما له وفيما عليه ولا نرده للتهمة كلما لو أخبر صبى ببلوغه للإمكان. انتهى كلامه.

وهذا الذي جزم به من القبول عند التهمة ذكر في الفرائض ما يقتضيه أيضًا، وصرح بتصحيحه في آخر باب الحضانة من زياداته.

إذا علمت ذلك فقد صحح في "التحقيق" هنا أنه لا يقبل فقال ما نصه: ويجب الصدق في الميل وتعجيله ويقبل قوله فيما له وعليه إلا في ثبوت حق له سابق بجنابة ونحوها في الأصح. انتهى.

وذكر نحوه في "شرح المهذب" أيضًا فقال: قال البغوي وغيره يقبل، وقال الإمام: ظاهر المذهب أنه لا يقبل، وهذا هو الظاهر. انتهى.

وذكر في "الروضة" في كتاب الجنابات في باب ما يشترط فيه مساواة القتيل للقاتل نحوه أيضًا ولم يصرح الرافعي في هذه المسألة بتصحيح إلا في "الشرح الصغير" في كتاب الجنايات فإنه صحيح أنه لا يقبل كما يقتضيه كلام "الكبير""والروضة" هناك، والفتوى على القبول ففي "الحاوى" و"البحر" كلاهما في كتاب النكاح أن عدم القبول حكاه الرَّبيع [عن نصه وأن المشهور](1) في أكثر كتبه أنه يقبل لأن أحكامه لا تتبغض.

وفي "الكفاية" أنه المشهور والله أعلم.

(1) سقط من أ، ب.

ص: 239